![]() |
#1
|
|||
|
|||
![]()
استثمار موسم شهر محرم
إن المؤمن طموح، وهذا الطموح يتمثل في العمل من أجل جعل الموسم الذي هو فيه، خير موسم مر عليه، فيكون شعاره سواءً كان موسم الحج، أو موسم شهر رمضان المبارك، أو شهر محرم، أو زيارة الحسين (ع) في كربلاء- دائما وأبدا: اللهم اجعله خير موسم مرّ عليَّ إلى الآن!.. هذا الطموح يجب أن يكون في قلب كل مؤمن، لذا عليه أن يكثر من الدعاء في أن يجعل الله –عز وجل- موسمه هذا موسماً متميزاً. - إن ظاهر أيام محرم ظاهر ولائي، ولكن باطنه باطن توحيدي.. فالإنسان في هذه الليالي والأيام، قد يعيش مشاعر عاطفية تجاه أهل البيت، ولكن هناك قاعدة تقول: أنه لا اثنينية أبداً بين الطريق الإلهي، وبين طريق النبي وأهل البيت.. فذكرنا ذكر الله، وبتعبير آخر: هما وجهان لعملة واحدة.. أي أننا تارةً نصل إلى الله -عز وجل- عن طريق الولاية، وتارة نتعرف على الولاية من خلال التوحيد.. كما أن الله -عز وجل- ما عرفه حق المعرفة إلا النبي وعلي، ولم يعرف النبي إلا الله وعلي، ولم يعرف عليا إلا الله ورسوله.. وبالتالي، فإن هذا المثلث المبارك -التوحيد، والنبوة، والإمامة- كل ما فيه يعضد بعضه بعضا. ومن هنا، فإن على المؤمن في هذه الأيام المباركة، أن يحاول اكتشاف كل ما هو جديد، وعليه أن يكون على أفضل حالة مرت عليه.. فإذا رأى أن حالته في هذا الموسم كحالته في الموسم السابق، -ولنفترض أن حالته في الموسم السابق، كانت حالة متميزة- فهو ليس برابح، لأن من تساوى يوماه فهو مغبون، وكذلك من تساوى موسماه. - إن هناك شروطا لحضور المجالس الحسينية، فهذه المجالس هي مجالس عبادة وذكر، لذا يستحب للمؤمن أن لا يدخل المجلس إلا وهو متوضئ، وفي حال توجه.. -وكما أُمرنا أن نقدّم صدقات بين يدي رسول الله- فليحاول المؤمن أن يقدم هدية إلى النبي وآله، وإلى أصحاب الحسين (ع)، فمثلا: ليلة العباس (ع) عندما يذهب إلى المجلس وفي الطريق، فليكثر من الصلاة على محمد وآله، بنية أن تصل هذه الهدية القيمة إلى روحه (ع). هناك مضمون رواية تقول: أن الذي يقرأ الفاتحة للميت، ويردفها بسورة التوحيد ثلاثاً.. فإن هذه الهدية تصل للميت، بالإضافة إلى ذلك فإنه يعرف من الذي قدم له هذه الهدية.. وعليه، فإن أهل البيت (ع)، والذين ألحقوا بأهل البيت كالعباس (ع) وسيدتنا زينب، هؤلاء ملحقون في جهة من الجهات بالمعصومين (ع).. فماذا سيكون حال الإنسان إذا دعا له أبو الفضل العباس (ع)!.. هذا العبد الذي لا ترد له دعوة، فهو باب الحوائج إلى الله عز وجل. - إن من أهم الدروس العاشورائية، ومن أهم دروس كربلاء، أن نتعرف على منهج أهل البيت (ع) في الحياة.. إذ أن ولايتهم مسلًّمة، فنحن قوم -بحمد الله- آمنا بهم منذ نعومة أظفارنا، وأول ما لهجنا بهِ ذكر النبي وعلي وفاطمة.. والكثيرون قد بدأت علاقتهم بالمآتم منذ أن كانوا أطفالا