
02-14-2019, 11:53 PM
|
Senior Member
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
|
|
الدرس الخامس
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس الخامس:.
نواصل إثبات نبوة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بالدليل العلمي الاستقرائي
أخذنا الخطوة الأولى: المعطيات والظروف والعوامل المحسوسة المتمثلة بحالة شبه الجزيرة العربية قبل البعثة الشريفة.
مع الخطوة الثانية: دراسة النتائج والتي نعنونها بعنوان: خصائص الرسالة الإسلامية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وآله والمتمثلة في أمرين هما: القرآن الكريم والشريعة الإسلامية.
وذكرنا بعض الخصائص لهذه الرسالة السماوية، اليوم نكمل خطوات الإثبات مع
الخطوة الثالثة: (مقارنة بين النتائج والمعطيات).
كيف كان المجتمع سابقا يهين المرأة ويضعها في مقام الذل والهوان.. كيف كان يشعر بمجرد سماع نبأ ولادتها.. حتى يدسها في التراب ليخفي عاره كما كان يظن. لكن بعد البعثة أصبحت المرأة كفؤ الرجل، كرّمها وأعلى منزلتها سواء بنت وأم وأخت وزوجة، وراعى حقوقها في جميع ذلك.
بعد أن كان مجتمع قبيلة همه التفاخر والتنازع لسد حاجته، انقلب وأصبح ينادي بالوحدة الإنسانية والعالمية بحيث يؤمن بالمجتمع الواحد.
بعد أن كان يعيش هم الادخار وتجميع الأموال على حساب الغير، سواء بالاحتكار والسرقة والتطفيف في الموازين والاستغلال والغبن والربا، قام بوضع أحكام للبيع والشراء حرم الربا وحاول القضاء على الاحتكار والاستغلال.
أصبح ينادي بالتكافل الاجتماعي بالوقف، الهبة، العارية، الهدية، كفالة اليتيم، الضمان الاجتماعي للمطلقات والأرامل والشيوخ، الزكاة والصدقات (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيل).
وبعدما كان مجتمع وثني العقيدة منكب على عبادة الأصنام والأحجار، أصبح ينادي بالتوحيد الخالص وغيرها الكثير.
هذه التحولات جاءت على يد شخص كان يمثل الحالة الاعتيادية بين أفراد مجتمعه لم يكن يقرأ أو يكتب ولم يتميز عنها إلا من الناحية الأخلاقية
فهذه الخصائص التي ذكرناها في الخطوة الثانية أكبر بدرجة هائلة من الظروف والعوامل الموجودة في الخطوة الأولى.
أصبح هناك نهضة وثورة وانقلاب في القيم والمفاهيم، قد يقول البعض هي ثورة مثل غيرها من الثورات و النهضات التي حدثت على مر التاريخ، بحيث يبرز شخص يقود مجتمعه ويطوره، ومن ثم تنقلب بعض المفاهيم التي كانت سائدة في ذلك المجتمع وتتغير.
مثل: الثورة الفرنسية، و الثورة المهدية، والثورة على الرأسمالية والاشتراكية، والثورات المعاصرة (الثورة الصناعية، الثورة التكنولوجية).
لكن الثورة في الرسالة السماوية بقيادة الرسول الأعظم ص تختلف عن هذه الثورات وفيها فوارق كبيرة.
فبقية الثورات تركز على جانب معين:
-إما من ناحية اقتصادية.
-أو ناحية اجتماعية والفوارق الطبقية.
-أو ناحية النظام والحكم سياسية.
-أو ناحية ثقافية فكرية.
لكن الرسالة الإسلامية نجد فيها طفرة هائلة وتطور شامل في كل الجوانب، من الناحية (العقائدية، الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، الأخلاقية).
1-أصبح هناك انقلاب في القيم والمفاهيم، في مختلف مجالات الحياة وأصبح المجتمع الإسلامي هو المجتمع القائد لبقية المجتمعات هذا من جهة.
