|| منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية ||  

العودة   || منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية || > || الذكرى السنوية لتأبين الشهيد الصدر|| > الصدر من الشرق الى الغرب 1437-2016

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: على خطاها (آخر رد :ام يوسف)       :: المقاطعة تعاطف أم تكليف (آخر رد :ام يوسف)       :: اختبار فلسفة سادس ج١ الفصل الثاني ١٤٤١ه (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: ناقضة الغزل (آخر رد :ام يوسف)       :: طالب العلم وأمانة التبليغ (آخر رد :ام يوسف)       :: إنه الإنسان (آخر رد :ام يوسف)       :: أهمية تحصيل العلم (آخر رد :ام يوسف)       :: سيدة الوجود ...سر الوجود (آخر رد :ام يوسف)       :: نموذج اختبار فلسفة سادس الفصل الأول 1441هج (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: المدرسة القرانية تفسير موضوعي سنة سابعة (آخر رد :ام يوسف)      


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-19-2017, 06:11 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي عرض ملخص الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة ( 💥 ومضة شهيد 💥 )

حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية

التلخيص الفائز بالمركز الثاني
في مسابقة

💥 ومضة شهيد 💥
بمناسبة ذكرى الشهيد
الصدر ال(37)
(1438هـ -2017م)

ــــــــــــــــــ •✵• ـــــــــــــــــــ

🗞 الشهيد الصدر🗞
والتجديد في قراءة التاريخ



اسم المتسابقة: /
آمال ناصر المتوزي
السيرة الذاتية : جامعية، كاتبة وصحفية ، تقدم دورات في دار القرآن .


📝 ملخص كتاب : فدك في التاريخ
( السيد الشهيد محمد باقر الصدر )

(156) صفحة


أولا : فـــــــــدك

1- فدك الأرض الحجازية
فدك قرية في الحجاز ، بينها وبين المدينة يومان ، هي أرض يهودية. في السنة السابعة للهجرة قذف الله الرعب في قلوب يهودها فصالحوا الرسول على نصفها ، وقيل كلها ، فصارت ملكا له لأنه لم يرجف عليها بخيل ولا ركاب ، فقدمها نحلة لابنته فاطمة ( ع) .
لفدك قيمة معنوية عالية في النظر الإسلامي ، إضافة إلى مالها من قيمة مادية ، قد وُصفت لسعتها في معجم البلدان بالقرية ، وقدّر البعض نخيلها بنخيل الكوفة ! ولذا كانت مدرار أموالٍ طائلةٍ وثروةٍ هامة في عوائدها . وبوفاة الرسول بدأت الجهات الحاكمة والدول المتعاقبة تتقلّبها غصبا بدعوى أنها من أموال المسلمين العامة في سلسلة مرتبكة بين السلب والردّ من و إلى الفاطميين ، تحكمها في ذلك التطلعات السياسية والمطامع والأهواء وفق ما تقتضيه المصالح الظرفية .



