عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-17-2017, 10:39 PM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي الفصل الاول / على مسرح الثورة

💠 الفصل الأول/ على مسرح الثورة

تلك هي الحوراء الصديقة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ريحانة النبوة، ومثال العصمة، وهالة النور المشعة، وبقية الرسول بين المسلمين - في طريقها إلى المسجد - وقد خسر ت أمرين مهمين:
الأول/ أبوة في أزهى الابوات في تاريخ الأنسان، وأفيضها حنانا، وأكثرها إشفاقا، وأوفرها بركة.
وهذه كارثة من شأنها أن تذيق المصاب بها مرارة الموت وهكذا كانت الزهراء حينما لحق أبوها بالرفيق الأعلى، وطارت روحه الفرد إلى جنان ربها راضية مرضية.
الثاني/ خسارة المجد الذي سجلته السماء لبيت النبوة على طول التاريخ.
وأعني بهذا المجد العظيم سيادة الامة وزعامتها الكبرى، فقد كان من تشريعات السماء أن يسوس آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم امته وشيعته، لأنهم مشتقاته ومصغراته، وإذا بالتقدير المعاكس يصرف مراكز الزعامة عن أهلها.
وهو لا يقل تأثيرا في نفسها الطهور، وإيقادا لحزنها، وإذ كاء لأساها عن الفاجعة الاولى كثيرا.

☄ مستمسكات الثورة:
ارتفعت الزهراء بأجنحة من خيالها المطهر إلى آفاق حياتها الماضية ودنيا أبيها العظيم التي استحالت حين لحق سيد البشر بربه إلى ذكرى في نفس الحوراء متألقة بالنور وتعد مستمسكات حقيقية لثورتها على الحكم الجائر ومنها:
أولا: عدم اإتمان الوحي لأبي بكر في تبليغ آية للمشركين وانتخاب للمهمة أمير المؤمنين علي(ع).
ثانيا: استخلاف الرسول للإمام علي(ع) على المدينة عند ذهابه للحرب وقوله: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) ، وهارون موسى كان شريكا له في الحكم، وإماما لامته، ومعدا لخلافته، فلابد أن يكون هارون محمد صلى الله عليه وآله وسلم وليا للمسلمين وخليفته فيهم من بعده.

ولما وصلت إلى هذه النقطة من أفكارها المتدفقة صرخت :
إن هذا هو الانقلاب الذي أنذر تعالى في كتابه إذ قال: (وما محمد إلا رسول رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)
وقررت الذهاب إلى أبي بكر لتقول له: (لقد جئت شيئا فريا، فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة ، ولانبه المسلمين إلى عواقب فعلتهم والمستقبل القاتم الذي بنوه بأيديهم وأقول: (لقد لقحت فنظرة ريثما تحلب، ثم احتلبوها طلاع القعب دما عبيطا، وهناك يخسر المبطلون، ويعرف التالون، غب ما أسس الأولون).
ثم اندفعت إلى ميدان العمل وفي نفسها مبادئ محمد صلى الله عليه وآله وسلم وروح خديجة، وبطولة علي، وإشفاق عظيم على هذه الامة من مستقبل مظلم

☄ طريق الثورة:
لم يكن الطريق الذي اجتازته الثائرة طويلا، لأن البيت الذي انبعث منه شرر الثورة ولهيبها هو بيت علي عليه السلام، بالطبع الذي كان يصطلح عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيت النبوة ، وهو جار المسجد لا يفصل بينهما سوى جدار واحد، فلعلها دخلته من الباب المتصل به، والمؤدي إليه من دارها مباشرة
وتدلنا الرواية على أمرين:
الأول/ أن الزهراء كانت تصحب معها نسوة من قومها وحفدتها ، ومرد هذه الصحبة وذلك الاختيار للباب العام إلى أمر واحد، وهو تنبيه الناس، وكسب التفاتهم باجتيازها في الطريق مع تلك النسوة ليجتمعوا في المسجد، ويتهافتوا حيث ينتهي بها السير.
الثاني/ أن الزهراء لم تكن لتخرم في مشيتها مشية أبيها
وليس هذا ببعيد فإنها (صلوات الله عليها) قد اعتادت أن تقلد أبيها وتحاكيه في سائر أفعالها وأقوالها، ويحتمل أن يكون لهذه المشابهة المتقنة وجه آخر بأن كانت الحوراء قد عمدت في موقفها يو مذاك إلى تقليد أبيها في مشيه عن التفات وقصد فأحكمت التمثيل، وأجادت المحاكاة، وأرادت بهذا أن تستولي على المشاعر وإحساس الناس، وعواطف الجمهور بهذا التقليد الباهر الذي يدفع بأفكارهم إلى سفر قصير، وتجول لذيذ في الماضي القريب حيث عهد النبوة المقدس، والأيام الضواحك التي قضوها تحت ظلال نبيهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، فيكون في إرهاف هذه الأحساسات وصقلها صقلا عاطفيا ما يمهد للزهراء الشروع في مقصودها، ويوطئ القلوب لتقبل دعوتها الصارخة، واستجابة استنقاذها الحزين، ونجاح محاولتها اليائسة أو شبه اليائسة.
رد مع اقتباس