![]() |
|
« آخـــر الــمــواضــيــع »
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
بحث الاستاذة ام عباس ( وجعلته سيدا من السادة وقائدا من القادة ) لشهر محرم 1436هـ ( البحث كاملا )
وجعلته سيدا من السادة وقائدا من القادة (1) محرم 1436 عندما تجد الأمة قيادتها ورد في زيارة الأربعين للإمام الحسين عليه السلام: (اللّـهُمَّ إنّي أشْهَدُ اَنَّهُ وَلِيُّكَ وَابْنُ وَلِيِّكَ وَصَفِيُّكَ وَابْنُ صَفِيِّكَ الْفائِزُ بِكَرامَتِكَ، أكْرَمْتَهُ بِالشَّهادَةِ وَحَبَوْتَهُ بِالسَّعادَةِ، وَاَجْتَبَيْتَهُ بِطيبِ الْوِلادَةِ، وَجَعَلْتَهُ سَيِّداً مِنَ السادَةِ، وَقائِداً مِنَ الْقادَةِ، وَذائِداً مِنْ الْذادَةِ، وَأعْطَيْتَهُ مَواريثَ الأنْبِياءِ، وَجَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلى خَلْقِكَ مِنَ الأوْصِياءِ، فَأعْذَرَ فىِ الدُّعاءِ وَمَنَحَ النُّصْحَ، وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الْجَهالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ). عنوان البحث مقتبس من هذا النص المبارك (وجعلته سَيِّداً مِنَ السادَةِ، وَقائِداً مِنَ الْقادَةِ). ويدور حول مؤهلات القيادة وعناصرها الأساسية. هذه المادة واسعة ولها أبعاد كلامية وفقهية وعقائدية وأخلاقية سنتطرق إليها بما يخدم فهم هذه العبارة. هناك أوصاف وسمات كثيره للإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه، ويمكن تقسيمها من عدة حيثيات. ولكن سنقسمها بما يتناسب وحديثنا إلى صفات ذاتية وصفات إضافية. - الصفات الذاتية: هي الصفات التي لا يتوقف تصورها وفاعليتها على وجود طرف آخر. ككون الإمام الحسين عليه السلام معصوم أو حبيب الله أو حجته على خلقة -فالحجة في الرواية قبل الخلق- أو أنه خامس أهل الكساء. هذه الصفات تخص الإمام الحسين (ع) ولا تحتاج إلى طرف آخر. ومعرفة هذا النوع من الصفات يزيد المعتقد بالإمام الحسين معرفة وإيمانا به. - الصفات الإضافية: هي التي لا يمكن تصورها إلا بتصور طرف ثان، ومنها أن الإمام الحسين (ع) قائد أو سيد أو إمام أو ذائد. فلا يمكن تصور القيادة إلا بوجود مقودين، ولا إمامة إلا بوجود مأمومين .. وهكذا. وكما أنها معرّفات للأمام عليه السلام فهي أيضا معرفات لكل الناس، ولا تتحقق إلا بتصور علاقة الناس بالإمام ودور الناس حيال هذه العلاقة. ومن طبيعة الصفات الإضافية أنها تحدد نوع الاتصال بين المضاف والمضاف إليه، وتعين درجة الاتصال والمسافة بينهما. ومعرفة هذه الصفات تحمّلنا دوراً ووظيفة. غاية البحث: سيكون حديثنا حول هذه الصفات التي جعلها الله للإمام الحسين عليه السلام لنحقق التالي: 1. أن نعرف موقفنا منه ومن منهجه عليه السلام، وموقعنا في هذه الحلقة النورية التي يمثلها الإمام الحسين ضمن سلسلة أولياء الله ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَىٰ﴾ [المؤمنون: 44]. 2. أن يشكل ما نعرفه من موقعية الإمام الحسين كقائد وسيد بوصلة يجب ألا تضيع علينا في تضاعيف حياتنا، وبها ينبغي أن نحدد مسارنا وطريقنا وطريقتنا (1) خصوصا مع مرورنا بهذه الظروف المتغيرة، التي نحتاج فيها إلى تحديد المؤشر لسلامة سلوكنا ومدى استقامتنا على المستوى الفردي والاجتماعي وعلى نطاق الأمة. 