|| منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية ||  

العودة   || منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية || > || المناسبات || > مناسبات

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: على خطاها (آخر رد :ام يوسف)       :: المقاطعة تعاطف أم تكليف (آخر رد :ام يوسف)       :: اختبار فلسفة سادس ج١ الفصل الثاني ١٤٤١ه (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: ناقضة الغزل (آخر رد :ام يوسف)       :: طالب العلم وأمانة التبليغ (آخر رد :ام يوسف)       :: إنه الإنسان (آخر رد :ام يوسف)       :: أهمية تحصيل العلم (آخر رد :ام يوسف)       :: سيدة الوجود ...سر الوجود (آخر رد :ام يوسف)       :: نموذج اختبار فلسفة سادس الفصل الأول 1441هج (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: المدرسة القرانية تفسير موضوعي سنة سابعة (آخر رد :ام يوسف)      


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-13-2016, 05:58 PM
بثينه عبد الحميد بثينه عبد الحميد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 87
افتراضي الفتح الرمضاني في الاخلاق والسلوك .. الدرس الأول معنى الفتح

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

•┈✨✨••✦▫��▫✦••✨✨┈•

*��**خمسة دروس ألقيت في شهر رمضان المبارك عام 1421 هـ في مدينة الدمام
عن الفتح في شهر رمضان في الأخلاق والسلوك .
لسماحة الشيخ
��عبدالمحسن النمر��

��الدرس الاول:

�� بسم الله الرحمن الرحيم ��

( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا )سورة الفتح آية 1

ورد الفتح في القرآن الكريم في عدة موارد منها قول الله تعالى: (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ) سورة الصف آية13 .

الفتح الذي تشير إليه الآية هو الفتح الدنيوي والذي له عدة مراتب :

فالفتح
أولاً : هو دحر العدو ورد الأعداء إلى الأعقاب ، وتحويل الأعداء إلى أسرى بيد الفاتحين أي بمعـنى أن الأعداء إما أن يقتلوا أو يأسروا ، وربما يتحولو إلى أنصار أو على الأقل يندحروا ويفروا أمام الجيش الفاتح .

الثاني من أجزاء الفتح : هو توسيع رقعة أملاك الجيش الفاتح ، واستيلائه على أراضي ومواقع جديدة وثروات جديدة وأملاك جديدة .

والثالث : هو أن الفاتح يزداد قوة وهيبة ومكانة ورهبة .

والرابع : أن الفاتح يذوق طعم النصر بعد أوقات المنازلة والشدة بحيث يتقدم يوم .. ويتأخر يوم آخر ، يقتل ويقتل ، يصيب ويصاب بعدها حينما يأتي الفتح فإن للحظات النصر طعم ولذة وسعادة .

لكن هناك من الفتوح ما هو أسمى وأغلى وأثمن من الفتح الدنيوي والفتح المادي ، هذا الفتح المادي على شأنه إلا انه أقل الفتوح قيمة .

إذا قارنا الفتح المادي بالفتح الذي نتمناه ونرجوه ونسعى إليه في شهر رمضان كان ذلك الفتح لا يصل إلى قيمة فتوحات شهر رمضان ، كل فتح ونصر وغلبة مادية لا تصل قيمتها إلى أدون فتوحات الروح والقلب .

إذا نحن قررنا وعزمنا على أن ننال فتحاً من فتوحات الروح والقلب التي تتهيأ في هذا الشهر الكريم : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5))سورة القدر ، ألف شهر هو تقريباً المتوسط الطبيعي لعمر الإنسان ، ألف شهر هي في حدود الثمانين سنة .
شهر رمضان أثره ونتيجته وما يمكن أن نناله يكون بمقدار ما نسعى إليه في عمرنا كله ، نحن في أعمارنا نجتهد في القراءة والكتابة وأنواع التعلم وأنواع المهن وأنواع القدرات وكلها لغايات وكل هذه الغايات لا قيمة لها إن لم تصب في غاية تكامل الإنسان ، إذا تعلمنا وأحسنا القراءة والكتابة وبذلنا عشر سنين أو أكثر ونلنا أعلى الشهادات وبلغنا أعلى مراتب العلم والمعرفة ثم لم تنتهي بنا هذه الجهود إلى السير إلى الله والتقرب إليه سبحانه فهذه الثلاثون سنة ليس لها قيمة ، قيمتها هي ما ناله الإنسان في هذه السنيات المتبقية من عمره التي إذا قيست بحقيقة الإنسان وكيانه لا تكون إلاّ كالنقطة في البحر أو أقل من ذلك .

الإنسان وجود أوسع آلاف المرات بل ملايين المرات من هذه السبعين أو الثمانين سنة التي سوف يعيشها ، كل جهوده في هذه الثمانين سنة يجب أن تصب إلى أمر يعـود إلى كيانه وحقيقته ...
كم صلاة صلى ؟!
كم خدمة للمؤمنين قدم ؟!
كم طاعة لله قدم ؟!
هذا كله الذي يبقى له .. هذا كله إذا جمعه بمجموعه قد يحقق فتحاً ونصراً وقد لا يحقق ، إذا أحسن في هذه الثمانين سنة قد يحقق نصراً وفتحاً وقد لا يحققه .

ليلة القدر خير من هذه الثمانين سنة ، ما يمكن أن يفتح الإنسان لنفسه في شهر رمضان لا تسعه الثمانون سنة وليس بمقدارها ، القرآن الكريم لم يقل ليلة القدر مثل ألف شهر .. بل ليلة القدر خير من ألف شهر ، لن نحقق في عمرنا كله من أوله إلى آخره هذا الفتح الذي يمكننا أن نحققه في ليلة القدر من شهر رمضان .

ثانياً : إن من الأمور التي ترشدنا إلى قيمة شهر رمضان (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ )سورة البقرة آية185، كل أشهر السنة ربما نالت من بركات تنزل جزء من القرآن فيها ، ولكن شهر رمضان نال تنزل القرآن كله .

ونحن نعلم أن كل خير في هذا الشهر ، شهر الخير والرحمة والمغفرة والإنابة ... كلها من بركات هذا الشهر ، لكن الذي يظهر أنها كلها من بركات القرآن الكريم .

القرآن هو كتاب الرحمة و تنزل القرآن الكريم في شهر رمضان جعل شهر رمضان ينال كل البركات وأصبح شهر رمضان شهر الرحمة وشهر كل الفلاحات ، فإذا وجدت رحمة وعلم ونور في غير القرآن الكريم ، يمكن أن توجد رحمة وخير ونور في غير شهر رمضان !! إذن شهر رمضان هو شهر أعظم الفتوحات .

