عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02-11-2019, 07:52 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post الدرس الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
الدرس الثالث


المبحث الرابع:
في تقسيم التشبيه باعتبار وجه الشبه.


س/ ما لمقصود بوجه الشبه؟
هو الوصف الخاص الذي يقصد اشتراك الطرفين (المشبه والمشبه به):
-إما أن يكون الاشتراك حقيقة
نحو:
زيد كالأسد في الشجاعة.
الشجاعة: هي وجه الشبه الجامع بين زيد والأسد.
وقلنا إن وجه الشبه لابد أن يكون في المشبه به أبرز من المشبه، أي أن تكون الشجاعة أبرز وأظهر في الأسد منها في زيد.
لأنه شبه زيد بشيء يكون وجه الشبه ظاهر وبارز فيه.

-أو أن يكون الاشتراك تخيلاً:
نحو:
يامن له شعر كحظى أسود
جسمي نحيل من فراقك أصفر
-وجه الشبه: بين الشعر والحظ هو السواد.
وهما يشتركان فيه، لكنه يوجد في المشبه حقيقياً، ولا يوجد في المشبه به إلا على سبيل التخيل، لأنه ليس من ذوات الألوان.

إذن:
التشبيه يصح إذا تحقق وجه الشبه بين الطرفين سواء كان حقيقاً أو تخيلاً.

ينقسم التشبيه باعتبار وجه الشبه إلى ستة أقسام:

١- تشبيه التمثيل:
وهو ما كان وجه الشبه فيه وصفاً منتزعاً من متعدد: حسيَّا كان أو غير حسِّي.
نحو قول الشاعر:
و ما المرء إلا كالشهاب وضوئه
يولفى تمام الشهر ثم يغيب
المشبه: المرء.
المشبه به: الشهاب و ضوئه.
وجه الشبه: سرعة الفناء.

انتزعه الشاعر من أحوال القمر:
فيصير بدراً ثم ينقص
حتى يدركــه المحــاق
فالظواهر المتعددة للقمر في نصف الشهر لها قاسم مشترك واحد وهو مفهوم الفناء فإذا شبهنا شيء بالقمر في سرعة الفناء يسمى بتشبيه التمثيل سواء كان التشبيه حسي أو معنوي.

٢- تشبيه غير التمثيل:
وهو مالم يكن وجه الشبه فيه صوره منتزعه من متعدد.
نحو:
وجهه كالبدر
فالبدر حاله واحده غير متعددة للقمر.
المشبه: الوجه.
المشبه به: البدر.
وجه الشبه: الإشراق والاستدارة.

ويسمى تشبيه غير التمثيل إذا كان وجه التشبيه وصفاً منتزع من واحد لا متعدد.
نحو قول الشاعر:
لا تطلبن بآلة لك رتبةً
قلم البليغ بغير حظٍ مغزل
فوجه الشبه: قلة الفائدة وليس منتزعاً من متعدد.

٣-تشبيه مفصل:
و هو ما ذكر فيه وجه الشبه أو ملزومه (ما يستلزمه) .
نحو:
طبع فريد كالنسيم رقة، ويده كالبحر جوداً، وكلامه كالدُّر حسناً.
وجه الشبه: الرقة الجود الحسن.

هنا صرح بوجه الشبه فيسمى مفصل.

٤-تشبيه مُجمل (غير مذكور):
هو ما لا يذكر فيه وجه الشبه، ولا ما يستلزمه.
نحو:
النحو في الكلام كالملح في الطعام.
وجه الشبه: الإصلاح في كل منهما.
كما الملح يصلح الطعام فالنحو يصلح الكلام.

نحو قول الشاعر:
إنما الدنيا كبيتٍ
نسجهُ من عنكبوت
وجه الشبه: الضعف والوهن
فهنا لم يصرح الشاعر بوجه الشبه.

