![]() |
#1
|
|||
|
|||
![]()
🔆🔅العقيدة بين السائد
والمأمول🔅🔆 ..لسماحة الشيخ عبدالله الطاهر النمر 🔹🔸الدرس الاول 🔅بسم الله الرحمن الرحيم🔅 للشريعة الإسلامية قدرة على معالجة الشأن الإنساني في كثير من آفاقه ، لكن نحتاج بناء منظومة معرفية لتكون قاعدة وأرضية لبناء الفكرة المقصودة على أساس قويم ومحكم . بداية نقول إنه من الجلي أن الإنسانية اليوم تعيش حالة من الإرباك في مبانيها المعرفية ككل . فهي اليوم محل إمتحان و تساؤل في كثير من مناحيها . و يمكننا أن نلاحظ أنَّ هناك ثلاث خصائص عامة تطغى على المعرفة الإنسانية بشكل عام في كل المجالات و الدوائر الإنسانية . ✴الخصوصية الأولى الظاهرة في الثقافات السائدة أنها ثقافات مؤطرة وموروثة . أغلب الأفكار والأطروحات والمباني يطغى عليها جانب التأطير ، كل أمة تأنس بما عندها من موروث فكري . قل مانجد من يخرج عن هذا الإطار و يتحرر عن هذه القيود المروثة. ونحن لا ندعو للإنفلاتات الاعتباطية و التمرد ، بل ندعو للتحرر الواعي . مع الأسف أن هذه الخصوصية لا تختص بأهل الباطل ، حتى في دائرة أهل الحق أيضاً يلتزمون بما عندهم من قيم ومفاهيم موروثة . يقول الله تعالى في واقع إنساني يغطي مساحة كبيرة من الواقع البشري (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ )🔹 البقرة 170 حتى لو كان آباؤهم لا يعقلون و لم يصلوا لمباني واضحة أو يأخذوا بمنهج هداية ورشاد ،مع ذلك الأمم اللاحقة تتبع مسيرة الأمم السالفة من آباؤهم وهذا له أسباب منها : 🔸 الأول : هذه حاله ذهنية سائدة ، أي إنها حالة قصور بشري كثيرا ما ينخدع الذهن البشري بما هو سائد ، وكما يقول بعض الحكماء " أقوى برهان عند عموم الناس هو التكرار الخارجي " سيادة أمر وانتشاره شيء يؤخذ على إنه دليل و برهان بغض النظر عن حجيتة. 🔸الثاني : الإستئناس الروحي . أغلب الناس يميلون إلى الإنقياد لما عند الآباء والمتسيدين من الناس ، فيلتزمون بأقوال آباؤهم وأسيادهم اكراما لهؤلاء وتعصبا للنفس . 🔅 إذن السبب الأول نوع من القصور ، السبب الثاني حقيقة تقصير . ولعل هناك أمورا اخرى ايضا تساهم في تأطير المنظومة الفكرية لدى كثير من عموم الناس. هذه فكره عامة في كثير من الثقافات و المعارف انها معارف تأطيرية موروثة . ✴الخصوصية الثانية التي تتسم بها الكثير من الثقافات السائدة هي أنها هشة . بالإضافة إلى أنها موروثة ، هي تؤخذ أخذا اعتباطياً ، و بنحو من الإجمال والالتقاطية وعدم البناء العلمي . بل إنه في الحقيقة كثير مما هو سائد عند الناس لا يحكي عن علم بمقدار ما يحكي عن تقليد وانقياد أو كما يعبر القران الكريم حالة من الظن والتخريص يقول الله تعالى( وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) 🔹الانعام 116 و هذا هو المزاج السائد لدى الناس ✴الخصوصية الثالثة هو إن هذه المعارف و المباني المعرفية بالإضافة لكونها تأطيرية وموروثة وهشة لا تقوم على أسس فهي ليس لها هدفيَّة إلا بمقدار ماتبرر للناس واقعهم المعاش . فقط هي صبغة عامة تحقق الرضا النفسي لدى كثير من الناس ، لا يهمهم اكثر من ذلك . حتى من يتفق أن يوجدوا في بيئة صالحة ومحقة ، يلتزمون بهذا الإطار و هذا الموروث ويأخذونه تعبدا وانقيادا لما كان عليه آبائهم ، ولكنهم لا يهدفون من هذا الاتباع لأنه حق و فضيلة ، بل بمقدار ما انه يحقق لهم الرضا و السكون النفسي . ومن