2 – فدك في واقعية الفهم التاريخي

أ- فدك قصة ثورة :
وقفت فاطمة بنفسها خطيبة في مسجد رسول الله - وهي المرأة المكلومة بفقد أبيها – وقفة المبالغة في المعارضة بتركيز المجاهرة الغاضبة بطلب تخليص إرثها وحقوقها من الخمس وفدكٍ من بين يدي خصيميها الأول والثاني بعدما أنكرا نحلة الرسول إياها ، وتعدّيا بغصبها وانتزاعها قسرا بعدما تعديا على الولاية والخلافة على الأمة .
و كان الظاهر أن تلك الثورة – في نهاياتها – قد انكفأت وغُلب على أمرها ، لكن الواقع أن الزهراء عليها السلام كانت مطّلعة فيها بتثبيت الولاية عقب انحراف الأمة عن مركز الزعامة بعد النبي بإسقاط زوجها علي والانقلاب عليه ، مدافعة عن حق وليها وابن عمها علي قبالة خلافة الشورى ومجتمع السقيفة التي خرجت جميها عن رأي النص بطاعة وحي السماء في شأن تنصيبه خليفة بعد رسول الله .
ب- فدك لون سياسي بامتياز :
لم تكن فدك إلا معنىً رمزيا لم يقصد منه محض الأرض الحجازية المسلوبة كعنوان لحق شخصي فالقضية أوسع من أن تحصر في مطالبة مالية أو أرث . ومن غير المعقول أن تأمن فاطمة بطلب المال ممن انتزى على محل أبيها وغصب ابن عمها حقه ؟!
أرادت الزهراء من وراء فدك دفع الصفوة من شيعتها للمعارضة والمقاومة فتكتمل بشهادتهم البينة في مدعاها بضلالة سياسة الحكم الغاصب وتلاعبه بالشريعة الغراء . ومن الواضح اتصال خطبتها في مسجد الرسول بالسياسة العليا ، بداية من امتداح علي و ذكر مثالبه وأحقيته بالخلافة ، إلى أن تلفِت المسلمين إلى انقلابهم وإسنادهم الأمر إلى غير أهله . وهذا ما فهمه الأول فردّ على البتول ردّ الاحتجاج السياسي الذي لم يكن في عرض نحلة وإرث .
وأصابت الزهراء بسؤالها فدكا مسألة الولاية ، وانعطفت على الناس تُلمِسُهم الاعوجاج في انتكافهم عن علي إلى غيرة ، ثم صعّدت موقفها من الخليفة حتى بلغت به محل الخيانة السافرة ، والعبث بالقانون والحقوق الفردية ، واتهام المعركة الانتخابية بمخالفة الله ورسوله .
وفازت فاطمة الفوز المحقق في حساب العقيدة والدين، مقتلعة ما يمكن للتاريخ أن يبني عليه أساسا بعد السقيفة ، وخُذل خصماؤها رغم عدم اسقاطه حكمهم ، لكنهم صاروا إلى استحقاق غضب الله ورسوله بإغضابهم وإيذائهم إياها حتى قال أولهم أقيلوني ! وأعلنت فاطمة حكمها على الخلافة الغاصبة حتى آخر رمق لها في الحياة فرفضت اعتذار معتذرهم وأوصت منع غاصبيها من تجهيزها ودفنها .


3 - فدك بين التعتيم والتنزيه
في قضية فدك تعرض المؤرخون والباحثون إلى فترة دقيقة من الزمن ، لها إفرازاتها الخطيرة المترتبة على أهم مسألة تاريخية ، وهي نوع السلطة التي تتولى خلافة الأمة الإسلامية . فترة كانت لصيقة بالعهد المحمدي الزاهر المقدس في نفوس المسلمين ، والمحصنة رجالاته من التشكيك أو التوهين ، والمنسوب إلى الخليفتين فيه فخار الفتوحات الإسلامية ، مع أنهما لم يلامسا خطوط النار فيما عُدّ عمل اجتماعي قام على حماسة المسلمين المسبوقة بمهابة انتصارات النبوة السابقة !
وبنظرة عامة نجد أن الخليفتين الحاكمَين كانا في ظرف دقيق يفرض عليهما السير الرشيد فرضا ، ولم يكن ليسعهما التبديل في أسس السياسة الحساسة ، لكونهما تحت مراقبة النظر الإسلامي العام من المسلمين الأوائل ، ومن رجال الحزب المعارض من أصحاب علي الذي كانوا يقفون بالمرصاد للخلافة الحاكمة.
ورغم وضوح ما سبق وقف بعض الكتاب موقف البين في القضية ، ليخرج مفكر كالعقاد في كتابه فاطمة والفاطميون إلى أن أجلّ الزهراء عن أن تطلب ما ليس لها بحق ، ليجمع على النقيض " غير أن الصديق أجل ّ من أن يسلبها حقها الذي تقوم به البينة عليه " ، منتهيا بذلك إلى تزكية الموقفين على السواء ، وعدم القطع والفصل في النزاع بينهما ، رغم ما بلغت المخاصمة منه بالزهراء إلى المقاطعة !

