علم النفس والسلوك المرضي وغير السوي

[مريم المهدي]

علم النفس والسلوك المرضي وغير السوي العام:
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .
عظم الله أجورنا و أجوركم أيها المؤمنون.
سوف نطرح بإذن الله جلّ اسمه وبركة مولانا الحسين صلوات الله عليه، بعض المواضيع التي تتعلق ببعض السلوكيات المريضة لدى البعض وسوف نذكر الأسباب والنتائج والحلول، مستعينين ببركة هذه الأيام المفترجة بعد طلب العون من الله سبحانه. وستكون ضمن حلقات خلال هذه 13 العاشورية المباركة.
الحلقة الأولى (أ):
نقول وبالله التوفيق ، سلوك الانسان يرتبط بشيئين يتحكمان فيه تماماً ... هما الوراثة والتربية. وهذان العنصران يتبادلان النسبة فيما بينهما في التحكم في السلوك ، فتارة تغلب الوراثة على سلوك الفرد وتارة أخرى تغلب التربية. وكلما كان المجتمع يتمتع بآليات الحضارة والمدنية الفعلية العملية ، ويحكم ذلك منظومة واحدة ومرجعية واحدة ذات مؤسسات منبثقة عن مجتمع حضاري مدني تتحكم في تلكم المؤسسات التربوية وتنظم اتصالها وعملها مع بعضها ، كلما كان المجتمع سويا صالحا، وبالتالي ينعكس ذلك على أفراد ذلك المجتمع، وحينئذ يصبح سلوكهم تربويا راقيا وحسب القيم والمعايير الانسانية الطبيعية، والعكس بالعكس، أي أن المجتمع الذي يبعد التربية عن مؤسساته ، فإن الوراثة تلعب دورا كبيرا وتأخذ نصيب الأسد في السلوك العام لأفراد بل وجماعات ذلك المجتمع.
وفي بداية تناولنا لبعض السلوكيات غير السوية ( المريضة) سوف نأخذ في هذه الحلقة سلوكا غامضا بعض الشيء يسلكه بعض الشخصيات ، وذلك لتأثرهم بالوراثة الخاطئة كثيرا وأيضا إهمال الجانب التربوي، إما عن قصد أو بسبب التربية والتنشئة الأسرية أو الاجتماعية الخاطئة .
لن أدخل في مصطلحات علم النفس في سبر غور هذه الشخصية ، بل سأترك للقارئ الكريم تعريف ووصف هذا السلوك المرضي بنفسه وبطريقته العرفية في الحكم على مثل هذه الشخصية وبالتالي تجنب أذيتها.
إن شريحة ليست بالقليلة من أفراد مجتمعنا يعاني من هذا المرض من رجال ونساء صغار وكبار ، وهو:
يقوم بعض الأشخاص بخدمة الآخرين بل ويتفانى في ذلك ، وبعد ذلك يتحدث أمام بعض خواصّه خصوصا زوجته وأولاده وأصدقائه أنه خدم فلانا وعمل لفلان وخلّص آخر من مصيبة وساعد هذا في محنة ووقف مع ذاك في مشكلة ، وهكذا ، وإلى ما هنالك من الأمور المتعلقة بالمساعدة ومد يد العون.
.... ولكن هذا طبيعي أو شبه طبيعي، فما الضير في ذلك ؟. وأين تكمن المشكلة و الأعراض والتصرفات غير السوية في هذا الشخص المريض سلوكيا، تكمن في التالي:
- يأخذ مقابل مادي سواء أموال أو غير ذلك على أتعابه وخصوصا من المقربين له سواء أقارب أو أصدقاء.
- دائم التحدث عن خدماته للآخرين.
- إذا أحسّ بمشكلة من أحد الذين خدمهم "في تصوره " ينقلب عليه ويشهره أكثر من ذي قبل بأنه أسدى له خدمات لا تعد ولا تحصى.
- يستخدم الأسلوب الشرعي في إثبات أنه محق وغيره ممن أسدى له المعروف والخدمات ، غير محق ، يثبت ذلك بشتى الوسائل . والمشكلة أنه في واقعه لا يعي ما يفعل، لأسباب سوف نذكرها لاحقا.
- ربما يصاحب بعض علماء الدين وطلاب العلوم الشرعية كي يوهم الآخرين أنه ذا دين.
- دائم الشكوى من البلاء، وكأنه لم يبتلَ غيره.
- يغلب على تصرفاته عدم الجدية.
-------
سوف نترك الأسباب والنتائج والحلول في الحلقة (ب).
أخوكم د. حسين البطيان.