هنا نحن في الحقيقة بأمس الحاجة -بغض النظر عما في أيدينا من مفاهيم وقيم وعقائد هل هي مصيبة أو مبطلة - إلى أن نخضعها لميزان الحق والفضيلة لتكون أنفسنا أكثر تمسكاً و صدقاً في الاعتقاد. إن هذا الالتزام التأطيري بالموروث والانقياد له يكون هشاً لايُحدث للنفس صبغة واضحة ، ولا يُعطي للروح القيمة الانسانية. هذه المفاهيم و العقائد و القيم تكون مجرد صبغة ظاهرية ، معلومات مدرسية لا تغور في أعماق القلب ، وكما تعبر الروايات أنه " من دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه، ومن دخل فيه بالكتاب والسنة زالت الجبال قبل أن يزول ". فمن يدخل في الدين عن عقيدة ووعي وصدق فإنه تزول الجبال قبل ان يزول ، ويكون متمسكا بهذه العقيدة لإنها تحكي عن إيمانه وذاته وفطرته . 🔅نرجو من الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للإهتداء والوصول لطريق الحق والرشاد وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين. 💠 الحلقة الأولى 💠 : http://youtu.be/lwmwSmJuCt4 🔸اللجنة الإعلامية لحوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية🔸 |
#2
|
|||
|
|||
![]()
دروس عقائدية ... العقيدة بين السائد والمأمول
هي نظرة دقيقة وعلمية ومتينة وعميقة للواقع المعاصر ..ووضع اليد على مركز الخلل ومعالجته شكرا لسماحة الشيخ على هذا الطرح شكرا للحوزة على هذا الوعي ننتظر باقي الدروس ![]() ![]() |
#3
|
|||
|
|||
![]()
🔆🔅العقيدة بين السائد والمأمول🔅🔆
سماحة الشيخ عبدالله الطاهر النمر 🔸🔹الدرس الثاني خصائص العقيدة المقبولة🔹🔸 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف النبيين وآله الطيبين في الدرس السابق كان الحديث عن المواصفات العامة السائدة لما هو منتشر اليوم من عقائد وثقافات عند الكثير من الناس ، و مقابل ذلك نشير للخصائص الأساسية التي يجب ان تتصف بها العقيدة لتكون عقيدة مقبولة ومتوازنة . 💠الخصيصة الأولى : ان تكون العقيدة قادرة على معالجة الواقع الخارجي معالجة حكيمة بمعنى أن تشخص لنا: نحن اين، من اين، كيف نعيش، ماهي حقيقة الواقع الموجود في الخارج، وماهي الأوهام. قد تكون هذا التساؤولات بدواً غريبة ً؛ فالواقع هو الذي نشاهده ونراه ، ولكن من الوضوح بمكان أن هذه القضية تحتاج في الحقيقة إلى بناء معرفي محكم و موزون على ضوئه نشخص ما هي الدائرة التي نؤمن بوجودها ونقررها في الخارج ،وما هي الاشياء الموهومة. وان الاكتفاء بتصورات مجملة لن يكون واقياً لكثير من الناس من الوقوع في اهتزازات وارباكات عقائدية على مستوى معرفة الواقع الخارجي مقابل الكشوفات العلمية و الفيزيائية المتجددة، كما حصل ذلك في فترات زمنية سابقة وفي بيئات مختلفة، فكلما انكشف لدى الإنسان بعض آفاق المعرفة والعلوم والفيزيائية الجديدة كلما تخلخلت عقيدة الإنسان اذا لم تكن عقيدته مبنية على وضوح ومنطقية وإدراك فلسفي متوازن، فالعقيدة التي ندعو لتبنيها يجب أن تكون متمكنة من معالجة وتشخيص حقيقة المتقرر في الخارج بشكل واضح ومتوازن. إذاً العقيدة المطلوبة يجب أن تكون قادرة على معالجة هذا الشأن أولاً. 💠الخصيصة الثانية: أن تكون العقيدة قادرة على معالجة المنطق الأخلاقي والقيم الأخلاقية، وهي الاكثر حاجة اليوم ،لعله لم تربك المنظومة الأخلاقية في حركة الإنسان كما هي اليوم حيث تشيع منطقية التشكيك والنسبية في المفاهيم القيمية. ⚡ماهو ضابط القيم والعمل الاخلاقي؟ ما هو المقبول وما هو المرفوض أخلاقياً على مستوى السلوك الفردي، والآداب الأسرية ،والتعاطي الإجتماعي، والعمل الأممي؟؟ أصبحت كل هذه الأمور محل ارباك و شك و نسبية. ان المادية وهم مجموعة هائلة من النظم الأخلاقية تجعل من الأخلاق نتاج المنطق المادي و السيرة المادية والوجود المادي، طبعاً هناك محاولات ومعالجات من قبل فلسفة الأخلاق لتعيين ضابط القيمة الأخلاقية للفعل، ولسنا في صدد الحديث عن كل هذه الأمور بمقدار مانريد أن نشير إلى إننا في امس الحاجة لعقيدة تقدر على معالجة هذه الجهة، وان يكون الإنسان مالك لهذه العقيدة ؛لتعالج له حقيقة الواقع الخارجي وتحدد له ما هو الموجود وما هو غير موجود من الأوهام والتصورات، فتميز له الواقع الخارجي، أيضاً تبين له الميزان والمعيار الذي على أساسه يستكشف المنهج الأخلاقي والقيمة الأخلاقية للأفعال. 💠الخصيصة الثالثة : أن تكون قادرة على معالجة الشأن الحقوقي في حياة الناس . وبطبيعة الحال الشأن الحقوقي سوف يكون متفرع على بناء المنظومة والعقيدة التي تعالج الواقع الخارجي وتشخص المباني القيمية و على ضوء ذلك يستطيع الإنسان من خلال هذه العقيدة أن يضع المنهج الحقوقي في دوائره المتعددة ومناحيه المتكثرة. ⚡إذا امتلك الإنسان هكذا عقيدة قادرة على الإجابة عن التساؤولات الفطرية في نفسه وتحقق التوازن الفطري في اعماقه وتأخذ بيده لمنهج سلوكي واضح وسوي حينها تستقيم حياة هذا الإنسان ويكون سعيداً في أعماقه وسوياً في سلوكه وواعياً في فكره. 🔅 إذن الإنسان من خلال هذه العقيدة يستطيع أن ينظم وجوده و روحه وفكره بنظم متوازن متكامل يسعده في الدنيا والآخرة. 🔅نرجو من الله ان يوفقنا وإياكم لكل خير . والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين 💠العقيدة بين السائد والمأمول 💠 الحلقة الثانية: http://youtu.be/UVSUiAJC0Sg 🔸اللجنة الإعلامية لحوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية🔸 |
#4
|
|||
|
|||
![]()
🔅🔆العقيدة بين السائد والمأمول🔆🔅
سماحة الشيخ عبدالله الطاهر النمر 🔸🔹الدرس الثالث : مصادر المعرفة الحقة🔹🔸 بسم الله الرحمن الرحيم تحدثنا عن العقائد و المفاهيم السائدة عند الناس وسلبياتها ومقابل ذلك الصفات الإيجابية لتكون عقائد صحيحة محقة. ونشير في هذه الجلسة لمصادر المعرفة ، وطرق الوصول للمعرفة الحقة. إن الإنسان مسلح بمجموعة كبيرة من المنافذ التي من خلالها يحيط علما بما حوله وما في أعماقه لبناء منظومة متكاملة من المعرفة ولعله يتبادر في أذهانكم أن أول هذه المنافذ والمصادر هو : ✳المصدر الاول : الادراكات الحسية فالإنسان يسمع الأصوات ويرى الألوان والأنوار ويتلمس الأجسام ويتذوق الأطعمة ويشم الروائح فالحواس الخمسة نافذة واسعة خصوصا إذا توسعنا شيئا لندخل التحسس من خلال الآلات والأجهزة فهي اليوم فتحت للإنسان آفاق كبيرة وكثيرة لكسب المعرفة من خلال الطريق الحسي غير المباشر. ✳المصدر الثاني:العقل والمنطق الذي يتلمس بالتجريد والتفكير في آفاق الوجود لكي ينظم ما عنده من معرفة ضمن منطقية معينة ليستكشف خبايا الوجود. 