عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 02-27-2019, 08:15 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post الدرس السابع

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس السابع و الأخير:
.

ندخل في الجزء الثالث والأخير من كتاب المرسِل وهو خاص بالرسالة الإسلامية التي بُعِث بها النبي المصطفى صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين.

فالرسالة المحمدية: هي الدين الإسلامي الذي استهدف ربط الإنسان بربه والمعاد يوم القيامة.

١- يريد من الإنسان العودة إلى الفطرة السليمة بارتباطه بالإله الواحد الحق، فالفطرة السليمة تتجه إلى وحدانية الإله لكن (أبواه يهودانه أو ينصرانه).
لذلك كان شعار الإسلام لا إله إلا الله وهو شعار التوحيد، الذي ينادي بمحاربة الآلهة المصنعة ويدعوا إلى القضاء على الأوثان والأصنام.
- الأصنام الظاهرة المصنعة.
- والأصنام الباطنة الخفية، المتمثلة بهوى النفس وشهواتها.
والواسطة الوحيدة المباشرة بين الخلق والخالق هي النبوة، وذلك عن طريق الوحي (العامل الغيبي) الذي يكون فوق مدركات الإنسان من الحس أو الوهم والخيال أو العقل.

٢- الإسلام يهدف إلى ربط الإنسان بالمعاد يوم القيامة، لأن بهما معا النبوة والمعاد يكون حل للتناقض الشامل في حياة الإنسان.
كما ذكر السيد الشهيد أنهما واجهتين لصيغة واحدة لحل التناقض بين المصالح الفردية والمصالح الاجتماعية.

وأيضا

فإن العقيدة بالإله الخالق ورسالة الأنبياء تبقى لوحة صامتة وجامدة لا حركة فيها ولا هدف إذا لم تقترن بالإيمان بيوم القيامة.
فأغلب الناس لا يندفع نحو العمل إلا بدافع الرغبة أو الرهبة، فإن الخوف من ذلك اليوم الرهيب الذي سيجمع فيه الخلائق ليروا فيه أعمالهم يكون دافع لتحريك ضمير الإنسان نحو الخير والصلاح
⬅ وبالتالي يتحقق العدل الإلهي.
لذلك فإن الأعمدة الأساسية للعقيدة الإسلامية ثلاثة: التوحيد والنبوة والمعاد، ومنها يتفرع العدل والإمامة.
العقيدة أو الرسالة الإسلامية لها خصائص تميزت بها عن باقي الرسالات السماوية
ومنها:
١- صيانة القرآن الكريم عن التحريف
فبقي القرآن الكريم سليم دون زيادة أو نقصان وبالتالي ضمنت سلامة الرسالة السماوية في محتواها العقائدي والتشريعي.
فقد عجز العرب وغيرهم ممن لحقوا بهم من الإتيان بسورة واحدة مثل سور القرآن الكريم مع بلاغتهم وفصاحتهم.
قال تعالى: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (*)فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا).
(ولن تفعلوا) دليل على استمرار عجزهم عن الاتيان بمثله ولو بآية
⬅ فهذا دليل عدم الزيادة على الآيات، وأيضا فإننا سنلاحظ اختلاف النسق القرآني عند الزيادة ولو بكلمة واحدة.

وبما أننا ضمنا عدم الزيادة فالآية الشريفة: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) تتكفل بإثبات عدم النقصان أيضا.
فالقرآن الكريم هو الكتاب السماوي الذي بقي دون أي تحريف على عكس بقية الكتب السماوية الأخرى التي أصابها التحريف، الشيء الذي أفرغها من محتواها العقائدي والتشريعي.
و الرسالة الإسلامية لاحتفاظها بمحتواها العقائدي والتشريعي مازالت قادرة على مواصلة أهدافها بالتفاعل مع محتواها وتجسيدها فكرا وسلوكا.