3. أن نستعين بمعرفة عناصر القيادة الموجودة في الإمام الحسين عليه السلام في تحديد القيادات في أوساطنا، فالزيارة عبرت بأن الإمام الحسين سيد (من السادة) وقائد (من القادة)، وهي في ضمن ذلك توحي بأن حاجة المجتمع للقيادة هي ما يقره العقل والشرع. وعناصر القيادة التي هي في المعصوم تامة كاملة يفترض أن تتوفر بقدر في أشخاص على مستوى الأمة في كل زمان ومكان. بداية نحن أمام عدة مفاهيم أساسية ينبغي معرفتها للوصول إلى النتيجة وهي: 1/ الجعل الإلهي 2/ السيادة 3/ القيادة وسنفصل في كل منها بما يلي: مفهوم الجعل في القرآن سوف لن نقف على معنى الجعل من ناحية لغوية، بل من جهة قرآنية (2). استعمل (الجعل) في القرآن في موارد عديدة بمعنى يرادف (الخلق)، إلا أنه يختص بالبعد المعنوي لا المادي. فإذا تحدث القرآن عن الجانب المادي للأشياء ومنها الإنسان فهو يعبّر بالخلق ﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ﴾ [ص: 71] ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا﴾ [المؤمنون: 14] وأما إذا كان الحديث عن الجانب المعنوي فإن القرآن يعبر عنه بالجعل ﴿.. إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً..﴾ [البقرة: 30] ﴿.. إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ..﴾ [المائدة: 20] فالخلافة والنبوة مقامات معنوية، لأن الجعل هو التحويل والتبديل من حال إلى حال أرقى وأكثر شرافة، وهو صيرورة وتبدّل في جوهر الإنسان. وهذا ما درجت عليه الأدعية الواردة عن أهل البيت (ع) أيضا. جاء في دعاء كميل (وَاجْعَلْني مِنْ أحْسَنِ عَبيدِكَ نَصيباً عِنْدَكَ، وَاَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ، وَاَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ، فَاِنَّهُ لا يُنالُ ذلِكَ إلاّ بِفَضْلِكَ) وورد في دعاء عرفة (اَللّهُمَّ اجْعَلْني اَخْشاكَ كَاُنّي اَراكَ، وَاَسْعِدْني بِتَقواكَ، وَلا تُشْقِني بِمَعْصِيَتِكَ). اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك وأسعدني بتقواك ولا تخزني بمعصيتك) وأيضا (اجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ وَقَصَّرْتَ أَمَلَهُ، وَأَطَلْتَ عُمْرَهُ، وَأَحْيَيْتَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ حَيَاةً طَيِّبَةً) فالإنسان مخلوق بشراً من طين، ولكن هناك مراحل تطال جوهر الإنسان تأتي لاحقة على بشريته. هذا النحو من الجعل يجري على سائر المخلوقات أيضا. فالقرآن يعبّر عن الجنبة المادية من وجودها بالخلق، ويعبّر عن آثارها المعنوية بالجعل. يقول تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور..﴾ [الأنعام: 1] السماوات والأرض وجود مادي، ولذا عبر عنه بالخلق. أما نظام الظلمات والنور فليس كذلك، فبه تحيا الموجودات وتنمو وتتكامل. إذن الجعل هو مرحله راقيه جداً بالقياس إلى الخلق. وأعلى جعل أعطاه الله لمخلوق كان لمحمد وآله عليهم السلام، جاء في الزيارة الجامعة: (فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقينَ حَتّى مَنَّ عَلَيْنا بِكُمْ، فَجَعَلَكُمْ فى بُيُوت اَذِنَ اللهُ اَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ). ولعله من أجل هذه النكتة خص الله نبيه محمدا صلى الله عليه وآله بالخطاب حين تحدث عن جعل آدم خليفة فقال: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ يقول أستاذنا الشيخ الجوادي الآملي جاء الخطاب بصيغه المفرد (ربك) وخصّ الرسول الأكرم بها مع أن مقام جعل خليفه لله يرتبط بنوع الانسان، وذلك لأن فعلية المقام في المرتبة الكاملة يختص بالكمّل ثم الأدون والأدون ولا اختصاص له بآدم. ولأن النبي محمد صلى الله عليه وآله قد حظى بأعلى درجات الخلافة الإلهية وهو أعظم اسم تعلمه آدم من أسماء الله فقد جعل (ص) معيارا ومِلاكا لمقام الجعل هذا، فكل مجعول لخلافة الله في الأرض فمقامه بميزان محمد صلى الله عليه وآله. مفهوم الجعل في الروايات على ما يظهر أن المفهوم القرآني الذي أسلفنا بيانه للجعل كان بديهيا إلى حد أنّ أصحاب الأئمة تلقوا هذا المفهوم بنفس المعنى (أي علو المرتبة والمكانة المعنوية) ففي مقبولة عمر بن حنظلة نجد هذا التعبير: روى محمد بن يعقوب في الكافي عن محمد بن صفوان عن محمد بن الحسين عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن داود بن الحصين عن عمر بن حظلة قال: سألت الإمام جعفر الصادق (ع): عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل لهم ذلك؟ قال (ع): من تحاكما إليه في حق أو باطل فإنما تحاكما إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سُحتاً وإن كان حقاً ثابتاً له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وما أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى: ﴿ ..دد؟يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ..﴾ [النساء: 60]. قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً، فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا ردَّ، والراد علينا راد على الله، الراد على الله وهو على حد الشرّك بالله. (فإني قد جعلته عليكم حاكماً) هذه العبارة تعدّ الجعل مرتبة معنوية تعتمد على إمكانيات واقعية. وأقل ما يستفاد من هذه الرواية منصب القضاء، وسوف يأتي نقاش ذلك في طيات البحث. أقسام الجعل يمكن تقسيم الجعل إلى 1. تكويني 2. تشريعي 3. استعدادي 1/ الجعل التكويني: هو نوع جعل ينتخبه الله سبحانه ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ..﴾ [الحج: 75] فالله ينتخب من الناس رسلا ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [الأنبياء: 73] ومن الملائكة ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [فاطر: 1]. فليس كل الناس رسلا، ولا كل الملائكة رسل، بل هناك من يجعله الله سبحانه انتخابا واصطفاء. 2/ الجعل التشريعي: وهو أن يرضى الشارع وضع شخص في موضع معين وفق اعتبارات معينة. وهو يختلف عن الجعل التكويني الذي يعني العصمة والكمال التام. ومثاله تولية أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر، هذا الجعل من الأمير (ع) لمالك يجعل طاعته واجبة ومخالفته لا تجوز، ليس لأنه معصوم ورأيه يطابق الواقع بل لأنه منصّب من قبل المعصوم. وهو عين دليل من يقول بولاية الفقيه، فالولي الفقيه مجعول باعتبارات رضيها الشارع المقدس، وهو لا يحكم بالواقع بل بما يراه من مصلحة باعتباره الأكفأ، ومخالفته مخالفة للشرع. 3/ الجعل الاستعدادي: وهو جعل شأني لدى الإنسان بحيث يمكن أن يكوّن أرضية لمشاعر وأخلاقيات معينة. ومثاله ما جعله الله من مودة ورحمة بين الزوجين ﴿..وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً..﴾ [الروم: 21] فالأصل هو عدم وجود العلقة بين الجنسين لكن الاستعداد للمودة والرحمة موجود. وهذا لا ينفي وجود موانع تنفي فعلية الاستعداد. ما نريد أن نصل إليه هو أنّ سيادة الإمام الحسين عليه السلام وقيادته تكوينية وتشريعية واستعدادية في آن واحد، لأن من وجد التكوين فقد طابق ذلك التشريع والاستعداد من باب الأولوية. ومن يملك الجعل التكويني يكون له القدرة والاستعداد للتأثير والهداية. أصحاب الإمام الحسين عليه السلام لمسوا هذه القيادة والسيادة في الحسين عليه السلام، في وسط ذلك الشوش والتيه الذي كانت تغرق فيه الأمة. اثنان وسبعون شخصا فقط هم من وجد القائد السيد وشخصوه وانقادوا له. بينما انبرت الأمة لتكون ممن أسرجت وألجمت وتنقبت لقتاله. إلا لعنة الله على الظالمين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ (1) الطريقة هي باطن الشريعة، فهناك شريعة تتمثل في مجموعة الممارسات الشرعية كالصلاة والحج وغيرها، وهناك طريقة هي باطن هذه العبادات. (2) القرآن والروايات تعطي الألفاظ دلالات مختلفة عن الدلالة اللغوية الصرفة، فالتقية مثلا ترجعها اللغة إلى جذر واحد مع التقوى والوقاية، لكنها في الاصطلاح الديني تعني إخفاء المذهب والأمن من الضرر. |
الكلمات الدلالية (Tags) |
1436, ام عباس, بحث, سيدا, قائدا |
|
|