|| منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية ||  

العودة   || منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية || > || الأقسام الثقافية || > السائحون

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: على خطاها (آخر رد :ام يوسف)       :: المقاطعة تعاطف أم تكليف (آخر رد :ام يوسف)       :: اختبار فلسفة سادس ج١ الفصل الثاني ١٤٤١ه (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: ناقضة الغزل (آخر رد :ام يوسف)       :: طالب العلم وأمانة التبليغ (آخر رد :ام يوسف)       :: إنه الإنسان (آخر رد :ام يوسف)       :: أهمية تحصيل العلم (آخر رد :ام يوسف)       :: سيدة الوجود ...سر الوجود (آخر رد :ام يوسف)       :: نموذج اختبار فلسفة سادس الفصل الأول 1441هج (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: المدرسة القرانية تفسير موضوعي سنة سابعة (آخر رد :ام يوسف)      


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-21-2016, 02:30 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي سلسلة محاضرات ( 🕋 أمير الحاج 🕋 ) لسماحة الشيخ/ عبدالمحسن النمر ..( الحلقة الأولى)

☄🌟☄🌟☄🌟☄🌟

مقدمة :
هذه السلسلة التي بين أيديكم أعزاؤنا القراء عبارة عن ست حلقات ألقاها سماحة الشيخ عبدالمحسن النمر ، في منطقة الدمام خلال شهر شعبان المعظم من عام (1432هـ ).
وهي تبحث بشكل علمي عن جانب خاص من مقامات الإمام الحجة الشريفة (عجل الله تعالى فرجه) ومركزه وعلاقته بالوجود والحياة الإنسانية.
بدأ سماحة الشيخ ( حفظه الله ) بالآية الأخيرة من سورة الملك بقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾صدق الله العظيم.
وسوف يتعرض سماحته من خلال هذه الحلقات الست لمعنى الحياة وقيمتها ومراتبها ؛ ومدى ارتباطها بالإمام عليه السلام.
وقد اخترنا لهذه السلسلة من الحلقات عنوان :

🕋 أمير الحاج 🕋

لأهمية التعرف عليه (عجل الله فرجه ) قبل الموسم فهو أمير الحاج ومرشدهم وحاضر الموسم معهم .

متابعة شيقة ومفيدة .
___________________

🔘الحلقة الأولى🔘


✤──◐( نبع الحياة)◐──✤


بسم الله الرحمن الرحيم ..
الصلاة وأتم التسليم على النبي المصطفى الصادق البار الأمين حبيب رب العالمين أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الميامين واللعن الدائم على أعدائهم وظالميهم إلى قيام يوم الدين. .

تدور الحلقة الأولى حول محورين أساسيين :

المحور الأول : خصائص الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف .

المحور الثاني : إدراك حقيقة الحياة.

أولا :
ما هي خصائص الإمام (عج) ؟


🔹خاصيته الأولى :
خاصيته الجامعة والمشتركة من حيث هو حجة الله وإمام على الخلق، وهي امتداد لخصائص أجداده الأوصياء والأنبياء ؛ فهناك حالة جامعة وحقيقة واحدة تجمعهم.

🔹خاصيته الثانية :
خصوصية أنه إمام زماننا، فكل إمام زمان له ارتباط خاص وعلاقة خاصة بأهل زمانه.

🔹خاصيته الثالثة :
خصوصية كونه هو المهدي المنتظر الذي كتب الله به تحقيق أهداف وآمال ورغبات الأنبياء والأولياء والأئمة الطاهرين ، ليتحقق الدين في صورته المثلى على يديه.

وكما ترون .. فإن كل خاصية تحتاج إلى المزيد من التبصر والعناية الخاصة بها .

ثانيا :
إدراك حقيقة الحياة :


ونبدأ بذكر الارتباط به ( عج ) وعلاقته بحقيقة الحياة ومعنى الحياة بقدر ما يسمح لنا الوقت والظرف.
في زيارة الإمام الواردة يوم الجمعة - وهذه الزيارة منقولة من كتاب جمال الأسبوع - وهي إمّا أنها من المعصوم ووقعت في يد هذا العالم، أو قد تكون كلاماً للسيد ابن طاووس قد استنبطه من جملة من الروايات المنقولة عنهم عليهم السلام ولكن على نحو عام، فعباراتها دليل على صحة معانيها والشواهد على صحة عباراتها كثيرة جدا.
نحن نقول في زيارته المأثورة يوم الجمعة (اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ في أرْضِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللهِ في خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذي يَهْتَدي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَيُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُهَذَّبُ الْخائِفُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ أيُّهَا الْوَلِيُّ النّاصِحُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا سَفينَةَ النَّجاةِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ .....)

🔹الجانب الأول:
يستوقفنا في هذه الزيارة عبارة ( اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ ) ، فالإمام صلوات الله عليه هو عين الحياة ،وهذه إمّا أن نفهمها بمعنى أنه أهم ما في الحياة، والممثل الأتم لمعنى الحياة ، وهذا المعنى لا خلاف فيه ولا شك في صحة صدقه، فهو صلوات الله عليه من تتحقق فيه الصورة الكاملة للحياة ، و( الْحَيُّ) اسم من أسماء الله عز وجل (‏اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وحقيقة الحياة من الله، والحياة إذا أردنا أن نتوقف لحظات في إدراك معناها فهي العلم الحقيقي الواقعي،العلم بواقع الأشياء وحقيقتها.
فالعلم والمعرفة إذا لم تكن مطابقة للواقع فهي خيال، فحينما ننسب الحق إلى غير أهله فنحن لم ندرك الحياة ولم نعرف الأشياء، فالحياة هي المعرفة الحقة.

🔹الجانب الثاني :
من جوانب الحياة هي الإرادة والمحبة والشوق ، فالإرادة تتحقق في من لدية الرغبات ويسعى لتحقق شيء ؛ والله أكمل الوجود ولا يوجد في ساحته نقص، وإرادة الله في كمال مخلوقاته في أن تبلغ غاية الكمال وهذه هي حقيقة الحياة .
لله عز وجل القدرة على إيجاد ما يريد وأن يقول للشيء كن فيكون، وهذه هي الحياة التامة لله وحده ولا يوجد في هذا العالم حي إلا الله عز وجل ،وبمنّه وفضله أوجد مخلوقات أصبحت مصدر للحياة وهذا معنى (السلام عليك يا عين الحياة) أي يا مصدر ومنبع الحياة، أي هو المنبع الذي سرت الحياة منه إلى سائر الموجودات .
والأدلة على صحة هذا المعنى كثيرة ، وفيما ذكره الإمام الباقر (عليه السلام) - وردت الرواية في الكافي والكثير من الكتب المعتبرة- : ( لو بقيت الأرض يوما بلا إمام منّا لساخت بأهلها ) لولا الحجة لساخت الأرض بما عليها ، فكما أنه لولا أن العين تمد الأنهار والبساتين بالماء لما عاد للشجر وجود ونظارة وجمال ؛ فالإمام هو جمال الحياة ، وهو حقيقة الحياة التي تسري لسائر الموجودات .

ننتقل إلى رواية أخرى عن الإمام الباقر كما ورد في الكافي : (قال رسول الله عندما سئل عن قول الله عز وجل (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا..) فقال يا علي إن الوفد لا يكونون إلا ركبانا -الوفد هم الجماعة المعززون المكرمون - أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم واختصهم ورضي أعمالهم فسماهم المتقين). -ولعل قول الرسول في (سماهم المتقين) أن الكرم الإلهي شمل برحمته من قد يكون في بعض درجات التقوى ولم يصلوا إلى كمالها - ثم قال له : (يا علي والذي فلق الحب وبرأ النسم إنهم ليخرجون من قبورهم وإن الملائكة لتستقبلهم بنوق العز عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت وجلائلها الإستبرق - ليس المقصود بهذه الأوصاف المعنى المادي لها ، ولكن المقصود كمال العناية والإعزاز والإكرام - وخطمها جدل الأرجوان تطير بهم إلى المحشر مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم وعلى باب الجنة شجرة إن الورقة منها ليستظل بها ألف رجل ومن يمين الشجرة عين مطهرة زكية فيسقون منها شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد ويسقط من أبشارهم الشعر - أي يصفون من كل ما علق بهم من الدنيا فيزيل منهم النقائص الخلقية والأخلاقية - وذلك قول الله (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ) سورة الانسان: (21) .. ثم ينصرفون إلى عين أخرى يسار الجنة فيغتسلون منها هي عين الحياة، ثم يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات والأسقام والحر والبرد أبدا..)

عين الحياة التي سوف يشرب منها الإنسان في الآخرة والتي تصل بكماله وطهارته إلى الحالة الأبدية هي نفسها الإمام الحجة عليه السلام ، والارتباط بالإمام هو المطهرة التي من شرب من معينها بلغ مرحلة الكمال الأبدي، والتي لا تصل إليه النقائص ولا تهزه هزائز الدنيا من كمالاته الأخلاقية .
(‏أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) سورة يونس: (62).

💥 الخلاصة :

🔸خصائص الإمام (عج) : خاصيته الجامعة المشتركة بما هو امتداد للنبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام، خاصيته من حيث أنه إمام زماننا، خاصيته من حيث أنه الإمام المنتظر المحقق للآمال والأهداف.

🔸الإمام الحجة (عج ) مصداق لعين الحياة من ناحية أنه أهم ما في الحياة والممثل الأتم لها، ومن ناحية أخرى هو مفيض الحياة وعين الحياة ومنبعها ،فحياته عليه السلام تسري لسائر المخلوقات لبلوغ مرحلة الكمال .


وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ..

🎛 للاستماع الصوتي ⤵

https://soundcloud.com/alialnemer1212/3inalhiat1
____________________



☄ 🌟☄🌟☄🌟☄🌟☄

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 07-26-2016 الساعة 02:14 AM سبب آخر: تعديل العنوان
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-26-2016, 01:44 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي 🕋 أمير الحاج 🕋 .. الحلقة الثانية

☄🌟☄🌟☄🌟☄🌟☄🌟

سلسلة ..

🕋 أمير الحاج 🕋


🔘الحلقة الثانية🔘


✤──◐( مداد الحياة )◐──✤


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم ..

( السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ في أرْضِه ِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللهِ في خَلْقِه ِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذي يَهْتَدي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَيُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنينَ ، .... اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ... )


الحديث في هذه الحلقة سيكون عن الحياة ، حيث أنه ( عجل الله تعالى فرجه ) هو عين الحياة .
قد لا يبدو في ظاهر الأمر أن معنى الحياة شيء يحتاج إلى تعقب وبحث ، ولكن عند تدقيق النظر في معنى الحياة وآثارها ومراتبها ، تتخذ المسألة بحثا أوسع وأكبر من إمكانياتنا وطاقتنا ، ولكن ما نسعى إليه هو أن نفتح هذه الأبصار وهذه القلوب على هذا النبع الرباني الذي أمد الله عز وجل الوجود به .

معنى الحياة :
الحياة حقيقة هي سهلة وواضحة وبينة من جهة ، ولكن في غاية العمق والصعوبة والسرية من جهة أخرى .
الإنسان حينما يشاهد الموجودات ويتعامل معها يجد أنها نوعان :
نوع لا إحساس له ، و لا إدراك عنده ، و لا إرادة لديه .. حاله لا يتغير من حيث فقدانه لشيء ، خلاف واقعه الحسي الملموس .
وهناك موجودات أخرى خلف وجودها الملموس شيء آخر إذا فْقد فإنها تتغير ، الحيوان إذا فقد الحياة مع بقاء كامل وضعه الجسمي والمادي يتغير بأن يفقد شيئًا ويخسر جزءًا من وجوده ، هذه الموجودات التي لها هذه الرتبة تكون لها حياة .
أما الموجودات التي ليس لها رتبة فقد تتغير بعض أجزاء جسمها المادي ولكن لا شيء يحدث لها خلاف تغيراتها الفيزيائية الجسمية والمادية .

