عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-08-2018, 11:41 PM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي

حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية
تقدم لكم
مقالات
بمناسبة مرور الذكرى ال (38) لشهادة المفكر الكبير
السيد محمد باقر الصدر
تحت عنوان
┈━•❍ الحوزة العلمية❍•━┈
۞ومسؤوليتها الحضارية۞
( 1439ه – 2018م )

مقال (2)


بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ شخصية السيد الشهيد محمد باقر الصدر (متعددة الجوانب ومتفردة على مختلف المستويات وما كان ممكنا أن يكتمل التعرف إليها من طريق الدراسات والمقالات فحسب)

(لقد أدى الصدر مهمته ورسالته ونحن الذين لم نؤد مهمتنا ورسالتنا لأننا لم ننجب صدرًا بعد الصدر)

إنجازات الشهيد الصدر في سياق بناء الحضارة الإسلامية الحديثة


فوزية محمد علي العبد الجبار

تمهيد:
تعيش الأمة الإسلامية اليوم تحديًا حضاريًا صارخًا ليس من قبل الحضارة الغربية فحسب، بل ومن قبل حضارات تعتبر نفسها الصياغة المتطورة منها، كالحضارة الشرقية.
وبالرغم من أن التحدي الحضاري ظاهرة لازمة في الأمة، وأنه لم يأت حين على المسلمين استراحوا من تحديات حضارية، فإن التحدي الجديد يتخذ طابعًا مختلفًا يكمن في تحوله التدريجي إلى مواجهة حضارية شاملة للجوانب الأيديلوجية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وهي مصيرية؛ لأنها تعتزم اكتساح الحضارة الإسلامية حتى لا تعود قادرة على النهوض مرة أخرى.
والمواجهة الحضارية تبرز من خلال مظاهر مختلفة، بيد أن نقطة واحدة تقرر مصيرها النهائي بصالح الأمة أو في صالح أعدائها، تلك هي (جدارة الفكرة الحضارية) بالبقاء.
فبقدر ما تكون الفكرة مليئة بركائز التقدم والغلبة، وبقدر ما تبعثه في الإنسان المتقمص لها من الإيمان والمعرفة سيكون تقدم الأمة وانتصارها.
ولن تغني الفكرة الحضارية شيئا لو لم تملك الأصالة والواقعية ولم تكن قادرة على تحميل نفسها على كتف الحياة حتى تصنع رجالًا وتصنع منهم بطولات وتصنع بها حضارة متفوقة. إذ بدون التفاعل بين الإنسان والفكرة كيف يتمكن الإنسان من تغيير واقع وبناء حياة؟ فهل تتقدم أمة تملك تراثًا ضخمًا من الفكرة الحضارية لو لم تتحول فعلًا إلى عطاء وعمل؟ السيد محمد تقي المدرسي .
وقد تم التفاعل بين الإنسان (السيد محمد باقر الصدر) والفكرة، وتمكن من تغيير واقع وبناء حياة الأمة الإسلامية، فقد اتسع المشروع الفكري عند الصدر لميادين متعددة، حيث شكل البعد الاجتماعي المتحرك مع تحديات الزمان، المحور الأساس.
لقد أدرك الشهيد الصدر أن توقف الفكر الإسلامي عند القضايا الجزئية ودوران الاجتهاد حول مسائل
فرعية طارئة أو مستجدة لمعالجة قضايا تواجه الفرد دون المجتمع، إنما يعود إلى عوامل تاريخية أرغمت الكثير من علماء ومفكري الإسلام على الانفصال عن الواقع ومتطلباته، فتجمد تفسير القرآن عند المتابعة
التراثية لآيات القرآن الكريم، والتي تعطي معاني مفردة ومجزأة دون أن تستطيع الكشف عن التصور القرآني الكامل للقضايا العديدة التي يعالجها، كما توقف الفقه السياسي والدستور للدولة، وتجمد فقه العلاقات الاقتصادية والمالية؛ فالتزم الفقهاء ناحية فروع الفقه.
إن المسائل المستحدثة في المعاملات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أكبر بكثير من أن تعالج عن طريق الالتفاف على موضوعاتها من أجل البحث عن سلوك مبرر حيالها ولكن يمكن معالجتها بتحصيل
المعرفة الجيدة بإنجازات العلوم الإنسانية الحديثة والأسس النظرية التي تقوم عليها هذه المعاملات المستجدة.