🔅 وهناك حديث كثير حول أي هاتين المعرفتين مقدمة على الآخرى . إن سيادة المزاج الحسي اليوم عند المزاج الإنساني بشكل عام واضحة. ولكن جزى الله علمائنا خيرا إذ قدموا للإنسانية منظومة متكاملة لتبيان موقعية العقل وأنه لا قيمة للمعرفة التجريبية ما لم ترتكز على معطيات عقلية ، ولنأخذ هذا الكلام تعبدا في هذا الدرس . ✳المصدر الثالث : الوجدان أو كما يعبر عنه الكشف والشهود أو الحس الداخلي فإننا ندرك بأعماقنا وبوجداننا أننا موجودات وأن هناك وجود، وأن هذا الوجود لا يجتمع مع العدم وأن الشيء بما هو هو لا يعدو أن يكون هو. كل هذه الأمور تتوافق مع الوجدان ومع الحس الداخلي في الإنسان ، وهذا المصدر يفتح معطيات معرفية كثيرة لو صفى الإنسان وجدانه وتأمل في أعماقه، بل يقال أن أساس المعرفة ، والمعرفة الأقوى والأوضح ،بل المعيار الأول في البناء المعرفي هي المعرفة الوجدانية التي تنطلق منها المنظومة المعرفية في حياة الإنسان. فمن خلال الوجدان يبني العقل أسسه المعرفية فأم القضايا العقلية وهي قاعدة عدم التناقض هي معطى وجداني غير قابل للبرهنة العقلية أو التجربة الحسية. فيمكننا القول أن الوجدان هو القاعدة الأساسية التي تبنى عليها المنظومة المعرفية ثم يتوسع العقل من خلال آلياته المعرفية ليستكشف بعض آفاق المعرفة ثم يتوسل العقل بالتجربة ليحيط علما بدائرة أوسع. ✳المصدر الرابع : النقل وهو باب واسع يحتاج لتأمل في كيفية إيصال المعرفة والعلم للإنسان، 🔅 لاحظوا إننا في الدائرة الإسلامية نمتلك عقيدة متوافقة مع الوجدان أولا ،تتناغم مع المعطيات والبراهين العقلية ثانيا، ولا تخالف التجربة والمشاهدات الحسية ثالثا، وايضا تستمد في كثير من معارفها على المعطيات النقلية، فنحن نؤمن بجبرائيل والملائكة والعرش والكرسي والآخرة والصراط، وبعض هذه المعاني قد يهتدي بعض العقلاء للاستدلال والبرهان لوجودها ووجود بعض خصائصها. ولكن أغلب هذه الالوان من المعرفة تحتاج لقبول و إستئناس بالنقل الوارد عن المعصومين وعن العارفين و النص الديني، فنحن نؤمن بكثير من هذه الأمور تعبدا وانقيادا. ولكن هذه المعرفة النقلية ليست مجرد تصورات ميتة عند المؤمنين، بل هي معرفة تثير في النفس ما تثيره كل ألوان المعرفة الأخرى من اطمئنان ويقين وسكينة . إن هذه المصادر الأربعة أو قد يقال أنها فقط ثلاثة (الوجدان، العقل، النقل) وأن التجربة امتداد للعقل وليست مستقلة عنه، ولكن لتوسعة صدر البحث ندخل التجربة والحس كمصدر معرفي مستقل لسعة آفاقه وإمتداداته الكثيرة. 🔅فنقول إن منافذ المعرفة هي الوجدان - العقل - التجربة - النقل 🔅أخيرا فقط أشير إلى أن هذه الألوان من المعرفة متسلسلة في التأصيل بمعنى أن المعطى النقلي يجب أن يكون خاضعا للتجربة والعقل ،فما خالف العقل والمشاهدات الحسية لا نقبله، ليس لا نقبله تعبدا، وإنما النفس الإنسانية لا تستطيع أن تنطوي على هكذا إيمان مخالف للعقل والتجربة، كما أن المعطيات العقلية والتجريبية مهما كانت ظواهرها إذا خالفت الوجدان تأبى على الثبات في الروح والإستقرار في النفس،فيبقى أن المنبع الوجداني هو الأصفى والأقرب لروح الإنسان ثم تتفرع من هذا المنبع مجاري معرفية تستعين بالعقل لتمتد في كثير من الآفاق ثم تتوسل بالتجربة وبآلات التجربة التي تعددت اليوم وتوسعت ثم بعد ذلك تضم في طياتها المعطيات النقلية، فتكتمل لدى الإنسان منظومة معرفية متكاملة . والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين 💠العقيدة بين السائد والمأمول ح3 💠 : http://youtu.be/al0b_Vhy6Jg 🔸اللجنة الإعلامية لحوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية🔸 |