ما نسميه حياة ليس درجة واحدة ، ولا استقرارًا واحدًا ، ولا ذو آثار واحدة ، وإنما ما ندركه من معنى الحياة هو أن المبدأ يكون للإدراك والعلم والقدرة والمشاعر .. وهذا هو ما نسميه حياة حقا لأنه الأساس الذي يبتني عليه الإحساس والعلم والمعرفة والإرادة والحب والشعور والأنس ، وخلافاتها من الجهل والبغض وضعف الإرادة والشعور بالكراهية واستقباح الأشياء ، هذه الأمور تنشأ من منشأ واحد هو الحياة ، فإذا وجدت هذه الأمور وجدت الحياة وإذا فُقدت الحياة فُقدت هذه الآثار .. وبصورة مختصرة الحياة هي المنشأ لجميع هذه الحقائق والأمور .
ولو أردنا أن نركز على المنطلقات الأساسية للحياة فلها ركيزتان :

🔹 الركيزة الأولى :
العلم : فالركيزة الأولى لمعنى الحياة هو الإحساس والعلم ، فمعرفة وإدراك الموجود لما حوله ينعكس على وجوده . كأن يشعر بالحر والبرد والحاجة للغذاء ، فهذه كلها إدراكات وعلوم ومعارف تجتذبها الحياة .

🔹الركيزة الثانية :
الجذب في مقابل التلقي : وما يقابل التلقي هو التأثير ، فالحي هو الذي يتلقى ويدرك ويؤثر فيما حوله ، فهو لديه محبة وشوق وإرادة وقدرة على التأثير فيما حوله ، وهاتان الركيزتان ( التأثر والتأثير ) أي التأثر الصحيح والإدراك الصحيح لما حوله وبقية الأمور تنطلق وتنبعث من هذين الأمرين ، فمتى وجد في المخلوق هاذين الجانبين - التأثر والمعرفة الحقيقية - كلما كان إدراكه لما حوله أتم وأشمل وكان مستوى الحياة عنده أرقى ، وأيضا كلما كان تأثيره وفعله وإعانته ودفعه للخطر أعلى كلما ترقى مستوى الحياة عنده .

ومراتب الحياة تتكئ على مستوى إدراكه ومعرفته من جهة ، ومستوى إرادته من جهة أخرى ، وينطلق تحت هذه العناوين كل عناوين الحياة و الرغبة والحب والشوق ، فكلها آثار وامتداد وسقي من الحياة ، فكلما ازدادت الحياة قوة كلما زاد إدراك الإنسان للحقائق وزاد تأثيره في الأمور أكثر ، وكلما ضعفت الحياة عنده كلما كان إدراكه وتأثيره في الأشياء أضعف وأقل أثرًا .

مراتب الحياة :
الآن ننتقل إلى مسألة أخرى وهي هل نستطيع أن نرتقي بمداركنا لمعرفة درجات ومراتب الحياة ؟؟
هل هذه المدارك مفتوحة أمامنا ؟؟
وهل نستطيع أن نرتقي من مستوى إلى مستوى آخر من مستويات الحياة ؟؟
كيف نستطيع أن ندرج معنى الرقي في الحياة إلى ذواتنا ؟؟
فنحن أصبحنا نعلم أن الحياة هي مركز إدراك الجمال والمحبة ومركز الوصول إلى الكمالات ، فما هي المراتب التي تنقسم إليها الحياة ؟
لعل هذا البحث من البحوث التي لم نوفق فيه للحصول على دراسة قرآنية وروائية ، نقر من البداية أن مصادره فقيرة وليس مبنياً على تتبع دقيق وبحوث مطولة ، ولكن ما نستفيده من خلال ما جاء في القرآن والروايات حول الحياة يمكننا أن نستخلص جملة من المراتب :

🔹المرتبة الأولى :الحياة البهيمية :
وهي الحياة في درجتها الأولى التي يشترك فيها الكثير من الموجودات معنا ، قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين.. ) سورة المؤمنون : (12-14) ... هذه الآية تتحدث عن الأطوار التي يمر بها الإنسان ، نطفة في مقرها ثم علقة ثم هذه العلقة تتحول إلى مضغة ثم عظام ،ثم كسونا هذه العظام لحماً ، وهي درجة من درجات تطور هذا الموجود وترقيه .

ثم يحدث تغير هائل يختلف عن التغير الجسمي والمادي ( ثُم َّأَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين ) هذا الموجود الذي كان شكلًا من أشكال التغير المحصور الذي لا نشعر بوجود حياة فيه ولكن ( ثُم َّأَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين.. ) وهذه الدرجة هي منطلق الوجود الحي الذي يصل له الإنسان وبعدها يبدأ يسمع ويُبصر ويتأثر ويحزن ويفرح ، يصبح مخلوقا حياً منفعلا وفاعلا .
يولد الطفل ويبدأ في النمو الفكري والاجتماعي والبدني والإدراكي للأشياء ، وهذه المرتبة يتفق فيها الإنسان إلى حد كبير مع الحيوانات،
ولو بقى الإنسان في هذه المرتبة لبقي في المرتبة الحيوانية ، فكيف ينتقل الإنسان من هذه المرتبة إلى المرتبة الثانية ؟

🔹المرتبة الثانية :الحياة الإيمانية :
قال الله تعالى : ( وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاء وَلا الأمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ) سورة فاطر : (19-22) .. لعل هذه الآية تُقسم الناس أو المخلوقات إلى قسمين ، الأعمى لا يستوي مع البصير والظل لا يستوي مع الحرور والأحياء لا يستوون مع الأموات .. فمن هذه المخلوقات من يبقى في درجة الحياة الأولى وهي درجة البهيمية .. ولكن من هذا الذي يبقى في درجة البهيمية ؟!!
( إِنَّ اللَّه يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ) الذي لا يستجيب لرسول الله ( ص ) سوف يبقى بهيمة !! وهذا بحسب بيانات كتاب الله لا زال مثل الميت إذا قورن بالذي آمن برسول الله ( ص ) وآمن بما جاء به صلى الله عليه وآله والأنبياء من الحق . هذا الإنسان سوف يبقى في مستوى البهيمية ، قال تعالى : ( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَل ُّسَبِيلا ) سورة الفرقان : (44) ..
الإنسان الذي تبقى معرفته في حدود المادة وإن اتسعت ، وفي حدود الملموسات وإن توسعت .
فكثير من الناس يدرك الأفلاك والقوانين الفيزيائية ، ولكن كل هذا يبقى تحت إطار العناصر الملموسة المحسوسة ( إِنَّ اللَّهَ يُسْمِع ُمَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ) هؤلاء لايزالون في القبور إذا قورنوا بمن في الدرجة الثانية .
بعد اتخاذ الإنسان قراره بالإيمان أو الكفر فإنه يكون قد اتخذ قراره بالترقي إلى الدرجة الثانية من درجات الحياة أو الاندكاك والبقاء في الدرجة الأولى من درجات الحياة .

المرحلة الثانية من المرتبة الثانية تظهر لنا في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ.. ) سورة فصلت : (30) .. هناك أشخاص آمنوا بالله وضموا إلى الدرجة الأولى من الحياة شيء آخر ، وهؤلاء أيضا قسمين : قسم بقي على مجرد الإيمان وإدراك الحقائق القرآنية ولكن لم يكن له قدم سبق أو قدم ثابتة ولم تنطبع حياته بانطباع الفطرة ، وربما إذا صح لنا أن نُقيم لقلنا أن هذا هو حال الأغلب والأعم من الناس ، ولكن هناك قسم آخر يعبر عنه القرآن ( قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ) هؤلاء تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي وعدتم بها !! هؤلاء لهم عناية من الله حيث تتولى الملائكة تبشيرهم والعناية بهم ودفع الخوف عنهم وشرح صدورهم والأخذ بأيديهم ، كما تنفتح أمامهم أشكال وتنوعات الإدراك والمعرفة ما تعجز عن تخيله وإدراكه العقول المحصورة .

قال الله تعالى : ( مَن ْعَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً.. ) سورة النحل : (97) تتحدث عن حياة أخرى كما يذكر ذلك السيد الطبطبائي أن الآية لم تقل ( فلنجعلنّ حياته طيبة ) ولكن الآية تقول ( فَلَنُحْيِيَنَّه )ُ أي كان فاقدا وجُعلت له حياة أخرى لم تكن له سابقا وهي الاستقامة على العمل الصالح ،
ومن استقام على العمل الصالح وهو مؤمن فإن الله يعده أنه سوف يرتقي للمرتبة الثالثة من مراتب الحياة . وهذه الحياة صفاتها أن الله يسمعهم ( إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ.. ) ومن هنا نعلم أن الإسماع من الله يكون عبر رسوله فمن يستجيب لرسول الله ( ص ) فهو يسمع كلام الله . نحن حينما نقرأ القرآن فنحن نسمع كلام الله ، وهذه الشريعة هي إسماع لنا .

🔹المرتبة الثالثة :الحياة الطيبة :
ما هي خصائص هذه المرتبة ؟
الآية وضحت هذه الحياة التي يبعثها الله في الإنسان ، إن من استقام على إيمانه حتى أصبح إيمانه مسلكاً وطريقاً ، فالله يمن عليه بعطاء آخر وهي المرتبة الثالثة من مراتب الحياة التي وصفتها الآية القرآنية أنها حياة طيبة .
الكثير من الأمور في حياتنا اليومية لا تجري كما نحب ، ولذلك حتما ستكون حياتنا غير طيبة !! أما الحياة التي يعطيها الله لهؤلاء فإنها حياة تسير طبق رغباتهم وأمانيهم وما يتمنونه ، فحياتهم طيبة ليس فيها منغصات ، هذه الحياة منبعها هو سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف .

💥 الخلاصة :

🔸 ركائز ومنطلقات الحياة (التأثر والتأثير) الحقيقيان .

🔸 للحياة علاقة طردية مع العلم والإدراك .

🔸مراتب الحياة وترقيها من المرتبة الحيوانية إلى الحياة الطيبة .


وصلى الله على نبينا محمد وآله الميامين وسلم تسليما ..
_____________________________

للإستماع الصوتي ⤵

https://soundcloud.com/alialnemer1212/3inalhiat2


☄ 🌟 ☄ 🌟 ☄ 🌟 ☄ 🌟 ☄

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 07-28-2016 الساعة 03:04 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-02-2016, 01:03 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي 🕋أمير الحاج 🕋 .. الحلقة الثالثة

☄✨☄✨☄✨☄

سلسلة ..

🕋 أمير الحاج 🕋


🔘 الحلقة الثالثة 🔘


✤──◐( فيض الحياة )◐──✤



بسم الله الرحمن الرحيم ..
أتم الصلاة والسلام على النبي المصطفى الصادق البار الأمين حبيب رب العالمين أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الميامين واللعن الدائم على أعدائهم وظالميهم إلى قيام يوم الدين . .

( السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ في اَرْضِه ِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللهِ في خَلْقِه ِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذي يَهْتَدي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَيُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنينَ ، ... اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ .. )

نكمل الحديث في هذه الحلقة عن مراتب الحياة ، وقد بلغنا إلى المرتبة الرابعة .
ولكن قبل أن نعرج إلى هذه المرتبة علينا أن نستعيد مسألة أشرنا إليها بالإجمال لأنها تحتاج إلى التدبر أكثر في معناها.
وهي أن الحديث عن مراتب الحياة يحتاج إلى وجود عنصر مشترك يترقى درجة بعد درجة ، ونريد أن نميز هذا العنصر ؛ ونميز الحياة عن الأمور التي تختلط بها .