مشروع الإصلاح المتكامل للحوزة العلمية:
*مارس الشهيد الصدر دورًا مباشرًا في اختيار وكلاء السيد محسن الحكيم ثم السيد الخوئي في مناطق مختلفة من بين من يُقدر فيهم وعيًا دينيًا وحسًا اجتماعيًا.
*وضع هيكلًا مفصلًا تأسيسيًا لهيكل المرجعية الصالحة التي عرفها بقوله: (إن أهم ما يميز المرجعية الصالحة تبنيها للأهداف الحقيقية التي يجب أن تسير المرجعية في سبيل تحقيقها لخدمة الإسلام، وامتلاكها صورة واضحة محددة لهذه الأهداف، فهي مرجعية هادفة بوعي ووضوح، وتتصرف دائمًا على أساس تلك الأهداف، بدلًا من أن تمارس تصرفات عشوائية، وبروح تجزيئية وبدافع من ضغط الحاجات الجزئية المتجددة. وعلى هذا الأساس يكون المرجع الصالح قادرًا على عطاء جديد في خدمة الإسلام، وفي سبيل إيجاد تغيير أفضل لصالح الإسلام في كل الأوضاع التي يمتد إليها تأثيره ونفوذه).


*حدد الأهداف للمرجعية الصالحة ووضع المخطط التفصيلي الضروري للجهاز المرجعي لتحقيق هذه الأهداف، ووضع للمرجعية الصالحة ثلاث مراحل في طريق تكاملها، ولكل مرحلة برامجها ومسؤوليتها على طريق تحقيق تلك الأهداف. هذا المخطط لم تهضمه الأحوال التقليدية السائدة حتى يومنا هذا
(ما يقارب نصف قرن).

المجموعة الفكرية التي قدمها الشهيد الصدر للمسلمين:
*كتاب فلسفتنا: وهو دراسة أعمق الأسس التي تقوم عليها الماركسية والإسلام، ونقطة انطلاق لتفكير متسلسل يحاول أن يدرس الإسلام من القاعدة إلى القمة.
*كتاب اقتصادنا: بين فيه الشهيد أن الاقتصاد الإسلامي مذهب وليس علم، وهذا يعني أن الإسلام دعا إلى تنظيم الحياة الاقتصادية وحدد ما ينبغي أن تقام عليه تلك الحياة من أسس ودعائم.
*كتاب المدرسة الإسلامية: (1) الإنسان والمشكلة الاجتماعية. 2) ماذا تعرف عن الاقتصاد الإسلامي وهو محاولة إعطاء الفكر الإسلامي في مستوى مدرسي ضمن حلقات، حمل الرسالة الفكرية للإسلام، تطرق الشهيد الصدر في هذا الكتاب إلى عدة مواضيع مهمة منها:
ص9 الإنسان المعاصر وقدرته على حل المشكلة الاجتماعية
ص16 رأي الماركسية.
ص22 رأي المفكرين غير الماركسيين.
ص25 -27 الفرق بين التجربة الطبيعية والاجتماعية
ص36 استعرض الشهيد الصدر أهم المذاهب الاجتماعية التي تسود الذهنية الإنسانية العامة اليوم والتي يقوم بينها الصراع الفكري أو السياسي على اختلاف وجودها الاجتماعي في حياة الإنسان وهي مذاهب أربعة:
*النظام الديمقراطي الرأسمالي.
*النظام الاشتراكي.
*النظام الشيوعي.
*النظام الإسلامي.