#5
|
|||
|
|||
![]()
🔅🔆العقيدة بين السائد والمأمول🔆🔅
الشيخ عبدالله الطاهر النمر 🔹🔸الدرس الرابع 🔸🔹 بسم الله الرحمن الرحيم اشرنا فيما مضى من الحديث لموقعية المنهجية المعرفية السليمة،وقلنا ان للمعرفة أربعة منافذ ،وهي الوجدان السليم والفطرة ومايدركه الانسان في أعماقه من معطيات يحسها ويجدها في نفسه؛مثل احساسه بوجوده وادراكه لما يجول في اعماقه من أحاسيس *ومشاعر، ثم يعقب ذلك القواعد العقلية للعقل المجرد الذي يبني له منظومة مترامية الأطراف في فهم الوجود مستندا بذلك لمايمده الوجدان، ثم ينطلق الإنسان لتوسعة دائرته المعرفية من خلال الحس والتجربة التي تمده بكثير من المقدمات ينظمها العقل ويمضي عليها الوجدان، ثم تتفتح للنفس الانسانية أفق من المعارف والادراكات من خلال المعطى الغيبي والنقلي عن المعصوم الواردة من أهل بيت العصمة والطهارة ، هذه المنظومة المعرفية أساس لتشكيل منظومة خلقية يرجع لها الإنسان في تشكيل معارفه وقيمه الأخلاقية، التي على ضوئها يسير في حياته ويتعاطى مع الآخرين سواء إخوته في الإنسانية أو بقية الموجودات ، فلتكن هذه مقدمة نضعها بين يدي الحديث. ❇ ان واقع الإنسانية اليوم أصيب بالإرباك في البعد المعرفي لأنه حصر المعرفة في الجهة الحسية و الدائرة التجريبية هذا اولا. ❇ ثم ان كثير من المناهج المعرفية التي تميل للحس قصرت المعرفة بالحس وجعلت الضابط المعرفي يدور مدار المصلحة والنتيجة وما هو غير ذلك ليس معرفة؛ فنتاج ومعطيات الوجدان لايقرون بها معرفة، ولايعتبرونها علما، ويعتقدون ان نتاج معطيات العقل النظري المجرد ايضا لاقيمة لها معرفيا، فيفترضون إن معيار المعرفة هو الآثار الفعلية والعملية والسلوكية وهذا مايعبر عنه عندهم بالبراغماتية.فتكون النتائج والآثار العملية هي أساس المعرفة، فيحصرون المعرفة بالجهة الحسية، ويجعلون ضابط المعرفة النتاجات العملية والمادية. ⚡وهذا ينعكس على بناء المنظومة الأخلاقية لتتحول الأخلاق في المنظومة الإجتماعية لحالة من السلوكيات التي تضبطها حقوق الآخرين والتي تقيدها فنية السلوك وآداب التعاطي معهم. وتتجرد الاخلاق من منطلقاتها الأساسية وآفاقها الإنسانية و الروحية لتكون الأخلاق مجموعة من الفنون و السلوكيات، و الانضباطات. ونقر أن هذه المجموعة من السلوكيات والآداب تعطي الأمة مجموعة غير قليلة من المصالح ،وتعطيها جهات من القوة و المنعة. ⚡وهو الواقع الذي تعيشه الإنسانية اليوم حيث أن الأمم التي تتحلى بهذه المنظومات السلوكية و الفنون التعاملية تستمد قوة، وتأخذ موقعا في مغالبة الأمم، ولعله تبلغ بها حالة من الهيمنة. ولكن هذه المنظومة السلوكية تفرغ الأخلاق من حقيقتها وروحها ولاتبني حضارة إنسانية، وتكون هذه الغلبة جوفاء فارغة في أعماقها، وهذا بالضبط ماندركه من واقع حال الأمم المتغلبة اليوم، حيث أصبحت لها زوايا قدرة وغلبة، ولكن في أعماقها الإنسانية منهارة ،وهي تدرك ذلك وتحسه، وتتألم منه، وتعيش آثار هذا الإنهيار والفراغ، و تتطلع لشيء يملأ وجدانها فنجد ظواهر غريبة لايفسرها إلا هذا الواقع فنجد الميل للأنس بالحيوان، والأستئناس بأي معطى إنساني فطري . وهذا يحكي عن خلل في أعماق هذه الأمم. *فعلى مالها من قوة وغلبة وسطوة إلا أنها في الحقيقة تفتقر للمتانة والقوة. ❇ نستطيع أن نلخص هذا الحديث بان نقول *عندها مدنية،و مباني جميلة، ولطيفة، لكن لاتنطوي *على حضارة. لاتنطوي على إنسانية، لاتنطوي على ملء شعور الإنسان بمايحتاجه . وندعي أن الحركة الدينية يفترض أن تكون مشبعة للإنسان في هذه الآفاق، ولايجب أن يربكنا الخبلل الذي يعيشه المسلمون في بعض آفاقهم العملية. 