☄ ارتباط الحياة بالإمام ( عج ) :

الحياة هي منشأ العلم والإحساس والإدراك والانفعال والعاطفة والإرادة ، وهي بهذا المعنى أصل كل الفضائل التي تدور حولها الكمالات .
فالحياة كالشجرة التي غصونها الفضائل الوجودية ، وسوف نشير إلى مرتبة لم نبدأ بالحديث عنها وهي المرتبة السابعة من مراتب الحياة ، فكل موجود له نصيب من الحياة التي هي عين الخير والفضيلة . والفضائل امتداد للحياة والكمالات ؛ ففي جانبها العلمي والمعرفي والنفسي والسلوكي والأخلاقي هي من شعب الحياة ، وكلما حافظنا على أصالتها وترقينا في مراتبها كلما تشعبت هذه الفضائل وتمددت وأثمرت غصونها ؛ قال تعالى : ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾سورة الأعراف : (32)

نتخيل أحيانا أن أمورا اختلطت وشابتها الشوائب ودخلت في عنصر الحياة ، وهي في الحقيقة ليست من الحياة ، بل هي أمور متطفلة تزيف معنى الحياة ، فحقيقة كمالات الحياة تصل إلى مرحلة النمو الكامل الخالص الذي ليس به شائبة في يوم القيامة .
لابد أن نتوقف على أمور تلوث معنى الحياة وتدعونا إلى الاضطراب الفكري في تحديد ماهيتها ، والمقصود من ذلك مثلا أننا نجد بعض الموجودات تكون مصدراً للشر والتعدي وسفك الدماء ،و ذلك مثل المتغطرسون الذين يسلبون الآخرين خيراتهم ، ألا يمتلكون العلم من جهة والقدرة والتأثير والعاطفة من جهة أخرى ؟!
أليس هذا شكل من أشكال الحياة !!؟ أليست هذه حياة ضارة ؟؟ ألا يوجد عندنا جانب ضار من الحياة ؟؟!! أليست النار موجودة وهي شكل من أشكال الحياة ؟!! أليست الدنيا موجودة ورغم ذلك ورد ذمها والتحذير منها وهي نوع من أنواع الحياة ولكنها حياة مذمومة غير سليمة ؟!! أليست هذه درجة من درجات الحياة ؟!! ..
هذه الأمور تحتاج إلى توقف وتبصر ، ونشير إلى ما يمكن دفعه من توهمات على نحو الاختصار .
أما مانراه من تعدي المتعدين وجور الجائرين وأن هذه الحياة هي نوع ضار ، فالحقيقة إن هذا الأمر هو بسبب اختلاط الحياة بما يعاكسها ويضادها ، وهناك عدة ملاحظات سنشير إليها في هذه المسألة :

🔹الملحوظة الأولى : الانحراف عن الحياة ليس حياة

الحياة هي القدرة ، هذا الظالم المتجبر إذا نظرنا إلى ما عنده من قدرة وإمكانيات ذهنية فهي في الأساس خير وليست شر ، ولكن هناك انحراف في استثمار هذا الخير الذي لديه ، ولو استمرت هذه الحياة في أصالتها لكانت حياته مصدراٌ للعطاء ، لأن تمام القدرة التي لديه هو أن تكون فاعلة في رفع درجات الحياة لنفسه ولغيره ، ولكن حينما يستثمر ما لديه من القدرة التي هي من جنس الحياة في كبح ما لدى الآخرين من قدرة وحياة ورغبات ، فهذا انحراف للحياة وليس حياة !! .. و حينما تسطو بعض أشكال الحياة لتكون قاطعة ومحاربة ومضادة لحياة أخرى فالنتائج سوف تكون عكسية عليها ، وهذا نوع من أنواع الانحراف و الإنقلاب على الحياة .

🔹الملحوظة الثانية : ما هي النار ؟

لو سألنا ما هي النار ؟؟ الإنسان الظالم يتمنى أن يموت من شدة ما يعانيه في النار ، فالنار حالة مرة ومؤلمة من الحياة ، والموت خير منها . القرآن يشير إلى أن حقيقة ما يعيشه الإنسان الكافر يوم القيامة هي تدمير لحياته بحيث يقمع وجوده بنفسه ، النار هي حالة يمكننا وصفها بأنها لا هي حياة ولا هي موت : ﴿ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى ﴾ لو أن الإنسان في نار جهنم كان يمتلك الحياة والبصيرة الحقيقية لما كان هناك نار حتى لو وجدت بالمعنى المادي ، فلو كان عارفاً بالله لنجا من تلك النار . مشكلة أهل النار أنهم قمعوا الحياة داخلهم فعاشوها بكبت أنفسهم ، وعاشوا حالة من حالات تسلط حسرتهم وآلامهم عليهم ، ومشكلة نار جهنم أن منبعها داخل الإنسان وباطنه : ﴿ وَمَا أَدْرَاك مَا الْحُطَمَة نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَة ِ﴾ سورة الهمزة : (5-7) .

🔹الملحوظة الثالثة : ذم الحياة الدنيا

ورد ذم الحياة الدنيا ، فالقرآن والروايات أعطت الحياة الدنيا جانباً من الأهمية في الدعوة إلى عدم إهلاك النفس فيها وعدم إضاعة الوجود الإنساني في الارتباط بالحياة ارتباطا خاطئاً ﴿ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ.. ﴾سورة الحديد : (20) ..حب الحياة الدنيا والاندماج فيها وإعطائها أكبر من قيمتها الفعلية هو مصدر كل شر ، وغرز وجود الإنسان ودفنه في الحياة الدنيا هو أصل كل المهالك التي تواجه الإنسان ..
فلماذا القرآن والروايات ذمت الحياة الدنيا ؟؟

تابع🖓

☄✨☄✨☄✨☄

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 08-02-2016 الساعة 05:07 AM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-02-2016, 01:07 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي تابع الحلقة الثالثة. ..

تتمة الحلقة الثالثة. .

هناك عدة أسباب سنشير إليها :

🔹 السبب الأول :
إن هذه الحياة الدنيا هي أضعف مراتب الحياة ، وحينما ينفق الإنسان قدرته وطاقته ووجوده في الحياة الدنيا فإنه يشكل لنفسه حجاباً أمام المراتب الأخرى التي هي أرفع درجة منها . فحينما يتشبث الإنسان بهذه الصغائر والمكاسب المحدودة ويجعلها غايته وأمله ومدار وجوده ، سيتوقف عن حركته ومسيرته إلى الكمالات والحياة الأفضل والأتم . والمشكلة أن الإنسان إذا أراد الوقوف عند درجة الحياة الدنيا ( وهي أدنى درجات الحياة ) فإنه يحرم نفسه من الإرتقاء إلى درجاتها الأخرى .

🔹 السبب الثاني :
أن الحياة الدنيا هي المركز الحياتي الذي يختلط به الصالح من الحياة مع منغصاتها وشوائبها إلى درجة يصعب فيها تحصيل كمالاتها ويصعب تخليص ما في الحياة الدنيا عن غيرها من الشوائب ، كالذهب الذي امتزج بغيره امتزاجاً يصعب التخلص منه وفصله عنه وذلك إذا اختلط بشيء غير مرغوب أو ضار ومميت .
والنتيجة ؛ أن هذا الاختلاط في هذه الحياة الدنيا وعدم القدرة على فصل محاسنها ( التي هي الحياة ) عن غيرها من الشوائب ( التي هي مما يضاد الحياة ) ، هو السبب الذي يجعل من الحياة عنصرا مذموما في الشريعة المقدسة .

(( دخل رجل على الإمام الصادق ( ع ) وكان -الإمام - يلبس لبسا جميلا لينا نظيفا ، فقال الرجل : ( يا بن رسول الله إن جدك كان لا يلبس إلا ملابس الصوف والملابس الخشنة وأنت تلبس الملابس الناعمة ) - فهذا الرجل ظن أن الأمير (ع) في لبسه للملابس الخشنة البسيطة يريد تنفير الناس عن معنى الحياة - فأراد الإمام الصادق (ع) أن يعلمه فقال له : ( إن أحق الناس بالحياة أكملهم وهم أهل الفضائل فيها ))
ولكن مشكلة هذه الحياة أنها اختلطت بالشوائب وما هو خلاف معنى الحياة ، فاقتضى الأمر أن السبيل للرقي للدرجات العليا من الحياة أن يبتعد الإنسان عن هذا الخليط والمزيج المكون من الماء الطاهر النقي مع ما مزج به من سوائل كدرة ، والحل هو ما قام به الأمير (ع) من الزهد فيها و الاستمتاع بها بقدر لا تختلط به مع المكاسب المحرمة والسيئة ، والآية :
﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ سورة الأعراف : (32) تركز هذا المعنى ، وبعد توضيح هذه الأمور التي تسبب تصوراً غير سليم نخلص إلى أن حقيقة الحياة وأصلها يعد عنصراً من الكمال ومنشأ لجميع الفضائل .

☄ منبع الحياة :
نحن عندما نقرأ الزيارة التي وردت في تعريف الإمام بأنه هو ( عين الحياة ) فأننا يجب أن ندرك أن هذه الزيارة تشير إلى أن هذه المدارج من الكمالات ، والترقي في درجات الكمال من المراتب التي ذكرناها والتي سوف نشير إليها ونتحدث عنها في صعودها وتساميها وبلوغها أعلى الدرجات ، وهي مرتبطة ارتباطا جذريا بعطاء الإمام ورضاه (عج) .
الله جل وعلا هو منبع الحياة ، وهو الحي الذي استمد الوجود حياته منه ، وقد اقتضت إرادة الله عز وجل أن يكون استمداد هذه الحياة من أوليائه ، وعنهم تصدر هذه الحياة وتمتد ، وبيدهم المدد والعطاء .
وحتى لا يبقى هذا البحث في مستوى التنظير الفكري نقرأ هاتين الروايتين ، ونستفيد أن للإمام (ع) علقة بامتدادات الحياة ، فالروايتين تتحدثان حول موضوع واحد وهو درجة الارتباط بين إمام كل زمان وبين الحياة في زمانه ، ولأن الروايات تتحدث عن المؤمنين اتضح لنا أن الإنسان غير المؤمن قد كبح جماح تحركه في الحياة لدرجة أنه أصبح في حالة من الجمود والركود ، أما الإنسان الذي لا زال حياً وينطلق في مدارج الحياة ويتعالى في الطريق للحياة فهو الإنسان الذي آمن بالله ، فإذا جاء في الرواية عن علاقة الإمام (ع) بالمؤمن فلا تظنوا أنه ليس له علاقة بالحياة !! .. بل له علاقة بالحياة بحسب امتدادها . فالحياة تمتد في أوساط معينة ، أما الآخرين فقد حرموا أنفسهم من هذا الطريق .

الرواية الأولى (( عن رميلة - هو أحد أصحاب الأمير (ع) - يقول : وعكت وعكاً شديداً فوجدت من نفسي خفة في يوم جمعة فقلت : لا أعرف شيئا أفضل من أن أفيض على نفسي من الماء أصلي خلف أمير المؤمنين ، ففعلت .. ثم جئت إلى المسجد فلما صعد أمير المؤمنين المنبر عاد عليّ ذلك الوعك ، فلما انصرف الأمير عليه السلام ودخل القصر الذي كان يجلس فيه و دخلت معه فقال لي (ع) : يا رميلة .. رأيتك وأنت متشبك بعضك في بعض ، فقلت نعم ، فقصصت عليه القصة التي كنت فيها والتي حملتني على الرغبة في الصلاة حوله فقال (ع) : يا رميلة .. ليس من مؤمن يمرض إلا مرضنا لمرضه ولا يحزن إلا حزنا لحزنه ولا يدعوا إلا أمنا لدعائه ولا يسكت إلا دعونا له ، فقلت له : يا أمير المؤمنين هذا لمن معك في القصر ؟ - أي إذا كنت معك في القصر فقط ؟ - أرأيت من كان في أطراف الأرض ؟ .. فقال (ع) : يا رميلة .. ليس يغيب عنا مؤمن في شرق الأرض ولا غربها )) ¤بصائر الدرجات : ص72 ..
الرواية الأخرى ، (( قال أبي ربيع الشامي صاحب الإمام الصادق (ع) : بلغني عن عمر ابن الحمق ، فقال الصادق (ع) : اعرضه علي ، قلت : دخل على أمير المؤمنين (ع) فرأى صفرة في وجهه فذكر وجعا به فقال له (ع) : إن لنفرح لفرحكم ونحزن لحزنكم ونمرض لمرضكم وندعوا لكم وتدعون فنؤمن ، قال عمر ابن الحمق : قد عرفت ما قلت لكن كيف ندعوا فتؤمن ؟ فقال (ع) : إن سواء علينا البادي - أي البعيد - والحاضر .. فقال الإمام الصادق عليه السلام : صدق عمر )) ..¤بحار الانوار مجلد : 26.

هاتان الروايتان تدلان على إن إمام كل زمان يرتبط بأهل الحياة في زمانه ، فالإمام إمام كل زمان يعيش نبض الحياة عند غيره ، فإذا ضعفت تلك الحياة يستشعرها ويدركها ..( إن لنفرح لفرحكم ونحزن لحزنكم ونمرض لمرضكم ).. وهذه الحالة أعلى من مجرد العلم والشفقة ، لأن الإمام عليه السلام يعيشها ويستشعرها .

💥 الخلاصة :

🔸الحياة الأصيلة هي الدافع للترقي في مراتب الحياة .