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 04-19-2017 الساعة 02:18 PM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-19-2017, 08:17 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي ثانيا فهم المنازعة

ثانيا : فــهم المنــازعة

لفهم قضية منازعة فدك لابد من إطلاق الفكر الحرّ المتتبع لأساليب البحث العلمي النزيه ، والتأمل الواسع في أركان القضية ، ولابد من الأناة في الحكم عقب التتبع في التسلسل الآتي :

1- التشكل الحزبي
أخذت السلطة لونا جماهيريا تمويهيا لتكتسب صلاحيتها من جماعة المسلمين، وأعلنت في ذات الوقت بدايات الانقلاب بإرباك الساحة ورأيها العام بصيحة من عمر تارة بأن محمدا لم يمت حتى يظهر الله دينه ، ليردفه الصديق مناقضا " من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات " ! فاجعة تضاف إلى فاجعة في صلافة وبداوة لم تكن لتلامس العواطف المكلومة بفقد النبي .
في الجانب الآخر كانت السقيفة تُضل مهاترات بتسليم الرئاسة سعد بن عبادة زعيم الخزرج ، وصار اللغط بين المهاجرين والأنصار بأحقية الرئاسة والخلافة. وماهي إلا أن أسرع عمر بنفسه وانتزع أبا بكر من بيت الرسول دون غيره من المهاجرين ، ليلجا بصحبة أبي عبيدة إلى مسرح السقيفة ، وعليه أدّى الثلاثة حُبكة تمثيلية ساقت الإمارة صوب المهاجرين أولياء الله وعشيرة رسوله بحَسَبِهم ، ليُقدم أبو بكر صاحبيه مداهنة لتصير له آخرا وفق ما أُعدّ له ، مستغلين في ذلك غياب أقطاب المهاجرين . فظفر الأول بالسياسة العليا والثاني بالقضاء وقام أبو عبيدة بالمالية .


2- بواعث و تطلعات

لم يكن ما حصل وليد اللحظة الحرجة ، فعمر الذي أربكته وفاة الرسول إلى حدّ أن قال ما قال ، لم يعرف عنه أي ارتباك على النظير يوم كان الرسول على فراش المرض! ثم كان في غمرة الحدث ناقلا مخبرا لخصوص أبي بكر ، معتمّا أمر السقيفة دون آل هاشم ، مؤمّنا للمعارضة الميدانية في ساحتهم .
لقد كانت السيطرة على المناحي الحيوية محل اتهام من الزهراء لهم بالحزبية ، وقد أكدّ أمير المؤمنين ذاته تشاطرهم حلبها وتآزرهم عليها . ولم يكن الأمر ليُغلق فهما دون رؤوس قريش الذين أدركوها كما أدرك معاوية الحيلة وتنظيم الحركة الكاشفة عن سابق تطلعات لا مشروعة ، كانت تهفو لها نفس الصديق والفاروق منذ أيام الرسول وترتفع لها عنقيهما ، وتؤازرهما من داخل البيت النبوي عيون عائشة
وحفصة المتوثبتان إلى مناولتها أبويهما دون علي ، وغير المبطئات عن التظاهر على زوجهن الذي كان في كل مرة يردّ لعلي ولي الله وولي رسوله والمؤمنين كفة الإيمان و الحق الراجحة.

3- لم يكن إلا فاطمة ليقف على مسرح الثورة

إن حركة المعارضة الفاطمية بعنوان فدك قد حفظت للزهراء كونها امرأة من بيت العصمة والنبوة ما لا يحفظ لغيرها لو قام به ، فحركة امرأة في منظور جاهلية الأعراب الأجلاف لا يمكن مهما بلغت أن تكون حركة مسلحة أو أن تصل بها إلى دائرة الحكم ، لم يكن إلّاها ليقف هذا الموقف مدافعا عن دين الله ووليه المنصوب ، وحقيقة هي بالنظر إلى موافقة الثورة لطبعها وملاءمتها لشخصها القائم على الحق والانتصار له .
كما أن لها مكانتها الخاصة من النبي كونها المعزّاة الأولى به ، الأمر الذي يجعلها الأقدر على ملامسة العواطف وتجنيدها من أجل الحق ، مستشرفة لأمّة أبيها بشفقتها عليها ثباتها واستبسالها للنصر وللحق الذي أسست له .