🔅 ولكننا نفترض إن الإسلام يغطي هذه الآفاق المدنية كما انه يروي هذه الحضارة،ويشبع الحاجة الإنسانية بماتحتاجه من بناءات إنسانية وعاطفية وروحية. 🔴وهذا ما سنتحدث عنه لاحقاً وصلى الله على محمد وآله الأطهار. 💠 العقيدة بين السائد والمأمول 4 💠 : http://youtu.be/_NcwfHQbscA 🔸اللجنة الإعلامية لحوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية🔸 |
#6
|
|||
|
|||
![]()
🔅🔆العقيدة بين السائد والمأمول🔆🔅
لسماحة الشيخ عبدالله الطاهر النمر 🔸الدرس الخامس🔸 بسم الله الرحمن الرحيم🌱 لاحظنا الترابط الوثيق بين وضوح البناء المعرفي القويم ورص المعرفه العقلية الإنسانية الصحيحة،وأن ذلك سيكون قاعدة لرسم مسار ومنهج أخلاقي صحيح. نفترض أن هذا التسلسل يمتد للبعد الحقوقي الذي يشكل الأساس في بناء العلاقات الإنسانية في دائرة الانسان،و إن الإختلال المعرفي وحصرالمعرفة بالدائرة الحسية أربك المنظومة الأخلاقية،وبالتالي أوجد خلل في السلوك والمنظومة الحقوقية بين بني البشر،لإن إلغاء الجهه العقلية المجردة ورفض المعطيات الوجدانية والتعويل على التجربة والبناء المعرفي الحسي فقط يوصلنا لهذه النتائج، ويعطينا منظومات أخلاقية لاترى في الأخلاق إلا هذا الأساس،و هناك مذاهب وفلسفات أخلاقية متحصله من هذا الحصر المعرفي للمعرفة في الدائرة الحسية فيفترضون ان الأخلاق نتاج الطبيعة . ⚡ كيف نفسر البعد الاخلاقي في حياة الإنسان وكيف يتولد من مقتضى الطبيعة ،هذا كلام طويل وله ومذاهب كثيرة ولكنها تجتمع في أنها تضيق دائرة الأخلاق في البعدالطبيعي(مقتضى نشأة الإنسان)،ويقصدون به الجهه المادية في حياة الإنسان، وهذه المذاهب تسري لرسم الصورة النهائية في فهم البعد الإجتماعي والسلوكي والمنظومة الحقوقية في حياةالإنسان. 🔅وعندما نتساءل ماهو ضابط حقوقك؟ وماهو ضابط حقوق الآخرين؟ هنا سوف نلاحظ : 1⃣هذا البعد المعرفي قصر الجهة الأخلاقية في دائرة معينه وانعكس على هذا رسم منهجية الحرية الحقوقية في حياة الإنسان. 2⃣إذا لاحظنا الإنطلاقة الحقوقية في حياة الأمم الغربية اليوم سوف ندرك أن هذه الأمم كانت تعيش ضمن معادلة معينه استبدت فيها الحكومات الظالمة والملكيات بما كانوا يسمونه النبلاء والأمراء والأغنياء، وأيضا طوعوا الكنيسة لتبرير هذا الطغيان والإستبداد . و عاشت هذه الأمم ردحا طويلا تحت نير هذه القوى المستبدة، مما حدا بها لطلب الإنعتاق والحرية وكسر القيود ؛ فرفعوا شعار الحرية والإخاء والمساواة، وأنه لاقيد للحركة نحو التحرر من هذه القيود وهذا الإستبداد . وواقع الإنسانية الغربية والمدنية الغربية اليوم ناتج عن هذا الإرباك المعرفي الذي امتد للجهة الأخلاقية ،واربك عليهم البناءات الحقوقية،وهو ناتج عن هذا المسار الإنساني الذي جعل من طلب الحرية المعيار الأساس ،ولذا اليوم نجد في شعارات حقوق الإنسان (الحرية الاقتصادية، الحرية العقائدية، الحرية السلوكية) ،بحيث لايضعون قيدا لحرية الإنسان إلا حرية الآخر، وجعلوا من حق الحرية القيمة العليا التي تخضع لها كل القيم و تحكم عليها ،و من هنا ساقهم هذا السلوك