🔸القدرة والحياة وجهان لعملة واحدة وكلما كانت الحياة أصيلة كانت القدرة فاعلة في رفع درجات الترقي للحياة .

🔸الحياة الدنيا أدون مراتب الحياة والتعلق بها يعيق الترقي .

🔸فيض الحياة هو الإمام (ع) ونحن نحتاج إلى فيضه للترقي وتحصيل الكمالات .


وصلى الله على نبينا محمد وآله الميامين وسلم تسليما ..



☄✨☄✨☄✨☄

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 08-02-2016 الساعة 05:10 AM سبب آخر: تعديل في النص
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-09-2016, 05:09 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي 🕋أمير الحاج 🕋 .. الحلقة الرابعة

☄🌟☄🌟☄🌟☄🌟☄
سلسلة ..

🕋 أمير الحاج 🕋


🔘الحلقة الرابعة 🔘



✤──◐( خطى الكمال )◐──✤


الحمد لله رب العالمين وأزكى الصلاة وأحسن التسليم على النبي المصطفى الصادق البار الأمين أبي القاسم محمد ..
( السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ في أرْضِه، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللهِ في خَلْقِه، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذي يَهْتَدي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَيُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنينَ، ...اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ... )

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
نبارك لكم أيام هذا الشهر الشريف، أيام شهر رسول الله صلى الله عليه وآله، شهر شعبان الذي أحفه الله عز وجل بالرحمة والرضوان -( أُشيرَ سابقاً في مقدمة هذه الحلقات أنها أُلقيت في أيام شهر شعبان المعظم ١٤٣٢هـ ) - هو شهرٌ كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدأب في صيامه وقيامِه، ولعل المعنى في قيام ومعاملة رسول الله (عليه أفضل الصلاة والسلام) لشهر شعبان بهذا الخضوع لله عز وجل له أبعاد ومعاني؛ ولعل أحد هذه الأبعاد ما كان يهيئه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا الشهر لكي يكون محطة لتكامل الإنسان وسيره لله عز وجل ، لهذا كان الرسول (صلوات الله وسلامه عليه) يحرك الأمة ويوجهها لِتُعِينَهُ عليه.

☄العلة والغاية من إجلال شهر شعبان :

الغاية التي يريدها ويتوخاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) تشمل كل أحباب المصطفى، حيث كان يرسل مناديًا ينادي في الأمة المؤمنة -وأنتم إن شاء الله منهم- : (أنا مُرسل من رسول الله إلَيْكُم) .
إذن هناك غاية وهدف في هذا الشهر المعظم (شهر شعبان)، وهناك برنامج وخطة محمدية لهذا الشهر، وهذه الخطة تتقوم بعبادته (صلوات الله عليه) ، حيث كان يدأب في صيامه وقيامه . ولكن تمام هذه الخطة هو أن نعين المصطفى (عليه الصلاة والسلام) على قيام هذا الشهر .

من خطبة الرسول الأكرم في دخول شهر شعبان :
(أيها الناس أنا رسول الله إليكم، ألا إنَّ شعبان شهري، فرحم اللهُ من أعانني على شهري)
فهل يكون أحد جوانب هذا المعنى إنَّ الإعداد المحمدي لهذا الشهر هو ما كان مرتبطاً بمولد مولانا صاحب العصر والزمان (عج) ؟!! هل إن مسار تكامل الإنسان هو في إعظام وإجلال كرامة الله عز وجل في هذا الشهر الذي تتحقق بولادة سيدنا صاحب العصر والزمان (عج) ؟ !! هل هذا الإعظام والإجلال لله عز وجل ينطلق من التبعية والسير مع مولانا صاحب العصر والزمان (عج) الذي تكون ولادته في هذا الشهر؟ لعل هذا الأمر يأخذ منا المزيد من التدبر !!!

☄ السير نحو الكمال :

ونواصل الحديث من حيث توقفنا من مراتب الحياة ودرجاتها وما أشرنا إليه من معنى الحياة (وهي المرتبة الرابعة) ، ثم نحاول استنتاج علاقة ارتباط هذه الحياة بعين الحياة وهو الإمام الحجة (عج) ( السلام عليك يا عين الحياة .) .

قبل ذلك نستعرض بشكل مختصر مراتب الحياة التي تحدثنا عنها سابقًا وهي :
🔹المرتبة الأولى : الحياة الحيوانية :
ذكرنا أن أول حياة ممكن أن نتعرف عليها مما نستوحيه من كتاب الله عز وجل هي الحياة الحيوانية، وهي الدرجة التي قوامها الرغبات والإحساس والعلم الجامع للإنسان وغيره من الموجودات الحية.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ {12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ {13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ {14}) سورة المؤمنون: (12-14)
هذه الروح التي تنبعث في الإنسان وتنبعث أيضاً في سائر المخلوقات الحية الحيوانية، وإن كانت بدرجة أعلى و أكثر قدرةً وإحساسًا وعلمًا في الإنسان، ولكن تبقى هناك جهة مشتركة بينهم في هذه المرتبة من الحياة .

🔹المرتبة الثانية : الحياة الإيمانية :
ثم ذكرنا الدرجة الثانية، وهي تعتبر أن مرتبة الحياة الأولى موت بالنسبة إليها، فإذا قورنت الحياة الأولى بالحياة الثانية سنجد أن هناك فرق بين من هو فوق القبر ومن هو تحته !!

{إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖوَمَا أَنت َبِمُسْمِع ٍمَّن فِي الْقُبُورِ} سورة فاطر: (22) الإنسان الذي لا يسمع دعوة الله ولا يستجيب لها ولا لشريعته، ولا يؤمن بدينه ولا يتوجه للحقائق الربانية ولو بالمقدار المشترك بين الإنسان المؤمن المسلم لله عز وجل وبين سائر أفراد المسلمين، هذه الحالة المشتركة تشكل فرقًا بينه وبين الإنسان الذي تجمدت حركة وجوده على المرتبة الأولى *{إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ} ..وأما الذين لا يستمعون {مَا أَنت َبِمُسْمِعٍ} هؤلاء الأموات الذين هم في القبور يكونون في مرتبة الحياة الثانية، فالإنسان إذا آمن بالله وكتابه ورسوله انفتحت له حياة غير الحياة الأولى.

🔹المرتبة الثالثة : الحياة الطيبة :
وهي حياة فوق مرتبة الإيمان الأولي وفوق مرتبة التسليم والقبول الأولي، ولا يصل الإنسان إلى هذه المرتبة إلا إذا تطابقت أعماله وسيرته ورغباته وآماله ورجاؤه وخوفه ومشاعره مع الإيمان بِالله، فصارت أعماله طبقاً للإيمان بالله عز وجل {مَن ْعَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً..} سورة النحل: (97).


🔹المرتبة الرابعة :
نأتي إلى المرحلة التي توقفنا عندها وهي المرتبة الرابعة .
قال تعالى: {قالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} سورة غافر: (11) هذه الحياة الدنيا حتى وإن وفق الإنسان فيها للترقي في المعرفة، إلا أنها تبقى مقيدة بقيود الإدراك الحياتي بضيق هذه الحياة، فهي ضيقة بتماس إلتقاطها، فالإنسان في هذه الدنيا يلتقط فقط جزءًا من الوجود، ومستوى معين من الإدراك، فإذا مات وتقطعت قيود هذه الشبكة التي تحيط به من أحاسيسه ومشاعره وارتباطه بالمادة والمال والجاه، تقطعت قيود المادة والظرف والزمان والمكان وتفكك هذا النسيج المحيط به، وانطلقت روحه من هذه القيود حتى ترتقي إلى المرحلة الرابعة من مراحل الحياة، وحينها سينكشف له الحق والحقائق ويرى أهل الحق على حقيقتهم وأهل الباطل على باطلهم .

الإنسان أول ما يقابله في موته هو أنه يرى حقائق أهل الحق ومقاماتهم ومقامات الأنبياء والأولياء والأوصياء. الإنسان في أولى نقاط حركاته إلى الآخرة - سوف يلاقي قبل ذلك منكرًا ونكيرًا اللذين سيحاسبانه - سيلاقي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي وفاطمة والأئمة الميامين عليهم السلام ؛ وهنا ستنفتح له حياة أخرى يرى فيها أن كل هذه الأمور المادية (التي كانت في الحياة الأولى) لا تساوي شيئاً .
يسأل بعضهم الإمام الصادق عليه السلام يقول: (يا ابن رسول الله الأحاديث المروية عنكم تقول إن الإنسان المؤمن لا يموت إلا الله عز وجل يسره ولا يجبره على الموت ، ونحن نرى مع ذلك المؤمن يعاني من الموت ويتمنى أن يبقى في هذه الحياة !! ) يقول الإمام صلوات الله عليه أن أول ما ينفتح بصر الإنسان في عالم الآخرة فيرى رسول الله يرحب به ويحييه، ويرى علياً عليه السلام، ويرى فاطمة و الحسن والحسين فلا تعود له رغبة للعودة إلى هذه الدنيا ولا لنعيمها وأموالها، وينفض يديه في هذه الحالة .. فهل نرى إنسانًا يفتح الله له رؤية أنوار الأولياء (عليهم السلام) ومقاماتهم ثم يرغب في العودة لهذه الدنيا ؟!!
هذا كلام الإمام الصادق صلوات الله عليه يقول بما معناه (أترى أن الإنسان إذا فتح الله عز وجل له بصره على هذه الحقائق يرغب في العودة إلى هذه الدنيا.. إلى هذا العالم المليء بالكدورات والنقائص ؟!)

المؤمن لا يموت إلا وفتحت له البصائر فيرى حياة جديدة ويبصر واقعًا جديدًا .. نعم بلا شك هذا لا يتنافى مع أن الإنسان سيحاسب على صغير عمله، وأنه سوف يشعر بالأسف والألم إذا قصر في الحقائق الدينية والشرعية، وقصر في أداء الحقائق الربانية والشريعة الإسلامية. ولكن على كل حال فإن السرور الذي يدخل قلبه حينما يرى ما عند أهل الحق من مقام وجاه ومرتبة عند الله، وأنه لاحق بهم وتابع لهم وأنه معهم ويسير إلى جوارهم (عليهم السلام) فهذه حياة جديدة ومرتبة جديدة من مراتب الحياة .و حينما نتحدث عن مرتبة جديدة من مراتب الحياة لا نتحدث عن تغير جزئي، كالفرق مثلاً بين الغني والفقير في الحياة الدنيا، أو الفرق بين المعافى والمبتلى، بل يكون كالفرق بين الأرض والسماء إلى درجة أن الروايات تنقل لنا أن هذه الحياة الدنيا اذا قورنت بما فوقها ليست إلا كالنقطة في البحر .
حينما تتبدد أوهام هذه الحياة الدنيا نحزن على فقد الإنسان المؤمن، ويحزننا فقد أحبابنا وأصحابنا وأشخاص تعلقت قلوبنا بهم، وشعرنا بالأنس معهم .. ولكن لو علمنا ما يفتح لهم من أبواب الرحمة والخير لكنا نتمنى أن نكون معهم وفي جوارهم ونقضي وجودنا في الإنضمام إليهم .


يتبع⤵

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 08-09-2016 الساعة 05:40 AM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08-09-2016, 05:19 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي تابع الحلقة الرابعة ..

