|| منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية ||  

العودة   || منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية || > || الأقسام الثقافية || > السائحون

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: على خطاها (آخر رد :ام يوسف)       :: المقاطعة تعاطف أم تكليف (آخر رد :ام يوسف)       :: اختبار فلسفة سادس ج١ الفصل الثاني ١٤٤١ه (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: ناقضة الغزل (آخر رد :ام يوسف)       :: طالب العلم وأمانة التبليغ (آخر رد :ام يوسف)       :: إنه الإنسان (آخر رد :ام يوسف)       :: أهمية تحصيل العلم (آخر رد :ام يوسف)       :: سيدة الوجود ...سر الوجود (آخر رد :ام يوسف)       :: نموذج اختبار فلسفة سادس الفصل الأول 1441هج (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: المدرسة القرانية تفسير موضوعي سنة سابعة (آخر رد :ام يوسف)      


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-21-2024, 12:40 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي الدعاء في مدرسة أهل البيت عليهم السلام ( الدرس الثاني )

الدعاء في مدرسة أهل البيت عليهم السلام
سماحة الشيخ عبد المحسن النمر
الدرس الثاني


الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير خلقه حبيبه و نجيبه وصفيه أبي القاسم محمد وعلى آله الطبيين الطاهرين و اللعن الدائم على أعدائهم و ظالميهم إلى قيام يوم الدين
الدعاء عند مدرسة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة و السلام

الخاصية الأولى
إن الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام لا يوجد لها مثيل بين سائر المدارس الإنسانية لا من حيث الكم ولا من حيث السعة ولا من حيث العمق.
ولو تتبعنا ما ورد في الكتب الموروثة من أدعية وغيرها لدى سائر الأمم من أتباع الديانات السماوية والأرضية من جهود بشريه مؤمنة بالخالق سبحانه وتعالى أم متنكرة لوجوده عز وجل، فهذا الخطاب الفطري الوجداني في الدعاء عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام ليس له نظير ولا مثيل. وسنشير إلى جملة من بعض الخصائص التي يتميز بها الدعاء في مدرسة أهل البيت(ع).

المناهج المعرفية عند الإنسان في بلوغه الكمال متعددة منها
المنهج الأول: مناهج تبتني على التأمل و التفكر العقلي كما عرف الإنسان المدارس التي نشأت في الهند و بلاد الصين و مناطق الشرق العالم حول أشكال تفسير هذا الوجود و التفكر في هذا الوجود عبر مسيرة عقلية.
كما نشأت أيضا لدى المسلمين في إثبات الحقائق عبر ما يسمى بالفلسفة الإسلامية عدة مناهج تعتمد على بحوث عقلية تأسيسية في معرفة ضوابط العقل لإدراك الحقائق ثم تحليل هذا الوجود و البحث في شواهد هذا الوجود و استنتاج غيبيات هذا الوجود، فالفلسفة للإنسان عطاء عال في النظر والتفكر، و قد أبدع جملة من الفلاسفة حتى من غير المسلمين في تثبيت قواعد للنظر وقواعد للتحليل وقواعد لتحرك الفكر والمعرفة.

وأما في الفلسفة الإسلامية فقد بلغ هذا الأمر أعلى درجاته و أسمى مراحله, وهذا النهج الفكري تعمق في قدرات الإنسان العقلية و أنشأ منها و استثمر فيها و استخرج من هذه القدرات العقلية عطاءات واسعة.

المنهج الثاني للإنسان السعة في تكامل وجوده وتربية نفسه و تصفيتها وأيضا هذا المسار أسفر عن جملة من المناهج التي أفادت و أعطت و أثمرت وبنى عليها الإنسان بناءات حضارية.

المنهج الثالث التجريبي الذي يبتني على ملاحظة ضوابط الحركة و العلاقات بين الموجودات من الناحية الحسية والتجريبية و هذه أيضا كان لها نتائج كثيرة من الاكتشافات، و نحن لا نريد المحاكمة لأي من هذه المناهج بل إننا ندعو رواد البناء النفسي إلى استثمار كل هذه المدارس.

