عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 11-27-2018, 06:41 PM
كوثر حسين كوثر حسين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
Post الدرس التاسع

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الدرس التاسع:.


بعدما أثبتنا وجود الصانع الحكيم بالدليلين العلمي والفلسفي وأنه تعالى خالق كل ما في هذا الكون والمفيض عليه.. وهو سبحانه الذي يتولى تربية وتدبير أمور الكون بحكمته.

نتوقف للتعرف على صفاته جلّ وعلا من خلال إبداعه وصنعه كما نتعرف على علم الكاتب من خلال ما يطرحه من علوم وأفكار ونُقيّم النجار والحداد بجودة ما ينتجون من أدوات.
ونتعرف على صفات الأم والأب من خلال تربيتهم وتعاملهم مع الأبناء.
وكذلك عندما نرى المنجزات العلمية الهائلة في عصرنا من طائرات وصواريخ وسفن فضائية والعالم الرقمي .. وغيرها
نستدل على عبقرية وذكاء صانعيها ومواهبهم ومدى معرفتهم وتفكيرهم وكيف أنهم صنعوا واخترعوا كل جهاز فيها لغاية معينة مع وجود نظام ضابط لحركاتها جميعا.

⬅ كذلك نتعرف على صفات الله عزوجل من خلال ما تشير إليه بدائع صنعه من دلالات.
فهذا الكون بكل ما يحتويه من كائنات حية وغير حية محكوم بدقة عالية لأنظمة وقوانين تضبط سيره.
من أصغر ذرة لا ترى بالمجاهر إلى أكبر مجرة سماوية.
مما يثير فينا الدهشة لما فيها من روعة ودقة وانسجام ونظام.
لم توجد عبث وإنما لغاية وهدف ناتج عن علم وحكمة.
فتنظيم وإبداع جسم الإنسان وأجهزته وأعضائه وضعت بتصميم وتخطيط عن علم وإرادة

فالعين وضعت للإبصار وليس عبث ودون إرادة.
والأذن وُضعت لسماع الأمواج الصوتية.
والفم وسيلة لإيصال الغذاء ومن ثم ينمو.
واللسان وسيلة التفاهم والمخاطبة.
فكلها وُجدت عن تخطيط وهدف وعلم.

فهذه الدقة وهذا النظام يثبت لله عزوجل صفة العلم والحكمة والقدرة والإرادة المطلقة اللامتناهية
⬅ والتي تدلل على صفة الحياة الكاملة بمعناها الواسع الحقيقي لله عزوجل.

كما أن هذا الترابط والاتساق في الكون و مسيرته بانتظام ودقة وإحكام تعاقب الليل والنهار الفصول الأربعة.
ودورة حياة الكائن الحي، ودورة الماء والمطر.
تبين وتشير إلى وحدة النظام في الكون ووحدة القوانين.

⬅والتي نستدل منها على وحدانية الخالق سبحانه وعدم وجود الشريك فلو وُجد شريك لاختل النظام (لذهب كل إله بما خلق)

وقد سئل الإمام الصادق عليه السلام: ما الدليل على أن الله واحد؟
فقال: (اتصال التدبير وتمام الصنع).


وبما أن الله تعالى يتصف بالقدرة والإرادة والحكمة فالله سبحانه وتعالى أي أنه قادر على كل شيء.
لكنه عزوجل يفعل فقط ما يريد والذي يكون فيه غاية وهدف وليس لغو وعبث.
فلعلمه اللامتناهي فهو يختار للشيء و للشخص ما ينفعه ويتناسب مع رعايته وتنميته.

فهو سبحانه لم يجعل لكل المخلوقات أجنحة ولم يخلق المخلوقات بصورة متساوية.
بأن يجعل للإنسان قرون مثلا مثل الغزال وإنما يخلق المخلوقات بالصورة التي توصله إلى هدفه وكماله.

وهذا ما يطلق عليه العدل:
وهو وضع الشيء في مكانه المناسب، العدل هو إعطاء كل شيء ما يستحقه.

ونحن ندرك بالعقل والفطرة أن العدل خير وأن الظلم شر، وننجذب فطريا إلى العادل وننفر ونبتعد من الظالم.

ويختار الإنسان العدل على الظلم إلا إذا انحرف عن ذلك بسبب مصلحة شخصية ناتجة عن الحاجة والفقر أو الخوف والضعف أو الجهل أو العجز
⬅ فعندها يتجه نحو الظلم.

لكن
الله عزوجل هو العالم اللامتناهي ويملك القوة والقدرة والسيطرة المطلقة وهو الغني عن الآخرين
⬅ فيستحيل أن يظلم أحداً.

وإن صفة العدل تتفرع منها القيم السلوكية فعندما يعدل الإنسان فهو يتصف بالصدق والوفاء والأمانة وغيرها.
وبالتالي يبتعد عن الصفات المقابلة لها كالكذب والخيانة والغدر والمكر.

وإن من يتصف بالعدل والأمانة جدير بالإحسان والمثوبة.
وعلى عكسه من يتصف بالظلم والخيانة جدير بالعقوبة.

وبما أن الله عزوجل عادل وقادر على الجزاء، فمن الطبيعي أنه يجازي المحسن على إحسانه ويعاقب المسيء على إساءته وظلمه، بحكم قدرته الهائلة وسيطرته الشاملة على الكون.

لكننا نرى بعض المحسنين في هذه الدنيا لم يحصلوا على جزاهم وتضحيتهم بالقدر المناسب، وأيضا الظالمين لم ينالوا العقاب الملائم لهم.
مثلا الحكام الظالمين كصدام مثلا وما فعل بالمؤمنين فهو يستحق أن يُقتل بعدد من قتلهم وأن يجازى على ظلمه بعدد ما أوقع من الظلم على الآخرين، لكنه لم ينل ما يستحق من العقاب.

والسيد الشهيد لم يرجع له حقه من هذا الظالم، وأيضا لم يكافأ على ما قدمه للفكر البشري من فكر نابض بالحياة خدم به الإسلام والمسلمين.
فلابد من يوم آخر يأخذ كل ذي حق حقه سواء خير أم شر وذلك هو عدل الله عزوجل.

⬅ أي أن عدل الله عزوجل يثبت وجود يوم للجزاء .. يجازي المحسن على إحسانه وينتصف للمظلوم من ظالمه.
ويوم القيامة تتجسد فيه كل القيم المطلقة للسلوك الناتجة من عدل الله سبحانه.

لهذا السبب أفرد العدل وجُعل تابع لأصول الدين، من دون بقية الصفات فكلها ناتجة وراجعة إلى العدل.

بهذا انتهينا من درس صفات الله عزوجل


انتهى الدرس...
رد مع اقتباس