🔹المرتبة الخامسة : حياة الشهداء:
قال الله عز وجل {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} الإنسان الذي يُقتل في سبيل الله عز وجل حي ، ولا شك في أن هذه الحياة هي درجة تختلف عن درجة الأموات المؤمنين ،وإلا كانوا سواء ولن يكون لكلمة (أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) فرق بين الشهيد وبين غيره، فلو كان كل إنسان يموت يصبح في حياة مثل حياة الشهداء لما كان هناك معنى في قوله تعالى : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء) .
هناك حياة أخرى فوق الحياة البرزخية التي ينالها الإنسان العادي وفوق الحياة التي ينالها المؤمن الصالح الذي ينال درجة من درجات الحياة بعد موته ، إن المؤمن الذي يقتل ويستشهد في سبيل الله يكون له المقام الذي يعتبر تلك الحياة - الرابعة -بالنسبة له أقل وأدون درجة ومرتبة من مرتبة الشهيد، بحيث يصدق أنه ميت بالنسبة له ، ولا يستطيع الإنسان المؤمن الصالح أن يدرك مرتبة الشهيد وحياته وأحاسيسه ومشاعره لأنها غير موجودة بالنسبة لديه، لأنه هو في الحقيقة فاقدًا لها ، فحياة الشهيد أرقى بمراحل كثيرة، وهذا مما خص الله عز وجل به الشهداء الذين يقتلون في سبيله.
قد يقول البعض بأننا قد لا نوفق للشهادة في سبيل الله، ولكن نقول لهم لا زال لدينا أمل ورجاء لا ينقطع من الله عز وجل بنيل نصيب من الشهادة.
الحديث المؤكد من رسول الله صلى الله عليه وآله : (ألا مَنْ مَاتَ عَلَى حُبّ آل مُحَمَّد مَاتَ شَهِيدًا ) المصدر: الأربعين في مناقب أمير المؤمنين. نحن على أمل أن ندرك هذه الحياة، وأيضاً على أمل أن نرقى إلى مستواها . فاذا تعلقت قلوبنا بالحسين وآله وأحببنا أن نقدم حياتنا في سبيل الله عز وجل فلن يحول شيء بيننا وبين الوصول لنصرة صاحب العصر والزمان !!
ورد في الروايات : (الْمُنْتَظِرُ لِأَمْرِنَا كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) المصدر : بحار الأنوار/ ج 52 ص 123 .
هذه الأحاديث إذا تبصرنا فيها لوجدنا أنها تجعل الإنسان الذي تمام رغبته في نصرة دين الله والكون مع الحسين عليه السلام ، يكابد مشاعر الألم في حب محمد صلوات الله عليه وآله ، وهؤلاء المؤمنين المساكين الذين يقتلون لسبب واحد وهو ولائهم لمحمد صلوات الله عليه وآله وتضيق عليهم الحياة ومواردها ويضطهدون ويحبسون ، هؤلاء لديهم رغبة صادقة في أن يكونوا أنصارًا وأعوانًا لرسول الله صلى الله عليه وآله، و أنصارًا للزهراء عليها السلام فيما جرى عليها، وأنصارًا لأمير المؤمنين والحسن عليهم السلام، ورغبتهم أن تكون دماؤهم قد سُفكت في ساحة كربلاء مع الحسين صلوات الله وتعالى عليه، ومن أحب عمل قوم حشر معهم ؛ فلعله إذا صدق منا ذلك الحب وصدقت الرغبة وصدق القرار منا في أن نكون مع محمد وآله مدافعين عنهم ومحامين عن دينهم، لعلنا ننال درجة هذه الشهادة ( ألا مَنْ مَاتَ عَلَى حُبّ آل مُحَمَّد مَاتَ شَهِيدًا ) و نصبح في مرتبة هؤلاء، ولعلنا ننال هذه المرتبة التي تتحدث عنها هذه الآية : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} .
هذه المرتبة الخامسة من مراتب الحياة التي يأمل الإنسان إذا صدق أن يترقى في وجوده البهيمي إلى الموجود المؤمن ، ومن الموجود المؤمن إلى صاحب الحياة الطيبة ، ومن صاحب الحياة الطيبة إلى الموجود الذي يعيش في عالم البرزخ سعيدًا مسرورًا بلقاء محمد وآله (صلوات الله عليهم أجمعين) ، وأن يرتقي مع الشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون، ويالها من كرامة.!! ..فأحياء هذه الدرجة من الحياة عند ربهم يرزقون ؛ أي أن ما لديهم من الرزق لا تمسه وسائل العطاء عند ربهم . ألا ترى الإنسان إذا كان في دار الكريم لا يبالي، فاليوم توجد كرامة وقد لا توجد غدًا ، أما في حياة الشهداء فهناك كرامة مستديمة وحال من العطاء والرحمة ومن الفيض الرباني الذي لا ينقطع لأنه عند ربه يُرزق .

🔹المرتبة السادسة من مراتب الحياة :
الدرجة السادسة من الحياة نشير إليها الآن ونترك التفاصيل عنها - إن شاء الله - في الحلقة القادمة من هذه السلسلة. ولكن نستعرض هنا مقدمة توضيحية عن هذه المرتبة ، خاصة وأنه قد قربنا من الليلة الخامسة عشر وهي ليلة ولادة سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان (عج)، فمن المناسب أن نعرف هذه الحقيقة المرتبطة به عليه الصلاة والسلام - (حيث صادف إلقاء هذه المحاضرة قرب الليالي الخاصة بولادة صاحب العصر والزمان)- ونأمل من خلال الدرجة السادسة من درجات الحياة أن يتضح لنا معنى عين الحياة.

يمكن الاستفادة من الدرجة السادسة أنها هي المرتبة الأخيرة قبل الآخرة وقبل الحياة الأبدية، وهي حياة الآخرة ؛ وإن شاء الله سوف نتعرض إليها .
يمكننا أن نستظهر مسألة نشير إليها في هذا الدرس، وهي أن الحياة الآخرة متوقفة على دور مهم ، ولكن قبل ذلك يجب أن نأخذ مقدمة مختصرة .
الحياة السادسة وإن كانت لها خصوصية الارتباط بالإمام صاحب العصر والزمان (صلوات الله وسلامه عليه) إلا أن جميع مراتب الحياة السابقة هي من فيض فضله (صلوات الله وسلامه عليه) ، وذلك بدءًا من الحياة العامة المشتركة بين الموجودات إلى حياة الإيمان إلى الحياة الطيبة إلى حياة البرزخ للصالحين إلى حياة الشهداء، فكلها لها منبع واحد ومنطلق واحد، فهو صلوات الله وسلامه عليه عين كل حياة، ومصدر كل علم، و كل بركة وسرور وبهجة . وقد علمنا أن الحياة حقيقتها العلم والإحساس والفرح والسرور والسعادة والإدراك التام والبهجة الكاملة . هذا هو المنبع الحقيقي لكل درجات الحياة، حتى لمن لم ينضج عنده الإدراك لدور الإمام (صلوات الله وسلامه عليه).
لا نقول حتى من لا يدرك أصلًا وجود الإمام صلوات الله عليه ، لأن كل الموجودات في الأساس لها ارتباط بشكل أو بآخر به، ولكن بعض الموجودات يكون ارتباطها شكليًا وضعيفًا، وبعضها يتغافل عن هذا الارتباط وينساه، ولكن بشكل عام كل الموجودات تتنعم بفضل هذا السيل الطاهر للحياة الذي ينبثق من وجوده صلوات الله عليه.

بعد هذه الإشارة المختصرة ... فالمرتبة السادسة هي حياة خاصة بوظيفة الإمام (صلوات الله وسلامه عليه)، وهي شرط في تمام الوجود والتكامل الوجودي للإنسان . وكما يظهر ويمكن أن يستفاد أنها شرط في بلوغ مرتبة الحياة الأخروية، قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: (لا تقوم الساعة حتى يخرج المهدي من ولدي) وقال صلى الله عليه وآله : (لا تقوم الساعة حتى يقوم القائم الحق منا) المصدر : ذخائر العقبي.
لماذا عبرنا عن هذه الحياة بأنها حياة فقط ؟؟.. قبل أن نتحدث عما أشرنا إليه سابقًا من أن هذا البحث لم نجد له مرجعًا ولا معينًا على التوجيه، وإن كانت مقاصده موجودة في سائر كتب العلماء وبالأخص في مدرسة أهل البيت السليمة المحققة، حيث يوجد إشارات إلى هذه المعاني وهذه المراتب من الحياة، ولكن في الحقيقة هذه التقسيمات وهذه المراتب لا نجد مرجعًا واضحًا لها، فإذا تلقيتم أو تقبلتم هذه الدروس فنرجو منكم أن تأخذوها بمأخذ التحقيق والحاجة مع المزيد من التعمق والإلتفات في معانيها.
لماذا المرتبة السادسة هي الحياة الجديدة وليست درجة مستمرة؟ وقد نقول أن فلان غني وفلان أغنى من فلان ، فلان لديه ألف وفلان لديه ألفين، ولكن هل نسمي من هو غني أعلى مرتبة أو أنه في مرحلة أخرى أكثر ارتقاءً ؟.. لابد أن يكون الفارق جوهريًا أصليًا ذاتيًا وليس فقط تغير في درجة من الدرجات.
خروج الإمام (صلوات الله عليه) والإلتزام به ليس تحسينًا شكلياً أو ظاهريًا، ولا تغييرًا في الناس من فئة حاكمة إلى محكومة ، وليس تغييرًا من حكم اليهودية والمسيحية إلى حكم تطبيق الشريعة الإسلامية، وكذلك ليس الفارق فقط تأثير في الوجود المادي في الناس، بل إن خروجه (صلوات الله عليه) وثورته هي حال جديدة أعلى درجه من كل ما عداها من مراتب الحياة السابقة، وأعلى درجة من الحياة البهيمية و الحياة الإيمانية والحياة الطيبة، بل أعلى درجة حتى من درجات البرزخ ودرجة حياة الشهداء .. لأن خروجه (عليه الصلاة والسلام) مرتبط بمصدر ومنطلق كل الحياة، جميع الأنبياء صلوات الله عليهم نوح، إبراهيم، موسى وعيسى... أرادوا أن يأخذوا بيد الناس إلى هذه الحياة، لكن حكمة الله عز وجل اقتضت أن يؤجل هذا المنقذ والمخرج إلى ابن المصطفى (سلام الله وصلواته عليه) لكي تتحقق على يديه رغبة الأنبياء ومشروعهم .
وقد قلنا أنه من المحتمل أن يكون مشروع شهر شعبان المعظم هو المشروع المهدوي، مشروع يمكن أن يتحقق فيه رغبة الرسول الله (صلى الله عليه وآله )-بخروج الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف)- هذه الرغبة التي انطلق منها الأنبياء وجاهدوا في سبيلها، و هي أن يبلغ الإنسان المرتبة الكاملة من الإحاطة والعلم والإدراك ومشاعر السعادة و السرور وبلوغ المرحلة الأسمى من رضوان الله عز وجل.

💥 الخلاصة:
🔸توضيح المسير نحو الكمالات في مراتب الحياة .

🔸وعي الانسان يتغير في مراتب الحياة .

وصلى الله على نبينا محمد وآله الميامين وسلم تسليما. .

☄🌟☄🌟☄🌟☄🌟☄

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 08-09-2016 الساعة 05:39 AM
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 08-26-2016, 05:30 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي 🕋أمير الحاج 🕋 .. الحلقة الخامسة

🌟☄🌟☄🌟☄🌟☄

سلسلة ..

🕋 أمير الحاج🕋


🔘الحلقة الخامسة🔘


✤──◐( سراج الحياة )◐──✤


بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
( السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ في أرْضِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللهِ في خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذي يَهْتَدي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَيُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ، .... اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ... )


وصل بنا الكلام إلى الدرجة السادسة من درجات الحياة، وهل أنها تحقق مطلب إن الإمام الحجة صلوات الله عليه (عين الحياة) ؟! ونشير أيضا إلى أن الدرجة السابعة هي عالم الآخرة.
أما الحديث الآن فسيكون عن المرتبة السادسة من مراتب الحياة.

☄ الحياة التامة :
قد حاولنا في الدروس الماضية تعريف الحياة وتوضيح الفرق بين كل مرتبة وأخرى، ومتى يصح القول إن هذه مرتبة أخرى من مراتب الحياة ؟؟
وأشرنا إلى أن حقيقة الحياة هي العلم والرغبة والإرادة (وتسمى في وقتنا الحاضر بالعلم والطاقة) حيث يكون للإنسان رغبة وطاقة وقدرة على التأثير فيما حوله.
لو تدبرنا في مراتب الحياة لوجدنا أن كل مرتبة جديدة يجب أن تتخذ درجة من العلم والطاقة بحيث يعد تركها وفقدانها موتًا وفقدانًا للحياة. وبهذا المنظور فإننا لا نجد تغيرًا في حقيقة الإنسان من حيث علمه و رغباته و قدراته وإرادته أوسع وأكثر شمولًا مما يفيضه الإمام (عج) على هذا الوجود وعلى المؤهلين والقابلين لهذه المرتبة من التغير .
ويجدر بنا أن نشير أولًا إلى هذا النحو من التغيرات التي يمكن أن تُعتبر حياة جديدة وعالم جديد من مراحل الوجود الإنساني وذلك من خلال عدة عناصر:

🔹العنصر الأول :
أنه في عصر ظهور الإمام (عج) تتوفر كل الرغبات والاحتياجات الإنسانية المادية بما يحقق مرحلة الرخاء التي يتطلع لها الإنسان، منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في هذا العالم وهو في سعي مستمر لتوفير المسكن والمأكل والمشرب والمال وغيرها من الاحتياجات الإنسانية المعهودة، وفي زمان الظهور سوف يسهل توفر هذه الاحتياجات بدرجة لم يعهدها الإنسان من قبل، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي المال بغير عدد) وقال صلى الله عليه وآله : (إنه سيُخرج الكنوز ويُقسم المال وسوف يستتب الأمن والسلام والرخاء والوفرة وتخرج له الأرض كنوزها حتى لا يجد الإنسان موردًا يصرف فيه صدقته وحتى أن الإمام عليه السلام يحثو المال حثوًا للناس ولا يعده عدًا) المصدر :كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب .

هذه الدرجة من توفر كل الحاجات الإنسانية تشير إلى أن هناك مرحلة جديدة من الرغبات والمتع والسعادة، لتتحقق مرحلة جديدة من الرخاء يتطلع إليها الانسان.

🔹العنصر الثاني:
تحقيق حلم الإنسانية بإقامة دولة العدل المطلق وتحقيق العدالة في كل المستويات ونبذ الظلم.
إن الإمام المهدي صلوات الله عليه يقيم العدل المطلق الذي حلمت به الإنسانية طوال تاريخها، فالعالم لا زال يعاني من الجور وتسلط البعض على الآخر، ومن النزاعات حول مصادر المال والثروة والسلطة التي لم تتوقف يومًا من الأيام، أما في زمان ظهوره وحكمه (عج) يقول الإمام الصادق عليه السلام : (يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داوود وسليمان لا يسأل بينة) المصدر : كتاب الكافي.
فالإمام غايته الأولى أن يملأ الأرض قسطًا وعدلًا فلا مجال أن يُظلم أحد .
تنقل لنا الروايات أن داوود عليه السلام أقام الحكومة الإلهية لفترة محددة من الزمن، ولم تكن البشرية في ذلك الزمان قابلة أو مهيئة لحكمه وإن كان نبيًا آمن به الناس، لكن نفروا من حكمه حين حكم خلاف ذوقهم و رأيهم وخلاف ما لديهم من العلم. كما تنقل لنا الروايات أن داوود عليه السلام لم يتمكن من تطبيق هذا العدل والحكم إلا في فترة محدودة وفي مكان محدود وقضايا محددة؛ أما في دولة الإمام صلوات الله عليه فسوف يمتد حكمه العادل في أرجاء هذا الكون، ليشمل الأفراد وعلاقتهم وتعاملاتهم ببعض، بل يشمل سائر الأمم والدول العالمية، وكل ما يمس جوانب التعاملات البشرية سوف يكون محكومًا بالعدل سواء في التجارة، أو المعاملات، أو العلاقات الفردية، أو الدولية، مثلًا علاقة الأب بأبنه أو علاقة المرأة بزوجها ، وكذلك في غيرها من العلاقات التي لا يمكن لأي أحد أن يتجاوزها، وإلا لكانت يد الإمام عليه السلام حاكمة ومجبرة لكل ظالم للعود إلى الحق والرضوخ إليه. فهل البشرية مؤهلة وقابلة أن يطبق عليها العدل بصورته التامة والكاملة في دولته (عج) ؟؟!!

هذه الدرجة من هيمنة العدل الإلهي على الناس ليست حالة طبيعية ولا حالة يمكن أن نقيسها أو نتصور أثرها في سائر معاملات الناس؛ هل يمكن أن نتصور أنه لا يستطيع أحد الكذب على الآخر ؟! لأن الكذب نوع من الظلم، والظلم في زمانه(عج) مرفوع حيث سيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا .
إذن كل أشكال الظلم والمعاملات الخاطئة سوف يمحوها الإمام عليه السلام ويقيم العدل على أعلى مراتبه ودرجاته.

🔹العنصر الثالث :
بلوغ الناس ووصولهم في العلوم والمعارف لأعلى المراتب وذلك في عصر الظهور،
إنه صلوات الله عليه سوف يبلغ في تعليم الناس ووصول حكم الله عز وجل إليهم إلى الحد الذي تستطيع حتى المرأة في خدرها والتي ربما لم تزاول درسا خارج بيتها، أن يكون مقامها العلمي كأعلى مقام عرفه الناس في هذه الأزمنة .
نحن نتصور أن أعلى درجات العلم هي عند علماء الفلك والفيزياء والكيمياء أو علماء الدين والفقه ، بينما ستكون المرأة في دارها أعلى في مرتبتها العلمية من علماء زماننا هذا وأكثر قدرة على تقدير الأمور والإفتاء وتحديد حكم الله وشرعه ، بل إن سائر المعارف التي تحتاج لها الإنسانية سوف تكون متوفرة في زمانه (عج) ، وقد ورد في الروايات ( أن الملائكة تنزل إلى المؤمنين وتسألهم عن بعض المعارف التي تعجز الملائكة عن الوصول إليها ) .. إلى هذه الدرجة سوف يكون للإمام صلوات الله عليه أثر في نفوس البشر وتعليم الناس وإقامة الحق والعدل .
نقرأ هذه الرواية عن الإمام الحسن صلوات الله عليه كما ينقل في كتاب الاحتجاج وفي كتاب إثبات الهدى، بعد ما حصل في زمانه من طغيان حكم بني أمية وأمثالهم حتى انتشر ظلمهم وظن الناس أن الأمور قد دانت لهم وسلمت لهم.
يقول عليه السلام : (حتى يبعث الله رجلا في آخر الزمان، وكلب من الدهر، وجهل من الناس، يؤيده الله بملائكته، ويعصم أنصاره، وينصره بآياته، ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعًا وكرهًا، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا، ونورًا وبرهانًا ، يدين له عرض البلاد وطولها، لا يبقى كافر إلا آمن به ولا طالح إلا صلح ، وتصطلح في ملكه السباع ، وتخرج الأرض نبتها، وتنزل السماء بركتها ، وتظهر له الكنوز ، يملك ما بين الخافقين أربعين عامًا، فطوبى لمن أدرك أيامه، وسمع كلامه ) الاحتجاج2: 290 .. هذه الصورة التي يشرحها الإمام الحسن عليه السلام ويوضحها هي في المرتبة التامة ، ربما لو كنا نتوقف عند كل فقرة من معاني هذه الرواية لكان الأمر جديرا بنا ، ولكن نثق إن شاء الله بتتبعكم لهذه المطالب .

🔹العنصر الرابع :
أن الإمام عليه السلام سيقضي على جذور الإنحراف من أصلها، فقد ورد في الرواية أنه يقتل في زمانه إبليس. الشياطين التي تشكل الخط الأساسي في إغواء الناس وإضلالهم سوف يرتفع دورهم و ظلمهم .
نحن نعلم أن الشياطين تغل و يتوقف نشاطها لمدة ثلاثين يوما ببركة شهر رمضان الكريم، حيث تصبح الشياطين عاجزة عن العمل وإغواء الناس، و لكن قبل وبعد هذه المدة- شهر رمضان- تستأنف و تمارس عملها في الإغواء والوسوسة. نعم ما يقع من ضلالة وفتن للناس خلال شهر رمضان هو استمرار لعاداتهم و نفوسهم المريضة، وليس إغواء جديد من إبليس. و ما نشاهده اليوم من مسلسلات فاسدة تعد وتهيء قبل رمضان حتى إذا جاء الشهر الكريم تكون مخازن الفساد ممتلئة عندهم . نعم إن من ظل بركات شهر رمضان أن تغل الشياطين ثلاثين يوما ومع ذلك نرى أثرها في نفوس المؤمنين و إقبالهم على الله عز وجل .
أما في زمانه (عج) ليس هناك غل ولا ربط للشياطين، وما سيكون هو قضاء على الشيطنة من أصلها فلا يعود لإغواء إبليس أو وسوسته و إغراءاته أي وجود، سواء من أبالسة الإنس أو الجن!! بل سيقعون في هيمنة ملكه عجل الله فرجه وسينتهي دورهم ، فقتل إبليس يعني أنه لن يوجد في زمن ظهوره (عج) ما يمد الناس بمادة الفسوق والعصيان المحرم، وسوف تكون هناك نفرة طبيعية وأصلية عند الإنسان من المحرمات.

يتبع⤵

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 08-26-2016 الساعة 05:56 AM
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 08-26-2016, 05:40 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي تابع الحلقة الخامسة ..

🔹العنصر الخامس:
من القرائن والعلامات الدالة على أن هناك حياة جديدة سوف يبثها الإمام عليه السلام هو أنه سيقضي على كل الأكاذيب والإدعاءات والمذاهب المزيفة. نحن نعلم أن الإنسان الفاسد الضال عبر مئات بل آلاف السنين استطاع أن يصنع جبالًا من الكذب وأن يزيف الحقائق والمبادئ، حتى أصبحنا نعيش اليوم تحت ظل أكاذيب تراكمت وتعددت وتطورت واتخذت أشكالًا وأنواعًا مختلفة.
نحن اليوم نواجه كذبًا بدأ منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وتراكم إلى يومنا هذا حتى صنع جبالًا من الكذب هيمنت على الكرة الأرضية.
ولعل جبال الكذب أثقل وزنًا وأشد أثرًا من جبال الصخور التي عرفها الإنسان، وكثيرا ما عملت هذه الأكاذيب والخدع التي اخترعها الإنسان وزيفها عبر مئات السنين على تضليل البشر حتى اتبعوها وصدقوها، ومنها التشويهات التي زيفت عن أهل البيت عليهم السلام والعلماء ، وإذا نظرنا إلى هذا الجانب سوف نجد أن المسالة واسعة جدًا ، فالكذب والتزوير لا يكاد يترك زاوية من زوايا حياة الناس إلا شغلها وملأها… نحن اليوم لدينا الكثير من الاشتباهات والتصورات الخاطئة عن الآخرين ، والسبب في ذلك هو تراكم هذه الصور المزيفة والمفاهيم والمعاني التي تم تشويهها في عقول الناس .. ولكن كل هذه الأكاذيب سوف تنهار على يديه (عج) وفي ظل دولته الكريمة ، وسَيكشف المنافقين أمام العالم ويحاكمهم ويعاقبهم، وما هذا إلا للإطاحة بالزيف والتحطيم للصور المزيفة.

🔹العنصر السادس:
ولعلها أشد العلامات وأقربها وضوحًا إلى أن الحياة في زمانه عليه السلام هي أعلى درجة يمكن أن تصل إليها البشرية قبل ظهور عالم الآخرة. وتؤكد روايات أهل البيت عليهم السلام على مسألة العودة والرجعة بعد زمانه لمن محض الإيمان محضًا، ولمن محض الباطل محضًا. الإنسان الذي تعلقت حياته ورغباته وأمانيه بمولانا صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه وتعلق قلبه بالحق، سوف يفتح له الإمام عليه السلام أبواب الإلتحاق به، وهؤلاء الذين محضوا الظلم والتجبر والعدوان سوف يعيدهم عليه السلام إلى الحياة ليؤدبهم ويعاقبهم.
هذا النحو من الحالة الوسطية بين عالم الموت والبرزخ وبين عالم الإنسان من قرب الحياة في زمانه إلى عالم الحقيقة الكاملة، إلى عالم الرجوع والذهاب والإياب ما بين الحياة و الموت .. هذه القدرة و الإمكانية للإنتقال من عالم الحياة إلى عالم الموت كما يظهر في الروايات أنه يعرض على المؤمنين الأموات نصرته في زمانه، فمنهم من يقبل ويريد العودة ومنهم من يفضل أن يبقى في عالم الموت والبرزخ. وهؤلاء الأموات الذين يعرض عليهم (عليه السلام) نصرته ليس فقط القريبين من زمن ظهوره، بل ستعرض نصرته على الأمة المحمدية وأيضًا على المؤمنين المخلصين من أتباع نوح و إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وكل من كان مخلصًا مطيعًا مطبقًا لإرادة السماء وإرادة الله سيفتح له في زمان الإمام عليه السلام فرصة العودة. وهذه الحالة من خصائص زمانه (عج) حيث تكون الحياة مطلة على عالم الحق وستفتح نوافذ المعرفة الكاملة بابًا واسعًا مشرعًا يرى الإنسان الحقيقة على أتم وأكمل وجه .
وبمجموع هذه الملاحظات يتبين لنا الدور الذي يقوم به الإمام عليه السلام هو مرحلة جديدة ومرتبة جديدة ودرجة جديدة من درجات الوجود الإنساني علمًا وإيمانًا وطاقة ومعرفة ورغبة وإمكانيات وحالات روحية ومعنوية يمكن أن يعد كل ما سبقها موتًا بالنسبة إليها.

