|| منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية ||  

العودة   || منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية || > || المواد الدراسية || > عقائد

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: على خطاها (آخر رد :ام يوسف)       :: المقاطعة تعاطف أم تكليف (آخر رد :ام يوسف)       :: اختبار فلسفة سادس ج١ الفصل الثاني ١٤٤١ه (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: ناقضة الغزل (آخر رد :ام يوسف)       :: طالب العلم وأمانة التبليغ (آخر رد :ام يوسف)       :: إنه الإنسان (آخر رد :ام يوسف)       :: أهمية تحصيل العلم (آخر رد :ام يوسف)       :: سيدة الوجود ...سر الوجود (آخر رد :ام يوسف)       :: نموذج اختبار فلسفة سادس الفصل الأول 1441هج (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: المدرسة القرانية تفسير موضوعي سنة سابعة (آخر رد :ام يوسف)      


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-09-2019, 06:29 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post لفتات في مناقشة كتاب المرسِل والرسول والرسالة الفصل الدراسي الثاني لعام1440هـ


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس الأول:.


في الفصل الدراسي الأول أخذنا الجزء الأول من الكتاب وهو المرسل
وتم إثبات وجود الصانع الحكيم بالدليلين العلمي والفلسفي وبعدها تعرفنا على صفات الله عزوجل ومنها (العدل).

إن شاء الله سنكمل في هذا الفصل جزئية الرسول والرسالة.

وفيه أيضا نثبت نبوة الرسول صلى الله عليه و آله بالدليل العلمي الاستقرائي، لكن قبل ذلك بدأ السيد الشهيد هذا الجزء بتمهيد عن ظاهرة النبوة.
يبين فيها الشهيد أن الهدف من خلق المخلوقات في الكون بما فيها الإنسان هو وصوله إلى كماله النهائي.

فكل شيء موجود له قانونه الخاص الذي يوصله إلى أقصى درجة من التطور والارتفاع ضمن شروط معينة يسير وفقها.

مثلاً:

البذرة الحية تكون فيها حياة نباتية تنمو طولا وعرضا ويكون لها فروع وأوراق وأزهار وثمار.

توضيح المثال:
كروم العنب يعطي في البداية الحصرم ثم يتبدل إلى عنب حلو، فهي في حالة نمو وتكامل لو توقفت لقلنا إنها شجرة ميتة.
بعد الحياة النباتية تأتي الحياة الحيوانية، تكون أرقى منها تكامل من ناحية الحس والحركة.
وهي أيضا لها قانونها الذي يوصلها إلى هدفها وكمالها ..
وكل شيء في الكون يشمله القانون والتنظيم الرباني.

لاحظوا عبارة:

(كل شيء ..)
يعني هذه قاعدة كلية وصلوا لها بعد تتبع الجزئيات وهذا ما نطلق عليه عملية الاستقراء العلمي.

إذن الاستقراء:
يكون بتتبع الجزيئات للوصول إلى القاعدة الكلية العامة.
من أكبر شيء إلى أصغر شيء.

مثّل لها السيد الشهيد:
كل شيء من الشمس إلى البروتون من الكواكب السيارة في مدار الشمس إلى الإلكترونات السيارة في مدار البروتون.
هنا السيد استخدم أسلوب بلاغي
إن شاء الله تأخذونه في البلاغة وهو (الطي والنشر).

ذكر شيئين بعدها يذكر ما يخص الشيئين
-الشمس تدور حولها الكواكب السيارة.
-البروتون تدور حولها الالكترونات.
وهذا السير بهدف وصولوها إلى هدفها وإلى كمالها المرسوم لها وفق القانون الرباني.
لكن هناك فرق بين كمال ما في الكون ، وبين كمال الإنسان الذي يعتبر الكمال الأعلى في الوجود.

الإنسان أكمل الكائنات الحية ويكمن كماله في عقله وروحه ونفسه، لا بأعضائه وتركيبه الجسماني.
فهو يملك فكر وإدراك ومشاعر وإحساس ويحمل طموح وتطلعات تكون مفقودة من غيره من الكائنات.

كما أن كل ما في هذا الكون مسخر له وخاضع لإرادته وتصرفه،
كما يقول تعالى: (خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا). سورة البقرة آية٢٩.

لذا فإن الإنسان يتميز عن غيره من المخلوقات، ويكون تحقيق أهدافه وكماله وفق إرادته واختياره.

فتكون أهم ظاهرة في الكون هي:
ظاهرة الاختيار لدى الإنسان.

الإنسان يختلف عن الحيوان فهو باختياره يبحث عن الجديد وباختياره يجرب الأشياء ويكتشف الأسرار والقوانين.
فبناء شخصية الإنسان ليست ناتجة عن عمليه قسرية وإجبارية وإنما ناتجة عن إرادة واختيار.

مثال:
الأعضاء الفسيولوجية تحقق الهدف المنشود منها .. فالرئة والقلب والمعدة الأعصاب وغيرها كلها تعمل عملا هادفا لكن هذا الهدف ليس من اختيارها وإنما هو هدف الصانع الحكيم.
فهي تؤدي العمل المرسوم لها وفق القانون الطبيعي المعين.

أيضاً:
الرياح والعواصف والأمطار هي مسيرة في عملها لتكون في هذه المنطقة أو في تلك المنطقة دون غيرها وفق ما هو مرسوم لها.

إذا تذكروا قصة الإمام الرضا عليه السلام في الاستسقاء لقومه:
عندما تجمعت الغيوم وأراد الناس الانصراف عنها خوفا من البلل.. أخبرهم الإمام إنها لأهل بلد آخر وهكذا إلى عشر غيمات تقريبا وهو يقول هذه الغيمة لبلد كذا وكذا وبعدها قال هذه الغيمة لكم فاشكروا الله.


فقطرة المطر مأمورة أن تسقط على هذه النقطة من الأرض دون غيرها
وهي تسير لتحقيق هذا الهدف (وهذا قانون رباني صارم).

لكن الإنسان يعمل من أجل تحقيق هدف يعيش في داخل نفسه لذلك حتى يكون الإنسان هادفا لابد أن يكون حرا في التصرف ويكون مختارا.

وأهدافه لا تكون عشوائية وإنما تكون لحاجته ومصلحته والتي تحددها بيئته وظروفه التي تحيط به وهو ليس مجبر عليها.

لكن توجد مصالح كثيرة للإنسان وهو يندفع ويؤدي المصالح التي تثيره ويدرك أنها مصالح له بالذات، مع وجود مصالح بعيدة المدى لا يدركها مباشرة ولا يتحرك من أجلها بل قد يراها تناقض مصالحه.

