10-14-2017, 06:26 PM | #1 | |||
Junior Member
|
مكة وكربلاء..
بِسْم الله الرحمن الرحيم
رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِيإِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ينسلُ من بينِ أضلعِها العطشُ .. تتحسسُ الجفافَ في أطرافِها .. تسمعُ بكاءَ الرضيعِ فتزدادُ ضعفاً .. الرملُ يزمُ شفتيهِ عن تصدعاتٍ ٍ قد تزفُ شيئاً من الرَواء ، والشمسُ اللاهبةُ يزدادُ سعيرَها شراسةً .. يُخيّلُ إليها أن ثمةَ ماءٍ يلمعُ على الصفا .. فتهرولُ .. يزدادُ بكاءُ رضيعِها فيزدادُ نزْفُ القلبِ الذي أذابَهُ الجفاف . تتحسسُ صدرَها المكتنزُ بالظمأِ فليسَ ثمةُ حليبٍ يسعفُ عطشَ الرضيع .. تهرولُ للصفا فتهربُ صورةُ السرابِ إلى المروة .. سبعُ مسافاتٍ ما أذابتْ أملُ الماءِ من صدرِ هاجر .. حتى تفتتَ قسوةُ الصخرِ تحتَ رجلي الرضيعِ وتدفقَ الماءُ بالبشرى . وهطلتْ أفئدةُ البشرِ تهوي إليهم تطوفُ سعياً ، و ترتشفُ الماءَ . تُقيمُ المناسكَ و تطوفُ حولَ البيت . وبقيتْ أفئدةٌ للناسِ تهوي إلى الذبيحِ و إلى ابنِ الذبيحين .. حيثُ الفراتِ ممتداً بقصصِ الماءِ التي لا تنتهي . و ثمةُ بكاءٍ يستزيدُ من الماء .. وتزدادُ أشواطُ السعي عن سبعٍ ربما إلى سبعين ، ما بين الفراتِ الممنوعِ ومخيمٌ يضجُ بأصواتِ الثَكلِ و العطشِ .ووعدٌ بقربةٍ تمتليءُ ماءً .. يفتحُ النهرُ ذراعيهِ لدعاءِ الفارسِ فقد كشفتْ شجاعتُهُ جُبنَ الجنودِ عن وجهِ المشرعة ، وامتلأتْ القربةُ بالرواءِ ،يطوفُ الفارسُ بالماءِ وفاءً بالوعدِ ، فيترجّلُ عن عينٍ فقعها الأعداءُ، وذراعينٌ قطيعينٌ وماءٌ مراقٍ عن قلبِ القربةِ ، ويتامى تضجُّ بالبكاءِ . لم ينتهِ السعيُ ولا الطوافُ .. بكاءُ الرضيعِ ، اختفاءُ صوتهِ ، عودةُ والدهِ بجنديٍ صغيرٍ احتزَّهُ الغدرُ من الوتينِ إلى الوتين ، وبدأت دماءُهُ تسعى لتروي عطشه .. وبين رجلٍ وحيدٍ فريدٍ لا ناصرَ له ولا معين ، و مخيمٌ ظاميءٌ يحتضنُ عليلاً ، ثواكلاً ، و أيتاماً أذابَهُم حرَّ الظمأِ و حرارةَ الفقدِ . وطوافٌ حولَ مصرعٍ تُفتتُ تفاصيلُهُ الصخرِ . ولا تزالُ أفئدةٌ من الناسِ تهوي إليهم . |
|||
|
|