
02-14-2019, 11:57 PM
|
Senior Member
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
|
|
الدرس السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس السادس:.
انتهينا في الدرس السابق من إثبات نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بالدليل الاستقرائي.
وكانت النتيجة:
وجود عامل إضافي خارجي وراء الظروف والعوامل المحسوسة وهو عامل الوحي.
وذلك لأن النتائج المُتحصّل عليها بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام أكبر بكثير من العوامل المحسوسة والمحيطة به ص قبل البعثة.
لكن وجود عامل النبوة والوحي من السماء لا يعني إلغاء دور العوامل والظروف المحيطة به، بل هي تؤثر في نجاح عملية التغيير أو فشلها.
فهذه سنة من السنن الكونية أي من النواميس والقوانين التي تحكم نظام الكون.
مثلاً: لو احضروا بذور من الدول الخارجية لزراعتها هنا، بعضها يزرع وينمو والبعض الآخر لا ينمو، وذلك على حسب المناخ والجو المناسب لها للزراعة فكل بذرة لها جو يناسب زراعتها، من ناحية برودة الجو أو حرارته، توفر الماء أو ندرته.
وأيضا بذور التمر والنخيل لا تناسب أجوائهم، ممكن للبذور أن تنمو إذا هيأوا لها المناخ الملائم كما يفعل بعض المزارعين من خلال البيوت المحمية للزراعة.
⬅ للبذور قانونها بحيث أنها تنمو لتصبح شجر وفق الشروط المعينة.
وأيضا الأبناء يتأثرون بالمحيط حولهم، من والدين وأهل وجيران وأصدقاء وأجهزة ووسائل إعلام وغيرهم.
وأي نشاط في المجتمع سواء اجتماعي - سياسي - اقتصادي - فكري فإنه يتأثر بما يحيط به، فإما أن يكون هذا المجتمع في الصدارة والريادة والقوة .. أو يكون ذاك المجتمع يتلقى صنوف الذل والظلم والاضطهاد.
فالعوامل والظروف المحيطة لها دور في نجاح الشيء أو فشله، في كل شيء من حولنا، ناحية التعليم، ناحية الإعلام، ناحية الستر والعفاف
ناحية الالتزام بالدين، الاهتمام بالشكل والمظهر، صلة الرحم والمناسبات فيها في الصناعة وغيرها..
فالعوامل والظروف تكون مؤثرة وفقا للسنن الكونية والاجتماعية العامة، لذا فإن للعوامل والمؤثرات دور في نجاح الرسالة السماوية أو إعاقتها عن النجاح.
صحيح أن الرسالة السماوية ربانية من ناحية المحتوى، لكن عند تطبيقها على الأرض أصبحت حركة دينية إصلاحية عالمية، تحولت إلى عمل مستمر نحو التغيير والإصلاح.. لذلك فهي تتأثر بالظروف المحيطة.
فنجد البعض يقبل بالرسالة السماوية أسرع من الآخر.. والبعض يرفضها، وذلك ع حسب ما يراه من مصلحة، وعلى حسب ما يحيط به من مؤثرات.
⬅ لنرى الأوضاع في المجتمع العربي ومدى تقبله للرسالة.
العامل الديني:
نجد أن الإنسان العربي يصنع له آلهة ليعبدها وتكون هي المثل الأعلى له ويعتبرها السبيل الوحيد الذي يحقق له مطالبه ويقضي له حاجاته.
لكن في لحظة غضب أو لحظة جوع يقضي عليها ويدمرها، فهنا يعيش في ضياع نفسي وتمزق من الداخل.
كيف يعبدها؟ وهي في الأخير لا تستطيع أن تلبي حاجاته، ولا تستطيع أن تحمي نفسها، فضلا عن حمايتها له أو لغيره.. مما جعله يتطلع للرسالة الجديدة ويؤيدها.
العامل الاقتصادي:
نجد حالة الظلم والتعسف والاستغلال سواء في احتكار السلع أو التطفيف في الموازين والربا وغيرها.. مما دعا الإنسان الكادح البائس أن يتطلع إلى تحقيق العدل والمساواة والقضاء على الاستغلال والربا
⬅ بتأييده للرسالة الجديدة، التي تضمن الحقوق والواجبات على الجميع:
-لصاحب العمل
-للعامل
-للتاجر
-للمشتري
وغيرهم
العامل الاجتماعي:
أيضا العيش في أجواء التفاخر النسبي والقبلي والصراع فيما بين الأطراف والتنافس ما بين القبائل والعشائر، وحالة الاسترقاق والعبودية المنتشرة
⬅ جعل الإنسان يلتجئ إلى الرسالة الجديدة.
ومن ناحية أخرى:
أصبحت عنصر حماية وحصانة وهيبة للرسول صلى الله عليه وآله
تحميه من الأعداء، بسبب انتمائه إلى عشيرته قريش، فكان للشعور القبلي دور مهم في الرسالة.
هذه بعض (الظروف الداخلية) التي ساعدت وأثرت على سير الرسالة السماوية وكانت سببا في نجاحها وإبرازها.
هناك أيضا (ظروف خارجية) ساهمت في نجاح الرسالة وهي:
الحروب الطاحنة بين الروم والفرس، بين حكم قيصر وكسرى وما فيها من نزاعات وأسر واستيلاء ومواجهة للمخاطر.
الأمر الذي أشغل هاتين القوتين الكبيرتين بنفسيها وأنهك قواهما عن النظر إلى غيرهما.
هذا الصراع وهذه الأحوال المحرجة لهما جعلتهما تنشغلان عن الرسالة الجديدة التي خرجت في الجزيرة العربية، ولم يحاولا التدخل فيها أو في إسقاطها، على العكس فالحركات الإسلامية فيما بعد قضت عليهما بعد أن ضعفت قوتهما وأنهكهما التعب، وخضعت الدولة الرومانية والفارسية للحكم الإسلامي.
فهذه (الظروف الداخلية والخارجية) كان لها التأثير في سير الحركة الرسالية.
العوامل والظروف تفسر سير الأحداث، ولا تفسر الرسالة السماوية نفسها، حيث أن الرسالة نفسها رسالة ربانية فوق الظروف والعوامل المحسوسة المادية.
انتهينا من الجزء الثاني من الكتاب (الرسول صلى الله عليه وآله)
ويتبقى الجزء الثالث (الرسالة/ الإسلام)
والحمد لله رب العالمين
انتهى الدرس...
|