
11-05-2018, 06:15 PM
|
Senior Member
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2016
المشاركات: 185
|
|
الدرس السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
الدرس السادس
انتهينا من تطبيق خطوات منهج الدليل الاستقرائي على مثال من الحياة اليومية ومثال من العلوم الطبيعية واليوم إن شاء الله سنتتبع خطوات منهج الدليل الاستقرائي لإثبات الصانع الحكيم.
س/ بداية ماهي خطوات منهج الدليل الاستقرائي؟
١- ملاحظة ظواهر عديدة بالحس والتجربة.
٢- إيجاد فرضية تكون صالحة لوجود جميع تلك الظواهر الموجودة.
٣- نفرض عدم صحة الفرضية السابقة، لكن على افتراض عدم صحة الفرضية فإن نسبة احتمال وجود كل هذه الظواهر المتعددة تكون ضئيلة جدا.
٤- نتوصل إلى أن الفرضية صادقة بسبب وجود تلك الظواهر كلها.
٥- التناسب العكسي بين درجة ترجيح وإثبات تلك الظواهر للفرضية مع نسبة الاحتمال (على افتراض كذب الفرضية).
نبدأ بالخطوة الأولى
1- الخطوة الأولى: ملاحظة الظواهر المتعددة بواسطة الحس
نلاحظ حجم هائل من الظواهر التي تلبي حاجات الإنسان ككائن حي وتضمن له الاستمرار في الحياة على هذه الأرض.
منها:
١- درجة حرارة الأرض هي نفس الدرجة الضرورية لحاجة الإنسان لا أقل ولا أكثر.
وذلك بسبب ثبات المسافة بين الأرض والشمس، فلو كانت المسافة أكثر لما وجدت الحرارة المناسبة للحياة.
لاحظوا المناطق المتجمدة تكون مظاهر الحياة فيها أقل من حيث نمو النباتات وتواجد الحيوانات فلو قلت الحرارة أكثر لانعدمت الحياة فيها.
ولو كانت المسافة بين الشمس والأرض أقل لزادت الحرارة إلى درجة لا يحتمل الحياة معها.
في مناطقنا لو زادت الحرارة في الصيف أكثر مما هي عليه لجفت المياه وانعدم وجود النباتات والكائنات الحية من شدة الحرارة، و لأصبحت الحياة مستحيلة.
٢- تواجد عنصر الأكسجين على الأرض بالشكل المناسب.
الأكسجين موجود منه بصورة مركبة وبصورة غازية فالنسبة الموجودة من الغاز لو كانت أقل أو أكثر لما تمكنت الحياة من الاستمرار.
فالكائن الحي مثل الإنسان والحيوان يستخدم الأكسجين في عملية التنفس وينقله إلى الخلايا عن طريق الدم ليكمل عملياته الحيوية داخل الجسم وبعدها يكوّن ثاني أكسيد الكربون ويتخلص منه
ثم يأتي دور النبات ليأخذ ثاني أكسيد الكربون ويخرج الأكسجين .. وهكذا تكون دورة التبادل بين النبات وبين الحيوان والإنسان لحفظ حالة التوازن لغاز الأكسجين.
لو كانت نسبة غاز الأكسجين أقل لما أمكن الإنسان والحيوان من التنفس وتكملة دوراته الحيوية في الجسم ولما أمكن بعدها من إنتاج ثاني أكسيد الكربون و لن تكون عملية التبادل بينه وبين النبات وستنعدم الحياة.
ولو كانت نسبة الأكسجين أعلى لسببت حرائق في الأرض.
عادة عند حدوث حريق صغير مثلا نقوم بتغطيته بقماش أو ما شابهه بهذه الحركة نعمل على منع الأكسجين فتنطفئ النار لكن لو بقي الأكسجين لاستمرت النار ولو زاد لزادت.
٣- وكذلك كمية الهواء على الكرة الأرضية لو زادت لتسببت في زيادة ضغط الهواء على الإنسان ولو قلت لتدمرت الأرض باقتحام الشهب والنيازك عليها.
٤- نلاحظ غاز النتروجين باعتباره غاز ثقيل يقوم بتخفيفه الاكسجين للاستفادة منه مع الانسجام بين الكميتين الطليقتين في الهواء.
٥- وحركة المد والجزر للقمر، فبعد القمر عن الأرض بمسافة محددة فلو قرب أكثر لتضاعف المد وأزاح الجبال من مواضعها.
٦- دوران الأرض حول نفسها وتكون الليل والنهار، وحدوث الفصول الأربعة بدوران الأرض حول الشمس، وتنوع الحياة على سطح الأرض حياة البراري والبحار.
وغيرها من المظاهر التي نحس بها على وجه الأرض من الغازات ومركبات ونوع التربة وسماكة قشرة الأرض.
وهناك بعض الظواهر التي لا نلتمسها بالحواس لكن ندرك آثارها بالحواس.