رضعا.. فإذن، جانب الولاية والتولي مفروغ منه، وكذلك سيرتهم، وتأريخهم.. إن التأريخ أمر جيد، ولكن التأريخ قد لا يحتوي على الشحنة العاطفية المؤثرة في مقام العمل الخارجي.. فالحسين (ع) يريد منا أن نكون متأدبين بآدابه قبل أن نكون من الباكين عليه. - إن البُكاء الذي يصدر من عقل واعٍ، ومن إنسان يمتلك جوارح مطيعة، هذا البكاء لا يُقدّر بثمن.. فأصحاب الحسين (ع) استشهدوا، وأيضاً أصحاب الأخدود قتلوا في سبيل الله، بنص القرآن الكريم: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ}، أي قتلوا استشهاداً، فأحرقوا وعُذِبوا في الله عز وجل.. وسحرة فرعون على رأس الشهداء، هؤلاء الذين آمنوا بموسى، فعذبهم فرعون وقتلهم بأفجعِ قتلى.. فإذن، لماذا هذا الخلود لأصحاب الحسين (ع)؟.. إنهم أيضاً شهداء، وعُذبوا في طاعة الله عز وجل، وقد قال فيهم الإمام الحسين (ع) ليلة عاشوراء: (فإني لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي). الجواب هو: أن هؤلاء الشهداء كانت أنفسهم متميزة: فحبيب وزهير ومن كان معهم من الأصحاب، وصلوا إلى درجة اليقين، واليقين في القلب يعطي الشهادة معنى.. والذي يسأل الله -عز وجل- الشهادة، عليه أن يهذب نفسه قبل ذلك، فيقدم لله -عز وجل- نفساً جميلة ونفساً مهذبة. - إن سلوك أصحاب الحسين (ع) ليلة العاشر، سلوك إنسان مقدم على ساعات مؤنسة ولذيذة، فهذا يقينهم.. لذا علينا أن نرفع من مستوى الوعي الفكري، ومن مستوى الالتزام الخُلقي.. فالذي يرتكب معصية هذه الأيام، فإنها لا تمر بسلام.. كما أن المعاصي مضاعفة في الأشهر الحرم، فمثلا: في شهر رمضان الإنسان يُحاسَب أشد من الأيام الأخرى.. وإذا ارتكبَ الإنسان معصيةً -نظرةً مُحرمة- في حال الطواف، فإن هذه النظرة لا تقاس بالنظرة في شوارع باريس مثلاً. وكذلك هذه الليالي والأيام، فإن الإنسان الذي يلبس السواد؛ أي أنه يقول للناس أنه حسيني، وأنه مصاب، ومعزى، وأنه فقد عزيزاً.. فهل الذي يفقد عزيزا، يرتكب المعصية، ويتكلم بالكلام المضحك، والذي لا معنى له!.. أما أن سيماء الحزن تظهر عليه؟!.. فإذن، إن هذه الليالي والأيام، هي ليالي الصفقة مع الإمام الشهيد.. وهذان الشهران محرم وصفر، نِعْمَ الفرصة للالتزام بالاستغفار، الذي يوجب العلم الكثير، أو المال الكثير.. حيث بإمكان الإنسان أن يلتزم بهذا الاستغفار أثناء ذهابه وإيابه.. عن الصادق (عليه السلام) قال: من قال كل يوم أربعمائة مرة، مدة شهرين متتابعين؛ رزق كنزا من علم أو كنزا من مال: (أستغفر الله الذي لا اله إلا هو، الرحمن الرحيم، الحي القيوم، بديع السموات والأرض، ذو الجلال والإكرام، من جميع ظلمي وجرمي وإسرافي نفسي وأتوب إليه). جزء من محاضرة للمربي حبيب الكاظمي . |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
أستغفر, الكاظمي, حبيب, عاشوراء ، الحسين |
|
|