2- من جهة أخرى إن أي ثورة قبل أن تقوم لابد أن تكون لها بذور ثم تنمو، لابد من مراحل سابقة تمهد الطريق قبل قيام الثورة.
تكون مجموعة صغيرة لها مواقفها واعتقاداتها، لكن يوما بعد يوم تكبر وتكوّن تيار، تختار لها قائد معين، ومن ثم تحدد أهدافها وتضع لها دستور وقانون.. تنضج ثم تبرز على الساحة وتعلن تناقضها مع الجهة المخالفة لها إلى أن تسيطر على الموقف كما رأينا وسمعنا، أي إنها تكون على مراحل وحلقات متسلسلة ولا تكون مرتجلة ومفاجئة.
لكن الرسالة الإسلامية على يد الرسول محمد صلى الله عليه وآله لم تكن لها بذور سابقة، لم تكن جزء من تيار سابق، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وآله حلقة من سلسلة لكن كانت كما عبّر عنها الشهيد طفرة جاءت بصورة مفاجئة.
في الرسالة السماوية وُجدت الرسالة والقائد أولا، ثم تشكّل التيار من صفوة المسلمين الأوائل فهذا التيار كان من صُنع الرسالة والقائد، فكان التيار جزء من النبي محمد صلى الله عليه وآله وتابع له.
لذلك نجد الفرق الذي لا حد له بين عطاء النبي عليه الصلاة والسلام وعطاء أي واحد من أفراد هذا التيار.
٣- من ناحية ثالثة نجد أن الرسول صلى الله عليه وآله قام بنفسه بعملية القيادة الفكرية والعقائدية والاجتماعية و.... إلخ.
وقام بتصحيح الثقافات وتقويمها وتطويرها وهو من شكّل التيار بعد أن دعى الاقربين، ثم الدعوة السرية، ثم الجهرية والإعلان العام، مع أنه ص لم تكن له أي ممارسات تمهيدية لهذا العمل المفاجئ.
عادة لما يُختار القائد لمجموعة ما، يكون هذا القائد مطلع على ثقافات عصره ويكون أكثر معرفة بها من بقية التيار، تكون لها ممارسات سابقة متدرجة تهيئه لحمل مسؤولية القيادة، لكن الرسول صلى الله عليه وآله، كان إنسان لم يقرأ ولم يكتب، لم يطلع على الأديان السابقة، مع ذلك صححها وبيّن الخطأ منها، وذكر تفاصيلها على وجه يعجز عنه حتى أصحاب الدين أنفسهم.
فنجد القرآن الكريم ليس مجرد استنساخ لأنه لا يمثل الدور السلبي في الاستنساخ الأخذ والنقل فقط، بل عرض الثقافة وصححها وعدّل عليها، مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يعرف شيئا من ثقافة عصره ولم يكن مطلع على الأديان السابقة، ولم يكن له أي ممارسات تمهيدية سابقة خلال الأربعين سنة بحيث تمكنه من عملية التغيير الكبرى وهذا العمل القيادي المفاجئ.
نصل هنا إلى الخطوة الرابعة والأخيرة:
⬅ بما أن هذه النتائج أكبر من المعطيات لذلك لابد من وجود عامل إضافي خارجي، يكون وراء الظروف والعوامل المحسوسة وهو عامل الوحي، عامل النبوة الذي يوجه من في الأرض وينير لهم به الطريق.
قالى تعالى: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
وفي آية أخرى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ)
إذ تشير إلى أن الرسول صلى الله عليه وآله كان من الغافلين فلم يكن على علم مسبق بذلك.
لكن بالوحي قص عليه قصص الأقوام السابقة، هذا العامل خارج عن مدركات الإنسان الحس والعقل هو عامل غيبي خارجي من وحي السماء.
انتهينا من طريقة الإثبات بالدليل العلمي الاستقرائي إن شاء الله الدرس القادم نأخذ دور العوامل والمؤثرات.
والحمد لله رب العالمين
انتهى الدرس...
|