إذن:
وجه الشبه المُجمل:
-إما أن يكون خفياً.
-أو أن يكون ظاهراً:
-منه ما وصف فيه أحد الطرفين أو كلاهما بوصف يشعر بوجه الشبه.
-ومنه ما ليس كذلك أي مالم يوصف فيه أحد الطرفين أو كلاهما بوصف يشعر بوجه الشبه.

٥- تشبيه قريب مبتذل(واضح):
و هو ما كان ظاهر الوجه ينتقل فيه الذهن من المشبه إلى المشبه به من غير شدة احتياج إلى شدة نظر وتأمل، لظهور وجهه بادئ الرأي وذلك لكون وجهه لا تفصيل فيه، نحو: تشبيه الخد بالورد في الحمُرة، أو لكون الوجه قليل التفصيل، نحو: تشبيه الوجه بالبدر في الإشراق و الاستدارة، والعيون بالنرجس، وقد يتصرف في القريب بما يخرجه عن ابتذاله إلى الغرابة.
نحو قول الشاعر:
لم تلق هذا الوجه شمسُ نهارنا
إلا بوجهٍ ليــس فــيه حيــاء.

المشبه: الوجه.
المشبه به: الشمس.
وجه الشبه: الحسن و الوضوح.
فتشبيه الوجه كالشمس واضح مبتذل، لكن حينما قال ان هذا الوجه لا حياء فيه جعل هذا التشبيه غريب فلا يمكن ان يكون فالوجه واضح وحسن كالشمس لابد ان يكون فيه حياء ليزداد حسن.

يخرج وجه الشبه من الابتذال إلى الغرابة لأمرين:
١- الجمع بين عدة تشبيهات.
نحو قول الشاعر:
كأنما يبسم عن لؤلــؤ
منضد أو برد أو أقاح
شبه مبسمه بلؤلؤ المنضد و البرد و الأقاح.

٢- إستعمال الشرط:
نحو قول الشاعر:
عزماته مثل النجوم ثواقبا
لو لم يكن للثاقبات أفول

المشبه: علم الرجل.
المشبه به: النجوم الثاقبة.
ولكن بشرط ان لا يكون للنجوم أفول.
وهذا ما جعل الأمر غريب

٦- تشبيه بعيدٌ وغريبُ:
وهو ما احتاج في الانتقال من المشبه إلى المشبه به إلى فكر وتدقيق نظر لخفاء بادئ الرأي.
نحو:
والشمس كالمرآة في كف الأشل
المشبه: الشمس
المشبه به: كالمرآة في كف الأشل.
وجه الشبه: هو الهيئة الحاصلة من الاستدارة مع الإشراق والحركة السريعة المتصلة مع تموج الإشراق حتى ترى الشعاع كأنه يهمّ بأن ينبسط حتى يفيض من جوانب الدائرة ثم يبدو له فيرجع إلى الانقباض.

إذن:
حكم وجه الشبّه أن يكون في المشبه به أقوى منه في المشبه وإلا فلا فائدة في التشبيه.

المبحث الخامس
في تشبيه التمثيل:

يعتبر تشبيه التمثيل أبلغ من غيره لما فيه وجهه من التفصيل الذي يحتاج إلى إمعان فكر وتدقيق نظر وهو أعظم أثر في المعاني يرفع قدرها ويضاعف قواها في تحريك النفوس لها فإن كان مدحاً أوقع وإن كان ذماً أوجع أو برهاناً كان أسطع ومن ثم يحتاج إلى كدِّ الذهن في فهمه لاستخراج الصورة المنتزعة من أمور متعددة حسية كانت أو غير حسية لتكون وجه الشبه.
نحو:
ولاحت الشمس تحكي عند مطلعها
مرآة تبر بدت في كفِّ مرتعش
فمثَّل الشمس حين تطلع حمراء لامعةً مضطربةً بمرآة من ذهب تضطرب في كفٍّ ترتعش.
يوجد هنا عدة صور وهذا ما يسمى بتشبيه التمثيل.