في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله : ( ومن صام في شهر رمضان في إنصات وسكوت ، وكف سمعه وبصره ولسانه وفرجه وجوارحه من الكذب والحرام والغيبة تقرباً ، قربه الله منه حتى تمس ركبتاه ركبتي إبراهيم خليل الرحمن ) عليه وعلى الرسول صلى الله عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم ، تحقيق صيام شهر رمضان يصل بالإنسان إلى هذا المقام ، بحيث أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقل فقط أنه مع الأنبياء بل قال : ( حتى تمس ركبتاه ) وهذه كناية عن الانضواء والاندماج والنيل من أسمى مقامات ما يناله الأنبياء عليهم السلام أجمعين .

هذه تهيئة وأرضية صالحة لكي تتحرك نفوسنا لتحقيق معاني الفتح يفترض أن ننال منها برحمة الله وبركاته وبشفاعة المصطفى صلى الله عليهم أجمعين إن كان لنا نصيب صادق ثابت - إن شاء الله- من فتوحات هذا الشهر أن ننال هذه الحالات الأربع ( حتى نحقق الفتح ) بأن يندحر عدونا ، وأن ننتقل إلى مرحلة جديدة ، وأن نزداد قوة إلى قوتنا ، وأن نذوق طعم الفتح والنصر .

لكن إذا دخل شهر رمضان وتصرمت أيامه ولياليه ونحن لم ندحر عدواً ، ولم نتحرك إلى مراحل ، ولم تتوسع ما بأيدينا من ملكات وقدرات ، ولم نزدد إلى قوتنا قوة ، ولم نذق طعم النصر في هذه الليالي ، فنحن لم نعرف من الفتح شيء حتى لو صمنا عن المحرمات الإحدى عشر وذهبنا وجئنا وعملنا ...

ما لم ننل من هذه الأمور فإننا لم نحقق حقيقة الصوم ( ما أكثر الجوع وأقل الصوم ) ، إذا مضت علينا أيام وليالي شهر رمضان ولا زال أعدائنا أحياء وأقوياء يملكون التأثير والقدرة علينا فإننا لم نفتح شيء ، إذا دخل شهر رمضان وخرج ونحن لم نتحرك من الساحات و من الأراضي التي نقف عليها فإننا لم ننل من حقيقة شهر رمضان شيء ، إذا دخل رمضان وخرج ونحن لم نزدد قوة وهيبة فإننا لم ننل من رمضان شيء ، إذا دخل رمضان وخرج ونحن لم نذق طعم النصر والغلبة فإننا لم ننل من حقيقة رمضان شيء .

____________________

��نشاط حوزة بنت الهدى الثقافي.

التعديل الأخير تم بواسطة بثينه عبد الحميد ; 06-01-2016 الساعة 02:06 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-13-2016, 10:30 PM
ام يوسف ام يوسف غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 103
افتراضي

أحسنتم ووفقتم
جعلنا الله وإياكم ممن يحقق الفتح ويناله☺
ننتظر بقية الدروس��

التعديل الأخير تم بواسطة ام يوسف ; 05-13-2016 الساعة 10:33 PM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-19-2016, 08:22 PM
بثينه عبد الحميد بثينه عبد الحميد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 87
افتراضي الفتح الرمضاني في الأخلاق والسلوك ...الدرس الثاني : ساحة الفتح

خمسة دروس ألقيت في شهر رمضان المبارك عام 1421 هـ في مدينة الدمام
عن الفتح في شهر رمضان في الأخلاق والسلوك .
لسماحة الشيخ

��عبدالمحسن النمر��

الدرس الثاني: ساحة الفتح .

�� بسم الله الرحمن الرحيم ��

بعد أن عرفنا كيف نقيس تحقق الفتح نتطرق الآن إلى ساحة الفتح . . .

الساحات التي نتحدث فيها عن الفتح ليست هي مثل ساحات الأرض الممتدة التي تقع بين دولة وأخرى , فالأراضي التي تتصارع عليها الجيوش هي أراضي يمكن قياسها بالمساحات , مثلاً بأجهزة العـدّ والنظر يمكن أن نتوصل إلى قياسها , ويمكن أن نرى مقدار التقدم والتأخر ونعرفه معرفة واضحة , فالجيش إذا تقدم نعرف مقدار تقدمه وإذا تأخر نعرف مقدار تأخره . هناك حدود للمساحة المفتوحة ، المساحة التي تدور عليها رحى الحرب .
هذا في الساحات المادية أما في الساحات المعنوية فلا حد لساحة النزاع ولا حد لساحة الفتح , وسوف يتضح لنا هذه الأمور في الدروس القادمة إن شاء الله .
أول هذه الساحات هي ساحة السيرة والسلوك والخلق والأعمال , وهذه الساحة نحتاج فيها إلى فتح . . . نحتاج فيها إلى شهر رمضان . . نحتاج فيها إلى هذه الليالي المباركة . أخلاق الإنسان وحسن أخلاقه وضيق نفسه وضيق حلمه ، شجاعته وقدرته ، صبره وحسن تعامله , كرمه وهيبته ، وقاره ، صمته وفكره . . هذه الساحة الأخلاقية لا يملك الإنسان فيها تمام القدرة على الحركة ، فهو ورث من أهله شيء وتربى على شيء ، الظروف المحيطة به أيضاً لها تأثيرها وضيقها وسعتها .
إرادته هي الجزء الرابع المؤثرة في أخلاقه . الإرث له دور ، التربية لها دور ، الظروف الاجتماعية والمعـيشية لها دور في تكوين أخلاق الإنسان ، وإرادة الإنسان هي الجزء الرابع المؤثر في أخلاق الإنسان . أخلاق الإنسان لا يكونها ما يرثه فقط , ولا يكونها ظروف تربيته فقط , ولا تكونها الظروف الاجتماعية التي يعيش فيها فقط, ولا تكونها إرادته فقط ، بل هي حصيلة هذه الأمور الأربعة .