وكل من يفقد هذه الحالة التي في زمانه عليه السلام يعد فاقدًا لهذه الدرجة، ويعد في مرتبة أدون وأقل من هذه المرتبة، حيث أننا على ضفاف ليلة مولده (عج) ولا بأس أن نشير لبعض التمنيات الروحية التي يعيشها المؤمنين والمخلصين في شغفهم و ولائهم ومحبتهم له عليه السلام.
من الشعر الذي ينسب إلى الشيخ البهائي قدس الله روحه في تصوره لهذه العلاقة بالإمام عليه السلام وفي تصوره لهذه الرغبة القوية الكامنة في وجود الإنسان المؤمن، يقول ذلك العالم الجليل :

(لعله كان في نظره وتأمله أن وادي قباء من أماكن وجوده عليه السلام) .
يا رعاكَ اللهُ يـا ريحَ الصَّبـا
إن تَجُزْ يوماً على وادي قُبـا
سَلْ أُهَيلَ الحيِّ في تلك الرُّبا
هَجْرُهُم هذا: دَلالٌ أم مَلالْ ؟



الإنسان الذي يبتعد عنك ولا تراه قد يكون ابتعاده عنك نوع من التدلل أو نوع من الحالة المؤقتة، وهو يريد أن يعود إليك وأنت مؤهل للقياه.. ولكن هل هذه الحالة من تمني صعودك إليه(تمني أن تكون قابلًا للقياه) ممكنة أم هذه حالة نائية بالنسبة لنا ؟! ..
أم أنك يامولاي قليتنا ومللتنا ؟ هل نحن لسنا أهلًا لهذا اللقاء ؟
هذا الابتعاد الذي طال زمانه .. فإلى متى ؟؟ .. هل لنا سبيل وهل لنا وسيلة كي نصل إلى هذه الحالة؟؟ .. هل هناك أمل ورغبة بأن نبقى ننتظر*أم إننا يامولاي لا نمتلك هذا الاستعداد ولا نمتلك هذه القابلية ؟؟! ..
ويقول شاعر آخر _و لعل هذين البيتين ممن احتار الناس في نسبتهم فالبعض قال إنهما لأعرابي أنشدهم بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فظهر عليه صلوات الله عليه أثر ذلك الانفعال حتى سقط رداءه كما ينقلون في كتب الصوفية . ولكن الأقرب أن هذه الرواية غير تامة وغير صحيحة خصوصا وأن عباراتها لا نجدها في لسان العربي الذي عاش في زمن الرسول صلى الله عليه وآله ، ولكني وجدت هذين البيتين مع بيت ثالث في ديوان الإشراق للفيلسوف السهروردي يقول:

بِكُلِّ صُبحٍ وَكُلِّ إِشراق
تبكيك عيني بِدَمع مُشتاقِ
قَد لَسَعت حيّة الهَوى كَبدي
فَلا طَبيب لَها وَلا راقي
إِلّا الحَبيب الَّذي شغفت بِهِ
فعنده رقيَتي وَترياقي



نسأل الله أن نكون ممن ذاق هذه المحبة والهوى وهذه الرغبة ونرى دواءنا وترياقنا بيده عليه السلام، وتكون حياتنا إن شاءالله في خدمته وفي تهيئة نفوسنا وأرواحنا وإمكانياتنا وتعليم أبناءنا ومجتمعنا، وأن نكون جنود مجندين بين يديه(عج) .

💥 الخلاصة :

🔸الحياة في زمن الظهور تمثل أعلى مرتبة تصل إليها البشرية في الدنيا قبل الأخرة.

🔸العناصر والأسباب التي تميز الحياة في عصر ظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف عن غيرها .

🔸الفوز بنصرة الإمام، والتمتع بالحياة في زمن الظهور يشمل بعض الأفراد من الأزمنة السابقة لعصر لظهور .
.


وصلى الله على نبينا محمد وآله الميامين وسلم تسليما ..
🌟☄🌟☄🌟☄🌟☄

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 08-26-2016 الساعة 05:50 AM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09-04-2016, 04:58 PM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي 🕋أمير الحاج 🕋 .. الحلقة السادسة والأخيرة

☄🍀☄🍀☄🍀☄🍀☄🍀☄🍀
سلسلة ..

🕋 أمير الحاج🕋


🔘الحلقة السادسة🔘



✤─◐( وأشرقت الأرض بنور ربها )◐─✤


بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم .
( السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ في أرْضِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللهِ في خَلْقِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذي يَهْتَدي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَيُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ، .... اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ... )


وصلنا إلى الحلقة السادسة والأخيرة .. حيث كان‏ حديثنا في الحلقات السابقة عن أن الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف هو (عين الحياة) و مصدر ومنبع كل الكمالات التي تمثلها الحياة ، كالعلم والإدراك والمعرفة الكاملة اليقينية والرغبات الأتم والأكمل، وبلوغ الإنسان كامل أمانيه ورغباته. كما أشرنا إلى أن الحياة بهذا المعنى لها مراتب متعددة، وأسمى هذه المراتب هي مرتبة الحياة في زمن ظهوره (عج)، بل لعل هذه المرتبة في الحقيقة إن صح تصور المعنى هي حالة وسطية بين الحياة ما قبل الآخرة وحياة الآخرة، وهذه المرحلة هي أسمى درجات الحياة في الدنيا، وبفضل بركاته ونوره يمكن للبشرية والإنسانية أن تتعرف على هذه المرتبة من الحياة .
وحتى تتضح لنا صورة هذه المرتبة من الحياة الوسطية نحتاج أن نتعرف على المواصفات القرآنية للحياة في عالم الآخرة. نحن عرفنا حياة الدنيا و ملذاتها ورغباتها وطبيعتها وأشكالها، وحتى نستطيع أن نفهم حياة الآخرة نحتاج أن نعيش مع القرآن الكريم، فهو الكتاب الذي وصف لنا عالمي الدنيا والآخرة، وبين أن الحياة بين هاتين المرحلتين هي حياة ظهوره عجل الله فرجه الشريف، وهي الدرجة السابعة من درجات الحياة .. وهنا يتضح لنا أن الآخرة هي كمال الحياة .


☄ المرتبة السابعة من الحياة :

{انَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}سورة العنكبوت(64)..
الحيوان بمعنى الحياة بأكمل الدرجات التي يتصورها الإنسان، بل التي لم يتصورها ولم يدركها ذهنه، لكننا من خلال هذا الدرس سنحاول المرور ولو بشكل عابر حول تصور الأحداث وتسلسلها في زمان ظهوره (عج) .
ونلفت الذهن إلى أنه عندما نتحدث عما يجري من أحداث في زمان ظهوره وتطور نهضته فإننا لا نستتبع أمر تاريخي مستقبلي، أو نرمي النتائج على ظهر التقديرات والبحوث الإحتمالية .. فليست الغاية من هذا البحث هو التحقيق التاريخي في صحة رواية أو حديث، أو التدقيق العلمي لما سيجري من أحداث في زمن ظهوره، فهذا شأن آخر للذين يريدون التدقيق في تفاصيل أحداث خروجه .. وإنما المقصود مجرد سرد لتسلسل يُحتمل ويرجح أن ظهوره ونهضته سوف تمر بهذه الأحداث.. ومن خلال هذه الأحداث نعبر عبور المحب المتطلع لحديث محبوبه، والذي يقبل على من يحب بقلبه، ويلهج بذكره، ويريد أن يتصل بكل ما له علاقة أو صلة بمحبوبه، وأن يتحدث عن الأصحاب والأزمنة و الأحداث المتصلة به ليستأنس بذكره الشريف (عج) .
ولهذا من المهم الإلتفات إلى أننا لسنا في مورد تأكيد صحة أي حدث من الأحداث التي نذكرها، ولكن نرجو أن يكون لدينا تصورًا عن الأحداث الجارية في زمانه. ولا أقل من الهيكلية العامة لحركة ظهوره، مثلا .. من أين سيخرج ؟؟ ومن هم أنصاره ؟؟ ما الأحداث التي ستدور و كيف ستتدرج في زمانه ؟! ..

هذه الأمور نشير إليها في عدة خطوات :

☄أولا : أحداث وأبعاد الظهور :
من الممكن على نحو الإحتمال القوي أن الأمور قد تجري بهذه الكيفية، على ما يظهر أو يحتمل أن أول علامة مقارنة لزمن ظهوره (عج) هو النداء الذي يظهر في شهر رمضان، و لنقرأ رواية لأمير المؤمنين (سلام الله عليه) تشكل صحيفةً ومنطلقًا عامًا .

في رواية عَنِ الأصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ : (( أَتَيْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (ع) فَوَجَدْتُهُ مُتَفَكِّراً يَنْكُتُ فِي الأرضِ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ..
مَا لِي أَرَاكَ مُتَفَكِّراً تَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ
أَرَغِبْتَ فِيهَا؟! فَقَالَ (ع) : لَا وَاللَّهِ مَا رَغِبْتُ فِيهَا وَ لاَ فِي الدُّنْيَا يَوْماً قَطُّ وَ لَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي مَوْلُودٍ يَكُونُ مِنْ ظَهْرِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي هُوَ الْمَهْدِيُّ، يَمْلَؤُهَا عَدْلا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً ، تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَ حَيْرَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أَقْوَامٌ وَ يَهْتَدِي فِيهَا آخَرُونَ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ..وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ فقال نَعَمْ كَمَا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَ أَنَّى لَكَ بالعلم بِهَذَا الْأمْرِ يَا أَصْبَغُ, أُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ أَبْرَارِ هَذِهِ الْعِتْرَةِ ، قُلْتُ : وَمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فقَالَ (ع) : ثُمَّ يَفْعَلُ اللَّه مَا يَشَاءُ فَإِنَّ لَهُ بَدَاءَاتٍ وَ إِرَادَاتٍ وَ غَايَاتٍ وَ نِهَايَاتِ)) الإختصاص ص : 209.

💡 شرح الرواية:
¤(ينكت في الأرض):

أي يضرب بعصاة ضربًا خفيفًا على الأرض .
¤(فقلت : يا أمير المؤمنين أرغبت فيها؟؟ ):
الأصبغ بن نباته من أصحاب الإمام وممن يعرف حقيقة زهده وكمال أخلاقه ولكن كأنما يريد أن يلطف الحديث مع الأمير ع.
¤(فقلت : يا أمير المؤمنين إن هذا لكائن ؟!! فقال عليه السلام : نعم، كما أنه مخلوق) :
أي كما أن الله سبحانه وتعالى يوجد هذه الحقائق بقدرته،فإن هذه الأمور كائنة.
¤(أنّى لك بهذا العلم يا أصبغ !! ):
أي هذا النحو من العلم و المعرفة كيف لك أن تتعرف عليه ، فهذه النهضة يقوم بها فقط أبرار عترة المصطفى صلى الله عليه وآله وعلى رأسهم صاحب العصر والزمان (عج) مع الصالحين من هذه الأمة.
¤( فقلت : ماذا يمكن أن يكون بعد ذلك؟! ) :
هذه النقطة التي نريد أن نتوقف عندها .. ماذا بعد خروجه (عج) ؟؟ .. أمير المؤمنين عليه السلام بعد أن مهّد للأصبغ الجواب في قوله ومن أين لك بهذا العلم ! يبين له بما معناه أن هذه الأمور يصعب عليك إدراك معانيها، فهي ليست حدثًا أخبرك به لتعرف أنه أمر سيحدث ، مثل أن الإمام (عج) سيخرج في سنة كذا ومن المكان الفلاني .. الخ ، و لو كان أمرًا يمكنك أن تتصوره وتتعلمه وتحفظ معانيه يا أصبغ لأخبرتك، لكن أنّى لك هذا النحو من العلم وهو لا يتيسر أن يدركه أو يتعلمه الإنسان العادي .