توضيح:
يمكن نشبهها بأطفال اليوم يعتبرون سعادتهم ومصلحتهم بجلوسهم أمام التكنولوجيا المتطورة ..
وإن ما يفعله الوالدين من منعهم منها ما هو إلا ضد هذه المصلحة.

فالمصالح على قسمين:
١- مصالح على الخط القصير والقريب تعود بالنفع على الفرد.
٢- مصالح على الخط الطويل والبعيد تعود بالنفع على الجماعة.

قد تتعارض مصالح الفرد الشخصية الآنية مع مصالح الجماعة، كأن يريد أن يستولي على أموال الآخرين لقدرته وسيطرته وقوته ..
وهذا الشيء يخل بالمصلحة العامة للجماعة.
والإنسان كائن اجتماعي فلا يستطيع أن يستقل بأمور معاشه وحياته دون أفراد مجتمعه، فهو بحاجة إلى جماعته في كل شؤونه الحياتية والثقافية والفكرية.

-فالرغيف الذي يأكله ناتج من جهود متعددة بداية من المزارع الفلاح .. إلى الخباز.
-والثوب الذي يلبسه ناتج من زارع القطن إلى حابك الخيط إلى المعمل المتكامل للخياطة وما فيه من آلات وأجهزة من صنع غيرهم
وهكذا.

وقد تنشأ من هذه العلاقات الاجتماعية بعض المشاكل نتيجة لأهواء الإنسان وشهواته وحب السيطرة والاستعلاء وتحدث بين أفراد الناس التنازع والتضارب.

نتيجة حب المصلحة الذاتية لذلك لابد من حل لهذا التناقض وهذا التعارض.
لكن معارف الإنسان الناتجة عن الحس والتجربة والعقل لا تكفي للتعرف على طريق الكمال في المجالات الفردية والاجتماعية، لذلك لابد من طريق آخر غير الحس والعقل.
وهو طريق الأنبياء.

النبوة: هو القانون الذي يقوم بتحويل مصالح الجماعة إلى مصالح للفرد على المدى البعيد.

وذلك بإثارته إلى ما بعد الموت من المحاسبة والجزاء العادل بين الناس.
أي أن هناك لحل التناقض أمرين (نظرية وتطبيق عملي):
١- النظرية: هي المعاد يوم القيامة
٢- التطبيق العملي أو الممارسة التربوية: هي النبوة وقيادتها الربانية.

النبوة: قيادة ربانية.
لأنها تعتمد على الغيب ،(خارج نطاق الحس والعقل).
وهذا ما نراه في الأحكام التي وردتنا عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

- أحكام العبادات تخص الفرد.
- أحكام المعاملات تخص معاملة الفرد مع الجماعة.

وهي تشكل الشرط الأساسي لتنمية ظاهرة الاختيار وتطويرها في خدمة المصالح الحقيقية.
↔️ كل هذا في سبيل تكامل الإنسان النهائي.


انتهى الدرس...

التعديل الأخير تم بواسطة كوثر حسين ; 02-14-2019 الساعة 10:34 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-14-2019, 10:29 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post االدرس الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس الثاني:.

بيّنا في الدرس الماضي أن كل شيء له قانونه الرباني الذي يوصله إلى هدفه وكماله، إلا إن الكائنات هدفها مرسوم من الصانع الحكيم، أما الإنسان هدفه يكون من اختياره وبإرادته.
لذلك فهو حر ومختار، وكل إنسان يحدد أهدافه وفقا للمصلحة.

وبما أن المصالح على قسمين (مصالح فردية ومصالح اجتماعية) وحتى لا يكون تناقض بينهما وُضع لها حل يتكون من واجهتين:
- نظرية: المعاد.
- عملية القيادة الربانية: المتمثلة بالنبوة.

في درس اليوم سيثبت النبوة - ليست النبوة العامة - وإنما نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله.
وسيكون الاثبات بالدليل العلمي الاستقرائي، مثل طريقة إثبات الصانع الحكيم في الجزء الأول.
ويؤكد السيد الشهيد مرة أخرى بأن هذا الدليل وهذا المنهج نستخدمه في الاستدلال في حياتنا اليومية وفي التجارب العلمية.
⬅لذا فنحن نثق به كل الثقة ونطمئن إلى نتائجه.

نذكر خطوات منهج الدليل الاستقرائي:
١- ملاحظة ظواهر عديدة بالحس والتجربة.
٢- إيجاد فرضية تكون صالحة لوجود جميع تلك الظواهر الموجودة.
٣- نفرض عدم صحة الفرضية السابقة، ونفرض وجود احتمال آخر، لكننا نجد أن نسبة وجود كل هذه الظواهر المتعددة تكون ضئيلة جدا في الاحتمال.
٤- نتوصل إلى أن الفرضية صادقة بسبب وجود تلك الظواهر كلها.
٥- التناسب العكسي بين درجة ترجيح وإثبات تلك الظواهر للفرضية مع نسبة الاحتمال (على افتراض كذب الفرضية).

ذكر السيد الشهيد أمثلة يمهد بها لإثبات النبوة:
منها مثال: الرسالة من الصبي الريفي.
الخطوة الأولى
ملاحظة الظواهر المتعددة:
- الرسالة مكتوبة بطريقة مُنمّقة ومرتبة.
- متسلسلة الأفكار.
- معروضة بطريقة فنية عالية الجودة.
- لغة بليغة.

الخطوة الثانية

عليه نفرض أن كاتب الرسالة شخص مثقف، واسع الاطلاع على الأحداث من حوله، عارف باللغة وقواعدها وبلاغتها.

الخطوة الثالثة
نفرض عدم صحة الفرضية ونحتمل أن الصبي هو كاتبها ..
لكن برجوعنا إلى معرفتنا بهذا الصبي وأنه صغير من منطقة ريفية بسيطة -كناية عن عدم توسعهم في الثقافة- غير مطلع، غير مثقف.
فإن هذا الاحتمال لا تنطبق عليه ظواهر الرسالة الفائقة التنسيق والبيان.

الخطوة الرابعة

إن احتمال كتابة الصبي للرسالة يكون ضئيل، وتترجح فرضية وجود شخص آخر يكون هو من كتب الرسالة.. ليتحقق فيها الظواهر في الرسالة.
لأنه كلما ضعف الاحتمال زاد نسبة ترجيح الاحتمال الآخر (الفرضية) وذلك على حسب التناسب العكسي الموجود في *الخطوة الخامسة*.

مثلها:
عندما يأتي أحد أطفالنا الصغار برسالة حب لنا وتكون مزينة ومكتوبة بخط جميل وعبارات قوية، فنحن نشكره ونبادله المشاعر.
لكن بعد ذلك نسأله من ساعدك في كتابة الرسالة؟
لأننا ندرك أنها ليست من صنعه مباشرة.

