![]() |
#1
|
|||
|
|||
![]()
من وصايا الامام الخميني لابنته
عزيزتي فاطمة أخيراً فرضت على كتابة عدة اسطر، ولم تقبلي عذر الشيخوخة والتألم والابتلاءات .. الآن أبداً الحديث من آفات الشيخوخة والشباب حيث أني أدركت المرحلتين أو فقولي طويتهما ( أنهيتهما ) و (أنا) الآن في منحدر البرزخ أو النار وجها لوجه مع أعوان حضرة ملك الموت وغداً تعرض على صحفية أعمالي السوداء ويطلبون مني حساب عمري الضائع ولا جواب لدي سوى الأمل برحمة من وسعت رحمته كل شيء الذي أنزل على من هو رحمة للعالمين ﴿لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ﴾ عسى أن أصبح مشمولاً لهذا النحو من الآيات الكريمة. لكن ما العمل بالنسبة للعروج إلى حريم الكبرياء والصعود إلى جوار المحبوب والورود إلى ضيافة الله التي يجب الوصول إليها بالسعي الشخصي. في (مرحلة ) الشباب حيث كان النشاط والاستطاعة وبمكائد الشيطان انشغلت بالمفاهيم والاصطلاحات المنمقة والمبهرجة.. ولم يحصل لي جمعية ولا حال ولم أحاول أبدا الحصول على روحها ولا إرجاع ظاهرها إلى باطنها وملكها إلى ملكوت وقلنا: (لم يتحصل من قيل المدرسة وقالها إلا الكلام المحزن بعد كل ذلك الجهد والتوثب). وقد غصت في عمق الاصطلاحات والاعتبارات وانشغلت بدلاً من رفع الحجب بجمع الكتب وكأنه ليس في الكون والمكان وجود لغير حفنة من ورق ممزق باسم العلوم الإنسانية والمعارف الإلهية والحقائق الفلسفية.. مع أنها تحول بين الطالب المفطور بفطر ة الله وبين الوصول إلى المقصد وتغرقه في الحجاب الأكبر. الأسفار الأربعة بطولها وعرضها منعتني عن السفر نحو المحبوب. لا من الفتوحات حصل لي فتح.. ولا من (فصوص الحكم) حصلت على حكمة.. فضلاً عن غيرها الذي له قصة محزنة.. وعندما بلغت الشيخوخة أصبحت في كل خطوة مني مبتلي بالاستدراج إلى أن بلغت الكهولة وما فوقها التي أكابدها الآن ﴿وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً ﴾ لأنك ابنتي بعيدة عن هذه المرحلة فراسخ ولم تتذوقي طعمها أوصلك الله إليها فإنك- ودون أخذ عوارض الشيخوخة بنظر الاعتبار- تتوقعين مني الكتابة والحديث، وتمزجين أيضاً بين النظم والنثر.. ولا تعلمين أنني لست كاتباً ولا شاعراً ولا خطيباً، وأنتي يا ابنتي العزيزة التي (لم تخبري الحياة بعد)، (أصبحت حلوى قبل أن تصبح حصرما) اعلمي أنك سوف تحملين على ظهرك يوماً حمل المتأسف الثقيل على الشباب الذي تضيعينه بهذه المشاغل أو بما هو أفضل منها كما أحمله أنا (وسوف ترين) أن قافلة العشاق المحبين لله فآتتك لا سمح الله .. إذن اسمعي من هذا الهرم البائس الذي يحمل هذا الحمل وقد انحنى تحته.. لا تكتفي بهذه الاصطلاحات التي هي الفخ الكبير لإبليس وكوني بصدد البحث عنه جل وعلا... أيام الشباب وأنسها وملذاتها سريعة الزوال.. وأنا قد طويت جميع مراحلها وأصارع الآن عذابها الجهنمي. والشيطان الداخلي مصر على إبقاء روحي في قبضته كي- والعياذ بالله تعالى- يسدد بالضربة الأخيرة ولكن اليأس من رحمة الله الواسعة هو في حد ذاته من الكبائر العظيمة ولا قدر الله أن يبتلي العاصي به (اليأس)، يقال أن الحجاج بن يوسف مجرم التاريخ قال في آخر عمره: اللهم اغفر لي رغم أني أعلم أن الجميع يقولون أنك لا تغفر لي وعندما سمع الشافعي ذلك قال: إذا كان قال ذلك فلعل.. وأنا لا أعلم هل وفق ذلك الشقي لهذا الأمر أم لا وأعلم أن الأسوأ من كل شيء هو اليأس. وأنتي يا بنتي لا تغتري بالرحمة فتغفلي عن المحبوب ولا تيأسي فتخسري الدنيا والآخرة. حفظ الله بحق أصحاب الكساء الخمسة، أحمد وفاطمة وحسن ورضا وعلي- الذين هم من سلالة الرسول العزيز ووصيه وبهذا أفتخر ويفتخرون- من الشرور الشيطانية والأهواء النفسانية.. انتهى هنا كلامي وحجة الله تامة علي والسلام.. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قبسات من حياة الامام الخميني الشخصية (2) | مريم المهدي | قل سيروا في الأرض | 1 | 04-11-2014 07:57 PM |
رسالة الامام الخميني (قدس )لزوجتة | مريم المهدي | منتدى الأسرة | 0 | 03-17-2014 05:01 PM |
وصية من الإمام الخميني والسيد علي الخمنائي | مريم المهدي | وصايا العلماء | 0 | 02-19-2014 06:28 PM |
قبسات من حياة الامام الخميني الشخصية (1) | مريم المهدي | قل سيروا في الأرض | 0 | 02-06-2014 03:26 PM |
من وصايا الإمام العسكري وإرشاداته لشيعته | ام عبد الله السعيد | سيرة و تاريخ | 0 | 01-08-2014 10:51 PM |