![]() |
|
|||||||
« آخـــر الــمــواضــيــع »
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
|
الدعاء في مدرسة أهل البيت عليهم السلام سماحة الشيخ عبد المحسن النمر الدرس الثامن بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وحبيب إله العالمين نجيب الله و صفيّه وخيرته من خلقه محمد رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على ظالميهم إلى قيام يوم الدين. في الدعاء عن" اللَّهُمَّ اصبَحْ ظُلْمي مُسْتَجِيرَاً بِعَفوِكَ، واصبَحَتْ ذُنُوبي مُسْتَجيرةً بِمَغْفِرَتِكَ، واصبَحَ خَوْفِي مُسْتَجِيرَاً بِأَمَانِكَ، واصبَحَ فَقري مُسْتَجيراً بِغَنَائِكَ، واصبَحَ ذُلّي مُسْتَجيرَاً بِعِزّكَ، واصبَحَ ضَعْفِي مُسْتَجيرَاً بِقـُوّتِكَ، واصبح وَجْهِي البَالِي الْفَانِي مُسْتَجِيرَاً بِوَجْهِكَ الدائمِ الباقي". الله جلَّ جلاله الغني المطلق وكل الخيرات والآمال وكل ما أتمناه من وسائل وأشياء وأدوات هي بيده جلِّ جلاله ، فإلى من التجئ بهذا الفقر؟ وقد أصبح فقري مستجيراً بغناك وأصبح ذلي وأي ذل أعيشه ذل الإنسان وصغائره أمام أعدائه و بلاويه ونحن صغار وغير قادرين على كل أنواع الأعداء التي تحيط بنا ، نعيش حالة الإستسلام ونعلم أننا أذلاء أمام العدو والأمراض والبلايا فهل نستطيع أن ندفعها عن أنفسنا؟ إننا نعلن استسلامنا وجميع أسلحتنا فاسدة في مواجهة البلاءات والعداءات بأشكالها وأنواعها ، ألا نرى أن هناك تسلطات تقع علينا تارة فنغض النظر ونحسب أنه لا يوجد شيء فإذا ما رجعنا إلى أنفسنا وجدنا أننا لم نواجه تلك الأخطار فنبرر لأنفسنا تبريرات واهية مع أن السبب الحقيقي هو ضعفنا. هذا الدعاء يعلّمنا أن نعود إلى أنفسنا حقيقة ونقر بأنه لا مجير لنا من هذا الذل الذي نعيشه إلا بالعز المطلق جل جلاله وأننا نريد أن تشملنا هذه العزة منك يارب العالمين لكي نخرج من حال الذلّ المطلق إلى العزّ المطلق الذي لا مصدر ولا مالك لها إلا أنت سبحانك ، وأصبح ضعفي مستجيرا بقوتك فإن ضعفنا ضعف متجذر في وجودنا إلا أننا يا رب نستمد العون من قوتك المطلقة وسلطانك الذي لا يقوم له شيء ونستجير بك ، وأصبح ضعفي مستجيراً بقوتك أي هبني يارب من قوتك المطلقة شعاعاً يقدرني على مواجهة أنواع العداءات وأن أواجه هذا الضعف الذي أقر وأعترف به . وأصبح وجهي الفاني مستجيراً بوجهك الباقي ، فوجه المخلوق هو جمالاته وكينونته حساً و شعوراً و إدراكاً و مرئاً و بصراً هذا هو وجهي ، هذا الوجه أراه يتلاشى ويتلاشى معه كل ما لدي من سمع وبصر وقدرة وقوة وآمال كلها تتلاشى، وأصبح وجهي فانيا وما أوتيت من قوة وإدراك ومعرفة وقدرة عقلية كلها تزول. وإن كل ما لدي اليوم من درجة ومكانة ومستوى يجب أن أعلم أنه في يوم غد سوف ينقص ، وجهي الفاني وجهي الذي يرحل جزء بعد جزء في كل يوم اذا كنت أمس أمتلك درجة معينة من الحالة فإنها اليوم ناقصة ويوم غد تنقص درجتين و العام الماضي كانت ناقصة مئات الدرجات في كل لحظة أفقد أساسيات كياني فإلى من ألوذ وأستجير؟ أستجير بوجه الله الذي لا يفنى" و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الاكرام" يا كائنا قبل كل شيء ويا كائنا بعد كل شيء و يا مكون كل شيء. أنت يا رب الذي كل شيء منك فأنت المعطي لكل شيء ، وما لدي من وجود وعزة وكرامة ومكانة وعدالة وأمن وغنى وصلاح وقوة كلها أنت الذي أنعمت بها علي يا كائناً قبل كل شيء و يا كائنا بعد كل شيء أنت الذي أفضت من فيضك وعطائك الذي لا ينقطع ، ويا مكون كل شيء قبل كل شيء وبعد كل شيء يا دائم الإفاضة صل على محمد وآل محمد منطلق ...... وأول عنصر من عناصر طلبي والذي لا يمكن أن يتحقق أي عطاء من دونه .... تنطلق الإفاضة من محمد وآله صلِّ على محمد وآل محمد "و اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ", و اجعل لي من أمري. فما هو أمري؟ لاحظوا أن هذا الدعاء لم يذكر شيئا محددا أنا أطلبه ، أمري هو خوفي وفقري وذنوبي التي بدأت بالإقرار والإعتراف بها بأن هذه الحالة التكوينية لهذا الموجود الذي في جوانبه كلها ، فإذا كان المثلث يتكون من ثلاثة أضلاع والمربع من أربعة فأنا أتكون من هذه الأضلاع الذلّ الذنوب والخوف والفقر ، والوجه الفاني هي مكونات وجودي هي أنا الحالي , هذا الذي أريد أن أنجو منه أن أنجو من هذا الكيان الذي تحيطه و تمثله و تحده ما قدمته لنفسي من رذائل و نقائص في أصل وجودي الضعيف والفقير والذليل هذا هو المكون الذي أريد أن أخرج منه . " واجعل لي من أمري فرجاً ومخرجا" فأين هو الفرج و المخرج؟ أصبحت ذنوبي مستجيرة وأصبح خوفي مستجيراً وأصبح ذلي مستجيراً ؟ مستجيراً بماذا ؟ بعفوك ومغفرتك وأمانك يارب أريد أن أخرج من هذه الأضلاع المظلمة التي تشكل كياني إلى غناك وقوتك وعزتك المطلقة ، أريد أن أخرج من ذاتي الضعيفة إلى أن أكون تحت ظلك وذاتك القوية المطلقة ،ويمكننا أن نرى بصورة واضحة في هذا الدعاء كيف أنه يشرح لنا هدفنا وطريقنا الحقيقي الذي في ظله تكون مسيرة كل الرغبات والأهداف ، ولكن تحقيقها يريد غنى ، وهذا الغنى يفتح لك أبوابه ويريد عزة وهذه العزة تفتح لك أبوابها على مصراعيها فيتحول ذلك إلى عزة وفقرك إلى غنى و خوفك إلى أمن وذنوبك إلى مغفرة ووجهك الفاني إلى ظل وجه الله الباقي. إذا وفق الله الإنسان إلى أن يحدد هذه الأمنية الحقيقة والرغبة العميقة بوجوده إلى أن يعرف من أين ينال كل ذلك ويسير في طريق نيله هو بذلك قد بدأ إنطلاقة واعية وسليمة حينها تتفتح كل رغباته على مراحل ثمارها . ألسنا نتمنى أن نكون في منتهى القوه والغنى والصحة والأمن؟ إذن عرفنا الطريق إن شاء الله تعالى . نسأل الله أن يهدينا و إياكم لأن تكون جميع رغباتنا و أهدافنا هي ضمن هدفنا الأسمى والأتم وهي المسير إلى الكمال المطلق ونسأل الله أن يصلي على محمد وآل محمد و أن يعجل في ظهور إمام زماننا وأن يدفع شر المعتدين والظالمين وأن يهدينا إلى كمال قوته وغناه وأن يفيض علينا من جلائل نعمه ونسأله أن يحشرنا في زمرة محمد و آله والحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين. |
![]() |
|
|