وممكن نقوم بتحليل هذا الدليل والاستنتاج كالتالي:
١- المعطيات والظروف والعوامل المحسوسة (كاتب الرسالة صبي ريفي).
٢- النتائج (الرسالة بليغة ومميزة).
٣- مقارنة النتائج بالعوامل والمعطيات: النتائج لا تتناسب مع المعطيات
(لا يمكن للصبي أن يكتب هذه الرسالة).
٤- لابد من عامل خارجي (بحيث استفاد منه هذا الصبي في كتابة الرسالة).
⬅ أي أن النتائج أكبر من المعطيات لذلك لابد من وجود عامل إضافي خارجي.

ذكر مثال آخر من الحياة العلمية وطبّق عليه نفس الخطوات:
وهو تعرف العلماء على الإلكترون.

١- المعطيات والعوامل المحسوسة:
مجموعة من الأشعة المعينة في أنبوب مغلق، مع قطعة مغناطيس ذات قطبين (+ و -) على شكل حدوة الفرس.
٢- النتائج:
ميلان الأشعة نحو القطب (+) من المغناطيس
(مع تطبيق هذه التجربة أكثر من مرة وفي حالات مختلفة إلا أن النتيجة واحدة انجذاب الأشعة نحو القطب الموجب)
٣- النتائج لا تتناسب مع المعطيات
لأن الأشعة مثل الضوء العادي
لا تتأثر بالمغناطيس ولا تنجذب إليه.


4- لابد من عامل خارجي إضافي:

وهي أن هذه الأشعة تتألف من أجسام دقيقة سالبة (-) هي التي تنجذب إلى القطب الموجب من المغناطيس.
⬅ سميت هذه الجسيمات بالإلكترونات.

فطريقة الاستدلال هنا:
أن النتيجة إذا جاءت أكبر من المعطيات والظروف والعوامل المحسوسة (كما في الحالات المماثلة لها) فهذا يعني وجود عامل إضافي خارجي غير محسوس وراء هذه الظروف والعوامل.

-في المثال الأول وجود مساعد للصبي.
-في المثال الثاني وجود جسيمات.

وبهذه الطريقة يستدل على نبوة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وعلى رسالته السماوية.


انتهى الدرس...


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-14-2019, 11:47 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post الدرس الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس الثالث:.
ندخل في خطوات الاستدلال على نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وعلى رسالته.

الخطوة الأولى: (المعطيات والعوامل المحسوسة)
وصف حالة الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله فهي موطن الرسول والبيئة المحيطة به والتي ينتمي وينتسب إليها.

- كانت الجزيرة العربية بشكل عام من أكثر المناطق تخلفا من كل النواحي - من الناحية الحضارية والفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية - وخاصة القطر الذي ينتمي إليه الرسول ص وهو الحجاز بحيث كان أشد تخلفا.

فمن الناحية الحضارية:
لم يمر بأي حضارة تاريخية مع أن المناطق المحيطة به ذات حضارة
مثل الحضارة البابلية في العراق، والحضارة الفرعونية في مصر،
والحضارة السومرية وغيرها.
وكانت هناك حضارات سابقة قبل مئات السنين في بعض مناطق الجزيرة العربية، إلا أن الحجاز لم يمر بأي حضارة تاريخية مثيلة لها.

من الناحية الاجتماعية:
كان الحجاز مفككا اجتماعيا، تسيطر عليه النزعات العرقية والعشائرية والقبائلية، والدليل حرب داحس والغبراء بسبب فرس، وحرب البسوس التي استمرت قرابة ٤٠ سنة من أجل ناقة.

وأيضا:
-كانت تكثر فيه العصابات وقطاع الطرق
فلم يكن الشخص يأمن على نفسه أو ماله وعرضه، وكان قاطع للأرحام ..

من الناحية الثقافية:
بالرغم من اشتهار ذلك القطر بالشعر والأدب، لكن لم يكن يملك ثقافة علمية معرفية وكان غارق في فوضى الشرك والوثنية.
وحتى القراءة والكتابة كانت نادرة، لذلك كان يسمى بالمجتمع الأمي كما ذكر في القرآن الكريم.

ولم يكن ذا وضع أفضل من الناحية الاقتصادية ولا من الناحية السياسة والحكم.
فكانت شبه الجزيرة العربية والحجاز بشكل أخص قبل بعثة الرسول الأعظم (ص) بحالة تخلف وضعة.

كما جاء في خطبة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام:
(وكنتم على شفا حفرة من النار، مِذْقَة الشارب ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القدّ، أذلة خاسئين صاغرين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمدٍ(ص) بعد اللّتيا والتي).
وكما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام:
(إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و سلّم و آله نذيرا للعالمين ، و أمينا على التّنزيل ، و أنتم معشر العرب على شرّ دين ، و في شرّ دار ، منيخون بين حجارة خشن ، و حيّات صمّ تشربون الكدر ، و تأكلون الجشب ، و تسفكون دماءكم ، و تقطعون أرحامكم ، الأصنام فيكم منصوبة ، و الآثام بكم معصوبة).
⬅ كناية عن الذل والصغار الذي كانوا فيه سواء في الدين- المسكن- المشرب- المأكل- وصلة الرحم.


وكان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ينتمي إلى هذا القطر، فلم يكن يقرأ أو يكتب وكل من كان في عصره يشهد على ذلك: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ).
ولم يشارك في مهرجانهم الشعري أو الخطابي، وكان يمثل شخصية اعتيادية بين أبناء قومه لم يتميز عنهم إلا من الناحية الأخلاقية.
كان صلى الله عليه وآله معروف عند الجميع بالصادق الأمين قبل بعثته
لالتزامه بالصدق والأمانة، وغيرها من الصفات الأخلاقية الكريمة الرحمة والعفة، الجود والكرم الايثار والتضحية، مراعاة الجار.
وهو عليه الصلاة والسلام طوال الأربعين عام، لم يكن مطلع على مصادر للأديان السابقة اليهودية ولا المسيحية.
وكانت مكة وثنية الأفكار والمعتقدات والعادات لم تتأثر بالفكر اليهودي أو المسيحي.
والنبي صلى الله عليه وآله لم يكن ذا مال حتى يتنقل ويسافر من مكان لآخر فقد عاش يتيم الأبوين، لم يخرج من الجزيرة العربية إلا في سفرتين قصيرتين للتجارة:
- مرة مع عمه أبي طالب ع.
- وأخرى للتجارة بأموال السيدة خديجة (ع).
فلم يتيسر للرسول صلى الله عليه وآله معرفة شيء من النصوص الدينية لليهودية أو المسيحية أو غيرها.
ولم تكن في حياته ص أي خطوة أو اتجاه معين نحو عملية التغيير الكبرى التي جاء بها بعد أربعين عاما من عمره الشريف، (قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
كل ما ذكرناه يُعتبر من العوامل المحسوسة والظروف المحيطة بالرسول صلى الله عليه وآله قبل البعثة الشريفة.