4 – منطلق الثورة الفاطمية
بدأت فاطمة حراكها من باب بيتها إلى المحاكمة العلنية في مسجد رسول الله في لمّة لافتة من النساء تمشي مشية والدها . وبيدها من المستمسكات ما لا يمكن مواجهتها ومداهنتها بالضّد ، كان في طليعتها وهنهم وفرارهم عمّا استبسل فيه وله ابن عمها ووليها المقدّم في حروب وغزوات سوح الجهاد. المؤتمن على الوحي ، المنتخب لتبليغ براءة ، المُنحّى دونه من لا يليق برسول الله ممثلا وأمينا .
ناظرة إلى إرجاف المرجفين يوم استخلف الرسول عليا على المدينة حين خرج إلى الحرب . وانقلابهم - تاليا - بإسقاطهم حساب الكتاب والسنة في مقاييس الخلافة وتعميمهم المنطق الجاهلي .
وبذلك اجتمعت للبيت الهاشمي المفجوع بعميده كل بواعث الثورة على الأوضاع القائمة والانتحاء نحو تغييرها ، واجتمع لفاطمة كل إمكانات الثورة ومؤهلات المعارضة .

5- تأميم الثورة
وقف الأول موقف النقيض مع بنت النبي الأطهر على حدّ الخلاف وردّ دعوى فاطمة ولم يقبل لها قولا ولا شهادة ، وكان لابد من تسفيه رأيها بطلب ما ليس لها بحق حتى لا تطالب بعدها بحق ولاية ابن عمها ، فلقد مثلت الزهراء سند علي الأقوى والداعية إلى مناصرته .
وما ُمنعت عن الزهراء نحلتها إلا خشية أن يتوصل بها علي وقرينته إلى السلطان ، في الوقت الذي يطمع الخليفة في تقوية دولة الشورى الناهضة ، ودعم حروبها وفتوحاتها بالأموال الطائلة التي تؤمنها فدك .
تحدوه إلى ذلك كوامن لها سُعار عاطفي متلظٍ لفاطمة وزوجها . فالوالد الشفيق لا يمكن أن يتناسى أم المؤمنين وتنافسها على قلب رسول الله الذي كانت تسكنه روحه وبضعته. ولازالت الباعث في اتساع منذ أيام الرسول وموقف علي من حادثة الإفك ، ويزيده فتقا مراقبة والدها لبيت النبوة ، وما سجل الوحي للبتول وزوجها الذي فاز بها دونه زوجا والمبّلغ – وحده - عن رسول الله البراءة.

6- تأمين الساحة
أشاع الفريق الحاكم بين العامة على صعيد الموقف الاجتماعي كله بالتحذير من إحداث الفتنة المحرمة بعد البيعة . ومع ذلك لم تخلُ الساحة من معارضة رغم ما كان من قبضهم الأمر، تمثلت في ثلاثة :
الأول : الأنصار المغلوبون في السقيفة بنزعتهم القبلية ، والمؤّمن بموقفهم هذا عدم الميل إلى علي والهاشميين .
الثاني : الأمويون الجاهليون الطامعون ، وكان من السهل كسبهم بالمال ومنحهم المراكز الحكومية الحساسة ، و تهيئة الولاية لهم ليحل عثمان ثالثا في كيان سياسي لا تنتهي معارضته للبيت الهاشمي .
الثالث : الهاشميون بقوتيهم المادية والمعنوية التي تمثل فدك نقطة الالتقاء بينهما . فتمّ قطع الأولى بمصادرة فدك وبإلغاء امتيازات الهاشميين و بإبعادهم عن مرافق الدولة الهامة ، وتنحيتهم عن قياداتها في وحدة سياسية مقننة .
وقد بلغت الشدة منهم في وأد المعارضة أن لم تُرعَ حرمة لبيت فاطمة الذي هدد عمر بحرقه وإن كانت فيه ،وسُفّهت دعواها فدك لتؤاخذ بانتصارها لعلي الذي لم تُحفظ مكانته حتى وصف بمربي كل فتنة ، ثم ليوضع في مصاف شورى بين خمسة لا يكافئونه وهذا بالتأكيد وليد سياسة متعمدة .