لا يعيش الانسان في لحظة من اللحظات إلاّ ويقوم بعمل مستحب يأكل بنية التقوي ، يتحدث بنية التسامر وإدخال السرور إلى من يتحدث لهم ، لا يكون مشغـول بذكر الله عز وجل يجد فراغ يقرأ من القرآن يتعلم علم . . .
الخلاصة : من يريد أن يصل إلى الفتح لا يغفل عن الله , هذا معنى الصمت الذي نريد أن نشير إليه , بمعنى أن الإنسان لا يقضي وقته ولا إمكانياته في أمور لا فائدة له فيها ولا خير له فيها . الإمام زين العابدين عليه السلام لم يتكلم إلاّ بدعاء أو تسبيح أو استغفار أو تكبير .
الإمام الصادق عليه السلام يقول : (إذا صمتم فإحفظوا ألسنتكم عن الكذب وغضوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا ولا تغتابوا ولا تماروا ولا تكذبوا ولا تخالفوا ولا تغاضبوا ولا تسابوا ولا تشاتموا ولا تنابزوا ولا تجادلوا ولا تظلموا ولا تسافهوا ولا تزاجروا ولا تغفلوا عن ذكر الله عز وجل ) قد يتصور الإنسان أن هذه المسألة في غاية الصعوبة ، لكن إذا عزم وتحرك وأراد أن يكون وقته كله لله عز وجل فسوف ينال هذا أو جزء منه ولكي نصل الى هذه المرتبه .

وإذا أردنا أن نصل إلى الفتح علينا المحافظة على هذه الأمور :

أولاً : المحافظة على صلاة الليل نحن في شهر رمضان فأين نحن من صلاة ؟ لا تأخذ أكثر من نصف ساعة وهي أقل من جلسة حديث قد تستغرق أكثر من نصف ساعة . إذا لم نحافظ على صلاة الليل في هذا الشهر الشريف فماذا نفعـلوا في هذا الشهر ؟!
نسأل الله عز وجل أن لا نكون أكثر حسرة ممن باع يوسف عليه السلام بثمن بخس ، الذين وجدوا نبي من الأنبياء القرآن يذكر لنا ( فشروه بثمن بخس ) إذا نحن لم نصل صلاة الليل في شهر رمضان ألا نخاف أن نكون ممن نبيع شهر رمضان بثمن بخس !!
ثانياً : قراءة القرآن الكريم ، الآية في هذا الشهر بختمة في سائر الشهور .
ثالثاً : قراءة دعاء الافتتاح
رابعاً : قراءة الأدعية النهارية خصوصاً المقطع الأول إلى الاستغفار .
خامساً: دعاء البهاء الذي هو أقرب من اسم الله الأعظم إلى أي دعاء آخر ( اللهم إني أسألك من بهائك بأبهاه . . .)
سادساً : صلوات النوافل اليومية في هذا الشهر صلي الإحدى وخمسين فمن صفات المؤمن الجهر بـ " بسم الله الرحمن الرحيم " وصلاة إحدى وخمسين ، نحن طوال السنة لا نصلي 51 فأقلاً نصليها في شهر رمضان.
سابعاً : نسجد لله في كل يوم سجدة نشكر الله عز وجل فيها سجدة خاصة غير السجدة في آخر الصلوات نكرر فيها الشكر لله – أقلاً – مائة مرة ، أول ما نجلس من النوم ، أو في الليل جدد لله في هذه الليالي شكراً .
ونسأل الله بحق المصطفى وآله أن يصلي عليهم صلاة نامية زاكية باقية وأن يصلي على ولي أمره القائم المنتظر وأن يجعلنا ممن ينال من بركات ورحمات هذا الشهر بجاههم وحقهم ، وأن يفرج عن اخواننا وأقاربنا وأصدقائنا المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها وخاصة المسجونين والمكروبين والمرضى والحمد لله رب العالمين .

التعديل الأخير تم بواسطة بثينه عبد الحميد ; 06-01-2016 الساعة 02:07 AM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-19-2016, 09:24 PM
ام يوسف ام يوسف غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 103
افتراضي

نسأل الله بحق المصطفى وآله أن يصلي عليهم صلاة نامية زاكية باقية وان يصلي على ولي أمره القائم المنتظر وأن يجعلنا ممن ينال من بركات ورحمات هذا الشهر بجاههم وحقهم ، وأن يفرج عن اخواننا وأقاربنا وأصدقائنا المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها وخاصة المسجونين والمكروبين والمرضى والحمد لله رب العالمين .


اللهم آمييييين 🍀🍀
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-26-2016, 06:19 PM
بثينه عبد الحميد بثينه عبد الحميد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 87
افتراضي الفتح الرمضاني في الأخلاق والسلوك ...الدرس الثالث الفتح العقلي

خمسة دروس ألقيت في شهر رمضان المبارك عام 1421 هـ في مدينة الدمام
عن الفتح في شهر رمضان في الأخلاق والسلوك .
لسماحة الشيخ

��عبدالمحسن النمر��

الدرس الثالث: الفتح العقلي

�� بسم الله الرحمن الرحيم ��


( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)(الفتح شهر رمضان هو شهر الفتح ، ذكرنا على نحو الإشارة إلى أهم أسس الفتح الأخلاقي في هذا الشهر الشريف . . .
قراءة القرآن ولو ختمة واحدة أو اثنتين في هذا الشهر ، المحافظة على صلاة الليل مع الصلوات الرواتب اليومية ، دعاء الافتتاح ودعاء السحر ، والسجود لله شكراً في كل يوم ، أدعية المناجاة بصورة عامة ودعاء أبي حمزة الثمالي خاصة فهذا الدعاء يمثل مسلك علوي في الارتباط بالله عز وجل لا نظير له إلا عند زين العابدين عليه السلام وآبائه وأبنائه الطاهرين عليهم السلام . طول السجود ؛ ففي هذا الشهر السجود بصورة عامة هو أقرب المراحل أو أقرب وقائع الصلاة في الخلوة مع الله ، والصدقة بما تيسر للإنسان فالصدقه في هذا الشهر تفتح أبواب الخير وتدفع أبواب السوء .
حسن الخلق في هذا الشهر ففي الخطبة المعروفة عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بعد ذكر – تقريباً- جميع أشكال التقرب إلى الله ، أمير المؤمنين عليه السلام يسأل : يا رسول الله أي الأعمال أفضل في هذا الشهر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : " حسن الخلق "
حسن الخلق يتطلب من الإنسان أن يكون لين العريكة ، رفيقاً بأهل بيته وأصدقائه ومن بينه وبينهم علاقة . حسن الخلق يتطلب من الإنسان أن يكون فاعلاً معطياً محركاً دافعاً للآخرين إلى الله عز وجل .
في الحديث عن المفضل بن عمر قال قلت للإمام الصادق عليه السلام : ما الذي يباعد منّا الشيطان ؟ - الشيطان هو قائد جيوش الأعداء التي تواجهنا في حياتنا وفي هذا الشهر، المفضل يسأل الإمام عليه السلام ما الذي يباعد منا الشيطان ؟ - قال عليه السلام : " الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمآزرة على العمل الصالح يقطعان دابره والاستغفار يقطع وتينه " .
الخلاصة : نحن في هذا الشهر مدعون ومطلوب منا إذا كنا نريد فعلاً أن نتحرك ونتقدم وننال من فتوحات هذا الشهر أن نكون موجهين وداعين إلى الله ، الداعون إلى حب الدنيا والارتباط بالدنيا كثيرون ولكن المذكّرون بالله والمشجعون على عمل الخير قليلون .
يروى وينقل أن آية الله السيد محمد حسين الأصفهاني - وهو الفقيه العابد العارف الزاهد الورع الفيلسوف المخلص في حب محمد وآله صلى الله عليه وآله - سُأل سيدنا لو فرضنا أنه لم يبقى في حياتك إلاّ ساعات وبعدها أنت راحل إلى لقاء الله فكيف تقضي هذه السويعات - هذا العابد الزاهد الفيلسوف ، نحن عرضنا شخصيته لنعرف ماذا يقول - ماذا قال ؟! لم يقل أصلي ركعتين أو أُدرس درساً أو أضيف علماً قال : لو علمت أنه لو لم يبقى من عمري إلاّ سويعات لوقفت على دهليز بابنا لعلي أرى مؤمن يحتاج إلى أمر فأقض حاجته . إلى هذا الحد الإسلام يعطي لقضاء حوائج المؤمنين ولعمل الخير وحسن الخلق هذه القيمة .
هذا تقريباً ملخص يسير عن الأعمال التي يفترض أن نتحرك فيها خلال هذا الشهر في ساحة العمل والعبادة والسلوك لكن لا ننسى في عملنا هذا بأننا نسعى إلى مدد إلهي يغير حياتنا ويغير أخلاقنا وسلوكنا ؛ هذه الأعمال التي نقوم بها هي توسل إلى الله عز وجل في أن يتم ويكمل هذه الرغبة الموجودة عندنا .