إن شاء الله الدرس القادم ندخل في الخطوة الثانية والحمد لله رب العالمين.


انتهى الدرس...
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-14-2019, 11:50 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post الدرس الرابع

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس الرابع:.

مازلنا في إثبات نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بالدليل العلمي الاستقرائي (وليس بالدليل الرياضي ولا الفلسفي).
الدرس الماضي أخذنا فقط الخطوة الأولى وهي: المعطيات والعوامل المحسوسة المتمثلة بحالة شبه الجزيرة العربية قبل البعثة الشريفة.

درس اليوم سيكون عن الخطوة الثانية: (دراسة النتائج).
أي معرفة خصائص الرسالة الإسلامية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وآله والمتمثلة في القرآن الكريم والشريعة الإسلامية.
فالرسالة السماوية جاءت بنوع فريد ومميز من الثقافة الإلهية عن الله سبحانه وتعالى وصفاته، والتي تأخذ بالإنسان نحو كماله وخيره وصلاحه ليعود إلى فطرته السليمة.

فالرسالة تنسجم مع الغاية التي خلق الإنسان من أجلها، حيث أن الإنسان عاجز عن إدراك كل مصالحه التي تأخذ به إلى الكمال، خاصة الكمال الروحي والنفسي لذا فهو بحاجة إلى هداية تأتيه من خارج نفسه وعقله.
هذه الهداية من الله جاءت بواسطة الأنبياء بحيث يضيئون للبشر طريق الحق والخير والسعادة ليسلكوه، ويوضحون لهم طريق الباطل والشر والشقاوة ليجتنبوه.

في هذه الثقافة الإلهية تبيّن دور الأنبياء في هداية البشرية، وكأنهم الهواء الذي تتوقف عليه حياة الإنسان وهو يأتيه من خارج دائرته.
فكانت الثقافة الإلهية التي جاء بها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله أكبر من كل الثقافات الدينية التي عرفها العالم، وليس فقط أكبر من ثقافة مجتمعه الوثني في مكة، بل جاءت لتصحح ما في الثقافات من أخطاء، وتعدل ما فيها من انحراف، كما تحدثت عن الأقوام السابقة وتاريخ عصرهم وأنبيائهم، بتفاصيل لا يعرفها حتى أصحاب ذاك الدين في عصر النبي صلى الله عليه وآله.

جاءت الرسالة بقيم ومفاهيم من أروع القيم الإنسانية في التاريخ، مثل: العدالة، المساواة، الأخوة الإنسانية، الارتباط بالمظلومين والضعفاء ومراعاة مصالحهم.

هذه الرسالة تدعو إلى التفكر والتأمل في كل شيء في السماء والأرض في الليل والنهار وفي النفس وما حولها، فهي تفتح للإنسان الجاهلي أفق جديد لا عهد له من قبل.. تنبه عقله من غفلته ليبحث ويدرك الحقيقة بإرادته واختياره دون ضغط أو قسر، وبالتالي تكون عقيدته عن اختياره، (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).

وفي ظل مبادئها تحرر العبيد والمضطهدون من الحرمان والاضطهاد، وشعروا بكرامتهم الإنسانية بعد المناداة بمبدأ وحدة البشرية والأخوة الإنسانية.
وأصبح مورد التمييز التقوى وحسن الخلق، بعد أن كانوا يعيشون ألوانا من التميز العرقي والنسبي والقبائلي.

وحتى على مستوى البيت العائلي بعد أن كان مفككا وما فيه من ظلم للمرأة وإهدار لكرامتها وإهانتها، ووأد البنات أحياء، فهذه الرسالة رفعت من شأن المرأة وكرامتها ومستواها وساوتها بالرجل في جميع المسؤوليات والواجبات والحقوق، وفي كل شيء إلا ما تقتضيه الفوارق الطبيعية بينهما.

وبعد أن كان يعيش الفرد في الأوهام والأساطير والمفاهيم المنحرفة والعادات والتقاليد الخاطئة، وجد نفسه أمام نظم جديدة تنظم علاقاته الشخصية والعامة وتحقق العدالة الاجتماعية.

ووضعت الرسالة تعاليم أخلاقية سامية، وقوانين من الناحية الناحية السياسية والاقتصادية والتي تعتبر من أفضل القيم والمفاهيم والتشريعات.
هذا غير ما امتاز به نفس الخطاب القرآني من فصاحة وبلاغة، فكان كل العارفين باللغة العربية يدركون ما يشتمل عليه القرآن من فنون البيان والتصوير والبلاغة والفصاحة، وما ينجم عنه من تأثير على سامعه، ولقد شهد بذلك بلغاء عصره.

(والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق، وأنه يعلو وما يعلى عليه)، لدرجة أنهم يمنعون أنفسهم من سماع القرآن خوفا من قدرة القرآن على تغيير نفوسهم (جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ) ومع علمهم وتفننهم باللغة العربية، إلا أنهم فشلوا في مواجهة التحدي والإتيان بمثل القرآن، مع تدرجه فتحداهم بداية بالإتيان بمثل القرآن، ثم التحدي بعشر سور، ثم التحدي بسورة واحدة فقط، ومع ذلك فشلوا وعجزوا، لأنه فوق قدرتهم اللغوية.

مع أن القرآن نزل خلال ٢٣ عاما، مع مختلف الحوادث والمحن والمتغيرات والاضطرابات في عصر النبي صلى الله عليه وآله، والحالات النفسية المختلفة من فرح أو حزن، قلق وهدوء، وغيرها.
لكنها لم تؤثر في تنسيق محتويات القرآن وأسلوب إعجازه، لا في بداية نزوله ولا نهايته، بل كانت الآيات القرآنية منسجمة.
لاحظوا بعض المؤلفين يختلف أسلوب كتابتهم في بداية ممارستهم للكتابة عما بعدها، ويرتقي الكاتب كلما مارس الكتابة أكثر، ويتغير أسلوب الكتابة في حالة الفرح عن الحزن، بعضهم يتبرأ مما كتبه بداية حياته، حتى بعض الاستفتاءات تتغير، بعد إدراك أكثر للمعرفة.
لكن القرآن الكريم على نسق واحد وأسلوب واحد من الإبداع، مع العلم بأن الحامل لهذا القرآن المعجز مكث معهم أربعين سنة لم يعهدوا منه المشاركة في محفل أدبي أو شعري أو خطابي، و لا أي فن من فنون القول والكلام..