بين الشهيد أن الثلاثة الأول من المذاهب تمثل ثلاث وجهات نظر بشرية في الجواب على السؤال الأساسي: ما هو النظام الأصلح؟
فهي أجوبة وضعها الإنسان للإجابة على هذا السؤال وفقا لإمكاناته وقدرته المحدودة.
وأما النظام الإسلامي فهو يعرض نفسه على الصعيد الاجتماعي بوصفه دينًا قائمًا على أساس الوحي، ومعطى إلهي لا فكر تجريبي منبثق من قدرة الإنسان وإمكاناته.
وأشار -الشهيد الصدر- إلى أن النظام الديمقراطي الرأسمالي يعتبر أساس الحكم في بقعة كبيرة من الأرض، والنظام الاشتراكي هو السائد في بقعة كبيرة أخرى، وكلا من النظامين يملك كيانًا سياسيًا عظيمًا يحميه في صراعه مع الآخر ويسلحه في معركته التي يخوضها أبطاله في سبيل الحصول على قيادة العالم وتوحيد النظام الاجتماعي فيه.
وأما النظام الشيوعي والإسلامي فوجودهما بالفعل فكري، غير أن النظام الإسلامي مر بتجربة من أروع تجارب النظم الاقتصادية وأنجحها، ثم عصفت به العواصف بعد أن خلا الميدان من القادة المبدئيين أو كاد، وبقيت التجربة في رحمة أناس لم ينضج الإسلام في نفوسهم، ولم يملأ أرواحهم بروحه وجوهره
فعجزت عن الصمود والبقاء، فتقوض الكيان الإسلامي، وبقي نظام الإسلام فكرة في ذهن الأمة الإسلامية وعقيدة في قلوب المسلمين وأملًا يسعى إلى تحقيقه أبناؤه المجاهدين.
وأما النظام الشيوعي فهو فكرة غير مجربة حتى الآن تجربة كاملة و إنما تتجه قيادة المعسكر الاشتراكي اليوم – أي زمن تأليف الكتاب، سنة الطبع 1984م - إلى تهيئة جو اجتماعي له بعد أن عجزت عن تطبيقه حين ملكت زمام الحكم فأعلنت النظام الاشتراكي وطبقته كخطوة إلى الشيوعية الحقيقية.
ويتساءل الشهيد الصدر:
ما هو موضعنا من هذه الأنظمة؟
وما هي قضيتنا التي يجب أن ننذر حياتنا لها، ونقود السفينة إلى شاطئها؟
(ص51 من كتابه المدرسة الإسلامية استعرض الشهيد الصدر).

مآسي النظام الرأسمالي التي منها:
تحكم الأكثرية الأقلية ومصالحها ومسائلها الحيوية....... إلى أن يقول في ص57نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة.... هذا المجتمع الذي ينعدم فيه الإيثار والثقة المتبادلة، والتراحم والتعاطف الحقيقي وجميع الاتجاهات الروحية الخيرة، فيعيش الفرد فيه وهو يشعر بأنه المسؤول عن نفسه وحده، وأنه في خطر من قبل كل مصلحة من

مصالح الآخرين التي تصطدم به. فكأنما يحيى في صراع دائم ومغالبة مستمرة، لا سلاح له فيها إلا قواه الخاصة، ولا هدف له منها إلا مصالحه الخاصة) .

الاشتراكية والشيوعية:
الانحراف عن العملية الشيوعية، يقول الشهيد في ص 64: (ولكن أقطاب الشيوعية الذين نادوا بهذا النظام، لم يستطيعوا أن يطبقوه بخطوطه كلها حين قبضوا على مقاليد الحكم، واعتقدوا أنه لا بد لتطبيقه من تطوير الإنسانية في أفكارها ودوافعها ونزعاتها زاعمين أن الإنسان سوف يجيء عليه اليوم الذي تموت في نفسه الدوافع الشخصية والعقلية والفردية، وتحيا فيه العقلية الجماعية والنوازع الجماعية، فلا يفكر إلا في المصلحة الاجتماعية ولا يندفع إلا في سبيلها.
و لأجل ذلك كان من الضروري - في عرف هذا المذهب الاجتماعي - إقامة نظام اشتراكي قبل ذلك، ليتخلص فيه الإنسان من طبيعته الحاضرة، ويكتسب الطبيعة المستعدة للنظام الشيوعي، وهذا النظام الاشتراكي أجريت عليه تعديلات مهمة على الجانب الاقتصادي من الشيوعية). (ص68 المؤاخذات على الشيوعية) .