٢- خلود الرسالة الإسلامية.
فالرسالة باقية مادام القرآن باقيا نصا وروحا..
وذكرنا في الفقرة السابقة تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن الكريم
قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
(إنّ) أداة للتأكيد.
فتؤكد على أن القرآن منزل من الله تعالى، و تؤكد على حفظه.
أي أن دليل نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله و معجزته العظمى مازالت بيننا، على خلاف المعجزات الأخرى الوقتية التي شهدها معاصروها فقط كانشقاق القمر والشجرة وهوي النجم.... وغيرها
كما أن سائر الأنبياء عليهم السلام لم يأتوا إلا بمعجزات مؤقتة تخص زمانهم وعصرهم الذي عاشوا فيه:
- عصا موسى ع،

- ونار نمرود التي كانت بردا وسلاما على إبراهيم ع،
- وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى من عيسى ع وغيرها..
وانتهت بانتهاء حياتهم وإثباتها لا يتم إلا بالنقل المتواتر.
فنحن لم نشاهد تفاصيلها مباشرة وبالتالي لسنا مكلفين بالبحث عن إثباتها أو إثبات تفاصيلها والله سبحانه لا يكلفنا بالاعتقاد بها.
لأنها مع مرور الزمن تفقد شهودها الأوائل فتُنقل بدون الدقة في التفاصيل، فنحن اليوم نؤمن بها فقط وفقا لما أخبرنا به القرآن الكريم وأهل البيت عليهم السلام.
ونحن بين أيدينا معجزة مكلفين بها .

٣- كلما تقدم الزمن وتطور العلم فإنه يكشف أكثر من إعجاز القرآن الكريم
ويعطي أبعاد جديدة لفهم القرآن الكريم من خلال تطور المعرفة البشرية ودراسة الكون، مثل معرفة تطور مراحل خلق الإنسان:
قال تعالى: (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُم طِفْلًا).
كما أن العلم الحديث اكتشف الذي فوق البعوضة:
قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا)
وكيف أن العلماء اكتشفوا صفة النجم الثاقب بهذه الدقة بالطرق كالمطرقة:
قال تعالىنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةوَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ)
كيف ذُكر هذا التفصيل الدقيق قبل أكثر من ١٤٠٠ عام من شخصية لم تقرأ ولم تكتب ولم تتلقى تعليم منظم أو غير منظم.

٤- الرسالة الإسلامية شاملة لكل جوانب الحياة لا يطغى جانب منها على آخر، استطاعت أن تجمع وتوازن بين الدين و الدنيا والآخرة، بين الحداثة والقدم، بين الجسمي المادي والمعنوي الروحي، ووازنت بين الجوانب المختلفة الدينية والاجتماعية و الفكرية وغيرها في إطار شامل متكامل يكمل بعضه البعض.
مما يؤدي إلى استقرار الإنسان ببعده عن المتناقضات الداخلية، عكس المجتمع الغربي، الإنسان قد يكون طبيب بارع وفي الوقت نفسه أب قاسي وزوج ظالم.

٥- الرسالة الإسلامية لم تكن مجرد نظريات وإنما تم تطبيقها على يد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله خلال ٢٣ عام.
وتحولت فيها الشعارات إلى حقائق تمارس يومياً.
- شعار التضحية والايثار بين المهاجرين والأنصار.
- شعار الوحدة والأخوة الإنسانية.
- شعار العدالة.
- شعار العزة والكرامة.
- شعار الحرية (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)، الاعتقاد يكون بالاقتناع وليس الإجبار.