الميدان الثاني : ساحة الحركة والصراع الثانية ، الفتح الثاني الذي نأمله في هذا الشهر هو فتح معرفي عقلي – يقول الله تعالى : (إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)( آل عمران القرآن يعطيك تنبيه في غاية الأهمية . في آخر الآية (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)( آل عمران
ثم تكمل الآية دعائهم وطلبهم من الله .
وفي آية أخرى : (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)( الزمر وقد أعطى القرآن لأولي الألباب ؛ والألباب هي العقول والمعرفة أي اصحاب المعرفة والتفكر .
جعل القرآن منطلق وأساس العبادة ومحركها هو التفكر بمعنى أن العبادة إذا لم تكن تتغذى بالفكر والحوار مع النفس والتبصر فإن هذه العبادة لا تؤدي الغرض والغاية التي جعلت من أجلها ولو امتدت وطالت . تفكر ساعة خير من عبادة ألف سنة .

إن شاء الله لاحظنا كيف جعلت الآية التفكر والعبادة مدموجتان !! حقيقة العبادة تنطلق من البحث والنظر والسؤال بمعنى تحريك الذهن من معاتبة النفس " ليس منّا من لم يحاسب نفسه " لا تتحقق العبادة ، العبادة المقتدية بعبادة الرسول صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام إلاّ أن منطلقها التفكر والتعلم والبحث . الإنسان الذي يعتقد بأنه مجرد أن ينشغل في نهاره بأمور التجارة والمعاش ثم إذا أذن المؤذن ذهب إلى الصلاة ، وإذا جاء شهر رمضان صام ، وإذا جاء الحج حج ؛ دون أن يشغل ذهنه وفكره بالتعرف على الله !! فإن هذا الإنسان يكون قد فوت أهم أركان التقرب إلى الله عز وجل .
في الرواية " أن الإمام الصادق عليه السلام يضرب مثل لأصحابه لأنهم كانوا يذكرون له أن فلاناً كثير العبادة والتضرع وأثنوا عليه ؛ فقال لهم الإمام الصادق عليه السلام وما مقدار عقله ؟ ماذا يعرف ، ماذا تعلم ؟ وماذا أكتسب ؟ قالوا : لا نعلم . فقال عليه السلام : لا يتحقق حقيقة العبادة هكذا ؛ ثم يضرب لهم مثالاً فيقول : كان ملك من الملائكة يتجول في أنحاء الأرض فرأى عابداً منزوياً في منطقة خالية من الناس وكان له من حسن العبادة والصلاة ما أُعجب به ذلك الملك لإرادته القوية في اعتزل الناس فقال : يا رب هذا العابد ماذا له من الثواب على هذه الحالة ؟ فكشف الله عن بصر ذلك الملك فرأى أجر العابد أمراً قليلاً يسيراً ، فستقل الملك الأجر مع كل هذه العبادة !! فأوحى الله إليه أن أذهب إلى ذلك العابد وأبقى معه واستكشف حاله . ذهب الملك إلى العابد وجلس عنده ورأى عبادته وطاعته لله فأراد أن يستبصر حول مقدار ما في ذهن هذا العابد فقال ما أجمل هذه الأرض ! قال ذلك العابد : نعم ما أجملها لكن ليس لربنا حمار يأتي فينال من هذه الأرض الخضراء . فلتفت هذا الملك أن هذا العابد لم يأخذ من علوم الأنبياء ولم يكن له من المعرفة شيء ، لم يتعلم ولم يجلس بين يدي الأنبياء كي يستفيد ، كان عقله وحد ذهنه أن هذا الرب الذي يعبده ليس لديه حمير يرعون في هذه الأرض الخضراء !! ومنها فإن الله يعطيه بقدر عقله .
الامام علي عليه السلام يقول : " إن لها هنا علماً جماً لو وجدت له حملة " علم علي موجود ومعارف علي عليه السلام موجودة ، إذن عبادتنا طوال السنة وربما ننشغل وليس لدينا مجال لكن نسأل الله أن لا يدركنا الموت ونحن على هذا الحال .
لنخطوا في التعرف عليه سبحانه خطوة جادة .
دفع شبهة :
لنلتفت لنقطة مهمة قبل الدخول في المثال العملي ، نحن أحياناً نجعل لنا مبرراً وحجاباً عن الحركة العلمية والتعرف ، نحن نتصور أن معرفة الله والمعرفة الكمالية تحتاج إلى إنسان ذكي وفطن ويقرأ الكتب العلمية ويدرس المنطق والفلسفة حتى يمكن أن يكون إنسان عارف بالله تعالى . قال تعالى : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ) 125)) الأنعام إذا أنت توكلت على الله وعزمت على أن تكون من المرتبطين بالله وتحركت في هذا الأمر فإن الله يشرح صدرك فلا تحتاج أن تكون من أهل الدرجة الأولى في العلم . وإنما تحتاج إلى صدق نية ، تحتاج إلى إخلاص .
بعض العلماء يذكر في تاريخ حياته يقول أنا عالم مشهود . . يقول أنا حجة الله على الناس . . ولكن أنا كنت من أقل الناس فهماً ومعرفةً ، أنا إنسان بليد ويصعب عليّ أن أحفظ وأفهم وأتعلم وقد بلغت من مراتب الكمال ما بلغت ، وهذا بجدة وإخلاص حتى رأى الله فيّ صدق الطلب .
الحركة الفكرية في التعرف على الله :

