|| منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية ||  

العودة   || منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية || > || الأقسام الثقافية || > السائحون

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: على خطاها (آخر رد :ام يوسف)       :: المقاطعة تعاطف أم تكليف (آخر رد :ام يوسف)       :: اختبار فلسفة سادس ج١ الفصل الثاني ١٤٤١ه (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: ناقضة الغزل (آخر رد :ام يوسف)       :: طالب العلم وأمانة التبليغ (آخر رد :ام يوسف)       :: إنه الإنسان (آخر رد :ام يوسف)       :: أهمية تحصيل العلم (آخر رد :ام يوسف)       :: سيدة الوجود ...سر الوجود (آخر رد :ام يوسف)       :: نموذج اختبار فلسفة سادس الفصل الأول 1441هج (آخر رد :abeer abuhuliqa)       :: المدرسة القرانية تفسير موضوعي سنة سابعة (آخر رد :ام يوسف)      


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-22-2024, 02:58 PM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي الدعاء في مدرسة أهل البيت عليهم السلام ( الدرس الثالث )

الدعاء في مدرسة أهل البيت عليهم السلام
سماحة الشيخ عبد المحسن النمر
الدرس الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم


قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين)غافر 60

الميزة والخاصية الثانية من خصائص الدعاء في مدرسة أهل البيت عليهم السلام
الدعاء ليس عملية كشف عن الواقع فقط, فالمنطق و النظر العقلي يرفع عن الإنسان حجب الجهل و يكشف له أن هناك ربا وإلها وخالقا وهناك خاتمة لهذا الإنسان، وهناك طرق متاحة أمامه ليسير فيها ولكن طريق واحد فقط هو الأسلم و الأصح والأتم وهذا هو مفاد البحث العقلي و النظري، وأما الدعاء فلا يفتح قلبك وعقلك ويشرح لك مسارك فحسب، وليس الدعاء كشفا عن طريق السير وإنما هو نفسه عملية السير فقد تدرس المنطق و الحكمة و الفلسفة و أنت باق في محلك.

أما الإنسان حينما أصبح من الطبقة العليا في المعرفة وأخذ يُعمل فكره فيها أدرك حقيقة كثير من الأمور ونتائجها على ضوء مسيرته، ولكن الدعاء في عين كونه كشف عن الحق، فهو مسيرة،و انطلاقة، وحركة.

و ليس هذا الأمر مما يصاب أو يبتلى به البعض دون البعض الآخر، بل نحن ندرك أن هذه الحقائق التي نؤمن بها و نتيقن منها جامدة في حياتنا أو شبه جامدة، الدعاء هو تحويل و كشف وإنارة أولاً ثم تحريك لمنطلقات النفس وأخذ بمشاعر الإنسان وأحاسيسه لكي ينطلق في سبيل الحق .

ونجد هذا الأمر جليا في مناجاة أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه في دعاء كميل وفي سائر أدعية أهل البيت عليهم السلام كما تتميز بما أشرنا إليه سابقاً من أنها تعطيك الحقيقة بصورتها السهلة و الجميلة بعيداً عن ما تحتاج إليه في الحركة النظرية، فهي تعطيك حقائق راقية و سهلة و جاهزة، في نفس الوقت هي تخلق منك سالكاً متحركاً يقول أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام معلمو قائد أهل الحق( و قد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري و إسرافي على نفسي معتذراً نادماً) فهولا يتكلم فقط عن فتح أبواب المعرفة و إنما يضعك في خط الحركة فيأخذ بيدك من مسارك الذي أوقعت نفسك فيه وأفنيت فيه عمرك إلى مسارٍ جديد.

لاحظ كيف يعيد أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام تكوين النفس الباطنية (و قد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري و إسرافي على نفسي معتذراً نادماً منكسراً مستقيلاً مقراً مستغفراً منيباً مقراً مذعناً ) ونحن في حياتنا منذ أن بدأت مشاعر المعرفة و منذ أن أصبحت أعمالنا مؤثرة في أنفُسنا، فبنينا لأنفسنا كياناً جمعناه من سليم و مصاب من حسن وسيئ وتكّون لدينا، فأمير المؤمنين عليه السلام يريد أن يعيد هذا البناء ويريد من الآخرين إعادة بناء أنفسهم.

هل يمكننا بعد خمس أو عشر أو ثلاثين عاما من البناء المنحرف الذي تسربت إليه الإشتباهات أن نستعيد روح المحبة الإلهية إلى مسالك الطريق الصحيح؟ هل هذا متاح لنا؟ هل يمكننا إلغاء سائر المكونات التي دخلت في تكوين أنفسنا فنعيد بناءً نقياً وصافياً؟ هذا أول شرط وأول حركة ينطلق بها السالك إلى الله عز وجل.

