بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
الدرس االرابع
المبحث السادس
في أدوات التشبيه:
أدوات التشبيه:
ألفاظ تدل على المماثلة، وهي كثيرة كالكاف وكأنّ ومثل وشبه وغيرهما.
وهناك فرق بين لفظة التشبيه والتشابه:
-التشبيه: يدل على التفاوت.
نحو: علي كالبحر
فالبحر اعمق من علي.
فوجه الشبه في المشبه به لابد أن يكون أقوى من المشبه لأننا نشبه النقص بالتام.
التشابه: يدل على التساوي بلفظ تشابه وتماثل وتشاكل وتساوي وتضارع.
نحو: بين التؤامين تشابه كبير.
ويدل على تماثل وتساوي.
المصنف يذكر إن أدوات التشبيه إما اسم أو فعل أحرف هذه الأداة:
- إما ملفوظة.
نحو: علي كالأسد.
نحو: فاروق كالبدر، وأخلاقه في الرقة كالنسيم.
-أو ملحوظة.
نحو: علي أسد.
نحو: اندفع الجيش اندفاع السيل. (أي كاندفاعه).
-والأصل في الكاف ومثل وشبه من الأسماء المضافة لما بعدها أن يليها المشبه به لفظاً وتقديراً.
مثلاً الكاف: نقول علي كالأسد.
جاء بعد الكاف الأسد وهو المشبه به.
إذن:
دائماً بعد الكاف يأتي المشبه به وليس المشبه.
-والأصل في كأنّ وشابه وماثل وما يرادفها أن يليها المشبه.
مثل:
كأن علي أسد.
فجاء بعد كأن علي وهو المشبه وليس المشبه به.
مثل:
كأن الثريا راحة تثير الدجى
لتنظر طال الليل ام قد تعرضا
الأداة كأن:
-تفيد التشبيه إذا كان خبرها جامد.
نحو: كأن علي أسد.
-اسمها: علي.
-خبرها: أسد.
خبرها جامد غير مشتق.
إذن كأن هنا تفيد التشبيه.
نحو: كأن البحر مرآة صافية.
اسمها: البحر.
-خبرها: مرآة.
خبرها جامد غير مشتق.
إذن كأن هنا تفيد التشبيه.
-تفيد التشكيك إذا كان خبرها مشتق.
نحو: كأن علي فارس.
-اسمها: علي.
-خبرها: فارس.
خبرها مشتق.
إذن كأن هنا تفيد التشكيك.
نحو: كأنك فاهم.
-اسمها: الكاف.
-خبرها: فاهم.
خبرها مشتق.
إذن كأن هنا تفيد التشكيك.
نحو:
كأنك من كل النفوس مركبٌ
فأنت إلى كل النفوس حبيب
الشاهد: كأنك مركبٌ
اسمها: الكاف.
-خبرها: مركبٌ.
خبرها مشتق.
وقد يغني عن أداة التشبيه فعل يدل على حال التشبيه ولا يعتبر أداة، وينقسم إلى قسمين:
١- أن يكون الفعل يقين:
ويفيد قرب المشابهة، لما فيه من الدلالة على تيقن الاتحاد وتحققه
نحو: قطعت، علمت، تيقنت، يفيد اليقين، وهو يفيد تشبيه المبالغة.
نحو: (فَلَمّا رَأَوهُ عارِضًا مُستَقبِلَ أَودِيَتِهِم قالوا هٰذا عارِضٌ مُمطِرُنا ۚ بَل هُوَ مَا استَعجَلتُم بِهِ ۖ ريحٌ فيها عَذابٌ أَليمٌ (24)) سورة الأحقاف.
الشاهد: (رَأَوهُ عارِضًا)
الفعل رأى: تفيد اليقين.
نحو: رأيت الدنيا سراباً غرار.
الفعل رأى: تفيد العلم واليقين.
المشبه: الدنيا
المشبه به: السراب.
٢- أن يكون الفعل يفيد الشك:
يفيد أن المشابهة بعيدة، لما في فعل الرجحان من الاشعار،
نحو: شككتُ ظننتُ حسبتُ خلتُ بعدم التحقق وهذا يفيد التشبيه ضعفاً.
نحو: (إِذا رَأَيتَهُم حَسِبتَهُم لُؤلُؤًا مَنثورًا (19)) سورة الإنسان.
المشبه: هم. (وِلدٰنٌ مُخَلَّدونَ).
المشبه به: (لُؤلُؤًا مَنثورًا).
هنا تفيد التشبيه قوى وضعف لأننا رجحنا وظننا أنهم لؤلؤ منثور.