النقطة الأخيرة هي أننا نريد أن نخرج من هذا الدرس بحركة وهي في أي شيء نتفكر ؟؟ وما المقصود من التفكر ؟؟
.........يتبع

التعديل الأخير تم بواسطة بثينه عبد الحميد ; 06-01-2016 الساعة 02:08 AM
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-26-2016, 06:39 PM
بثينه عبد الحميد بثينه عبد الحميد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 87
افتراضي الفتح الرمضاني في الأخلاق والسلوك ...الدرس الثالث الفتح العقلي2

تابع الفتح العقلي:
الحركة الفكرية في التعرف على الله :

النقطة الأخيرة هي أننا نريد أن نخرج من هذا الدرس بحركة وهي في أي شيء نتفكر ؟؟ وما المقصود من التفكر ؟؟
الدرس يقول لنا الأمر يسير وممكن ، لكن من أين يبدأ هذا اليسير وكيف نبدأ ونتحرك ؟ إن في تدبر الإنسان وأن يضع الإنسان في نفسه فرض لمسألة نفسه وللنظر في علاقته بالله والتعرف على الله عز وجل باب واسع وكبير .
سنطرح هنا حركة فكرية في التعرف على الله على ثلاث خطوات – نسأل الله الاستفادة الحقيقية منها وأن تكون واضحة –
أولاً : الله سبحانه وتعالى هو الخالق .
ثانياً : الله عز وجل هو المالك .
ثالثاً : الله لا إله إلاّ هو الرب .
نحن إذا مضينا مع هذه الثلاث خطوات كما نستفيدها من القرآن ومن تعاليم أهل البيت عليهم السلام ؛ سيكون لنا حركة في تغير مرحلة تفكيرنا .
المرحلة الأولى : إن الله هو الخالق وهذا أمر لا شك فيه ولا يخفى علينا ؛ إذن فيماذا نتفكر ؟! يقول الله تعالى : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)( الأنعام الأفلاك أشياء ، السماوات أشياء والأرض أشياء والقوى الموجودة والآثار التي تمتلكها هذه الأمور أشياء ، تصرفات ما حولنا أشياء ، أفعال ونتائج ما حولنا أشياء ، كل ما له حظ من الوجود هو شيء ، خالق هذا الشيء هو الله عز وجل . كل ما في هذا الوجود خلق الله وكل ما في هذا الوجود شيء وكل شيء هو خلق الله وليس في هذا الوجود شيء أوجده غير الله لا كائن علوي أو سفلي ولا قول ولا عمل إلاّ وهو شيء الله خالقه فاعبدوه وتوكل عليه ، فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل . كل هذا هو المرحلة الأولى أن لا نرى في هذا الوجود شيء إلا ونعلم أنه خلق الله .

المرحلة الثانية : أن الله مالك هذه الأشياء ولم يخلق الله هذه الأشياء ثم خرجت عن حد ملكه وأصبحت هي المتصرفة بل إن ملكها لله عز وجل ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ ۚ قَوْلُهُ الْحَقُّ ۚ وَلَهُ الْمُلْكُ ) (73)الأنعام .الأشياء كلها ملك الله عز وجل ليس هناك ما يضر ولا ما ينفع ولا ما يرجى ولا ما يخاف وقد أصبح لأحد فيه شريك مع الله .

المرحلة الثالثة : أن الله عز وجل هو الرب ، الرب هو المالك السيد ؛ الرب تتضمن معنى العناية والجذب والتربية بحيث أن الله هو المربي ويوجد التعليمات والإرشادات والأجواء والظروف التي تأخذ بيد المربى وتسير به إلى التكامل . المربي هو من يوفر ظروف التكامل وبلوغ الغايات .

نحن إذا ضممنا هذه الثلاث أمور أن الله هو الخالق وهو المالك وهو الرب لرأينا أن في كل شيء يقع أمامنا يد إلهية تجذبنا إليه . أليس كل شيء خلقه ! أليس كل شيء ملكه ! أليس هو بهذه الأشياء يجذبنا إليه ! لنتعلم من أنبياء الله عز وجل ، يوسف عليه السلام مرّ بتجربة لم يمر بها نبي بل ولا حتى إنسان عادي ؟! ألقي في غيابة الجب ، أي في بئر عميق ولا ندري كم بقي هناك ؟ ولا ندري كم سنة بقي في العبودية ثم ألقي في السجن ، ولا ندري كم سنة بقي في السجن . هذه الأمور عَلِم يوسف عليه السلام أنها من الله ؛ خلقه وبيده وملكه ورعايته وتربيته له( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ) ( 100) يوسف. الله أراني وعلمني أنه سيدي ومولاي أخذ بيدي إلى الكمال (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ) (100 ) يوسف .الله يعلم خفاي الأمور ، اللطافة هو الشيء الخفي – في الأمور المادية - الذي يدق ولا يرى بسهولة . الله سبحانه من باب التمثيل والتوضيح إذا كان الإنسان ذو نظرة دقيقة يدرك بها صغائر الأمور وهو يدير الأمور بصورة تحيط بالأشياء وتجريها على نسق خفي غير مرأي . إن اللطيف كما تتضمن هذا المعنى فهي تتضمن معنى الرأفة ، الله سبحانه وتعالى يجري الأمور عل نحو خفي وعلى نحو رؤوف بعباده ( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) يوسف(100) الله في تقلب هذه الأحوال التي مرت بي أخذ بي إلى هذا الكمال( إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ (100) يوسف .أنا يا رب مؤمن وعالم ومتيقن بلطف رعايتك لي وبحسن تربيتك لي .
لا حظوا أن في هذه الآيات شيء في غاية الجمال في بداية الآية كان يوسف يخاطب أبيه وقال يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ) ( 100) يوسف. هنا أول مر وردت كلمة " ربي " في الآية( وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) مازال الخطاب موجه إلى يعقوب ثم نلتفت إلى أن يوسف لم يعد يوجه الخطاب إلى أحد من الناس !! بداية الحديث كان يخاطب أباه لكن أخذته الجذبة الإلهية في الانتقال من الحديث إلى أبيه إلى الحديث مع ربه ؛ إن كرمك يا رب ورحمتك ، يا رب ولطفك وعنايتك بي تجعلني لا ألتفت إلى من أخاطب !!

