🌀 وهنا عرض الكاتب تلك الظروف عرضًا مستعجلا
ً مفاده أن عمر بن الخطاب اتفق مع أبي بكر وأبي عبيدة على خطة معينه في موضوع الخلافة ، وهناك أناساً متعددين كانوا يعملون في صالحهم وفي مقدمتهم عائشة وحفصة .
ومن جهة أخرى كان لهم معارضون على
ثلاثة أقسام:
▫ الأنصار
▫ الأمويون
▫ الهاشميون
وركز أبو بكر وصاحباه في النزاع مع القسم الأول في السقيفة ، ثم خرج أبو بكر من السقيفة خليفة وبايعه جمع من المسلمين ، كما أباح عمر لأبي بكر أن يدفع لأبي سفيان جميع ما في يده من أموال المسلمين و زكواتهم ، ثم أعطى الأمويين حظًا من المناصب الهامة. وهكذا نجح الحزب الحاكم ، ولكن هذا النجاح أدى الى تناقض سياسي لأنهم لم يجعلوا للقرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسابًا في السقيفة ، وقد رأى الحزب الحاكم أن موقفه المادي حرج جدًا فانتزع من أهل البيت أموالهم المهمة ، ليركز بذلك حكومته أو أنه خشي من علي عليه السلام أن يصرف حاصلات فدك وغير فدك على الدعوة إلى نفسه .
فإنهم يرون أن للخليفة الحق في مصادرة أموال المسلمين لإنفاقها في شؤون الدولة العامة بلا تعويض ولا استئذان .
ونستطيع أن نصف هذه السياسة بأنها تهدف الى إلغاء امتياز البيت الهاشمي وابعاد أنصاره والمخلصين له عن جهاز الحكومة الإسلامية وتحاول أن تساوي بين بني هاشم وسائر الناس .
وكانوا في اطمئنان أن عليًا لا يثور عليهم في تلك الساعة الحرجة، إذ اغتنموا الفرصة المناسبة لإفهام المسلمين بصورة لبقة وغير مباشرة أن فاطمة امرأة من النساء ولا يصح أن تؤخذ آراؤها ودعاويها في مسألة بسيطة كفدك ، وأنها إذا طلبت أرضًا ليست لها فمن الممكن أن تطلب لقرينها المملكة الإسلامية.
ولم تكن ظروف المحنة تسمح لعلي بأن يرفع صوته وحده في وجه الحكم ليضيع بذلك الكيان الإسلامي ، وإن الاعتراض بالنصوص المقدسة والاحتجاج بها تأتي بنتائج سيئة فكان من الطبيعي أن يكذب وينكر ويتعطل معنى الدين .
وقد توفرت لفاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ناحيتان لا تتهيأ للإمام ؛
🔹 الأولى أنها أقدر منه بظروف فجيعتها على استثارة العواطف .
🔹 الثانية أنه مهما علا صوتها فلن تصل بذلك الى حرب مسلحة مادامت امرأة.
تتلخص المعارضة الفاطمية في عدة مظاهر
- ارسالها لرسول ينازع أبا بكر في مسائل الميراث ويطالب بحقوقها
- مواجهتها له بنفسها
- خطبتها في المسجد بعد عشرة أيام من وفاة والدها صلى الله عليه واله
- اعلانا لغضبها على أبي بكر وعمر وأنهما أغضبا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
-خطابها على نساء المهاجرين والأنصار
- وصيتها بأن لا يحضر تجهيزها ودفنها أحد من أعدائها وقد فشلت الحركة الفاطمية من جهة ؛ لأنها لم تسقط حكومة الخليفة ، ونجحت من جهة أخرى ؛ لأنها جهزت الحق بقوة قاهرة.
الفصل الرابع (قبسات)
اقتبس الكاتب عدة عبارات من خطبة فاطمة عليها السلام وحللها ووضحها .
وأخيرًا
الفصل الخامس (محكمة الكتاب )
فيه ما يريد الكاتب توصيله ومناقشته عن فدك ، فدَرَسَ الموضوع من ناحيتين .
الناحية الأولى : كون فدك ميراث فناقش الحديثين التاليين :-
الأول : ((إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبًا ولا فضة ولا أرضًا ولا عقارًا ولا دارًا لكنما نورث الإيمان والحكمة والعلم والسنة)) .
الثاني : ((إنا لا نورث ما تركناه صدقة)).
معنى التوريث هو جعل شيء ميراثًا فالمورث من يكون سببًا لانتقال المال من الميت الى قريب وهذا الانتقال يتوقف على وجود التركة والقانون الذي يجعل للوارث حصة من مال الميت.