هنا يدعوا إلى المقارنة بين المعطيات وهذه النتائج ونأخذها في الدرس القادم إن شاء الله..

والحمد لله رب العالمين.




انتهى الدرس...
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-14-2019, 11:53 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post الدرس الخامس

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس الخامس:.


نواصل إثبات نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بالدليل العلمي الاستقرائي
أخذنا الخطوة الأولى: المعطيات والظروف والعوامل المحسوسة المتمثلة بحالة شبه الجزيرة العربية قبل البعثة الشريفة.
مع الخطوة الثانية: دراسة النتائج والتي نعنونها بعنوان: خصائص الرسالة الإسلامية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وآله والمتمثلة في أمرين هما: القرآن الكريم والشريعة الإسلامية.

وذكرنا بعض الخصائص لهذه الرسالة السماوية، اليوم نكمل خطوات الإثبات مع
الخطوة الثالثة: (مقارنة بين النتائج والمعطيات).
كيف كان المجتمع سابقا يهين المرأة ويضعها في مقام الذل والهوان.. كيف كان يشعر بمجرد سماع نبأ ولادتها.. حتى يدسها في التراب ليخفي عاره كما كان يظن. لكن بعد البعثة أصبحت المرأة كفؤ الرجل، كرّمها وأعلى منزلتها سواء بنت وأم وأخت وزوجة، وراعى حقوقها في جميع ذلك.

بعد أن كان مجتمع قبيلة همه التفاخر والتنازع لسد حاجته، انقلب وأصبح ينادي بالوحدة الإنسانية والعالمية بحيث يؤمن بالمجتمع الواحد.
بعد أن كان يعيش هم الادخار وتجميع الأموال على حساب الغير، سواء بالاحتكار والسرقة والتطفيف في الموازين والاستغلال والغبن والربا، قام بوضع أحكام للبيع والشراء حرم الربا وحاول القضاء على الاحتكار والاستغلال.

أصبح ينادي بالتكافل الاجتماعي بالوقف، الهبة، العارية، الهدية، كفالة اليتيم، الضمان الاجتماعي للمطلقات والأرامل والشيوخ، الزكاة والصدقات (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيل).
وبعدما كان مجتمع وثني العقيدة منكب على عبادة الأصنام والأحجار، أصبح ينادي بالتوحيد الخالص وغيرها الكثير.
هذه التحولات جاءت على يد شخص كان يمثل الحالة الاعتيادية بين أفراد مجتمعه لم يكن يقرأ أو يكتب ولم يتميز عنها إلا من الناحية الأخلاقية
فهذه الخصائص التي ذكرناها في الخطوة الثانية أكبر بدرجة هائلة من الظروف والعوامل الموجودة في الخطوة الأولى.

أصبح هناك نهضة وثورة وانقلاب في القيم والمفاهيم، قد يقول البعض هي ثورة مثل غيرها من الثورات و النهضات التي حدثت على مر التاريخ، بحيث يبرز شخص يقود مجتمعه ويطوره، ومن ثم تنقلب بعض المفاهيم التي كانت سائدة في ذلك المجتمع وتتغير.
مثل: الثورة الفرنسية، و الثورة المهدية، والثورة على الرأسمالية والاشتراكية، والثورات المعاصرة (الثورة الصناعية، الثورة التكنولوجية).
لكن الثورة في الرسالة السماوية بقيادة الرسول الأعظم ص تختلف عن هذه الثورات وفيها فوارق كبيرة.
فبقية الثورات تركز على جانب معين:
-إما من ناحية اقتصادية.
-أو ناحية اجتماعية والفوارق الطبقية.
-أو ناحية النظام والحكم سياسية.
-أو ناحية ثقافية فكرية.

لكن الرسالة الإسلامية نجد فيها طفرة هائلة وتطور شامل في كل الجوانب، من الناحية (العقائدية، الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، الأخلاقية).

1-أصبح هناك انقلاب في القيم والمفاهيم، في مختلف مجالات الحياة وأصبح المجتمع الإسلامي هو المجتمع القائد لبقية المجتمعات هذا من جهة.
2- من جهة أخرى إن أي ثورة قبل أن تقوم لابد أن تكون لها بذور ثم تنمو، لابد من مراحل سابقة تمهد الطريق قبل قيام الثورة.

تكون مجموعة صغيرة لها مواقفها واعتقاداتها، لكن يوما بعد يوم تكبر وتكوّن تيار، تختار لها قائد معين، ومن ثم تحدد أهدافها وتضع لها دستور وقانون.. تنضج ثم تبرز على الساحة وتعلن تناقضها مع الجهة المخالفة لها إلى أن تسيطر على الموقف كما رأينا وسمعنا، أي إنها تكون على مراحل وحلقات متسلسلة ولا تكون مرتجلة ومفاجئة.
لكن الرسالة الإسلامية على يد الرسول محمد صلى الله عليه وآله لم تكن لها بذور سابقة، لم تكن جزء من تيار سابق، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وآله حلقة من سلسلة لكن كانت كما عبّر عنها الشهيد طفرة جاءت بصورة مفاجئة.

في الرسالة السماوية وُجدت الرسالة والقائد أولا، ثم تشكّل التيار من صفوة المسلمين الأوائل فهذا التيار كان من صُنع الرسالة والقائد، فكان التيار جزء من النبي محمد صلى الله عليه وآله وتابع له.
لذلك نجد الفرق الذي لا حد له بين عطاء النبي عليه الصلاة والسلام وعطاء أي واحد من أفراد هذا التيار.

٣- من ناحية ثالثة نجد أن الرسول صلى الله عليه وآله قام بنفسه بعملية القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية و.... إلخ.
وقام بتصحيح الثقافات وتقويمها وتطويرها وهو من شكّل التيار بعد أن دعى الاقربين، ثم الدعوة السرية، ثم الجهرية والإعلان العام، مع أنه ص لم تكن له أي ممارسات تمهيدية لهذا العمل المفاجئ.