من وجهة نظر الشهيد (الواقع أن النظام الشيوعي وإن عالج جملة من أدواء الرأسمالية الحرة، بمحوه للملكية الفردية، غير أن هذا العلاج له مضاعفات طبيعية تجعل ثمن العلاج باهضًا، وطريقة تنفيذه شاقة على النفس لا يمكن سلوكها إلا إذا فشلت سائر الطرق والأساليب. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هو علاج ناقص لا يضمن القضاء على الفساد الاجتماعي كله، لأنه لم يحالفه الصواب في تشخيص الداء، وتعيين النقطة التي انطلق منها الشر حتى اكتسح العالم في ظل الأنظمة الرأسمالية، فبقيت النقطة محافظة على موضعها من الحياة الاجتماعية في المذهب الشيوعي. وبهذا لم تظفر الإنسانية بالحل الحاسم لمشكلتها الكبرى، ولم تحصل على الدواء الذي يطبب أدواءها ويستأصل أغراضها الخبيثة.

ص73 كل هذه المآسي لم تنشأ من الملكية الخاصة، وإنما هي وليدة المصلحة المادية الشخصية التي جُعلت مقياسًا للحياة في النظام الرأسمالي، والمبرر المطلق لجميع التصرفات والمعاملات.
فالمجتمع حين تقام أسسه على هذا المقياس الفردي والمبرر الذاتي لا يمكن أن يُنتظر منه غير ما وقع. فإنه من طبيعة هذا المقياس تنبثق تلك اللعنات والويلات على الإنسانية كلها، لا من مبدأ الملكية الخاصة، فلو أبدل المقياس ووضعت للحياة غاية جديدة مهذبة تنسجم مع طبيعة الإنسان لتحقق بذلك العلاج الحقيقي للمشكلة الإنسانية الكبرى.

الإسلام والمشكلة الاجتماعية
التعليل الصحيح للمشكلة:
يقول الشهيد الصدر ص77: (ولأجل أن نصل إلى الحلقة الأولى في تعليل المشكلة الاجتماعية علينا أن نتساءل: عن تلك المصلحة المادية الخاصة التي أقامها النظام الرأسمالي مقياسًا ومبررًا وهدفا وغاية.
نتساءل: ما هي الفكرة التي صححت هذا المقياس في الذهنية الديمقراطية الرأسمالية وأوحت به؟ فإن تلك الفكرة هي الأساس الحقيقي للبلاء الاجتماعي، وفشل الديمقراطية الرأسمالية في تحقيق سعادة الإنسان وتوفير كرامته، وإذا استطعنا أن نقضي على تلك الفكرة، فقد وضعنا حدًا فاصلًا لكل المؤامرات على الرفاه الاجتماعي والالتواءات على حقوق المجامع وحريته الصحيحة، ووفقنا إلى استثمار الملكية الخاصة لخير الإنسانية ورقيها وتقدمها في المجالات الصناعية وميادين الإنتاج.

كيف تعالج المشكلة؟
ص90 رسالة كبرى لا يمكن أن يضطلع بأعبائها غير الدين، ولا أن تحقق أهدافها البناءة وأغراضها الرشيدة إلا على أسسه وقواعده، فيربط بين المقياس الخلقي الذي يضعه للإنسان، وحب الذات المرتكزة
في فطرته.
ص91 والتوفيق والتوحيد بينهما يحصل بعملية يضمنها الدين للبشرية التائهة، تتخذ العملية أسلوبين ص93 للتوفيق بين الدافع الذاتي والقيم والمصالح الاجتماعية:
الأسلوب الأول:
تركيز التفسير الواقعي للحياة وإشاعة فهمها في لونها الصحيح، كمقدمة تمهيدية إلى حياة أخروية يكسب الإنسان فيها من السعادة على مقدار ما يسعى في حياته المحدودة هذه، في سبيل تحصيل رضا الله.ص93 فيربط بين الدوافع الذاتية و سبل الخير في الحياة، و يطور من مصلحة الفرد تطويرًا يجعله يؤمن بأن مصالحه الخاصة والمصالح الحقيقية العامة للإنسانية -التي يحددها الإسلام - مترابطان.
(للتوسع انظر اقتصادنا ص307 ) .




