
02-14-2019, 11:47 PM
|
Senior Member
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
|
|
الدرس الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس الثالث:.
ندخل في خطوات الاستدلال على نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وعلى رسالته.
الخطوة الأولى: (المعطيات والعوامل المحسوسة)
وصف حالة الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله فهي موطن الرسول والبيئة المحيطة به والتي ينتمي وينتسب إليها.
- كانت الجزيرة العربية بشكل عام من أكثر المناطق تخلفا من كل النواحي - من الناحية الحضارية والفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية - وخاصة القطر الذي ينتمي إليه الرسول ص وهو الحجاز بحيث كان أشد تخلفا.
فمن الناحية الحضارية:
لم يمر بأي حضارة تاريخية مع أن المناطق المحيطة به ذات حضارة
مثل الحضارة البابلية في العراق، والحضارة الفرعونية في مصر،
والحضارة السومرية وغيرها.
وكانت هناك حضارات سابقة قبل مئات السنين في بعض مناطق الجزيرة العربية، إلا أن الحجاز لم يمر بأي حضارة تاريخية مثيلة لها.
من الناحية الاجتماعية:
كان الحجاز مفككا اجتماعيا، تسيطر عليه النزعات العرقية والعشائرية والقبائلية، والدليل حرب داحس والغبراء بسبب فرس، وحرب البسوس التي استمرت قرابة ٤٠ سنة من أجل ناقة.
وأيضا:
-كانت تكثر فيه العصابات وقطاع الطرق
فلم يكن الشخص يأمن على نفسه أو ماله وعرضه، وكان قاطع للأرحام ..
من الناحية الثقافية:
بالرغم من اشتهار ذلك القطر بالشعر والأدب، لكن لم يكن يملك ثقافة علمية معرفية وكان غارق في فوضى الشرك والوثنية.
وحتى القراءة والكتابة كانت نادرة، لذلك كان يسمى بالمجتمع الأمي كما ذكر في القرآن الكريم.
ولم يكن ذا وضع أفضل من الناحية الاقتصادية ولا من الناحية السياسة والحكم.
فكانت شبه الجزيرة العربية والحجاز بشكل أخص قبل بعثة الرسول الأعظم (ص) بحالة تخلف وضعة.
كما جاء في خطبة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام:
(وكنتم على شفا حفرة من النار، مِذْقَة الشارب ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون القدّ، أذلة خاسئين صاغرين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمدٍ(ص) بعد اللّتيا والتي).
وكما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام:
(إنّ اللّه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و سلّم و آله نذيرا للعالمين ، و أمينا على التّنزيل ، و أنتم معشر العرب على شرّ دين ، و في شرّ دار ، منيخون بين حجارة خشن ، و حيّات صمّ تشربون الكدر ، و تأكلون الجشب ، و تسفكون دماءكم ، و تقطعون أرحامكم ، الأصنام فيكم منصوبة ، و الآثام بكم معصوبة).
⬅ كناية عن الذل والصغار الذي كانوا فيه سواء في الدين- المسكن- المشرب- المأكل- وصلة الرحم.
وكان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ينتمي إلى هذا القطر، فلم يكن يقرأ أو يكتب وكل من كان في عصره يشهد على ذلك: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ).
ولم يشارك في مهرجانهم الشعري أو الخطابي، وكان يمثل شخصية اعتيادية بين أبناء قومه لم يتميز عنهم إلا من الناحية الأخلاقية.
كان صلى الله عليه وآله معروف عند الجميع بالصادق الأمين قبل بعثته
لالتزامه بالصدق والأمانة، وغيرها من الصفات الأخلاقية الكريمة الرحمة والعفة، الجود والكرم الايثار والتضحية، مراعاة الجار.
وهو عليه الصلاة والسلام طوال الأربعين عام، لم يكن مطلع على مصادر للأديان السابقة اليهودية ولا المسيحية.
وكانت مكة وثنية الأفكار والمعتقدات والعادات لم تتأثر بالفكر اليهودي أو المسيحي.
والنبي صلى الله عليه وآله لم يكن ذا مال حتى يتنقل ويسافر من مكان لآخر فقد عاش يتيم الأبوين، لم يخرج من الجزيرة العربية إلا في سفرتين قصيرتين للتجارة:
- مرة مع عمه أبي طالب ع.
- وأخرى للتجارة بأموال السيدة خديجة (ع).
فلم يتيسر للرسول صلى الله عليه وآله معرفة شيء من النصوص الدينية لليهودية أو المسيحية أو غيرها.
ولم تكن في حياته ص أي خطوة أو اتجاه معين نحو عملية التغيير الكبرى التي جاء بها بعد أربعين عاما من عمره الشريف، (قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
كل ما ذكرناه يُعتبر من العوامل المحسوسة والظروف المحيطة بالرسول صلى الله عليه وآله قبل البعثة الشريفة.
إن شاء الله الدرس القادم ندخل في الخطوة الثانية والحمد لله رب العالمين.
انتهى الدرس...
|