عادة لما يُختار القائد لمجموعة ما، يكون هذا القائد مطلع على ثقافات عصره ويكون أكثر معرفة بها من بقية التيار، تكون لها ممارسات سابقة متدرجة تهيئه لحمل مسؤولية القيادة، لكن الرسول صلى الله عليه وآله، كان إنسان لم يقرأ ولم يكتب، لم يطلع على الأديان السابقة، مع ذلك صححها وبيّن الخطأ منها، وذكر تفاصيلها على وجه يعجز عنه حتى أصحاب الدين أنفسهم.
فنجد القرآن الكريم ليس مجرد استنساخ لأنه لا يمثل الدور السلبي في الاستنساخ الأخذ والنقل فقط، بل عرض الثقافة وصححها وعدّل عليها، مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يعرف شيئا من ثقافة عصره ولم يكن مطلع على الأديان السابقة، ولم يكن له أي ممارسات تمهيدية سابقة خلال الأربعين سنة بحيث تمكنه من عملية التغيير الكبرى وهذا العمل القيادي المفاجئ.
نصل هنا إلى الخطوة الرابعة والأخيرة:
⬅ بما أن هذه النتائج أكبر من المعطيات لذلك لابد من وجود عامل إضافي خارجي، يكون وراء الظروف والعوامل المحسوسة وهو عامل الوحي، عامل النبوة الذي يوجه من في الأرض وينير لهم به الطريق.
قالى تعالى: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
وفي آية أخرى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)
إذ تشير إلى أن الرسول صلى الله عليه وآله كان من الغافلين فلم يكن على علم مسبق بذلك.
لكن بالوحي قص عليه قصص الأقوام السابقة، هذا العامل خارج عن مدركات الإنسان الحس والعقل هو عامل غيبي خارجي من وحي السماء.
انتهينا من طريقة الإثبات بالدليل العلمي الاستقرائي إن شاء الله الدرس القادم نأخذ دور العوامل والمؤثرات.


والحمد لله رب العالمين

انتهى الدرس...
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-14-2019, 11:57 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post الدرس السادس

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس السادس:.


انتهينا في الدرس السابق من إثبات نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بالدليل الاستقرائي.

وكانت النتيجة:
وجود عامل إضافي خارجي وراء الظروف والعوامل المحسوسة وهو عامل الوحي.
وذلك لأن النتائج المُتحصّل عليها بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام أكبر بكثير من العوامل المحسوسة والمحيطة به ص قبل البعثة.
لكن وجود عامل النبوة والوحي من السماء لا يعني إلغاء دور العوامل والظروف المحيطة به، بل هي تؤثر في نجاح عملية التغيير أو فشلها.
فهذه سنة من السنن الكونية أي من النواميس والقوانين التي تحكم نظام الكون.

مثلاً: لو احضروا بذور من الدول الخارجية لزراعتها هنا، بعضها يزرع وينمو والبعض الآخر لا ينمو، وذلك على حسب المناخ والجو المناسب لها للزراعة فكل بذرة لها جو يناسب زراعتها، من ناحية برودة الجو أو حرارته، توفر الماء أو ندرته.

وأيضا بذور التمر والنخيل لا تناسب أجوائهم، ممكن للبذور أن تنمو إذا هيأوا لها المناخ الملائم كما يفعل بعض المزارعين من خلال البيوت المحمية للزراعة.
⬅ للبذور قانونها بحيث أنها تنمو لتصبح شجر وفق الشروط المعينة.

وأيضا الأبناء يتأثرون بالمحيط حولهم، من والدين وأهل وجيران وأصدقاء وأجهزة ووسائل إعلام وغيرهم.

وأي نشاط في المجتمع سواء اجتماعي - سياسي - اقتصادي - فكري فإنه يتأثر بما يحيط به، فإما أن يكون هذا المجتمع في الصدارة والريادة والقوة .. أو يكون ذاك المجتمع يتلقى صنوف الذل والظلم والاضطهاد.

فالعوامل والظروف المحيطة لها دور في نجاح الشيء أو فشله، في كل شيء من حولنا، ناحية التعليم، ناحية الإعلام، ناحية الستر والعفاف
ناحية الالتزام بالدين، الاهتمام بالشكل والمظهر، صلة الرحم والمناسبات فيها في الصناعة وغيرها..

فالعوامل والظروف تكون مؤثرة وفقا للسنن الكونية والاجتماعية العامة، لذا فإن للعوامل والمؤثرات دور في نجاح الرسالة السماوية أو إعاقتها عن النجاح.

صحيح أن الرسالة السماوية ربانية من ناحية المحتوى، لكن عند تطبيقها على الأرض أصبحت حركة دينية إصلاحية عالمية، تحولت إلى عمل مستمر نحو التغيير والإصلاح.. لذلك فهي تتأثر بالظروف المحيطة.

فنجد البعض يقبل بالرسالة السماوية أسرع من الآخر.. والبعض يرفضها، وذلك ع حسب ما يراه من مصلحة، وعلى حسب ما يحيط به من مؤثرات.
⬅ لنرى الأوضاع في المجتمع العربي ومدى تقبله للرسالة.

العامل الديني:
نجد أن الإنسان العربي يصنع له آلهة ليعبدها وتكون هي المثل الأعلى له ويعتبرها السبيل الوحيد الذي يحقق له مطالبه ويقضي له حاجاته.
لكن في لحظة غضب أو لحظة جوع يقضي عليها ويدمرها، فهنا يعيش في ضياع نفسي وتمزق من الداخل.
كيف يعبدها؟ وهي في الأخير لا تستطيع أن تلبي حاجاته، ولا تستطيع أن تحمي نفسها، فضلا عن حمايتها له أو لغيره.. مما جعله يتطلع للرسالة الجديدة ويؤيدها.

العامل الاقتصادي:
نجد حالة الظلم والتعسف والاستغلال سواء في احتكار السلع أو التطفيف في الموازين والربا وغيرها.. مما دعا الإنسان الكادح البائس أن يتطلع إلى تحقيق العدل والمساواة والقضاء على الاستغلال والربا
⬅ بتأييده للرسالة الجديدة، التي تضمن الحقوق والواجبات على الجميع:
-لصاحب العمل
-للعامل
-للتاجر
-للمشتري
وغيرهم

العامل الاجتماعي:
أيضا العيش في أجواء التفاخر النسبي والقبلي والصراع فيما بين الأطراف والتنافس ما بين القبائل والعشائر، وحالة الاسترقاق والعبودية المنتشرة
⬅ جعل الإنسان يلتجئ إلى الرسالة الجديدة.

ومن ناحية أخرى:
أصبحت عنصر حماية وحصانة وهيبة للرسول صلى الله عليه وآله
تحميه من الأعداء، بسبب انتمائه إلى عشيرته قريش، فكان للشعور القبلي دور مهم في الرسالة.

هذه بعض (الظروف الداخلية)
التي ساعدت وأثرت على سير الرسالة السماوية وكانت سببا في نجاحها وإبرازها.