7- علي المعارض
إن عليا الذي قدم حياته كلها قربانا لله تعالى منذ الليلة التي بات فيها على فراش الفداء حتى قضى في محراب الكوفة شهيدا لم يكن لينكفئ عن التضحية في لحظة من أهم اللحظات المصيرية .
وقف علي معارضا لحركة السيف والدم وفتنة الاقتتال . وامتنع عن الثورة بالمقابلة المسلحة لمّا لم تسمح له الفرصة بإعلاء الصوت وإحراز الناصر ، وراح وزوجه الكريمة تسانده يطوف سرا بيوت زعماء المدينة ممهدا للإجماع عليه . فلما عزّ الناصر والمعين ارتفع بقضيته من أن توأد على كرسي الحكم ، وبقي علي قطب رحاها جوهر وجودها، حارسا للخلافة يوجهها مجراها الطبيعي على اعتدال ، فكان العين المانعة انعطاف الحكومة المُعدّ إلى الانحراف بها إلى دول أبعد من دولة الشيخين .

وبذلك رفع الإمام المحذور بمحو الدين واختلاف الناس على الأمر ، بين من يتحيّن لمنازعة الحكومة ، وبروز من تهيّب قبلا نزول الساحة ، والحذر من التكتلات السياسية الطامعة في الجاه والسلطة ، و من دخول المنافقين ، وتهيّج كل تلك الأحزاب في ثورة دموية يُسفك فيها دم الإسلام في فتن مظلمة .

8- بين نص السماء ورفض أهل الأرض
لم تجد النصوص الثابتة في ولاية علي طريقها لإثبات الحق المهدور في تلك الظروف المشوشة ، ولم يكن من ناصر مأمون ليحملها ، فقد كان الانتصار في ذهنية العامة - وقتها - لرفض اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد لا إلى النص . فشرفها علي ورفعها دون التكذيب والإنكار من قبل الحزب الحاكم المستميت من أجل دولته ، لألّا تفقد لونها الشرعي المقدس ، ولا تمس العرب بإنكارها مهابة الرسول وصدق مقالته فتضيع بذلك مستمسكات الإمامة العلوية ، مدخرا إياها لموقف تالٍ يمانع بني أمية بها في وقت كانت الأمة في أمسّ الحاجة إليها.
ولو دار الأمر مدار النص لكانت حرب المواجهة العنيفة بين الفرقاء ، ولو حُسمت بالانتصار لعلي لبدت حينها خلافة علي لمن لم يبلغهم النص ظاهرة مظهر الغلبة والقوة لا النص والانتخاب السماوي . وهذا بحد ذاته تشويها لا يبتغيه جمال علي .
لقد كان مفهوما بين الناس على شهرة وتواتر معنى الوصاية لعلي سواء أريد بها الخلافة الشرعية أو الوصاية على العلم والشريعة ، وعلى أيٍ من الرأيين دارت الصحة فقد كان الأول مسرفا في سرقته لأنفس المعنويات الإسلامية وأهما على الإطلاق .


التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 04-19-2017 الساعة 08:37 AM
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-19-2017, 08:36 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي ثالثا : الخطبة الفاطمية