الأسلوب الثاني:
التعهد بتربية أخلاقية خاصة، تعنى بتغذية الإنسان روحيًا، وتنمية العواطف الإنسانية والمشاعر الخلقية فيه.
ص94 فهذان الطريقان اللذان ينتج عنهما ربط المسألة الخلقية بالمسألة الفردية،
ويتلخص أحدهما: في إعطاء التفسير الواقعي لحياة أبدية.
ويتلخص الآخر في: التربية الخلقية التي ينشأ عنها في نفس الإنسان مختلف المشاعر والعواطف، والتي تضمن إجراء المقياس الخلقي بوحي من الذات.
فالفهم المعنوي للحياة والتربية الخلقية للنفس في رسالة الإسلام هما السببان المجتمعان على معالجة السبب الأعمق للمأساة الإنسانية.
ص95 فالفهم المعنوي للحياة (تمهيد لحياة أبدية) والإحساس الخلقي لها (المشاعر والأحاسيس) هما الركيزتان اللتان يقوم على أساسهما المقياس الخلقي الجديد، والذي يضعه الإسلام للإنسانية وهو: رضا الله تعالى -هذا الذي يقيمه الإسلام مقياسا عاما في الحياة- هو الذي يقود سفينة البشرية إلى ساحل الحق والخير والعدالة.

الميزة الأساسية للنظام الإسلامي:
تتمثل فيما يرتكز عليه من فهم معنوي للحياة وإحساس خلقي لها والخط العريض في هذا النظام هو: اعتبار الفرد والمجتمع معًا وتأمين الحياة الفردية والاجتماعية بشكل متوازن.
ص97 وقد استنتج الشهيد الصدر أن (الإسلام حمل المشعل المتفجر بالنور بعد أن بلغ البشر درجة خاصة من الوعي، فبشر بالقاعدة المعنوية والخلقية على أوسع نطاق وأبعد مدى، ورفع على أساسها راية إنسانية وأقام دولة فكرية، أخذت بزمام العالم ربع قرن، واستهدفت توحيد البشر كلهم وجمعهم على قاعدة فكرية واحدة ترسم أسلوب الحياة ونظامها.
فالدولة الإسلامية لها وظيفتان:
أحدهما: تربية الإنسان على القاعدة الفكرية، وطبعه في اتجاهه وأحاسيسه بطابعها.
والأخرى: مراقبته من خارج (الخارج) وإرجاعه إلى القاعدة الفكرية إذا انحرف عنها.


موقف الإسلام من الحرية والضمان:
بين الشهيد الصدر الحرية في الحضارة الرأسمالية ص104
يقول الشهيد الصدرنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةولئن كانت الحرية في الحضارات الغربية تبدأ من التحرر لتنتهي إلى ألوان العبودية والأغلال، فإن الحرية ... في الإسلام على العكس، لأنها تبدأ من العبودية المخلصة لله تعالى لتنتهي إلى التحرر من كل أشكال العبودية المهينة.
ص115 وضع القرآن الكريم للفرد المسلم طابعه الروحي الخاص، وطور من مقاييسه، وانتزعه من الأرض وأهدافها المحدودة إلى آفاق أرحب وأهداف أسمى: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب*قل أؤنبئكم بخير من ذلك للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد) آل عمران14،15 هذه هي معركة التحرير في المحتوى الداخلي للإنسان وهي في نفس الوقت الأساس الأول والرئيس لتحرير الإنسانية في نظر الإسلام و بدونها تصبح كل حرية زيفًا وخداعًا وبالتالي أسرًا و قيدًا).
وقد أورد الشهيد مثالًا للتعرف على النتائج الباهرة التي تمخض عنها هذا التحرير، ومدى الفرق بين حرية الإنسان القرآني الحقيقية، وتلك الحريات المصطنعة التي تزعمها شعوب الحضارات الغربية الحديثة. فقد استطاعت الأمة التي حررها القرآن -حين دعاها في كلمة واحدة إلى اجتناب الخمر- أن تقول لا، و تمحو الخمر من قاموس حياتها بعد أن كان جزءًا من كيانها و ضرورة من ضروراتها، لأنها كانت
مالكة لإرادتها حرة في مقابل شهواتها ودوافعها الحيوانية وبكلمة مختصرة كانت تتمتع بحرية حقيقية تسمح لها بالتحكم في سلوكها.
وأما تلك الأمة التي أنشأتها الحضارة الحديثة، ومنحتها الحرية الشخصية بطريقتها الخاصة لا تملك شيئًا من حريتها ولا تستطيع أن تتحكم في وجودها لأنها لم تحرر المحتوى الداخلي لها وإنما استسلمت إلى
شهواتها ولذاتها تحت ستار من الحرية الشخصية حتى فقدت حريتها إزاء تلك الشهوات واللذات، فلم تستطع أكبر حملة للدعاية أن تحرر الأمة الأمريكية من الخمر، بالرغم من الطاقات المادية والمعنوية الهائلة التي جندتها السلطة الحاكمة ومختلف المؤسسات الاجتماعية في هذا السبيل وهذا نتيجة فقدان الإنسان الغربي للحرية الحقيقية.
الإنسان القرآني: التحرير الداخلي أو البناء الداخلي لكيان الإنسان هو في رأي الإسلام حجر الزاوية في عملية إقامة المجتمع الحر السعيد.



