![]() |
|
« آخـــر الــمــواضــيــع »
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم
خصوصية الحوزة ومسؤوليتها في البناء الحضاري..الشهيد الصدر نموذجًا مقال سماحة الشيخ الفاضل عبد المحسن النمر في الحديث عن دور الحوزة العلمية بمجموعها من أكبر وأعلى مراتبها إلى الداخلين والمبتدئين في مسلك التحصيل والتعلم الديني مسؤوليتهم إلى أي مدى تتسع؟ وماذا تشمل؟ ومن أين جاءهم هذا التكليف؟ لتوضيح هذا الأمر يجب علينا أن نفهم أن دور الحوزة العلمية يتسع باتساع مقاصد الدين وأهدافه ورسالاته. رسالة الدين هي إخراج الناس والأمم وكل من كان فيه استعداد وقابلية، اخراجهم من الظلمات إلى النور قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (إبراهيم:1) هذه المسؤولية التي تحملها الأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم) ورثها العلماء ،والعلماء هم السالكون في طريق معرفة الدين واستيعابه وايصاله إلى الأمم، هذه خلاصة العبارة المركزية التي توضح مسؤوليات الحوزات العلمية، وهي ما ورثوه وما تحملوه وما حملته الرسالات السماوية على أهل العلم. على العلماء أن يُخرجوا الناس من الظلمات إلى النور تبعًا لمسيرة الأنبياء(عليهم السلام) واستكمالًا لجهودهم، فهذه مسألة أساسية ومركزية يجب أن تكون واضحة على نحو الخصوص إذا أردنا أن نتوقف عند ما تحمله علماء الدين في مسيرتهم، وبالأخص عند حديثنا عن السيد الشهيد المقدس آية الله السيد محمد باقر الصدر. علينا أن نلتفت إلى الظرف الذي عاصره السيد الشهيد (قدس الله نفسه الزكية) في تلك الفترة الزمانية، فقد كانت هناك محاربة شديدة وقاسية لم تترك اسلوبًا ولا طريقًا في محاربة الدين وأهل الدين إلا واتبعته- وربما هذا الأمر يحتاج إلى مزيدٍ من القراءة والمتابعة والتوضيح- فقد كانت الهجمة على الدين هجمة شرسة من الناحية الفكرية والعملية والاجتماعية والحياتية؛ بل ربما نقول إن الدين مر على امتداد العصور بحالات كان هدف الظالمين دفن الدين والتخلص منه، فاجتمعت أسباب متعددة ومن جهات متعددة في محاولة لطمس معالم الدين عن حياة الإنسان. السيد الشهيد(قدس الله نفسه الزكية) استوعب هذا الوضع و قرر أن يعيد الحياة إلى الإنسان، وأن يعيد الدين إلى الإنسان، وأن يعيد الدين إلى واقع الظرف الذي تمر به الأمة وبالأخص الحوزة العلمية في النجف الأشرف والحوزة العلمية الشيعية بصورة عامة، ولعلنا نتوقف عند ثلاثة عناصر أساسية تحمّل أعبائها السيد الشهيد (قدس الله نفسه الزكية) . العنصر الأول المواجهة العلمية والفكرية: في القرن التاسع عشر وبالأخص في الخمسينيات والستينيات ظهرت أفكار ذات طابع شديد الدقة في مواجهة الدين من أفكار، وأبعاد فلسفية، وفكرية، وتحليلية تتبنى نظريات في تفسير حياة الإنسان وعلاج الوضع الإنساني عبر التخلص من الدين وإلغاءه من حياة الإنسان. السيد الشهيد (قدس الله نفسه الزكية) وقف بفكر عبقري بعيد التأثير وبعيد العمق والأمد في مواجهة هذا التيار، مواجهة فكرية تمثلت في نتاجاته في الاقتصاد والفلسفة وفي التحاليل الفكرية كما نشرها في كتبه، فكانت هي الصد المنيع الذي أوقف هذا التيار الجارف، وكانت الأمة متعطشة وفي أمس الحاجة إلى مثل هذه الطاقة المقتدرة التي نازلت وواجهت هذه التيارات الفكرية، وقد انتصر السيد الشهيد وأعطى للفكر الإسلامي أرقى أساليب المحاورة والمنازلة، وأثبت علّوية الدين وانتصاره على سائر المنتجات النظرية المخالفة للدين والمحاربة له. العنصر الثاني اعداده للطاقات والقدرات الفكرية : من خلال تربيته لجملة من أهل الفكر والمعرفة والإدراك الديني الصحيح والسليم عبر هذه الروح المخلصة والمحبة التي ذابت في الدين واستوعبته، وأنارت الطريق لمعرفة الدين. ثلة من أهل الإيمان والفكر تربوا على يد السيد الشهيد (قدس الله نفسه الزكية) وأصبحوا منارات في مواجهة الضلال وإحياء الهدى. العنصر الثالث تحمله لهموم الناس ومشاكلهم: لم يقبل السيد الشهيد أن يبقى على رأس هرم الحوزة العلمية في معيشته وعلاقته وفي مقامه الرفيع بعيدًا عن تحمّل المسؤوليات الاجتماعية وهداية الناس. لقد أبدع السيد الشهيد (قدس الله نفسه الزكية) في إنارة هذا المنهج وهو منهج المحبة السالكة، المحبة التي أشاعها بين أفراد الأمة. هذه المحبة وهذا التحمّل لحياة الناس ومعالجة شؤونهم ومعالجة هموهم جذبت لشخصيته الطيبين والمخلصين والباحثين عن الحق. لعل هذه العناصر الثلاثة: التصدي الفكري، والتربية للقيادات الإيمانية، و معايشة هموم الناس هي ما ولّد لنا هذه الشخصية النادرة وهذا العطاء المتدفق الذي يذكرنا بدور جده الإمام الحسين (ع)، وبدور أمه فاطمة الزهراء وبدور أجداده الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين). سيبقى اسم هذا السيد الشهيد، وحياته، وسيرته نبعًا ثريا يعيش من عطائه المؤمنين، القرون والقرون إلى أن يخرج الله عز وجل البشرية من الظلمات إلى النور على يد المخلص الأعظم، سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان (عج) وبجهود هؤلاء المخلصين، الواعين العارفين. التعديل الأخير تم بواسطة بثينه عبد الحميد ; 04-10-2021 الساعة 01:25 AM |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|