ينقسم تشبيه التمثيل إلى نوعان:

١ -ظاهر الأداة.
نحو:
(مَثَلُ الَّذينَ حُمِّلُوا التَّورىٰةَ ثُمَّ لَم يَحمِلوها كَمَثَلِ الحِمارِ يَحمِلُ أَسفارًا) سورة الجمعة آية٥.
-المشبه: هم الذين حملوا التوراة ولم يعقلوا ما بها.
-المشبه به: الحمار الذي يحمل الكتب النافعة دون استفادته منها.
-أداة التشبيه: الكاف.
-وجه الشبه: الهيئة الحاصلة من التعب في حمل النافع دون الفائدة.

2- خفي الأداة.
نحو:
أراك تقدم رجلاً وتُؤخر أخرى.
-إذ الأصل: أراك في ترددك مثل من يقدم رجل مرة ثم يؤخرها مرة أخرى.
-أداة التشبيه: محذوفة.
-وجه الشبه: هيئة الإقدام و الإحجام المصحوبين بالشك.

مواقع تشبيه التمثيل
لتشبيه التمثيل موقعان:
١- أن يكون في مفتتح الكلام فيكون قياساً موضحاً وبرهاناً مصاحباً وهو كثير جداً في القرآن.
نحو:
(مَثَلُ الَّذينَ يُنفِقونَ أَموٰلَهُم فى سَبيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَت سَبعَ سَنابِلَ فى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِا۟ئَةُ حَبَّةٍ ۗ ) سورة البقرة آية٢٦١.
فهنا فبداية الجملة قبل ذكر الإنفاق مباشرة مثّل.

٢- ما يجيء بعد تمام المعاني لإيضاحها وتقريرها (إثباتها) فيشبه البرهان الذي تثبت به الدعوى.
نحو قول الشاعر:
وما المالُ والأهلون إلا ودائع
ولابدّ يوما أن تُرد الودائع
ونحو قول الشاعر:
لا ينزل المجد إلا في منازلنـــا
كالنوم ليس له مأوى سوى المقل

بين المطلب ان بيته بيت المجد ثم مثّله كالنوم في العين.

تأثير تشبيه التمثيل في النفس
إذا وقع التمثيل في صدر القول بعث المعنى إلى النفس بوضوح وجلاء مؤيد بالبرهان ليقنع السامع وإذا أتى بعد استيفاء المعاني كان:
١- إما دليلاً على إمكانها كقول المتنبي:
ومَا أَنا مِنْـــهُمُ بالعَيــشِ فيـــهمْ
وَلكِنْ معْــدِن الذهـــبِ الرَّغــــامُ
٢-إما تأييداً للمعنى الثابت كقول الشاعر:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
ان السفينة لا تمشي على اليبس
وعلة هذا:
أن النفس تأنس إذا أخرجتها من خفي إلى جني وما تجهله إلى ماهي به أعلم ولذا تجد النفس من الأريحية مالا تقدر قدره.
إذا سمعت قول أبي تمام:
طولُ مقامِ المرءِ في الحي مخلقُ
لديبــاجتــيهِ فاغــــتـــربَ تتجـــددِ
فإني رأيْتُ الشَّمسَ زيدتْ مَحَبَّة ً
إلى النَّاس أَن ليْسَتْ عليهمْ بِسرْمَدِ
إذن:
التمثيل يكسب القول قوة فإن كان في المدح كان أهز للعطف، وأنبل في النفس وإن كان في الذم كان وقعه أشد، وإن كان وعظاً كان أشفى للصدر وأبلغ في التنبيه و الزجر وإن كان افتخارا كان شأوه أبعد.





انتهى الدرس...

التعديل الأخير تم بواسطة كوثر حسين ; 02-11-2019 الساعة 08:13 PM
رد مع اقتباس