هذه الآية فيها انتقال من النظر إلى الأشياء ، من الحديث مع الناس إلى النظر إلى الله ؛ هذا هو اسم الربوبية . نحن إذا التفتنا إلى معنى الرب لوجدنا أن معنى الرب هو أن ينتقل الإنسان من تفسير الأشياء بالنظر إلى دور وآثار المخلوقات وبالتالي الطلب والحاجة إلى المخلوقات ومد يد المخلوقات ؛ إلى النظر إلى خالق وموجد ومالك المخلوقات إلى ربي وسيدي ومولاي ومعطيي ورازقي وحارسي . أما إذا نظرنا إليها على نحو كما ينظر - والعياذ بالله - الأعور إلى الأشياء فإنه لا يدرك إلاّ جزء الحقيقة إنه يرى الأشياء ويرى المؤثرات . أما الإنسان ذو البصر السليم فإنه يرى أن كل شيء من الله . خالق ومالك الأشياء هو الله . هذا القدير القوي الذي بيده كل شيء إنما تقع الأشياء لكي يجذبنا إليه ، لكي يرينا فضله ونعمه !!
إن كل هذا الكون وكل ما يحدث فيه هو لأجل شيء واحد وهو أن الله يريدنا له ( خلقت الأشياء لك وخلقتك لي ) كل هذه الأشياء هي كرامات وكل هذه الكرامات هي من أجل أن نلتفت إلى الله عز وجل .
نسأل الله بحق المصطفى محمد وآله أن ينير قلوبنا في هذا الشهر الشريف لمعرفته والتفكر في رحمته وعطائه وعبادته وأن يقضي حوائجنا وحوائج المؤمنين .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 05-26-2016, 09:55 PM
abeer abuhuliqa abeer abuhuliqa غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
المشاركات: 119
Thumbs up

احسنتم كثيرا على النقل الجميل
الدروس جدا جميلة وفي التوقيت المناسب
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-31-2016, 08:23 PM
بثينه عبد الحميد بثينه عبد الحميد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 87
افتراضي الفتح الرمضاني في الأخلاق والسلوك ..الدرس الرابع الفتح القلبي

خمسة دروس ألقيت في شهر رمضان المبارك عام 1421 هـ في مدينة الدمام
عن الفتح في شهر رمضان في الأخلاق والسلوك .
لسماحة الشيخ

��عبدالمحسن النمر��

الدرس الرابع: الفتح القلبي

�� بسم الله الرحمن الرحيم ��

تحدثنا في الدرس السابق عن الفتح العقلي أو ميدان الفكر والنظر والتبصر ، ميدان المعرفة واليقين .

ذكرنا أن المستفاد من ميدان التعليمات الإلهية كما في القرآن الكريم أن العبادة في الإسلام ممتزجة بالتدبر قال تعالى : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ( 191) آل عمران
ثم ذكرنا صورة حركية لنعبر عنها بأنها صورة يتحرك بها فكر الإنسان من البحث حول معنى الخالق ثم معنى المالك ثم معنى الرب وكانت الغاية هي أن تتكون لدينا صورة فكرية وعقلية لعلاقتنا بالله عز وجل ؛ بمعنى أننا نتحول من النظرة الشركية إلى النظرة التوحيدية .
الأنبياء - عليهم السلام - والأولياء وعلى رأس الجميع المصطفى محمد صلى الله عليه وآله كان غايتهم هي تصفية العقل من شوائب الاتكال والاعتماد على شريك لله ، إذا أدركنا عقلاً وفكراً كمرحلة أولى أن كل ذرات هذا الوجود هي في خلقها لله وفي ملكها لله وفي ربوبيتها لله عز وجل نكون قد تحركنا نحو النظرة التوحيدية ، إذا نحن أغفلنا هذا الجانب فإن العبادة لا يمكن أن تتحقق بالمعنى المطلوب الصحيح .
إذن قبل الصلاة فكر !!
وقبل الصيام فكر!!
وقبل الحج فكر !!
وقبل الصدقة فكر!!
وبعد ذلك كله فكر !! ادمج عبادتك وطاعتك لله بالتفكير .
أيضا إن العقل يصل إلى إدراك يقيني مستفاد من القرآن الكريم ؛ بمعنى أن العقل والنظرة الفلسفية حينما تقطع مشوارها ومسيرتها في البحث تصل إلى هذه الحقيقة . قد يعبر عنها الفلاسفة بلغتهم وبعباراتهم ولكن النتيجة التي يصلون إليها تـنطبق مع ما ذكره القرآن الكريم .
نشير إلى بعض اصطلاحاتهم التي نلاحظ كيف أنها تعبير فلسفي اصطلاحي علمي يختلف عما ذكره القرآن الكريم .
يقول الفلاسفة : أن الوجود إما أن يكون ذاتي أو عرضي ؛ والوجود الذاتي واحد وليس في هذا العالم وجودان ، ليس في هذا الكون إلاّ وجود واحد ، هذا الوجود في أجلى وأسمى وأرفع درجاته هو وجودُ محض هو الله عز وجل الذي له الوجود والذي هو حقيقة الوجود وهو الله . صفات الخير والكمال هي من آثار ذلك الكمال ، الوجود كله محض الخير . ما عدا الله فهو ذاتي الفقر أي أن حقيقة الموجودات هو الفقر ، هذه الموجودات الفقيرة هذا العدم إذا أفاض الله عليه خيراً ووجوداً وبركةً يكون له حين إذن نصيب من الكمال بقدر ما يكون مؤهلاً ، وبقدر ما تكون ماهيته قادرة على استيعاب الوجود فإن الله سبحانه وتعالى يجعل فيه وجوداً ، حينما يفيض الله الوجود على المعلولات المفتقرة ، التي فقرها ذاتي بمعنى أنه لا يتصور لها حالة من الحالات ينفك عنها الفقر قبل أن يفيض الله عليها من نعم وجوده كانت فقيرة ومحتاجة وبعد أن يفيض الله عليها لا تتغير ولا تخرج من إطار الفقر والحاجة بمعنى أنه لا ينقلب الذاتي فيتغير إلى عرضي .
الخلاصة : التي يمكن أن نفهمها من هذا الكلام أن هذه الموجودات التي يظهر فيها أشكال الخير والقوة والاستطاعة والرحمة والعطاء والقدرة والتدبير كلها وفي كل حال وفي كل آن لا تملك إلاّ الفقر وما بها من خير وكمال هو من الله عز وجل له الخلق وله الأمر قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ ) 15 فاطر
هذه الحقيقة التي يعبر عنها بالفطرة التوحيدية التي تستفاد قرآناً وأيضاً ينطبق العقل السليم في النظر إليها ، هي ما يفترض أن تكون حية في عقولنا . إذا جمعنا هذه النظرة الفكرية والقـناعة القرآنية التي يتقبلها ويؤمن بها العقل من جهة وضممناها من جهة أخرى إلى ما ذكرناه من الفتح الأول وهو الفتح العبادي العملي السلوكي ودمجنا هذين المركبين العقلي من جهة والعملي من جهة أخرى
فإنه إحتماً وتلقائياً سوف ينشأ من هذين المركبين مركب وأمر ثالث وهو ..
الفتح الثالث :الفتح القلبي ميدان القلب السليم .
إذا ضممت في ثناياك طاعة جوارحية وهي التي أشرنا إليها في الفتح الأول ، أقدمت على ما أمر الله وتركت ما نهى الله عنه بقدر مكنتك واستطاعتك - ذكرنا بعض الأمور التي يفترض في رمضان أن تكون أساسية - إذا أديتها ولو بالصورة الصحيحية الظاهرية وضممت إليها نظرة عقلية سليمة فإن ميدان ثالث يكون جاهزاً للفتح وهو ميدان القلب .
الفتح القلبي أعسر حالاً من الفتح العقلي ، والفتح العقلي أعسر حالاً من الفتح العملي والعبادي .
إذا كان الإنسان رغم امتلاكه فكراً سليماً وعقلاً صافياً ويستطيع أن يتحرك في مراحل النظر والفكر ولكن لم يضم إلى ذلك عبادة وطاعة لله فإنه لا ينشأ فتحاً قلبي . كما لو أن الإنسان كان له حركة عبادية ولكن لم يضم إليها تفكيراً فإنه لا ينشأ فتحا عقلياً فالفتح العقلي ينشأ من أمتزاج هذين الأمرين . ما الذي ينشأ إذا نحن أدينا دورنا في مجال الحركة العبادية ودورنا في مجال الحركة العقلية ؟ ما المقصود بالفتح القلبي ؟
الفتح القلبي :
هو مركز الاحساس والمشاعر ، الفرح والحزن والحب والبغض والأنس والانشراح والتلذذ والذوبان في الله ، الفناء في الله عز وجل ، ولا يتحقق شيء من هذه الأمور إلاّ في مراحل الفتح القلبي قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون) (2) الأنفال
بهذا التصور وبهذا الإدراك يمكن أن نتحدث الآن عن آثار هذه النظرة التوحيدية التي تندمج في عبادة الإنسان فينشأ منهما فتحاً قلبياً .
يتبع ..