الحرية في المجال الاجتماعي:
ص119 في مجال الحرية الاجتماعية بين الشهيد أن (الإسلام يخوض معركة لتحرير الإنسان في النطاق الاجتماعي مثلما يخوض معركة التحرير الداخلي للإنسانية. ليقضي على عبودية الإنسان للإنسان :
(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله). فعبودية الإنسان لله تجعل الناس كلهم يقفون على صعيد واحد بين يدي المعبود الخالق فلا توجد أمة لها الحق في استعمار أمة أخرى واستعبادها ولا فئة من المجتمع يباح لها اغتصاب فئة أخرى وانتهاك حريتها، ولا إنسان يحق له أن ينصب نفسه صنما للآخرين.)
ص120 يقول الشهيد الصدر (وعلى ضوء الأسس التي يقوم عليها تحرير الإنسان من عبودية الأصنام في النطاق الاجتماعي سواء كان الصنم أمة أم فئة أم فرد ... نستطيع أن نعرف مجال السلوك العملي للفرد في الإسلام فإن الإسلام يختلف عن الحضارات الغربية الحديثة التي لا تضع لهذه الحرية العملية للفرد حدًا إلا حريات الأفراد الآخرين، لأن الإسلام يهتم قبل كل شيء بتحرير الفرد من عبودية الشهوات والأصنام و يسمح له بالتصرف كما يشاء على ألا يخرج عن حدود الله. فالقرآن يقول: (خلق لكم ما في الأرض جميعا) البقرة:39 (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه) الجاثية:13و بذلك يضع الكون بأسره تحت تصرف الإنسان وحريته ولكنها حرية محدودة بالحدود التي تجعلها تتفق مع تحرره الداخلي من عبودية الشهوة وتحرره الخارجي من عبودية الأصنام...)

الدور التحريري الثوري للإسلام في النطاق الاجتماعي:
ص212يذهب الشهيد الصدر إلى أن الدور التحرري الثوري للإسلام في النطاق الاجتماعي (لا يعني بذلك أنه على وفاق مع الحريات الاجتماعية الديمقراطية في إطارها الغربي الخاص. فإن الإسلام كما يختلف عن الحضارة الغربية في مفهومه عن الحرية الشخصية كذلك يختلف عنها في مفهومه عن الحرية السياسية والاقتصادية والفكرية.
فالمدلول الغربي للحرية السياسية يعبر عن الفكرة الأساسية في الحضارة الغربية القائلة إن الإنسان يملك نفسه وليس لأحد التحكم فيه ....).

الحرية الاقتصادية في مفهومها الرأسمالي حرية شكلية:
لخص الشهيد الصدر الحرية الاقتصادية في مفهومها الاقتصادي ص124 بقوله: (فسح المجال أمام كل فرد ليتصرف في الحقل الاقتصادي كما يريد، دون أن يجد من الجهاز الحاكم أي لون من ألوان الإكراه والتدخل. و لا يهم الرأسمالية - بعد أن تسمح للفرد بالتصرف كما يريد - أن تخمن أو تضمن له شيئًا مما

يريد .... ولهذا نجد أن الحرية الاقتصادية في مفهومها الرأسمالي خاوية لا تحمل معنى بالنسبة إلى من لم تسمح له الفرص بالعيش ولم تهيئ له ظروف التنافس والسياق الاقتصادي مجالًا للعمل والإنتاج. وهكذا تعود الحرية الرأسمالية شكلًا ظاهريًا فحسب.
رد مع اقتباس