٦- الرسالة الإسلامية حقيقتها ربانية ومحتواها رباني غيبي، لكن عند مرحلة تطبيقها تحولت إلى حركة دينية إصلاحية ساهمت في صنع المجتمع بل وصارت نقله نوعية في التاريخ بسبب ارتباطها بالعامل الغيبي.
ذكرنا سابقا إن للعوامل المحسوسة والظروف تأثير على سير الأحداث لكن لا تفسر الرسالة، لأن الرسالة حقيقة ربانية فوق هذه الظروف المادية.
فلا نلغي دور العوامل والمؤثرات، لكن في نفس الوقت لا نحصر فهم التاريخ فيها (أي في العوامل والمؤثرات).
لأن وجود الرسالة الإسلامية قائم على أساس سماوي غيبي غير خاضع للحسابات المادية.

٧- الرسالة عالمية.
لم تكن مقتصرة على عصر الرسول صلى الله عليه وآله ومجتمعه المعاصر، بل هي ممتدة لكل زمان ومكان، امتد تأثيرها على العالم كله على مسار التاريخ.
فالمنصفون من الغرب يعترفون بدور الرسالة في إعطاء الدفعة الحضارية للشعوب الأوربية الغارقة في الظلام.

٨- النبوة الخاتمة.
الرسالة الإسلامية بوصفها أنها النبوة الخاتمة لها مدلولين:
1- مدلول سلبي:

ينفي ظهور نبوة أخرى بعدها وهذا منطبق على الواقع فخلال ١٤ قرن لم تظهر نبوة أخرى.
2- مدلول إيجابي:
استمرار النبوة الخاتمة وامتدادها مع العصور.
وليس معنى النبوة الخاتمة أن النبوة اختتَمت وتخلت عن دورها، بل أنها جاءت بالصورة النهائية الكاملة التي لا تحتاج إلى إضافة أو تعديل، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
فهي وريثة لكل النبوات والرسالات السابقة ومشتملة على كل ما فيها من قيم ثابتة (غير متغيرة عبر الزمن)، بالتالي فهي قادرة على الاستمرار مع الزمن، وتواكب ما فيه من تطور وتجديد.
ففي الشريعة الإسلامية قواعد عامة ثابتة أساسية،
⬅ يكون تطبيق الأحكام الجزئية المتغيرة قائم عليها.
لكن ختم النبوة لا يعني قطع علاقة الهداية بين الله عزوجل والعباد بعد انقطاع الوحي بعد رحيل نبي الأمة محمد صلى الله عليه وآله.

٩- لذلك اقتضت الحكمة الإلهية أن يجعل الأئمة المعصومين بعد ختم النبوة، بحيث يكونون متوفرين على كل خصائص النبي ماعدا النبوة والرسالة.

البعض يشكل على حاجة الإسلام للأئمة عليهم السلام بعد تكفل الله عزوجل بحفظ الشريعة وحفظ القرآن الكريم؟
صحيح أن الله عزوجل تكفل بحفظ القرآن الكريم من التحريف والتغيير، لكن لا نستطيع استخراج جميع الأحكام والتعاليم الإسلامية من ظواهر الآيات، بل جعلت مهمة توضيحها وبيانها على النبي صلى الله عليه وآله.
⬅ لذلك فنحن بحاجة إلى من يقوم بالدور الذي يقوم به النبي من بعده.
لذلك تم تعيين ١٢ معصوم يقومون بمهمة الخلافة والإمامة، وقد جاء النص عليهم في الأحاديث المتواترة الصحيحة.

١٠- بعد غياب الشمس خلف السحاب بعد غياب الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف فالناس بحاجة إلى من يقوم بهذا الدور نيابة عن الإمام المعصوم.

فكانت بداية في النيابة الخاصة بالسفراء الأربعة، ومن بعدها أصبحت النيابة العامة والرجوع فيها إلى الفقهاء والمراجع.

وذلك بفتح باب الاجتهاد للتوصل إلى معرفة الأحكام الشرعية (الثابتة و المستجدة) من القرآن الكريم والسنة المطهرة.


والحمد لله رب العالمين


انتهى الدرس...

التعديل الأخير تم بواسطة كوثر حسين ; 02-27-2019 الساعة 08:22 PM
رد مع اقتباس