التعديل الأخير تم بواسطة بثينه عبد الحميد ; 06-01-2016 الساعة 02:08 AM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-31-2016, 08:26 PM
بثينه عبد الحميد بثينه عبد الحميد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 87
افتراضي الفتح الرمضاني في الأخلاق والسلوك ..تابع الدرس الرابع الفتح القلبي

تابع الفتح القلبي
آثار الفتح القلبي :
الأثر الأول : الشعور بالمسكنة والخضوع لله عز وجل . الإمام زين العابدين عليه السلام يقول في مناجاته : ( إلهي لا تؤدبني بعوقبتك ولا تمكر بي في حيلتك من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلاّ من عندك . . .) أول خطوة يخطوها الإمام عليه السلام هي إعلان منتهى المسكنة لله .
إن النظرة التوحيدية مفادها أن حقيقة الممكنات كلها هو الفقر وأن صلب الموجودات كلها هو الحاجة والتذلل لله عز وجل ؛ هذه الحقيقة التي يجب أن لا ننساها والتي يجب أن نتحرك منها ( من أين لي الخير يا رب ) الإمام عليه السلام مثلنا كان له سمع وبصر، بل أين نحن من مقامات زين العابدين عليه السلام ؟!! نحن لا ندري ماذا بين يدي الإمام عليه السلام من الكمالات .
دخل رجل على الإمام الهادي عليه السلام وقد أرسل إليه أحد خلفاء بني العباس "المتوكل " فلما وصل الإمام عليه السلام إلى سامراء التي كانت عاصمة الدولة العباسية ، أنزل ذلك الخليفة الإمام عليه السلام في منزل دوني يسمى خان الصعاليك وهو محل لا يليق بأهل المكانة والجاه فضلاً عن الإمام عليه السلام . فدخل أحد أصحاب الإمام عليه السلام عليه فرأه في تلك الحالة وفي ذلك المكان الذي لا يليق بالإمام عليه السلام فغليته العبرة فبكى فعلم الإمام عليه السلام ما في قلب ذلك الرجل فقال له : تعال وأجلس فمسح على عيني ذلك الرجل فإذا به ينفتح على جنات وأنهار وخدم وحشم لم يشهد له مثيل في دار الدنيا ، أصابته الدهشة فمسح على عينيه مرة أخرى فغابت تلك المناظر ، أحب أن أشير أن تلك المناظر حقيقية . الجنات والأنهار والثمار تحت خدمة الإمام الهادي عليه السلام في الدنيا وقبل الآخرة ؛ إن هذه الجنات التي نطمع أن نصل إليها سرى وعرج إليها الرسول صلى الله عليه وآله في الدنيا وذكر لنا ما رآه . رسول الله صلى الله عليه وآله بلغ من مراحل الكمال أن تكون الجنة بين يديه في الدنيا . زين العابدين عليه السلام الجنة بين يديه في الدنيا وهو يقول ( إلهي لا تؤدبني بعوقبتك ولا تمكر بي في حيلتك . . .) هذا الذي بين يديه كل هذه الكمالات والجمالات لم يزحزحه ذلك ذرة واحدة عن الغفلة عن هذه الحقيقة هذا الذي بلغ ما لم يبلغه الأولون والآخرون إلاّ هو وأهل بيته فهو لا يغفل لحظة واحدة عن فقره إلى الله عز وجل . فكيف بنا الذين لا ندري كيف نجوز الحساب ،لا ندري سنزحزح عن النار أم لا ؟ ولربما إنشاء الله بكرم الله وشفاعة محمد صلى الله عليه وآله سنزحزح عن النار لكن لا ندري متى ؟ هذه أول آثار النظرة التوحيدية وهي أن لا يغفل الإنسان عن فقره الدائم .
الأثر الثاني : أننا وسائر الموجودات لنا رغبات ولنا آمال ولنا تطلعات ولنا إلى السعادة والكمال تشوق واحتراق . نحن لا نكف لحظة واحدة عن أن نتطلع إلى السعادة ، نحن وسائر الموجودات حينما نترجى لذة وسعادة ونفرح بأمر إنما نرجوا ذلك من الله ، ونسأل من الله كل تنهدة حب وشوق ، كل بكاء وتضرع ورجاء إنما نحن نريده من الله ، نحن وسائر الموجودات ليس هناك موجود يحب شيء إلاّ وهو يحب الله . إذا كان في قلبي أو في قلبك أو في قلب موجود من الموجودات دفقة حياة وحركة حياة وإرادة ورغبة فهذه الحياة وهذه الإرادة والرغبة والسعي هي من الله وإن كنا لغرورنا وغفلتنا نتصور أن هذه الأمور هي لدى سائر المخلوقات ، حينما نتحرك لطلب سعادة ولإستجلاب طلب زكي نقي صافي من الفيض والخير والبركة لأنفسنا فإننا لم ولن ولا يتصور ولا يمكن عقلاً وواقعاً وحقيقة أن ننال من هذا الأمر شيء إلاّ ونحن نسأله من الله عز وجل ، لكننا لله جاحدون وبنعمته كافرون !!