هناك أيضا (ظروف خارجية) ساهمت في نجاح الرسالة وهي:
الحروب الطاحنة بين الروم والفرس، بين حكم قيصر وكسرى وما فيها من نزاعات وأسر واستيلاء ومواجهة للمخاطر.
الأمر الذي أشغل هاتين القوتين الكبيرتين بنفسيها وأنهك قواهما عن النظر إلى غيرهما.
هذا الصراع وهذه الأحوال المحرجة لهما جعلتهما تنشغلان عن الرسالة الجديدة التي خرجت في الجزيرة العربية، ولم يحاولا التدخل فيها أو في إسقاطها، على العكس فالحركات الإسلامية فيما بعد قضت عليهما بعد أن ضعفت قوتهما وأنهكهما التعب، وخضعت الدولة الرومانية والفارسية للحكم الإسلامي.

فهذه (الظروف الداخلية والخارجية) كان لها التأثير في سير الحركة الرسالية.
العوامل والظروف تفسر سير الأحداث، ولا تفسر الرسالة السماوية نفسها، حيث أن الرسالة نفسها رسالة ربانية فوق الظروف والعوامل المحسوسة المادية.

انتهينا من الجزء الثاني من الكتاب (الرسول صلى الله عليه وآله)
ويتبقى الجزء الثالث (الرسالة/ الإسلام)


والحمد لله رب العالمين


انتهى الدرس...
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-27-2019, 08:15 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post الدرس السابع

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس السابع و الأخير:
.

ندخل في الجزء الثالث والأخير من كتاب المرسِل وهو خاص بالرسالة الإسلامية التي بُعِث بها النبي المصطفى صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين.

فالرسالة المحمدية: هي الدين الإسلامي الذي استهدف ربط الإنسان بربه والمعاد يوم القيامة.

١- يريد من الإنسان العودة إلى الفطرة السليمة بارتباطه بالإله الواحد الحق، فالفطرة السليمة تتجه إلى وحدانية الإله لكن (أبواه يهودانه أو ينصرانه).
لذلك كان شعار الإسلام لا إله إلا الله وهو شعار التوحيد، الذي ينادي بمحاربة الآلهة المصنعة ويدعوا إلى القضاء على الأوثان والأصنام.
- الأصنام الظاهرة المصنعة.
- والأصنام الباطنة الخفية، المتمثلة بهوى النفس وشهواتها.
والواسطة الوحيدة المباشرة بين الخلق والخالق هي النبوة، وذلك عن طريق الوحي (العامل الغيبي) الذي يكون فوق مدركات الإنسان من الحس أو الوهم والخيال أو العقل.

٢- الإسلام يهدف إلى ربط الإنسان بالمعاد يوم القيامة، لأن بهما معا النبوة والمعاد يكون حل للتناقض الشامل في حياة الإنسان.
كما ذكر السيد الشهيد أنهما واجهتين لصيغة واحدة لحل التناقض بين المصالح الفردية والمصالح الاجتماعية.

وأيضا

فإن العقيدة بالإله الخالق ورسالة الأنبياء تبقى لوحة صامتة وجامدة لا حركة فيها ولا هدف إذا لم تقترن بالإيمان بيوم القيامة.
فأغلب الناس لا يندفع نحو العمل إلا بدافع الرغبة أو الرهبة، فإن الخوف من ذلك اليوم الرهيب الذي سيجمع فيه الخلائق ليروا فيه أعمالهم يكون دافع لتحريك ضمير الإنسان نحو الخير والصلاح
⬅ وبالتالي يتحقق العدل الإلهي.
لذلك فإن الأعمدة الأساسية للعقيدة الإسلامية ثلاثة: التوحيد والنبوة والمعاد، ومنها يتفرع العدل والإمامة.
العقيدة أو الرسالة الإسلامية لها خصائص تميزت بها عن باقي الرسالات السماوية
ومنها:
١- صيانة القرآن الكريم عن التحريف
فبقي القرآن الكريم سليم دون زيادة أو نقصان وبالتالي ضمنت سلامة الرسالة السماوية في محتواها العقائدي والتشريعي.
فقد عجز العرب وغيرهم ممن لحقوا بهم من الإتيان بسورة واحدة مثل سور القرآن الكريم مع بلاغتهم وفصاحتهم.
قال تعالى: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (*)فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا).
(ولن تفعلوا) دليل على استمرار عجزهم عن الاتيان بمثله ولو بآية
⬅ فهذا دليل عدم الزيادة على الآيات، وأيضا فإننا سنلاحظ اختلاف النسق القرآني عند الزيادة ولو بكلمة واحدة.

وبما أننا ضمنا عدم الزيادة فالآية الشريفة: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) تتكفل بإثبات عدم النقصان أيضا.
فالقرآن الكريم هو الكتاب السماوي الذي بقي دون أي تحريف على عكس بقية الكتب السماوية الأخرى التي أصابها التحريف، الشيء الذي أفرغها من محتواها العقائدي والتشريعي.
و الرسالة الإسلامية لاحتفاظها بمحتواها العقائدي والتشريعي مازالت قادرة على مواصلة أهدافها بالتفاعل مع محتواها وتجسيدها فكرا وسلوكا.

٢- خلود الرسالة الإسلامية.
فالرسالة باقية مادام القرآن باقيا نصا وروحا..
وذكرنا في الفقرة السابقة تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن الكريم
قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
(إنّ) أداة للتأكيد.
فتؤكد على أن القرآن منزل من الله تعالى، و تؤكد على حفظه.
أي أن دليل نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله و معجزته العظمى مازالت بيننا، على خلاف المعجزات الأخرى الوقتية التي شهدها معاصروها فقط كانشقاق القمر والشجرة وهوي النجم.... وغيرها
كما أن سائر الأنبياء عليهم السلام لم يأتوا إلا بمعجزات مؤقتة تخص زمانهم وعصرهم الذي عاشوا فيه:
- عصا موسى ع،

- ونار نمرود التي كانت بردا وسلاما على إبراهيم ع،
- وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى من عيسى ع وغيرها..
وانتهت بانتهاء حياتهم وإثباتها لا يتم إلا بالنقل المتواتر.
فنحن لم نشاهد تفاصيلها مباشرة وبالتالي لسنا مكلفين بالبحث عن إثباتها أو إثبات تفاصيلها والله سبحانه لا يكلفنا بالاعتقاد بها.
لأنها مع مرور الزمن تفقد شهودها الأوائل فتُنقل بدون الدقة في التفاصيل، فنحن اليوم نؤمن بها فقط وفقا لما أخبرنا به القرآن الكريم وأهل البيت عليهم السلام.
ونحن بين أيدينا معجزة مكلفين بها .