والإرباك المعرفي لنتائج وخيمه منها إرباك واقع بنائهم الإنساني، وكرامة الإنسان، فمزقوا كل مايقف أمام هذه الحرية التي لايحدها حد ولايضبطها ضابط من عقل او كرامة او حياء. فأدى ذلك لارباك واقع بنائهم الإنساني وانهيار الكرامة الانسانية ، وهذا مالمسناه في واقعهم من تمزق داخلي وأسري، في اعماقهم و مشاعرهم ،بالمقابل نجد أن الدين جاء بمنظومة متكاملة فجعل كرامة الإنسان هي المعيار واﻷساس ،الكرامة المكتسبة فضلا عن الكرامة الذاتية للإنسان، فيجعل من الكرامة قيد وهي الحاكمة على كل القيم وذلك إن الحراك الإنساني في الدائرة الإسلامية حراك ينطلق من الإرادة الربانية والتدبير الرباني . إن القيم الأخلاقية وبالتبع المنهجية الحقوقية استثمرت معطيات العقل و الوجدان والتجربة والحس الإنساني ومعطيات النقل. لم نرفض الهداية الربانية والعطاء النقلي المعرفي الغيبي الذي اعطانا سعة أفق في البعد الحقوقي، والبعد الأخلاقي ، و نترجى أن تضفي هذه العناصر بمجموعها على واقعنا الأخلاقي و الحقوقي التكامل والنمو والتسامي، لتعطينا المنهجية الصحيحة الكاملة التي نرجو من الله سبحانه وتعالى ان تكون خادمة لنا في سعادتنا في الدنيا والآخرة من غير ان تكون هناك إرباكات معرفية أو ندخل في تجربة مريرة تسبب الخلل في مسيرتنا . 💠 العقيدة بين السائد والمأمول ح 5💠 : http://youtu.be/Ow8GckdT_04 والحمد لله رب العالمين 🔸اللجنة الإعلامية لحوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية🔸 |
#7
|
|||
|
|||
![]()
🔅🔆العقيدة بين السائد والمأمول🔆🔅
لسماحة الشيخ عبدالله الطاهر النمر 🔸🔹الدرس السادس🔹🔸 الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين وأهل بيته الطيبين الطاهرين ♻إن الواقع الإنساني المعاش اليوم نتاج مجموعة إرباكات أحدها 🔹الإرباك في المنهجية الحقوقية السائدة التي أربكهاّ الخلل في القيم الأخلاقية من جهة،المسلك التاريخي الذي سلكته الأمم الغالبة حيث جرت بها المجريات التاريخية في مسالك وعرة انتهت بها للواقع الذي تعيشه . 🔹الإرباكات الأخلاقية وهي ناتجة عن خلل في المنظومة المعرفية التأسيسية التي بناها الفكر الغربي ،ومنظومة الأمم الغربية في الأفق المعرفي. ⚡ونحن هنا نؤكد على أهمية التكامل المعرفي والتوازن في منافذ المعرفة، وتفعيل جهة الوجدان والعقل و التوجيه النقلي الذي سيكون المشبع للجهة الأخلاقية لكثير من الجهات الأساسية في بناء المنظومة الأخلاقية الإنسانية ، 🔅 وينعكس ذلك بالنتيجة في رسم منهجية حقوقية متكاملة . 🔅نشير لمجموعة نقاط ستكون هي نتيجة الإعتماد على الجهة الفقهية النقلية بالمقدار الصحيح الصائب. قلنا أن الحراك الإنساني رفع شعار الحرية لحد حكم به على بقية القيم فأخذته هذه الحرية إلى تمزيق واقعه الداخلي والروحي بل وتمزيق واقعه الإجتماعي فلم تبق للأسرة و المنظومة الأخلاقية كيان، بل أصبحت منهارة ومتخلخلة بينما نجد أن الفقه أكد على قيمة الكرامة وقيمة العرض وقيمة الشأن الإنساني ، ولكن لقراءة البعد الفقهي نحتاج لبعض العناصر التي سنشير إليها : 1⃣ جهة التعبد والإنقياد للمعطى الغيبي مقابل ماتعيشه الإنسانية اليوم من تمرد وطغيان ورفض لكل ماﻻ يخضع لإدراكها ومعارفها . 2⃣ اعطاء الشريعة أفقها العقلائي بالإضافة لضوابطها العقلية ومستنداتها الوجدانية . 