الزهراء عليها السلام وديعة الله - آية الله جوادي آملي

[ام عبد الله السعيد]

بسم الله الرحمن الرحيم

الزهراء عليها السلام وديعة الله

آية الله العلامة : جوادي آملي

بيان امير المؤمنين في الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها.. في رسالة يذكر فيها مفاخر بيته ويعتبر احدها وجود الزهراء
(منا خير نساء العالمين)
من عائلتنا امرأة لا مثيل لها في العالمين .. عند دفن الزهراء عليها السلام له جملة هي درس لنا جميعا عندما اودعها التراب قال: ( لقد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة ). يعني الانسان له بدن و روح .. البدن وديعة الطبيعة وروحه وديعة فوق الطبيعة .. كل وديعة يجب ان تعود سالمة لأصلها..
البدن لا بد ان يرجع للتراب لأن اصله التراب والروح لأن اصلها طاهرة لابد أن ترجع طاهرة ..
( اني خالق بشرا من طين فاذا سويته و نفخت فيه من روحي )
أي ان للانسان عنصرين : طين وروح .. والطبيعة مُلك الله ومِلكه والروح كذلك لكنه لم يسند البدن له لأن شرافه الانسان بروحه فتلك الاضافة التشريفية يفتقدها البدن .

عند الموت تنفصل الروح عن البدن فترجع الروح الى مكانها الاصلي والبدن كذلك حتى يلفق الله بينهما في القيامة الكبرى ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى ) اي من هذه الطبيعة خلقناكم وبدنكم ثم نرجعكم ومرة اخرى ناخذكم منها الى القيامة فالبدن يرجع الى أصله في التراب.
عندما اراد دفنها قال لقد استرجعت الوديعة يعني ان البدن رجع الى اصله وأخذت الرهينة .. يقال للاموات أنهم رهائن القبور .. كل منا له بدن ليس لنا. هذا البدن للتراب و نحن أمناء و لابد من ارجاع هذه الوديعة لصاحبها .. ونحن يعرفوننا بعنوان رهائن القبور .. بدن سيدة نساء العالمين يقول الامير واخذت الرهينة يعني صاحب الرهن اخذ رهنه .. لكن روحنا رهن لما وراء الطبيعة تلك يأخذها الملائكة و ليس الارض .. اذا خنّا الأمانة وارجعنا الروح الشفافة ظلمانية و ملوثه فإننا سوف نرى العذاب والضغوط في القبر..
اذا حفظنا طهارة الروح و حفظنا طريقها عندها (تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين..)

إذن الروح عارية و امانه و كذلك الجسم.. و ان قال الامير لقد استرجعت الامانة و اخذت الرهينة ينظر الى هذا المطلب
اذن لدينا امانات بدن و روح و لابد من ارجاعها على ما هي عليه . طريق صيانة الامانة ما هو؟ إن قال احد النفس توسوس لي .. ما يخلصنا من وسوسة الباطن او من الشيطان هو من هو اقرب الينا من انفسنا و اقرب منا و الاعلم بنا .. يقول الله تعالى اعلموا أني عليم قدير رحيم اقرب اليكم من الشيطان.. هل الشيطان أقرب منا أم الله !! قطعا الله أقرب منا..
في كل الموارد الله يقول انا موجود واقرب منك وأعلم منك وأقدر من الشيطان ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه وقال ونحن اقرب اليه من حبل الوريد..
النفس الامارة شأن من شؤوننا وتواجه عقلنا .. هل نفسنا الأمارة أقرب لنا من الله ؟؟
فطرتنا قد تستر لكنها لا تعدم .. الميل الى الله البحث عن الله و طلبه لا يمكن سلبه من احد .. كل انسان لا يفقد الفطرة حدوثا و لا يفقدها بقاء لا تبديل لخلق الله .. فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لأن الله خلق الناس مفطورين على الدين .. لكن قد تضعف و تقوى ..
هذه الفطرة يمكنها ان ترى الحقيقة المحضة وتطلبها ولأن الله تعالى اقرب من كل شيء من اي شيء فبمجرد ان نحس بالخطر نقول يا الله حتى بدون أن نتلفظها..
سلسلة الجبال تسبح ، مسلمة ، و تطيع بل يقتدون بالانسان الكامل صفوفا ..
سلسلة الجبال يصلون جماعة و تسبيحهم جماعة كما في حديثنا مع داود قلنا لسلسلة الجبال يا جبال أوبي معه , لأن سلاحنا للانتصار على العدو الباطني هو آهاتنا ..
أهل الاهات هم المسلحون ..
وسلاحه البكاء .. اهل الاهات متواضعون ، المتواضع لا يرى نفسه في النعم ما لنا من نعمة فمنك .. من يرى نفسه دائما كلامه انا خير منه .. وهو تحت ولاية الشيطان بدون أن يلتفت ..
موسى الكليم لم يستفد من جبل الطور بل جبل الطور هو من يستمد من الكليم..
الارض كل يوم تتكلم معنا وتقول انا بيت الوحشة انا بيت الغربة ..
الروح الطاهرة عندما تعود طاهرة .. تسلم عليها الملائكة
اليه يصعد الكلم الطيب اذا لم يكن الانسان طاهرا لا يصعد الى الله..
فالنجاة من الوسوسة بأن نقو ل يا الله .. فإما ينزعنك من الشيطان نزع فاستعذ بالله
و قل في الروايات لا اله الا الله..
و لا يقصد العبادة اللفظية بل التوجه الى توحيد الله .. العلم دوما وسيلة لأجل العمل .. العلم وسيلة و ليس هدف .. اما من شعاع دينهم الدنيا فأعرض عمن تولى عن ذكرنا و لم يرد غير الحياة الدنيا ذلك نصيبه من العلم ..
يتعلم حتى تصبح حياته المعيشية أفضل .. وهم عن الاخرة غافلون.

[ام يوسف]

أحسنتم بالنقل
نسأل الله أن يعيننا لحفظ ودائع أنفسنا