مع الأسف الشديد هناك من اتجه إلى نقد هذه الاتجاهات فلسفيةً، عرفانيةً، علميةً، لعلنا نسمي المنهج التجريبي بالعلمي كما يسمون أنفسهم و يقصدون بذلك العلم التجريبي ، البعض وقع في خلل في النظر إلى هذه الأمور فركز نظره على الجوانب السلبية في الفلسفة مثلا و بعض النتائج الغير سليمة في الفلسفة أو بعض النتائج و بعض الاستثمارات الغير سليمة و صحيحة في العرفان و العلم الروحي وتصفية النفس، وبعضهم ركز نظره على الجانب التجريبي و حاكمهم محاكمةً (تقية) و بيّن نواقصه!!

إن الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء أنهم لم يحسنوا استثمار هذه النتائج، و الصحيح هو أن يعمد الإنسان الصادق إلى أن يستفيد من محاسن هذه المناهج، فكل منهج فيه عطاء، فعليه أن يتعرف على جوانب الحسن فيما أثمرات الفلسفة وكذلك جوانب الجمال فيما وصل إليه العرفان و التصفية الروحية و جوانب الاستثمار الحقيقي فيما توصل إليه الإنسان وتجاربه العلمية.
من الخطأ أن نحرم أنفسنا فوائد عظيمة جداً في الفلسفة و فوائد أعظم منها في العرفان و بعض الفوائد في التجربة العلمية بإعتبار وجود خلل فيها، فهناك خلل بلا شك، فالفلاسفة أخطأوا في بعض الجهات لكن هناك جوانب في غاية الحسن والجمال في الفلسفة. ويمكن أن نشير إلى هذا المثال: بعض أهل الفقه المختصين رموا الفلسفة بالخلل وأنا لا أريد أن أقف عند بعض النقودات و البحث فيها لكن أقول هؤلاء الذين يرون في الفلسفة نقصا و خللا ويتحدثون عنها على نحو المساوئ ألا يرون أن في الفقه استثمارات كثيرة فيما أبدع فيه الفلاسفة, فمن الخطأ أن نحرم أنفسنا من محاسن الفلسفة بسبب الأخطاء الموجودة فيها، ومن الخطأ الأكبر أن لا نستفيد من المناهج العرفانية بقدر ما تستعد له أنفسنا لأن هناك من شطحت آراؤه بالعرفان أو أن نعارض نتائج البحوث العلمية لأن هناك فيها نقائص.

أقول من بين هذه المناهج كلها يمكن للإنسان أن يمتص رحيقها و عسلها ويتجنب الوقوع في مساوئها, هذه النقطة مهمة بل في غاية الأهمية، الآن نتحدث عن الخاصية التي في الدعاء.
عرفنا النتائج عرفنا المدارس ولو بنحو من التعرف الآن الدعاء ماذا يعني؟ ما هي الخاصية في الدعاء في جميع هذه المدارس؟ الجواب أن الدعاء يعطيك ثمرة الحق في أجمل و أبهى صوره يكدح الفيلسوف و يتعب نفسه ويدرس المقدمات و يقرأ البحوث الفلسفية و المعرفية و المنطقية لكي يصل إلى نتائج في إثبات الحق و معرفة حقيقة الوجود، و ينهج صاحب العرفان في مدرسته العرفانية و يبذل قصارى جهده في السير و السلوك و العالم التجريبي الحسي أيضا يريد أن يصل إلى ثمرات.

أقول ميزة الدعاء أنه يوصلك إلى الثمرة وإلى النتيجة التي تبلغ بك الكمال دون أن يخوض بك في طريق عسرة. الدعاء يختصر طريق الحق الدعاء يقوم بما تعطيك الفلسفة جاهزاً ناضجاً الدعاء يأخذ بقلبك إلى المناهج العرفانية دون أن يكلفك بحوث أهل العرفان و أساليبهم وما تريد أن تحققه من قدرات و إمكانيات في العلوم الأخرى يوصلك إليها الدعاء بأيسر طريقة .
ولنأخذ نموذجاً لبعض أدعية أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم ونرى كيف أن النهج الفلسفي و البحوث الفلسفية أبحرت في هذه المسائل و أعطى فيها بعد جهد و تركيبة من النظريات من القضايا المنطقية من النظريات العقلية.

ولكن الدعاء سلمها إليها صافية نقية خالية من الشوائب، الدعاء عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه الذي تقرؤونه في كل ليلة جمعة لنرى أن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه بدعائه يوصلنا إلى أجمل المعارف وأعلاها؛ المعرفة التي تاه في الطريق إليها كثير من أهل الفلسفة.

