تابع السنن التريخية في القرآن الكريم
الصيغ المتنوعة التي تتخذها السنة التاريخية القرآنية :
وضح هنا الأشكال التي تتخذها سنن التاريخ في مفهوم القران الكريم ؟؟
الشكل الأول :شكل القضية الشرطية ، إذ تتمثل السنة التاريخية في قضية شرطية بين حادثتين أو مجموعتين من الحوادث على الساحة التاريخية ، والعلاقة بين الشرط والجزاء ، وأنه متى ما تحقق الشرط تحقق الجزاء مثل الماء والحرارة والغليان .
( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ )( الر عد 11)
علاقة بين تغيرين ، بين تغيير المحتوى الداخلي للإنسان وبين الوضع الظاهري للبشرية
الشكل الثاني :شكل القضية الفعلية الماجدة المحققة ، مثال الكسوف
الشكل الثالث:هو شكل أهتم به القرآن الكريم اهتماما كبيرا ، هو السنة المضافة على صورة اتجاه طبيعي في حركة التاريخ ، لا على صورة قانون صارم كالصلاة ، وجوب الصلاة حكم تشريعي وليس قانونا تكوينيا ، يمكنه أن لا يصلي ، ليس مثل غليان الماء إذا توفرت شروط الغليان لا يمكنه أن يتحدى القانون لأنه قانون صارم ، هناك اتجاهات موضوعية مرنة تقبل التحدي ولو على شوط قصير لكنها مع ذلك قد تحطم هذا المتحدي بسنن التاريخ نفسها مثل قصة قوم لوط .
عناصر المجتمع في القرآن :
تحدث عن الدين بأنه ليس مجرد قرار تشريعي بل سنة من سنن الحياة والتاريخ ولكنها سنة تقبل التحدي على الشوط القصير ولكن التحدي يعاقب بسنن التاريخ نفسها ، توضيح هذه السنة يتطلب أن نحلل عناصر المجتمع ..
ماهي عناصر المجتمع من زاوية نظر القرآن الكريم ؟ ماهي مقومات المركب الاجتماعي؟ كيف يتم التنفيذ بين هذه العناصر والمقومات ؟
نرى جواب الأسئلة في هذه الآية :
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)( البقرة 30)
إن الله سبحانه ينبئ الملائكة بأنه قرر إنشاء مجتمع على الأرض ،هناك ثلاثة عناصر يمكن استخلاصها من العبارة القرآنية :
١- الإنسان .
٢- الأرض أو الطبيعة ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ) (البقرة 30)
٣- العلاقة المعنوية التي تربط الإنسان بالأرض وبالطبيعة ، وتربط الإنسان بأخيه الإنسان ، وهذه العلاقة المعنوية هي التي سماها القرآن الكريم بالاستخلاف ،
ونحن حينما نلاحظ المجتمعات البشرية ، نجد أنها جميعا تشترك بالعنصر الأول والثاني ، إذ لا يوجد مجتمع بدون إنسان يعيش مع أخيه الإنسان ولا يوجد مجتمع بدون أرض أو طبيعة يمارس إنسانه عليها دوره الاجتماعي.
أما العنصر الثالث وهو العلاقة ففي كل مجتمع علاقة ولكن تختلف في طبيعة هذه العلاقة وفي كيفية صياغة هذه الطبيعة ، هذه العلاقة لها صيغتان أساسيتان :
١- صيغة ثلاثية.
٢- صيغة رباعية.