ثالثا : الخطبة الفاطمية
تعرية الخلافة الرشيدة
قرنت فاطمة في خطبتها بين أبيها القائد المستنقذ و أخيه البطل العسكري المواسي له في كل حال ، الثابت إلى جنبه عند النزال . وما أرادت بذلك إلّا لتثبت أحقيته بخلافة النبي ، فعلي لم يكن ليتوانى يوما حين فروا . وكان فيهم الفذّ الأخلص ، و المضطرمة بنور الإيمان جذوة حياته ، فهو بذلك الأكثر حيازة للزعامة الموكلة إليه .
ولعل ذهنية الخليفة وتابعيه قد استوعبت المفارقة فيما ذكرت فاطمة بين شأن الكرّار وغيره من الفرّارين ساعة النزال ، لتعود بهم إلى مواقف الهروب والانهزام والخذلان والتلكؤ والتجبين .
ثم وبصراحة موجّهة اتهمتهم بمخامرة المؤامرة الرهيبة في أنفسهم ، ووضع الخطط المحكمة لتنفيذها ، وتربص الفرصة السانحة للانقضاض على السلطة ، وتجريد البيت الهاشمي من الخلافة ، ما ينمّ عن تجريمها للتشكيلات التحزبية وإبطالها لتلوناتها الزائفة .
لقد أدرك الحاكمون بكلام فاطمة انكشاف شذوذ حركتهم وتقصيرهم عن التصريح بنهجها وتبرير موقفها ، وبان جليا تخبطهم السياسي وافتضحوا بتسرعهم إلى إتمام البيعة في حدود لم تتجاوز أرض المدينة لتلهفهم إلى السلطة ، وأنهم المؤاخذون بالتأصيل للفتنة الحادثة التي كان يشفق منها محمد على أمته من بعده ،وقد ركسوا فيها منذ اليوم الذي منعوا فيه كتاب رسول الله حتى سقطوا في لجّة الخروج عن الحكومة الإسلامية الشرعية ، وفرض حكومتهم على أمة لم ترتضهم إلا سوقتها غير الحقيقين بتقدير مصير الأمة ودستورها ، ذوي الأشداق المزبدة الخابطين الناس بالعصي والماسحين على أيدي الناس مكرهين على البيعة. ومن العجب أن يُتعلل بهؤلاء بوسم أنهم أهل العقد والحل ومصدر السلطة الإسلامية !!
وأدركت الأمة جمعاء أن خلافة الشورى ماهي بشورى ولا يمكن أن تصل إلى الانتخاب وليس لها أن تكون نصا ، فأي كيان سياسي عرته كلمة المواجهة وأي استبداد فضحته ، حتى دار الزمان وحكم الثاني - نفسه - بفساد الأول وأمر بقتل المفسدين ممن عاد إلى مثل بيعة أبي بكر !!! وزادت أم المؤمنين وهي ممثلة الحزب الحاكم وصفها فقالت أنها سلطان الله الذي يأتيه البر والفاجر !!!