يقول أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: (إِلهِي وَمَوْلايَ، أَجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْماً اتَّبَعْتُ فِيهِ هَوَىٰ نَفْسِي، وَلَمْ أَحْتَرِسْ فِيهِ مِنْ تَزْيينِ عَدُوِّي، فَغَرَّنِي بِما أَهْوَىٰ، وَأَسْعَدَهُ عَلَىٰ ذلِكَ القَضاءُ، فَتَجاوَزْتُ بِما جَرَىٰ عَلَيَّ مِنْ ذلِكَ بَعْضَ حُدُودِكَ، وَخالَفْتُ بَعْضَ أَوامِرِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ، وَلا حُجَّةَ لِي فِيما جَرَىٰ عَلَيَّ فِيهِ قَضاؤُكَ، وَأَلْزَمَنِي حُكْمُكَ وَبَلاؤُكَ)
في علم الفلسفة يبحث الفلاسفة طويلا عن علاقة العلة بالمعلول وعن العلة الوجودية، وأن الخالق جل وعلا هو كمال الوجود وواجب الوجود و كل ما وُجد فهو فعله، و يطيلون البحث في هذه المسائل لكي يوضحوا لك بأنه ليس في هذا الوجود شيء غير ما خلقه الله. وفي نفس الوقت يبحثون علاقة الفعل وعلاقة الفاعل القريب بفعله مسيرا كان أم مخيرا و يطيلون الحديث في هذه المسألة ويحاولون الوصول بك إلى إدراك أننا غير مسيرين ولسنا مجبورين على العمل ومع ذلك فإن الأعمال لله عز وجل هكذا يبحث الفلاسفة عبر بحار طويلة من القواعد و النظم الفكرية، ولكن إذا قارنتها بهذه الكلمات و الجمل لأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وجدت أن كل ما وصل إليه الفلاسفة وكل ما أرادوا أن يعلموك فيه بهذا الطريق العسر الطويل المعقد بفلسفتهم وبحوثهم و نظرياتهم تراه في هذه الجمل جليا في هذه الجمل (إلهي أجريت علي حكما) ، فالمجري الفاعل هو الله عز وجل (إتبعت فيه هوى نفسي) الفاعل الحقيقي في هذا الوجود هو الله عز و جل وكل ذرة من ذرات هذا الوجود فهي خلق الله وعطاء الله وفيض الله عز و جل وفي عين الوقت أنا أتحمل جرائر خطاياي، أنا الذي استقبلت هذا العطاء الرباني و الفكر و الإمكانيات وأنت فاعل كل الأشياء ومع كل ذلك أنا اتبعت بهذه العطاءات هوى نفسي ولم أحترس فيه من تزيين عدوي، فالخلل و النقص والسوء والسيئات ناتجة مني فغرني بما أهوى و أسعده على ذلك القضاء
الخلق أوله لك والعطاء أوله بفيضك وهو فقير إليك بكل مراحل تحققه، و أسعده على ذلك القضاء وأنا الذي تجاوزت بما جرى علي من ذلك بعض حدودك فمساوئ العمل تعود إلي و محاسن الخلق و الفيض و الوجود هي لك فلك الحمد علي في جميع ذلك، هذا مجرد نموذج من نماذج العطاءات الفلسفية التي تفيض بها أدعية أهل البيت عليهم أفضل الصلاة و السلام ولكن كما ترون هذه المزية في أن هذه الحقائق تزرعها في نفسك الدعاء و يصلها لك الدعاء دون الخوض في بحار النظر و القضايا و القواعد و القياسات
الخاصية الأولى هي اختصار الطريق إلى كمال المعرفة، فالإنسان الذي أنتعش قلبه بالأدعية فقد وصل إلى كل حقائق الفلاسفة وكل ما وصل إليه أهل العرفان فيستقيه بل ويتشرب منه لمحافظته على قراءة أدعية رسول الله و أهل بيته الأطهار.

نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا و إياكم ممن يحسن التفهم و الإدراك و الحركة المعرفية و الحركة الروحية في الدعاء في مدرسة أهل البيت عليهم الصلاة و السلام
و الحمد لله رب العالمين
الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf الدرس الثاني.pdf‏ (329.9 كيلوبايت, المشاهدات 0)
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.