الصيغة الرباعية طرحها القرآن الكريم تحت اسم الاستخلاف ، فالاستخلاف ذو أربعة أطراف : الإنسان ( مستخلَف ) - أخيه الإنسان ( مستخلَف ) ، الجماعة البشرية ككل - الطبيعة أو الأرض ( مستخلف عليه ) - الله سبحانه وتعالى ( مستخلِف )
وهذه الصيغة ترتبط بوجهة نظر معينة نحو الحياة والكون تقول : بأنه لا سيد و لا مالك ولا اله للكون و للحياة إلا الله سبحانه ، وأن دور الإنسان في ممارسة حياته إنما دور الاستخلاف والاستئمان ، وأي علاقة تنشأ بين الإنسان والطبيعة فهي في جوهرها ليست علاقة مالك ومملوك وإنما هي علاقة أمين على أمانة استؤمن عليها ، وأي علاقة تنشأ بين الإنسان وأخيه الإنسان مهما كان المركز الاجتماعي لهذا أو لذاك فهي علاقة استخلاف وتفاعل ، وليست علاقة سيادة أو ألوهية أو مالكية ، أما الصيغة الثلاثية فهي تربط الإنسان والإنسان ، والإنسان والطبيعة ولكنها تقطع صلة هذه الأطراف مع الطرف الرابع ، وتجرد تركيب العلاقة الاجتماعية عن الله سبحانه وتعالى ، وتفترض أن الإنسان نفسه هو البداية ، وبهذا تحولت نظرة كل جزء إلى الجزء الآخر داخل هذه الصيغة ، واهتزت البنية الاجتماعية حيث وجدت الألوان المختلفة للملكية وللسيادة ، سيادة الإنسان على أخيه الإنسان بأشكالها المختلفة التي استعرضها التاريخ ، لأن إضافة الطرف الرابع تحدث تغييرا نوعيا في بنية العلاقة الاجتماعية ،
إذ يعود الإنسان مع إخوانه من بني الإنسان مجرد شركاء في حمل هذه الأمانة والاستخلاف ، وتعود الطبيعة بكل ما فيها من ثروات وبكل ما عليها ومن عليها ، مجرد أمانة لابد من رعاية واجبها وآداء حقها ، وقد تبنى القرآن الكريم هذه الصيغة للعلاقة الاجتماعية كوجه بارز من وجوه الدين وكسنة تاريخية ، ولكن كيف ؟
هذه الصيغة الرباعية عرضها القرآن الكريم على نحوين : عرضها تارة بوصفها فاعلية ربانية من زاوية دور الله سبحانه وتعالى في العطاء ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ) (البقرة 30)
وتارة عرضها من زاوية ارتباطها بالإنسان وتقبل الإنسان لها وذلك في قوله ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ )سورة الحزاب 72 فالأمانة هي الوجه التقبلي للخلافة والخلافة هي الوجه الفاعلي والعطائي للأمانة ..
لكي نتعرف على المقوم الأساسي لمسار الإنسان على الساحة التاريخية وهو الله لابد أن نتعرف على دور الإنسان والطبيعة :
دور الإنسان في الحركة التاريخية :
يتضح هنا أن المحتوى الداخلي للإنسان هو القاعدة لحركة التاريخ وأنه لابد من وجود علاقة بينه وبين البناء الخارجي ، وسمي عملية البناء الداخلي بالجهاد الأكبر وعملية البناء الخارجي بالجهاد الأصغر وكيف أنهما لا ينفكان عن بعضهما البعض .
محورية المثل الأعلى :
هنا يتحدث أن المحتوى الداخلي للإنسان يجسد الغايات التي تحرك التاريخ وهذه الغايات نتاج لقاعدة أعمق وهي تحديد المثل الأعلى في حياة الإنسان , فبقدر ما يكون المثل الأعلى صالحا تكون الغاية .
ثم تتطرق بأن القرآن يطلق على المثل الأعلى ( بالآلة ) باعتباره هو الآمر والقائد والموجه ، ( أرأيت من اتخذ الهه هواه ) فعبر عن الهوى بأنه اله ...
أقسام المثل الأعلى :
تحدث هنا عن الأقسام الثلاثة التي تتبناها الجماعات البشرية في المثل العليا وهي:
1- المثل الأعلى الذي يستمد تصوره من الواقع نفسه وهو المثل الأعلى الهابط الذي يؤدي بالأمة إلى الجمود والتقوقع ثم الانهيار وله سببان ، الأول نفسي وهي حالة الخمود والركود والألفة ، ونجد هذا في كثير من الآيات التي تستعرض تبني المجتمع للمثل العليا المنخفضة بحكم الالفة والعادة والتميع والفراغ ، ( قالوا بل نتبع مألفينا عليه أباءنا ....
والثاني اجتماعي وهو عبارة عن تسلط الفراعنة والطواغيت على مر التاريخ ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي)( القصص 38)
وهذا المثل الأعلى المنخفض عادة ما يتخذ طابع الدين واسباغ نوع من القداسة عليه من قبل الطواغيت ليحصنوه من أية محاولة تمرد عليه ..
ثم تحدث عن سقوط المثل الأعلى وسنن التاريخ حيث تواجه الأمة ثلاث اجراءات تاريخية .