نحو: (وَحورٌ عينٌ (22) كَأَمثٰلِ اللُّؤلُؤِ المَكنونِ (23)) سورة الواقعة.
المشبه: (حورٌ عين).
المشبه به: (اللُّؤلُؤِ المَكنونِ).
نحو: (وَلَهُ الجَوارِ المُنشَـٔاتُ فِى البَحرِ كَالأَعلٰمِ (24)) سورة الرحمن.
المشبه: (الجَوارِ المُنشَـٔاتُ فِى البَحرِ) .
المشبه به: (الأَعلٰمِ).
المبحث السابع
في تقسيم التشبيه باعتبار أداته:
التشبيه له أركان أربعة:
-المشبه.
-والمشبه به.
ركنان أساسيان إذا فقد أحدهما لا يقال عنه تشبيه، فإذا حذف المشبه يسمى استعارة تصريحية، إذا حذف المشبه به يسمى استعارة مكنية.
-الأداة.
-وجه الشبه.
وهنا ينقسم التشبيه باعتبار الأداة:
١- التشبيه المرسل:
وهو ما ذكرت فيه الأداة.
نحو:
إنما الدنيا كبيـت
نسجه من عنكبوت
المشبه: الدنيا.
المشبه به: بيت العنكبوت.
الأداة: الكاف.
٢-التشبيه المؤكد:
وهو ما حذفت منه أداته.
نحو: علي أسد
فقد أكدنا الاتحاد بين المشبه والمشبه به.
نحو: يسجع سجع القمري.
الاتحاد هنا بين سجع وسجع القمري.
نحو: أنت نجم في رفعة وضياء
تجتليك العيون شرقا وغربا
المشبه: أنت.
المشبه به: نجم .
وجه الشبه: الرفعة والضياء.
-ومن المؤكد ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه.
نحو:
والريح تعبث بالغصون وقد جرى
ذهب الأصيل على لجين الماء
أي أصيل كالذهب على ماء كاللجين.
المشبه : الريح.
المشبه به: ذهب الأصيل.
والمؤكد أوجز، وأبلغ وأشد وقعاً في النفس.
- أما أنه أوجز فلحذف أداته.
- و أما أنه أبلغ فلإيهامه أن المشبه عين المشبه به.
٣- التشبيه البليغ:
هو ما حذف منه الأداة ووجه الشبه.
-سبب التسمية: ذكر الطرفين فقط يوهم اتحادهما وعدم تفاضلهما فيعلو المشبه إلى مستوى المشبه به وهذه هي المبالغة في قوة التشبيه والتشبيه البليغ.
نحو: علي أسد
حذفت الاداة و وجه الشبه.
س/ لماذا هو بليغ؟
لان فيه حيثيتين:
الحيثية الاولى:
عندما نقول علي أسد وحذفنا الأداة أظهرنا الاتحاد بين المشبه والمشبه به.
الحيثية الثانية:
إذا حذفنا وجه الشبه (الشجاعة) أظهرنا أنهما متحدان في جميع الجهات والحيثيات وهذا مبالغة.
نحو:
فاقضوا مآربكم عجالا إنما
أعماركم سفرٌ من الأسفار
المشبه: الاعمار
المشبه به: الأسفار
الأداة: محذوفه
وجه الشبه: محذوف
نحو:
عزماتهم قضب وفيض أكفهم
سحب وبيض وجوههم أقمار
المشبه: فيض الأكف.
المشبه به: السحب.
الأداة: محذوفه.
وجه الشبه: محذوف.
المبحث الثامن
في فوائد التشبيه:
س/ ما الغرض من التشبيه والفائدة منه؟
هو إيضاح وبيان للمشبه في التشبيه الغير المقلوب.
١-بيان حاله حينما يكون المشبه مبهم غير معروف الصفة التي يراد إثباتها له قبل التشبيه.
نحو:
إذا قامت لحاجتها تثنت
كأن عظامها من خيزران
المشبه: عظام المرأة
المشبه به: الخيزران.
ويستخدم هذا التشبيه يكثر في العلوم والفنون لمجرد البيان.
٢- إمكان حاله حين يسند إليه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلا بذكر شبيه له.
نحو:
ويلاه إن نظرتْ وإن هي أعرضت
وقع السهام ونزعهن أليمُ
شبه نظرها بوقع السهام وإعراضها بنزع السهام بيان لإمكان إيلامها بهما جميعاً.
٣- بيان مقدار حال المشبه في القوة والضعف وذلك إذا كان المشبه معلوماً معروف الصفة التي يراد إثباته له معرفة إجمالية قبل التشبيه.