ولعل هذه الرواية توضح أن أحداث ما بعد خروجه ( عج) ليست على النمط الطبيعي الذي يمكن شرحه بحيث يتعلمه أو يدرك معانيه الأصبغ وغيره من الناس العاديين .كان أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام يشيرون في بعض الروايات وذلك في أماكن وأزمنة متعددة إلى أحداث ظهوره (عج)، ولكنها كانت إشارات أشبه ما تكون لرموز من أن تكون أحداثًا . فليست الأحداث الظاهرية كالزمان والمكان والإحصائيات هي الغاية بعينها ، إنما هناك أمور أبعد من ذلك تصعب على النفوس الطبيعية استيعابها، ونحن نعلم أننا لسنا بأبعد غورًا من الأصبغ بن نباته، فلن نستوعب حركة الإمام (عج) مهما بحثنا في الكتب والأحاديث والأسانيد، لأن إدراك معاني حركة ظهوره ليس متيسرًا من أصله ولا يمكننا استيعابه . وهذا الأمر يجب أن نأخذه بعين الإعتبار بهذا المرور السريع على الأحداث المرتبطة بزمان ظهوره الشريف، و لا يجب أن نعطي الحدث بعدًا ماديًا من حيث الظرف والزمان والمكان، مما يشتت الهدف في التركيز عن إدراك ما وراء هذا الحدث.

تابع⤵

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 09-05-2016 الساعة 01:44 AM
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 09-04-2016, 05:00 PM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي تابع الحلقة السادسة والأخيرة ..

☄ثانيا : تسلسل أحداث الظهور :

🔹الحدث الأول :
والذي هو مدعاة بنفسه للتفكر والبحث عن أبعاده كما ذكرت الروايات الصيحة في شهر رمضان، عن أبي حمزه الثمالي انه سأل الإمام الصادق عليه السلام : (كيف يكون النداء ؟ قال عليه السلام : ينادي منادي من السماء أول النهار يسمعه كل قوم بألسنتهم، ألا إن الحق في علي وشيعته) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص435.

وقال الامام الباقر عليه السلام : ( ينادي منادي من السماء بإسم القائم فيُسمع من بالشرق ومن بالغرب، لا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا قائم إلا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعًا من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، ثم قال عليه السلام : يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة في ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك فاسمعوا وأطيعوا ). أخرجه الصدوق بسنده.

هذه الروايات وغيرها والتي تحدثت عن هذا النداء واعتبرته أحد الحتميات التي لابد من حدوثها وظهورها، أولا تكون في شهر رمضان ويسمعها جميع الناس، وثانيا أنها في الليلة الثالثة والعشرين من ليالي القدر، ووقوع النداء في شهر رمضان وخصوصًا في ليلة القدر يتيح لنا المجال للتفكر لماذا ليلة القدر؟؟ هل بسبب الإقبال والإستعداد الروحاني للمؤمنين في تلك الليلة على وجه الخصوص للتهجد والتوسل لنجاة البشرية بخروجه (عج)، وأيضًا لعرض حقائق نفوسهم لله عز وجل بين يدي مولانا صاحب الزمان عجل الله فرجه لغفران جميع أخطائهم في تلك الليلة؟؟ هذه الروحانية التي تعم الإنسان من المحتمل جدًا أن تكون هي الأرضية التي من خلالها تنطلق إشارة البدء بزمان ظهوره (عج)، هذه الروحية الإنسانية التي تبلغ هذا المستوى وهذه الدرجة من التلهف لرؤيته والوقوف معه هي الأرضية التي تنطلق منها علامات ظهوره عجل الله فرجه الشريف .

🔹الحدث الثاني :

الحدث أو الحركة الثانية المزامنة لهذا الأمر وتسبب ردة فعل مباشرة، أنه في أول النهار تظهر الصيحة المؤيدة لصاحب الزمان، وفي آخر النهار يبدأ الهياج العدائي الكامل من أعداء الدين وبالأخص من التيار الأموي ومن يعرفون بوجود إمام وأنه قد ظهر .. عندها تنطلق صفارات الإنذار من أعداء الدين في نفس يوم الصيحة لتُضيع الحق بقولها أنه مع فلان وفلان.
ثم تبدأ حركة واسعة من العداء العملي للتقصي عن وجوده (عج)، فتبدأ حركة السفياني التي تنطلق في الشام وفلسطين وسوريا و الأردن، ويحكم رجل يمثل بني أمية ويمثل العداء الراسخ لأهل البيت عليهم السلام، فيقتل ويسفك الدماء ويهتك الأعراض ويتجاوز كل المحرمات، ويبدأ بإرسال القوات للبحث عن الإمام وتطويق المناطق التي يحتمل ظهوره فيها، لأن الأمر أصبح عمليا. العالم يعادي أهل البيت ومواليهم ، فيتحول هذا التوجس والعداء إلى حالة هياج بسبب الصيحة، فيرسل السفياني جيش إلى الكوفة وجيش إلى مكة والمدينة لإحتمال ظهور الإمام عليه السلام هناك، فيدخل جيش المدينة المنورة ويعيث في الأرض فساداً، ثم ينطلق إلى مكة، وهناك تظهر العلامة الثانية وتحصل معجزة خسف ذلك الجيش بالبيداء بين مكة والمدينة، فيفنى بأكمله وتُبقي القدرة الإلهية منه رجلين فقط لإبلاغ الناس بما جرى. والعالم الذي كان يتوجس من ظهوره يبقى في حالة شك وريبة، ولكن بسبب هذه المعجزة يتضح أن الأمر أصبح عياناً وأن ظهور الإمام (عج) سوف يكون بين عشيةً وضحاها، إلى أن يأتي يوم العاشر من المحرم، ففي هذا اليوم تتحطم كل آمال الطغاة وتنهار قدرات الظلمة ويؤمنون أن نهاية وجودهم وعالمهم قد حتمت وقرُبت، فيخرج عجل الله فرجه الشريف في مكة ويخطب فيها .
لكن قبل خروجه في العاشر من محرم يرسل (عج) إلى أهل مكة داعياً من بني هاشم عبرت عنه بعض الروايات بالنفس الزكية وأشارت فيها لعدة أشخاص، منها أنه الشخص الذي يُقتل في ظهر الكوفة، ومنها أنه الشخص الذي يخرج إلى مكة مرسلا من الإمام ومن الله عز وجل لدعوة الناس في بيت الله الحرام، فيقتلونه. ثم يخرج الإمام (عج) في مكة المكرمة بعد أن يجتمع بأصحابه قبل ليالي معدودة، ويتواعدون على أن يكون الخروج بمكة في العاشر من محرم، فيخرج الإمام (عج) في مكة ويخطب، ثم تنطلق حركته العالمية التي يحكم من خلالها مكة، ثم يلتف حوله أصحابه وأنصاره وهم في حدود (313) .
ثم يلتحق به أصحابه الذين يقدرون بالآلاف ،فيخرج مع جيشه إلى المدينة المنورة ويحكمها، وتستتب الأمور فيها ثم يخرج إلى الشام ويواجه السفياني ويقتله ويمحوه من الوجود .

🔹الحدث الثالث : أحداث المدينة:
أما في المدينة المنورة فتجري أحداث كثيرة منها إنهيار الكذب الإسلامي الذي يتبنى أشخاص معينين اِدعوا أنهم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله، هؤلاء سوف يُبطل الإمام (عج) دعوتهم الباطلة عمليًا وحسياً وليس فقط بالدعوى والأدلة والخطب .

🔹الحدث الرابع : أحداث الشام :
يذهب الإمام عليه السلام إلى الشام ليواجه جيش السفياني ويقضي على قواته، ثم يتوجه إلى فلسطين مع عيسى بن مريم عليه السلام بعد أن ينزل من السماء، فيرسله الإمام(عج) لقتال الدجال فيقتله .. ثم تستتب له أمور الحكم في العالم، و يدخل أتباع الديانات المسيحية واليهودية تدريجيًا في حكم الإسلام و حكم مولانا صاحب العصر والزمان ليقوم بالحكم الإلهي من نشر العدل والمعارف الدينية.

🔹الحدث الخامس : خطبة الإمام (عج ) بين الركن والمقام :

الحدث المهم والأبرز في ظهوره (عج) هو خطبته التي يخطبها بين الركن والمقام في بيت الله الحرام، وقد ذكرت هذه الخطبة في روايات متعددة عن أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، ونحن نختار الرواية الواردة عن الإمام الباقر عليه السلام قال بما معنى الرواية :
(يجتمع عدد من أصحاب الإمام (عجل الله فرجه الشريف ) يبحثون عنه بعد الصيحة في رمضان وبعد الخسف بجيش السفياني في البيداء، يتجه أعداءه من جهة وأنصاره من جهة إلى مكة وبالأخص هؤلاء الأنصار المعدودين الذين ذكرت صفاتهم وصلابتهم في الروايات، فيجتمعون في مكة باحثين عن الإمام حيث يتوقعون ظهوره، فيأتيهم رجل من عند الإمام ويسألهم : كم أنتم؟ .. فيقولون: نحن ٤٠ رجل - أي أربعين رجلا عرفوا بعضهم البعض - فيقول الرجل المبعوث : كيف أنتم إن رأيتم صاحبكم -أي المهدي عجل الله فرجه- فيقولون: واللهِ لو ناوى بنا الجبال - أي لو واجه بنا الجبال- وقال قاتلوا هذه الجبال لناويناها معه - و هذا يكشف عن كامل استعدادهم للقيام بما يطلبه منهم- فيأمرهم ذلك الرجل بتبليغ أنصارهم وأقاربهم ليجتمعوا في بيت الله الحرام في صبيحة يوم العاشر من محرم ،- هذه الأحداث تجري في شهر ذو الحجة كما ورد في الروايات - وفي يوم العاشر يخرج الإمام عجل الله فرجه مسنداً ظهره إلى الكعبة ويدخل بيت الله الحرام ويصلي فيه ركعات، ثم يسند ظهره ويبدأ خطبته ويفتتحها بسم الله والثناء عليه والصلاة على محمد وآل محمد ..
ثم يقول( أرواحنا لتراب مقدمه الفداء )كما يصفه الامام الباقر عليه السلام : ( القائم بمكة قد أسند ظهره على البيت الحرام مستجيراً به فينادي : أيها الناس إننا نستنصر الله ومن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم محمد ونحن أولى الناس بالله وبمحمد صلى الله عليه وآله، فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجني بمحمد فأنا أولى الناس بمحمد، ومن حاجني بالنبيين فأنا أولى الناس بالنبيين، أليس الله يقول في محكم كتابه : {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗوَاللَّه ُسَمِيع ٌعَلِيم}ٌ آل عمران (33-34).. فأنا بقية آدم وذخيرة من نوح ومصطفى من إبراهيم وصفوة من محمد صلى الله عليه وآله ) رواه المفيد بمسنده .

من هذه الخطبة يتضح لنا جملة من الأمور المهمة، ولكن ما نريد أن نخرج منه ونحن مقبلون على شهر رمضان وعلى الحج ، أننا لنعيش مع أحداث خروج الإمام (عج) وحركته ننطلق من هذه المواطن والحقائق.
الآن عندما نقرأ القرآن الكريم نجد أنه يأتينا بالحقائق بما هي فوق مرحلة الزمان وفوق مرحلة الأحداث. فالمبادئ التي جاء بها آدم ونوح والتي تحدث بها القرآن وبسطها وحثنا على الإطلاع عليها ومعرفتها هي التي سوف ينطلق منها عجل الله فرجه الشريف .. إذن لنعش مع القرآن الكريم في ظل هذه الحقائق وفي ظل ترسيخه عجل الله فرجه لهذه المعاني، وفي ظل العودة إلى الله عز وجل و إلى حقائق الدين، واتباع مسيرة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
نسأل الله عز وجل بحقه (عجل الله فرجه الشريف) أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يعجل فرجه ويجعلنا من أنصاره وأعوانه ....
والحمد لله رب العالمين..

💥الخلاصة :

🔸الصبغة التي يجب أن نصبغ بها أيام حياتنا هي الصبغة المهدوية.

🔸الحياة في زمن الظهور أعلى مراتب الحياة .

🔸شغف اللقاء ...أحداث و أبعاد .


وصلى الله على نبينا محمد وآله الميامين وسلم تسليما ..
تم بحمدالله ..
☄🍀☄🍀☄🍀☄🍀☄🍀☄🍀

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 09-05-2016 الساعة 05:34 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.