فالمفهوم من جملة أن الانبياء يورثون أنهم يحصلون على الأموال ويجعلونها تركة من بعدهم وإذا نفي التوريث عنهم فإنه مدلول على أنهم لا يسعون وراء الأموال ليتركوها بعد وفاتهم لورثتهم، فإن ذكر الأموال المهمة التي يكون توريثها منافيًا للزهد والمقامات الروحية العليا ، وتؤكد ذلك الجملة الثانية من الحديث الأول فإنها لا تدل على تشريع وراثة هذه الأمور بل على توفرها في الأنبياء الى حد يؤهلهم لنشرها.
أما عن الحديث الثاني فإن صيغته ليست واضحة كل الوضوح ، والمفهوم من الضمير حينئذ جماعة المسلمين لحضورهم ذاتًا عند صدور العبارة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجوز أن تعني العبارة عدم توريث المسلم لتركته أو أن الأموال التي عند كل مسلم ليست ملكًا له وإنما هي صدقات .
لم تجادل الزهراء صلوات الله عليها بهذا ؛ لأن السلطات الحاكمة لا تقبل الجدال ، ولأن هذه المناقشات لم تكن لتتصل بهدف الزهراء وغرضها ، فكان موقفها أنها نفت وجود سند لحكم الخليفة من القرآن الكريم .
وبعد ذلك سرد الكاتب
🔹ملاحظاته على الحديثين:
- أنه لم يكن بعادة رسول الله صلى الله عليه وآله الاجتماع بأبي بكر لوحده والاسرار إليه بحكم تركته وإخفاءه عن بضعته و ورثته ، كما في حديث عائشة : واختلفوا في ميراثه فما وجدنا عند أحد في ذلك علما فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :إنا معاشر الانبياء لا نورث .........الخ.
- أن عليًا هو وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا ريب .
- أنه من المفترض لو كانت هناك قاعدة متبعة بالنسبة لتركة الأنبياء لاشتهر ذلك الأمر ولعرفته أمم الأنبياء جميعًا.
- قال الله تعالى في كتابه الكريم مخبرًا زكريا عليه السلام { وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرًا فهب لي من لدنك وليًا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيًا}.
والارث في الآية بمعنى إرث المال لأنه هو الذي ينتقل حقيقة من الموروث الى الوارث وأما العلم والنبوة فلا ينتقلان انتقالًا حقيقيًا .
لكن يحيى عليه السلام لم يرث من مال أبيه ولم يخلفه في نبوته مع العلم أن دعاء النبي حينئذ قد استجيب .
واستنتج الكاتب من هذا أن الإرث في الآية هو إرث المال بلا ريب ، إذًا الآية والرواية متعاكستان وكل ما عارض الكتاب الكريم فهو ساقط ، ولا يجوز أن نستثني زكريا خاصة لأن حديث الخليفة لا يقبل الاستثناء . وبعد هذا انتقل الكاتب الى الناحية الثانية وهي : المناقشة التي قامت بين الخليفة والصديقة حول نحلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد ادعت الصديقة ذلك وشهد قرينها وأم أيمن فلم يقبل الخليفة دعواها وطالبها ببينة كاملة وهي رجلان أو رجل و امرئتان .
▫ ثم وضح الكاتب ملاحظاته على هذه النقطة :
⏺ - وقوف الصديق موقف الحاكم في المسألة على انه ليس الحاكم الشرعي.
⏺- ان فدك كانت في حيازة الزهراء عليها السلام فلا حاجة لها الى البينة.
⏺- ان الخليفة كان يعتقد بعصمة الزهراء عليها السلام ويؤمن بآية التطهير التي نفت الرجس عنها ، فعند نزول الآية كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمر ببيت فاطمة ويقول : الصلاة يا اهل البيت (انما يريد الله.......) الى نهاية الآية وقد استمر على هذا ستة أشهر .
فإن دعوى فاطمة عليها السلام معلوم صدقها ولا تحتاج بينة .
⏺ - من جهة اخرى غير اية التطهير انه لم يشك احد من المسلمين في صدق الزهراء عليها السلام ولم يتهمها بالافتراء فلماذا لا يكون الخليفة كأحد هؤلاء المسلمين .
⏺ - ان الصديق لم يطلب احداً من الصحابة بالبينة على الدين او العدة وطالب الزهراء ببينة على النحلة ، وقد ذكر الكاتب حديثين لإثباتها .
وانتهى الكاتب بنتيجة :انه من الواجب على الخليفة الشرعي للمسلمين حفظ حقوقهم وأموالهم فإذا كانت الزهراء صادقة ولم يكن في الناس من ينازعها فليس للخليفة ان ينتزع فدكاً منها وتحديد الحكم بالبينة ويحرم الحكم ولا يجيز انتزاع الملك من صاحبه .
وصلى الله على محمد وال محمد وعجل فرجهم