نحو:
تشبيه الماء بالثلج، في شدة البرودة.
٤- تقرير حال المشبه وتمكينه في ذهن السامع بإبرازها فيما هي فيه أظهر كما إذا كان ما اسند إلى المشبه يحتاج لإيضاح وتثبيت.
نحو:
إن القلوب إذا تنافر ودها
مثل الزجاجة كسرها لا يُجْبَر
المشبه: تنافر القلوب. امر معنوي
المشبه به: كسر الزجاجة. امر حسي
وجه الشبه: عدم التئام الجروح وبقاء الآثار.
وهنا تصوير الامر المعنوي بالأمر الحسي.
٥- بيان إمكان وجود المشبه بحيث يبدو غريباً يستبعد حدوثه والمشبه به يزيل غرابته أنه ممكن الحصول.
نحو:
فإِنْ تَفقِ الأَنام وأَنت مِنهمْ
فإِنَّ المسْكَ بعْضُ دمِ الغَزال
أي انه لا استغراب في علوك عن الأنام فلك نظير وهو المسك فإنه بعض دم الغزال وقد فاق على سائر الدماء.
٦- أو مدحه وتحسين حاله ترغيباً فيه أو تعظيماً له بتصويره تهيج في قوى الاستحسان بأن يعمد المتكلم إلى ذكر مشبه به معجب.
نحو:
كأنك شمس والملوك كواكب
إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
٧- تشويه المشبه وتقبيحه تنفيراً منه أو تحقيراً له بأن تصوره بصورة تمجها النفس ويشمئز منها الطبع.
نحو:
وترى أناملها على مزمارها
كخنافس دبت على أوتار
٨- استطرافه بحيث يجئ المشبه به طريفاً غير مألوف للذهن:
- إما لإبرازه في صورة الممتنع عادة نحو:
فحم فيه جمر متَّقد يبحر من المسك موجه بالذهب.
-وإما لندرة حضور المشبه به في الذهن عند حضور المشبه نحو:
أنظر إليه كزورق من فضة
قد أثقلته حمولة من عنبر
تشبيهات على غير طرقه الأصلية:
١- التشبيه الضمني:
هو تشبيه لا يوضع المشبه والمشبه به في صوره من صور التشبيه بل يلمح المشبه والمشبه به ويفهمان من المعنى.
نحو:
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
في هذا البيت تلميح بالتشبيه في غير صراحة وليس على صورة التشبيه المعروفة بل أنه تشابه يقتضي التساوي اما التشبيه فيقتضي التفاوت.
٢- التشبيه المقلوب:
قد يعكس التشبيه فيجعل المشبه ( هو التام والكمال و الواضح) مشبهاً به ( هو الذي يستمد الكمال والتمام من المشبه) وبالعكس.
نحو:
كأنها حين لجت في تدفقها
يد الخليفة لما سال واديها
شبه البركة بيد الخليفة، فهنا يرد أن يصف البركة ولكن بين أن يد الخليفة تدفقها أظهر وأكثر عطاء من البركة.
وهذا التشبيه مظهرٌ من مظاهر الافتنان والابداع ، كقوله تعالى حكاية عن الكفار (قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا) سورة البقرة آية ٢٧٥.
في مقام أن الربا مثل البيع عكسوا ذلك لإيهام أن الربا عندهم أحلّ من البيع ، لأن الغرض الرِّبح وهو أثبتُ وجوداً في الربا منه في البيع ، فيكون أحق بالحل عندهم.
المبحث الثامن
في تقسيم التشبيه باعتبار الغرض إلى مقبول وإلى مردود
١- فالحسن المقبول :
هو ما وفى بالأغراض السابقة كأن يكون المشبه به أعرف من المشبه في وجه الشبه إذا كان الغرض بيان حال المشبه أو بيان المقدار، أو أن يكون أتم شيء في وجه الشبه، إذا قصد الحاق الناقص بالكامل، أو أن يكون في بيان الامكان مسلم الحكم، ومعروفاً عند المخاطب، إذا كان الغرض بيان امكان الوجود ، وهذا هو الأكثر في الشبيهات إذ هي جارية على الرَّشاقة سارية على الدًقة والمبالغة ثم إذا تساوى الطرفان في وجه التشبيه عند بيان المقدار كان التشبيه كاملا في القبول ، والا فكلما كان المشبه به أقرب في المقدار إلى المشبه كان الشبه أقرب إلى الكمال والقبول.
٢- والقبيح المردود :
هو ما لم يف بالغرض المطلوب منه ، لعدم وجود وجه بين المشبه والمشبه به: أو مع وجوده لكنه بعيد.
انتهى الدرس...