🔅وللتوضيح نستعين بهذه الرواية التي توضح الجهة العقلائية والتوازن العقلائي وعدم اخضاع المنهج الفقهي والمنهج التعبدي والمنهج النقلي للقياس و الاستحسان للتجربة الإنسانية المحدودة . تقول الرواية: أن راوياً مشهوراً عند علمائنا اسمه أبّان ابن تغلب أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ،سأل الامام الصادق (ع) عن حكم رجل قطع أصبعي امرأة فقال له الامام ع : أن الدية هي عشرون ، فقال له أبّان : لو أن هذا الرجل قطع ثلاثة أصابع من المرأة ، فقال له الإمام ع : ثلاثون ، فقال له أبّان : لو أن هذا الرجل قطع أربعة من أصابع المرأة ، فقال له الإمام : عشرون ، ( عندما قطع اصبعين كانت الدية عشرين وعندما قطع ثلاثة كانت الدية ثلاثين وعندما قطع أربعة رجعت الدية للعشرين ) فاستغرب أبّان وقال للإمام عليه السلام قطع أربعاً ! سبحان الله يقطع ثلاثاً فيكون عليه ثلاثين ويقطع أربعاً فيكون عشرون، ،كان يبلغنا هذا ونحن بالعراق- كان الإمام الصادق عليه السلام في المدينة في الحجاز- فقلنا : إن الذي جاء به الشيطان ، -هذا لاينقاد ولاينساق مع طبيعة التجربة البشرية والقدرة الإدراكية المحدودة للإنسان- فقال له الإمام عليه السلام : مهلاً يا أبّان هذا حكم رسول الله صلى الله عليه وآله ، إن المرأة تعاقل الرجل - تساويه في الدية - تعاقل الرجل إلى ثلث الدية )، الآن في توضيح مفصل لواقع الدية بين الرجل والمرأة وأن اصبع الرجل أو المرأة عُشر والإصبعين عُشرين وهكذا مجموع الأصابع العشرة يساوي دية الإنسان ، يد الرجل نصف ويديّ الرجل نصف ، عين الإنسان نصف ديته وعيناه تمام الدية ،الرجل والمرأة يتساويان إلى الثلث ثم اذا تجاوزا الثلث رجعت المرأة إلى النصف ، هذه هي القاعدة التي يريد أن يثبتها الامام عليه السلام فإذا بلغ الثلث رجع إلى النصف ، يا أبّان إنك أخذتني بالقياس،والسنة إذا قيست مُحق الدين ) 🔅 قد تكون هذه الرواية تستعصي على بعض الأذهان ولكنها تنقح هذا المطلب وهو أن بناء المنظومة الإجتماعية من خلال ان التدبير الفقهي لايجب أن يكون خاضعاً لذهنية الإنسان وإدراكاته المحدودة ومعطياته التجريبية ، ويجب أن لايتمرد الإنسان ويفترض أنه يجب أن يسير باتجاه الحرية حتى يخضع له كل شيء . الإنسان محدود المعرفة ، محدود الآفاق ويجب عليه أن يستثمر المعطى الشرعي . 3⃣ أن بناء المنظومة الحقوقية من خلال الوجدان والعقل والتجربة والنقل يجب أن يكون متوازي مع الإحاطة والوعي بالواقع الإجتماعي وأهداف الشريعة ، ليجعل من مجموع هذه العناصر المادة الأساسية التي تأخذ بيد إنسان اليوم للطريق الصحيح والمسلك القويم ،الذي من خلاله تستقيم مبانيه الأخلاقية وتشبع احتياجاته الروحية وتكتمل مبانيه الفكرية،ليكون بذلك محققاً لأهداف الشريعة ومحققاً للغرض الإلهي في الاستخلاف و بناء المسلك الإنساني القويم الذي يحقق به النهضة الإنسانية الحقيقية التي تهيء له السعادة الواقعية من العيش السليم والحركة التكاملية لزراعة الدنيا في سبيل الآخرة . ✨ونرجو أن يكون لهذا الوقع الصحيح في قلوبكم وعقولكم ،ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين وصلى الله على محمدٍ وأهل بيته الطيبين الطاهرين . 💠 العقيدة بين السائد والمأمول ح6💠 http://youtu.be/PPK2j_qta2Y 🔸اللجنة الاعلامية لحوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية🔸 |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|