٧- فالمشاعر والغرائز تعتبر غيبية (لا تدرك بالحواس) لكن السلوك والأثر الناتج عنها يكون حسي.
مثل :
- الشعور بالجوع والألم والخوف نسجم مع الحفاظ على الحياة.
فعندما يشعر الإنسان بالخوف من شيء ما فهو يهرب منه ويندفع أيضا لسد حاجته من الطعام عند الشعور بالجوع ويحاول التخلص والوقاية من الألم كل هذا حفاظا على حياته.
٨- وإن تركيب جسم الإنسان الفسيولوجي بهذه الطريقة المترابطة والمتناسقة بين
الجهاز الهضمي والجهاز العصبي والجهاز الدوري الدموي والجهاز التنفسي والجهاز العظمي والجهاز الإخراجي وغيرها يتناسب مع حاجة الإنسان.
٩- وطريقة رؤية العين للأشياء (الإبصار)
وكيف استفاد منها الإنسان لصنع الكاميرا لكن شتان بين دقة كل منهما.
١٠- وعملية تلقيح الأزهار عن طريق الانجذاب لجمالها وعطرها.
١١- التوافق في ظاهرة التزويج وطبيعة الجسم الفسيولوجي.
كلها مظاهر لاستمرار الحياة وتسهيلها.
هذه هي تعداد للظواهر.
2- الخطوة الثانية:
إيجاد فرضية تناسب هذه الظواهر كلها
إن هذه الدقة وهذا التناسب بين هذه الظواهر وغيرها يفسرها تفسير واحد فقط وهو: وجود صانع حكيم ومدبر لها.
3- الخطوة الثالثة:
نفرض عدم صحة هذه الفرضية أي افتراض عدم وجود الصانع لها فإذا لم يوجد معناه نفترض وجود مجموعة هائلة من الصدف والافتراضات.
نفترض بأن الجسم مثلا تكَوّن من تفاعلات داخلية أو صدفة.
هنا نتساءل ما درجة وجود كل الأجهزة داخل الجسم العظمي والتنفسي و.. و وهذا الترابط بينها؟
لو كان كل جهاز وُجد لوحده لكان مستقلا عن غيره ولم يوجد ترابط بين الجهاز الهضمي والإخراجي مثلا ولا بين الجهاز العظمي والجهاز التنفسي بوجود القفص الصدري لحماية الرئتين مثلا.
وكان كل شيء في الحياة يؤدي دوره دون النظر لارتباطه بالأجزاء الأخرى.
كيف كان هذا الترابط بين هذه الظواهر التي تعد بالملايين والملايين على وجه الأرض.
لو وجدت صدفة لما كان بينها ارتباط كما نشاهده.
فإن افتراض عدم وجود الصانع يؤدي لعدد هائل من الاحتمالات المفترضة التي يكون من المستحيل اجتماعها.
4- الخطوة الرابعة:
تقوى عملية ترجيح الفرضية التي ذكرناها لتفسير وجود كل هذه الظواهر وهي فرضية وجود الصانع الحكيم
بسبب هذا التناسق بين الظواهر.
فهو صانع حكيم عالم بظواهر الأمور وبواطنها وما يصلحها ويفسدها.
5- الخطوة الخامسة:
نربط بين ترجيح وجود الصانع الحكيم وبين ضآلة احتمال عدم وجود الصانع الحكيم.
فكلما زادت عدد الصدف التي لابد من افتراضها تقل نسبة الاحتمال إلى درجة المستحيل.
(كما وضحناها في الدرس الماضي)
⬅ وبالتالي تزداد درجة الترجيح.
وهنا عدد الظواهر كبير جدا أكثر من أي عدد في احتمال مشابه
إلى درجة تكون نتيجة الترجيح يقينية.
السيد الشهيد في استدلاله لم يتطرق إلى الأدلة النقلية القرآن والسنة وإنما أثبت وجود الصانع بطريقة الاستقراء العلمي الذي يؤيده الجميع.
لكن بعد إثباته لوجود الصانع الحكيم ذكر بعض الآيات التي تدل على آيات الاتساق والتدبير في هذا الكون.
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)
(فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُور ٍثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) الملك، آية ٥
(إِنَّ فى خَلقِ السَّمٰوٰتِ وَالأَرضِ وَاختِلٰفِ الَّيلِ وَالنَّهارِ وَالفُلكِ الَّتى تَجرى فِى البَحرِ بِما يَنفَعُ النّاسَ وَما أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِن ماءٍ فَأَحيا بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها وَبَثَّ فيها مِن كُلِّ دابَّةٍ وَتَصريفِ الرِّيٰحِ وَالسَّحابِ المُسَخَّرِ بَينَ السَّماءِ وَالأَرضِ لَءايٰتٍ لِقَومٍ يَعقِلونَ (164) ) سورة البقرة
نتوقف إلى هنا
والحمد لله رب العالمين
انتهى الدرس....
|