أخيرا : محكمة فدك
خرج الصديق بحكم المنع الاجتهادي الذي تقف دونه كثير من الاستفهامات وتترتب عليه كثير من الإسقاطات . فإن الصديق وهو العالم بملكية الزهراء الحقّة لفدك وحيازتها الفعلية لها منذ أيام الرسول يجيّر القضية من ملكية إلى ميراث و يجيز لنفسه صرف فدك عن فاطمة - وهو الولي المكلف بحفظ حقوق الرعية - ثم يطالبها بالبينة في ما لم ينازعها عليها أحد من المسلمين لتثبت حقها !.
الخليفة الذي روي عنه في خفاء أنه تردد كثيرا في قلقٍ بردّ فدك لفاطمة لو حصل له المؤيد والمشير بذلك ، قد أبدى ندمه ظاهرا آخر حياته للنقص المادي الملوس في حكمه على فاطمة .
وللتاريخ أن يلمس ضعف المُدرك القانوني الذي استند إليه مطمئنا بسماعه عن الرسول الأعظم في صيغة تتحمل وجوه ووجوه في بيانها : " إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا أرضا ولا و لا عقارا ولا دارا لكنما نورث الإيمان والحكمة والعلم والسنة " ! والذي جعل مداره فاطمة دون باقي نساء النبي الشريكات في وراثة النبي الأعظم لعلة أن ما يترك الأنبياء إنما هو صدقة ! ولعمري لهذه الفقاهة كيف غفل عنها أنبياء الله وخاصته وأدركها الخليفة ! أم هل خصّه الرسول بالإسرار إليه في شأنها ليفهمها فاطمة بعد أبيها !!
نعم لا تورث الأنبياء المال زكاة لهم عن مادة الدنيا وتعلقاتها وإجلالا لمقام نبواتهم ، وهو أبرز ما يمكن فهمه من النص العلمي لمستند الخليفة عن رواية النبي . فليس معنى أن الأنبياء لا يورثون نفي حيازته لشي من المال ولعدم التوريث التشريعي ، ونفي الحكم بالإرث ليس توريثا حقيقيا ، بل التوريث الحقيقي تهيئة نفس التركة وهذا هو النفي في الحديث ، ليصير المعنى ( أن الأنبياء لا تركة لهم لتورث لعدم حيازتها أصلا ) . ويبدو أن ذهن الخليفة منصرف تماما إلى منع فدك وحجز أموالها ولذلك اختار لذيل الحديث تعابير مادية من أعلى المستويات فذكر الذهب والفضة والعقار وحقيق بالاستثناء المراد أن يكون من سقط المتاع الذي يتناسب وزهد الأنبياء ووظيفتهم الرسالية !
وإذا دار المدار حول ميراث العلم والحكمة فلا بيان لتشريع في وراثتها بل على توافرها في الأنبياء إلى حدّ يؤهلهم لنشرها وإشاعتها بين الناس ! فالمال وحده هو الذي ينتقل دون العلم والنبوة . ولو أخذنا بها مأخذ الخليفة على أبعد المسافات في تحقق الخلافة لعلي ، وقلنا أنه وارث علم رسول الله وشريعته أفهل يسع الخليفة مع هذا أن يذهب في تأّول حديث رسول الله مذهبه !؟ ولا يحتكم إلى وارث علمه في النصوص الواردة عنه ؟! أو ينكر شهادة علي في نحلة فاطمة ويطالبها بنصاب البينة برجلان أو رجل وامرأتين في حين لم يعهد عنه مطالبة أحد من المسلمين بالبينة !؟
هذه الاستدلالات لم تكن من الزهراء محل مناقشة واهتمام إذ أن الظرف لم يسع لتداولها ولم تكن الزهراء لتحول قضيتها الأولى فيما يتصل بهدفها وغرضها الأساس الذي وقفت من أجله إلى جدلية عبثية تجر الاستنكار في معارضة حادة . وإنما كان احتجاجها في الوجوه البديهية التي خاطبت بها العقول والقلوب فاستعرضت آيات الميراث في القرآن وكان هذا كفيلا وكافيا في بيان مناقضة الخليفة للقرآن وحاجزا دون انتصار أحد إلى رأيه ، ولها بعد ذلك أن تستعلم باستنكار إن كان الخليفة أعلم بتأويلها وتطبيقاتها وأحكامها من رسول الله المنزل إليه الوحي ! .
لقد جهد الصديق في أن إثبات أن الرسول أخبر بعدم تملّكه للأموال القائمة وأشار إلى تركتها بوصف الصدقة وتصرف في مقدرات الأمة بلا سلطان شرعي . ووقف موقف الحاكم مع أن خلافته لم تكتسب بعد لونها الشرعية ولم يثبت لها ذلك ، متغاضيا عن عصمة الزهراء المثبتة لها بنص آية التطهير التي لا يتوهم أحد معها صواب دعوى فاطمة . فإن النص بالعصمة هو نص بالنحلة . و إن ما يعلمه الخليفة من صدق الزهراء حقيقة لا تقبل التوهم الخاطئ أو الجهل بسبب شهادة الله تعالى بعصمتها وصدقها ، وهو الأولى بالأخذ في مصداق المجال القضائي ، لكنه أغفل الواقع المعلوم لديه ، وعليه إذا كانت الزهراء صادقة في علمه وليس من الناس من ينازعها فليس للخليفة أن ينتزع فدكا منها وتحديد الحكم بالبينة خاصة إنما يحرم الحكم ولا يجيز انتزاع الملك من صاحبة .
استشهدت فاطمة واجدة ساخطة على أبي بكر منكرة لإمامته ولمخالفته الآيات والأخبار في قضية انتزاع فدك ومنعها ميراثها وسهم ذي القربى ، حاكما بغير ما أنزل الله ورسوله ، مفترٍ على الرسول وآله بما شهد ، مؤذٍ لهم بما فعل . وقضى أبو بكر ندمانا أسفا حيث لا ينفع بحلول الغضب أسف .

الكاتبة : آمال ناصر المتوزي

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 04-19-2017 الساعة 08:48 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.