عناصر الخلل في التكوين النفسي
" و قد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري و إسرافي " كم عنصر من عناصر الخلل وقعت في تكوين نفسي ؟! بنيت هذه النفس بحب الذات و بالمشاعر الشخصية وبالخلل في أخلاقي ومكوناتي الشخصية، فمن الممكن أن يقول الإنسان سأُقلع عن مسلكي السابق وعن أعمالي اليومية الخاطئة وهذا أساسي ولكنه ليس حلا لهذه المشكلة، أخطاء الإنسان العملية السابقة يمكنه أن يعيد النظر فيها و يغيرها، و لكن أن يعيد بناء نفسه بحيث لا تقبل ولا تقع مستقبلا فيما ابتليت به، فهذا ليس تغييرا في العمل و السلوك بل تغيير في بناء النفس، و لهذا يريد أمير المؤمنين عليه السلام أن يعلمنا أن البناء السابق الذي كنا عليه من قبل هو الحاكم في طبيعتنا، فسرعة الغضب والتخاذل والغفلة كل هذه رذائل أخلاقية وليست مجرد سلوكيات ولا يصححها إلا الدعاء في مدرسة أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم. لقد سمعنا ورأينا أشخاصا كان في مسيرتهم سلوكيات وأعمال خاطئة وقد تغير مسيرهم، ولكننا من الصعب أن نرى إنساناً كان بناؤه النفسي أعوجا وخصاله خاطئة ثم استطاع أن يعيد تكوين نفسه، هذا ما يريده منا أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام.

لعل هذه المسألة تحتاج إلى تدقيق في بيان هذا المقدار من التغيير وإلى أي عمق يصل المنهج التغييري و البنائي في أدعية أهل البيت عليهم أفضل الصلاة و السلام، إنسان و العياذ بالله كان في فترة من حياته يغتاب ويتعرض إلى الناس و أعراضهم ثم يتوب إلى الله عز و جل و يتخلى عن هذه الحالة ويترفع عنها ويتركها -هذا إن شاء الله يتيسر لنا ولكم- ولكن أن نلغي حقيقة تلك الروح التي كانت مهيئة قابلة إلى أمثال هذه البلاءات و الأخطاء في السير و السلوكيات و الأعمال لنخرج بروح نقيةً ونفسٍ شامخة مترفعة عن هذه النقائص فلا تمارسها بل ولا يمكن أن تتسرب إليها لماذا؟ لأن هناك بناء جديد، فأنت لم تعد زيدا الذي كان بالأمس ولن تكوني هند التي كانت بالأمس وإنما زيد وهند جديدان (وقد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري و إسرافي على نفسي معتذراً نادماً منكسراً) فكل من بنى بناءً منحرفاً وعلى قواعد غير سليمة فلا يمكنه تصحيحه ولابد من هدمه وإعادة البناء من جديد، والدعاء هو الذي يلغي تلك الروح الفاسدة ويأتي بروحٍ جديدة (معتذراً نادماً منكسراً مستقيلاً مستغفراً منيباً مقرً مذعناً لا أجد مفراً مما كان مني ولا مفزعاً أتوجه إيه في أمري غير قبولك عذري)وهذا هو صدق الإعتذار الذي يريده أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وهذا هو صدق الإعتراف الذي يحققه لنا الدعاء.

يا أبنائي وبناتي حينما تقدمون إلى مدرسة أهل البيت مدرسة دعاء أهل البيت عليهم الصلاة و السلام فكونوا على استعداد لتغيير حقائقكم ليس فقط مظهركم الخارجي تريدون تحسينه و تجميله و إن كان ذلك راجحا و لكن المطلوب من الإنسان أن يستنير بالدرب و أن يتخذ من السير إلى الله عز وجل قوة لبناء روح جديدة صافية ونقية.

نسأل الله عز و جل أن يوفقنا و إياكم لأن نقرأ و نمارس ونتعلم من مدرسة أهل البيت عليهم السلام والسير و السلوك في طريق محمد و آله الأطهار وعلى طريق علي و آل علي و على طريق فاطمة و بنيات فاطمة و طريق الحق و الفوز و بلوغ أعظم ما نتمناه لأنفسنا و أرواحنا.
نسأل الله أن يفرج عنا وعن إخواننا المسلمين بفرجه العاجل إنه على كل شيء قدير
الملفات المرفقة
نوع الملف: pdf الدرس الثالث.pdf‏ (338.8 كيلوبايت, المشاهدات 0)
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:39 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.