2- المثل الأعلى مشتق من طموح الأمة وتطلعها إلى المستقبل ولكن هذه الرؤية المستقبلية محدودة ومقيدة وهذا يجمد حركة الإنسان وهذا يعمم خطأ ، إما تعميما أفقيا خاطئا كمفهوم الحرية عند الغرب أو تعميما زمنيا خاطئا . ثم تحدث عن المراحل التي تمر فيها الأمة في هذه الفترة الزمنية :
• فاعلية وتجديد ويسميه القرآن بالمكاسب العاجلة ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء ...
• كبر وانقياد ، اذ يتحول القادة إلى سادة وكبراء وجمهور الأمة إلى مطيعين ومنقادين لا إلى مشاركين في الابداع والتطوير.
• امتداد واستيعاب كتوارث السلطة الحاكمة مقاعدها عائليا أو طبقيا .
• تسلط وإجرام ، أخطر المراحل حيث يسيطر مجرموها .
3- المثل الأعلى الحقيقي
وهو الله سبحانه وتعالى ، حيث تحدث عن الوجود المطلق لله سبحانه ، وأن الله سبحانه وتعالى هدفا أعلى للإنسانية ككل ، ( يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ) (سورة الإنشقاق )(6) ، فكل جهد و تقدم فهو نحو الله ، وبحكم أن الله هو المطلق فالطريق أيضا لا ينتهي ، واقتراب الإنسان نحو الله هو اقتراب مستمر ، وبالتالي سوف يحدث في المسيرة الإنسانية تغييرا كميا وكيفيا .
ثم تحدث عن الشروط والركائز التي تبني عليها المسيرة البشرية لهذا المثل الأعلى الحق وهي أصول الدين ( التوحيد – العدل – الإيمان بيوم القيامة – النبوة – الإمامة )
القرآن والعلاقة الاجتماعية :
حيث تحدث عن خطان من العلاقة الاجتماعية
الأول : علاقة الإنتاج ويمثل علاقات الإنسان مع الطبيعة .
الثاني : علاقة التوزيع وهي علاقات الإنسان مع أخيه الإنسان في مجال توزيع الثورة .
ثم تحدث عن الصيغ المتعددة للتناقض ومنبعها الرئيسي الذي هو الجدل الإنساني ، وبعد ذلك تحدث عن التأثير المتبادل بين الخطين وابرازه ضمن علاقتين قرآنيتين :
الأولى : تبرز مدى تأثير خط علاقات الإنسان مع الطبيعة على خط علاقات الإنسان مع أخيه الإنسان.
الثاني : مدى تأثير علاقات الإنسان مع أخيه الإنسان على علاقات الإنسان مع الطبيعة
وبعد ذلك تطرق الى طوائف المجتمع الفرعوني .
* الظالمون المستضعفون .
* الظالمون المتملقون.
* الهمج الرعاع.
* يستنكرون الظلم في أنفسهم ولكنهم يهادونون ويسكتون.
* الرهابنية وتنقسم إلى جادة ومفتعلة.
* المستضعفون الذين يشكلون اطارا للتحرك ضد فرعون.
علاقة النظرة القرآنية بالتشريع الإسلامي
حيث تطرق إلى أنه يبقى علينا بحث آخر في نظرية الإسلام عن أدوار التاريخ ، عن أدوار الإنسان على الأرض ، فالقرآن الكريم يقسم حياة الإنسان على الأرض إلى ثلاثة أدوار ، ( دور الحضانة – دور الوحدة – دور التشتت والاختلاف )
نهاية المطاف
حديث الروح
تحدث فيها عن حب الله وعن حب الدنيا وأنهما لا يجتمعان في قلب واحد قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( حب الدنيا رأس كل خطيئة )وحب الله أساس كل كمال ..
ثم تحدث عن مسؤولية طالب العلم وهم أولى الناس بترك حب الدنيا لأنهم إذا استولى عليهم حب الدنيا فسوف يهلكون ويهلكون أنفسهم ولم يتمكنوا من ربط الناس بالله ....
نسأل الله أن يطهر قلوبنا وينقي أرواحنا ، ويملأها حبا له وخشية منه وتصديقا به وعملا بكتابه وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين
وصلى الله على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
الكاتبة :هدى حسن الحنفوش
|