٣- كلما تقدم الزمن وتطور العلم فإنه يكشف أكثر من إعجاز القرآن الكريم
ويعطي أبعاد جديدة لفهم القرآن الكريم من خلال تطور المعرفة البشرية ودراسة الكون، مثل معرفة تطور مراحل خلق الإنسان:
قال تعالى: (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُم طِفْلًا).
كما أن العلم الحديث اكتشف الذي فوق البعوضة:
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا)
وكيف أن العلماء اكتشفوا صفة النجم الثاقب بهذه الدقة بالطرق كالمطرقة:
قال تعالىنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةوَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ)
كيف ذُكر هذا التفصيل الدقيق قبل أكثر من ١٤٠٠ عام من شخصية لم تقرأ ولم تكتب ولم تتلقى تعليم منظم أو غير منظم.

٤- الرسالة الإسلامية شاملة لكل جوانب الحياة لا يطغى جانب منها على آخر، استطاعت أن تجمع وتوازن بين الدين و الدنيا والآخرة، بين الحداثة والقدم، بين الجسمي المادي والمعنوي الروحي، ووازنت بين الجوانب المختلفة الدينية والاجتماعية و الفكرية وغيرها في إطار شامل متكامل يكمل بعضه البعض.
مما يؤدي إلى استقرار الإنسان ببعده عن المتناقضات الداخلية، عكس المجتمع الغربي، الإنسان قد يكون طبيب بارع وفي الوقت نفسه أب قاسي وزوج ظالم.

٥- الرسالة الإسلامية لم تكن مجرد نظريات وإنما تم تطبيقها على يد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله خلال ٢٣ عام.
وتحولت فيها الشعارات إلى حقائق تمارس يومياً.
- شعار التضحية والايثار بين المهاجرين والأنصار.
- شعار الوحدة والأخوة الإنسانية.
- شعار العدالة.
- شعار العزة والكرامة.
- شعار الحرية (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)، الاعتقاد يكون بالاقتناع وليس الإجبار.

٦- الرسالة الإسلامية حقيقتها ربانية ومحتواها رباني غيبي، لكن عند مرحلة تطبيقها تحولت إلى حركة دينية إصلاحية ساهمت في صنع المجتمع بل وصارت نقله نوعية في التاريخ بسبب ارتباطها بالعامل الغيبي.
ذكرنا سابقا إن للعوامل المحسوسة والظروف تأثير على سير الأحداث لكن لا تفسر الرسالة، لأن الرسالة حقيقة ربانية فوق هذه الظروف المادية.
فلا نلغي دور العوامل والمؤثرات، لكن في نفس الوقت لا نحصر فهم التاريخ فيها (أي في العوامل والمؤثرات).
لأن وجود الرسالة الإسلامية قائم على أساس سماوي غيبي غير خاضع للحسابات المادية.

٧- الرسالة عالمية.
لم تكن مقتصرة على عصر الرسول صلى الله عليه وآله ومجتمعه المعاصر، بل هي ممتدة لكل زمان ومكان، امتد تأثيرها على العالم كله على مسار التاريخ.
فالمنصفون من الغرب يعترفون بدور الرسالة في إعطاء الدفعة الحضارية للشعوب الأوربية الغارقة في الظلام.

٨- النبوة الخاتمة.
الرسالة الإسلامية بوصفها أنها النبوة الخاتمة لها مدلولين:
1- مدلول سلبي:

ينفي ظهور نبوة أخرى بعدها وهذا منطبق على الواقع فخلال ١٤ قرن لم تظهر نبوة أخرى.
2- مدلول إيجابي:
استمرار النبوة الخاتمة وامتدادها مع العصور.
وليس معنى النبوة الخاتمة أن النبوة اختتَمت وتخلت عن دورها، بل أنها جاءت بالصورة النهائية الكاملة التي لا تحتاج إلى إضافة أو تعديل، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
فهي وريثة لكل النبوات والرسالات السابقة ومشتملة على كل ما فيها من قيم ثابتة (غير متغيرة عبر الزمن)، بالتالي فهي قادرة على الاستمرار مع الزمن، وتواكب ما فيه من تطور وتجديد.
ففي الشريعة الإسلامية قواعد عامة ثابتة أساسية،
⬅ يكون تطبيق الأحكام الجزئية المتغيرة قائم عليها.
لكن ختم النبوة لا يعني قطع علاقة الهداية بين الله عزوجل والعباد بعد انقطاع الوحي بعد رحيل نبي الأمة محمد صلى الله عليه وآله.

٩- لذلك اقتضت الحكمة الإلهية أن يجعل الأئمة المعصومين بعد ختم النبوة، بحيث يكونون متوفرين على كل خصائص النبي ماعدا النبوة والرسالة.

البعض يشكل على حاجة الإسلام للأئمة عليهم السلام بعد تكفل الله عزوجل بحفظ الشريعة وحفظ القرآن الكريم؟
صحيح أن الله عزوجل تكفل بحفظ القرآن الكريم من التحريف والتغيير، لكن لا نستطيع استخراج جميع الأحكام والتعاليم الإسلامية من ظواهر الآيات، بل جعلت مهمة توضيحها وبيانها على النبي صلى الله عليه وآله.
⬅ لذلك فنحن بحاجة إلى من يقوم بالدور الذي يقوم به النبي من بعده.
لذلك تم تعيين ١٢ معصوم يقومون بمهمة الخلافة والإمامة، وقد جاء النص عليهم في الأحاديث المتواترة الصحيحة.

١٠- بعد غياب الشمس خلف السحاب بعد غياب الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف فالناس بحاجة إلى من يقوم بهذا الدور نيابة عن الإمام المعصوم.

فكانت بداية في النيابة الخاصة بالسفراء الأربعة، ومن بعدها أصبحت النيابة العامة والرجوع فيها إلى الفقهاء والمراجع.

وذلك بفتح باب الاجتهاد للتوصل إلى معرفة الأحكام الشرعية (الثابتة و المستجدة) من القرآن الكريم والسنة المطهرة.


والحمد لله رب العالمين


انتهى الدرس...

التعديل الأخير تم بواسطة كوثر حسين ; 02-27-2019 الساعة 08:22 PM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-27-2019, 08:17 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post

بهذا انتهت هذه المقدمة الخاصة بالفتاوى الواضحة (الرسالة العملية للسيد الشهيد قدس الله نفسه الشريفة).

كتب السيد الشهيد هذا الكنز الثمين خلال ١٣ يوم فقط..
انتهى منها في يوم شهادة سبط الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله،
والذي سار على نهجه في إحياء ضمير الأمة إلى أن نال وسام الشرف بشهادته، فالسلام على الشهيد يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.

(الفاتحة مع الصلوات هدية واصلة إلى روحه الشريفة)

والحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً كما ينبغي لجلال وجه العظيم..

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.