نحن نسأله ونحن نريد منه ونحن نترجاه ولكن قلة حيائنا وغفلتنا هي التي تحجب أعيننا النظر ( إلهي ربيتني في نعمك واحسانك صغيراً ونوهت باسمي كبيراً . . وكرمه) هذا الأمر نحن فيه مشتركون ، كلنا فيه سواء كل هذه الموجودات الله رباها وغذاها وأنعم عليها ولا مفر لها من هذا الفقر والاحتياج إلى الله لكن زين العابدين عليه السلام أدرك هذه الحقيقة وغيره غفل عنها - إن شاء الله لا نكون منهم - (معرفتي يا مولاي دلتني عليك ) أنا عرفت وتيقنت يا رب أنني حينما أسأل أمرا وأحتاج إلى شيء فإنني لا أسأله ولا أحصل عليه إلاّ منك . في مدرسة الإمام زين العابدين عليه السلام ينير العقل " القلب " فيصبح القلب متحركا وسائراً تحت ظلال هذه الحقيقة .
الأثر الثالث : التميز بين الحقيقي والخيالي : حين بدء مسيرة العقل والنظر يأخذ القلب والعقل في عملية تردد وتنازع ، القلب في بداية انطلاقته كما في أحوالنا قد عهد أموراً ونشىءعليها وتربى على حالات والعقل والدليل والقرآن ينزعان به إلى حالات أخرى .
القلب رغم أنه قد وثق واطمأن بقول الله ووثق واطمأن بدليل العقل إلا أنه لا يزال فيه ميل وجنوح إلى البقاء في حالة الأنس بما عهده واطمأن إليه . العقل يريد أن ينطلق بالقلب إلى مراحل جديدة فيتردد الإنسان بين سوابق أنسه وبين الأنوار القرآنية النبوية التي يدعمها العقل ، يقبل بها القلب أحياناً ويتراجع عنها أحياناً أخرى وهذا ما يفسر عملية تقلب القلب الإنساني وأهم مرحلة ونقطة إذا اجتازها القلب يكون قد تحقق له الفتح وهو أن يعرف أين حد الخيال من حد الحقيقة .
يكون القلب بين أمرين ؛ الأمور والأشياء والوسائل والمواد التي عهدناها هي الخيال وما عند الله هو الحق أم أن ما بيد الله خيال وما بيد الإنسان والأشياء هو الحق ؟! حسب ما توصلنا إليه قرآناً وعقلاً أن هذا الكمال منطلقه وحقيقته واحدة وهو الله عز وجل . إيماننا مناجاتنا لله ، حديثنا مع الله ، سؤالنا لله سؤال حقيقي سامع بصير قدير كريم هو الله أم أن هذه الأمور آمال وترجيات .
إذا نحن اجتزنا هذه المرحلة وأطمأنت قلوبنا ولم يعد لدينا شك بأن الله عز وجل ولينا وكفيلنا ربنا سميع ، بصير ، مجيب قال تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) ( 186) البقرة.
إذا نحن تحركنا في هذه المرحلة حين ذاك سوف يتكشف لنا أن ما نتحرك فيه مع الأشياء ومع سائر الأشياء يجب أن يكون حركة مع الله بمعنى أن تعاملنا مع كل شيء آخر إنما ننظر فيه إلى آثار تلك الحركة مع الله وأن درجة الكمال والفوز والفلاح والسعادة في أعمالنا إنما هو بمقدار ما فيها من صفاء مع الله .
عندما نتعامل مع الأشياء فإن هناك درجة من درجات الحجاب وكلما كانت نظرتك إلى الله في جميع الأشياء كلما كان الصفاء في ذلك الطلب أكثر - إن شاء الله- نكون قد بينا بعض آثار النظرة العقلية الصحيحة السليمة إذا امتزجت بالأعمال العبادية الصحيحة وكيف تساهم في نشوء الفتح القلبي ، كيف يتحول فرحنا وتطلعاتنا ورجائنا وإيماننا وخوفنا ممن هو أهل ومحل للطلب والسؤال والرجاء والخوف والخشوع .
الحمد لله رب العالمين ونسأله بحق المصطفى أن يصلي عليهم صلاة نامية زاكية وأن يعجل لوليه الفرج .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 06-02-2016, 06:28 AM
فاطمة الجشي فاطمة الجشي غير متواجد حالياً
Member
 
تاريخ التسجيل: Oct 2013
الدولة: الجبيل
المشاركات: 47
افتراضي

دروس قيمة جاءت في الوقت المناسب .
عندي سؤال وهو : يتكرر سؤال حول ماذا يفعل الانسان لو بقيت له ساعات محدودة في الدنيا ؟ مرة تكون الإجابة طلب العلم ومرة اخرى قضاء حوائج المؤمنين .
فأيهما المقدم ؟ و من اي حيثية أتى هذا الاختلاف في الإجابة .
نسأل الله ان يرزقنا صدق النية والاخلاص و ان يفتح علينا الفتح العبادي والعقلي والقلبي بمنه ولطفه وكرمه ، انه سميع الدعاء .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.