بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة :
الرؤية الكونية هي عبارة عن مجموعة من المحاضرات المتسلسلة لسماحة الشيخ ( أحمد أبو زيد) يطرح من خلالها المنهج العقائدي ولكن بإطار جديد ومفهوم حديث . وذلك من خلال المنهج العقلي الذي تبناه الشهيد الصدر (قدسره) وعلى أساسه أشاد وبنى بحثه العقائدي من منظور إسلامي معاصر ومتجدد .
وفيما يلي أهم النقاط التي تناولها سماحته في محاضرة (الرؤية الكونية -1) :
• في البداية اوضح سماحة الشيخ انه لا يوجد علم كلام قديم وحديث حسب المتداول ، وإنما جاءت هذه التسمية بسبب ابتعاد فئة من المسلمين عن الساحة العقائدية وبالتالي تمسكهم بالآليات القديمة وعدم تقبلهم للانفتاح على الآليات الجديدة .. وما لدينا حقيقة هو علم كلام وظيفته الدفاع عن العقيدة وبيانها بنحو مقنع لكل الأطراف .
• بيّن سماحته أن دور الشهيد الصدر (قدسره) قد برز من خلال أطروحاته الجديدة والحديثة في المنهج العقائدي ، وهو محل بحثنا في هذه السلسلة من المحاضرات وسيتم تقسيمها إلى ثلاثة محاور رئيسية :
🔸المحور الأول : النظرة الكونية عند الشهيد الصدر .
🔸المحور الثاني : المنهج الجديد الذي طرحه (قدسره) لإثبات المرسل والرسول وغيرها من المسائل العقائدية التي فيها شيء من التخصصية .
🔸المحور الثالث : يتعلق ببعض المفردات البحثية التي تعرض لها في أبحاثه .
• وما سنتطرق له من خلال أربع محاضرات متسلسلة هما المحوران الأول والثاني ، وأما الثالث فلن يتسع الوقت لطرحه . نأتي إلى المحور الأول وهو محل بحثنا في المحاضرة الأولى والثانية .. مقدمة قبل الدخول للمحور الأول : أن الغزو الاستعماري الهائل لبلاد المسلمين سبب صدمة قوية جعلتهم يشعرون بأنهم مستلبون ، وعلى هذا البناء يمكن أن نقسم ردود الأفعال تجاه هذه الصدمة الى الأقسام التالية :
1/ قسم بقي على صدمته ولم يستطع الخروج منها .
2/ قسم آخر خرج من الصدمة ولكنه لم يتخذ ردة فعل دفاعية ، بل اتخذوا طريقا سلبياً للمواجهة تمثلت فقط في محاولة الاحتفاظ بتراثهم الاسلامي وعدم الخوض في معارك دفاعية .
3/ القسم الثالث خرج من الصدمة ولكن بردة فعل ايجابية دفاعية قوية تمثلت بمواجهة الأطروحة الاستعمارية والتصدي لها بما لديهم من أطروحات إسلامية قوية وتبني مشروع ما يسمى ب (الصحوة الإسلامية) .
•ومحل بحثنا هنا هو القسم الثالث من هذه الفئات . يمكن أن نقسم هذه الفئة إلى قسمين أيضا :
🔻القسم الاول : تبنى مشروع ( أسلمة العلوم) المبني على أساس من معالجة سطحية للمفردات الجزئية الاجنبية واستبدالها بمفردات إسلامية ،( تبديل مثال بمثال) ، وهو مشروع يفتقر الى العمق الفكري لأنه ينظر الى الفروع والقواعد والملفات ولا ينظر إلى الأساسيات.
🔻القسم الثاني : تبنى مشروع ( أسلمة المعرفة) ومبناه أننا نعم يمكن معالجة المفردات الجزئية ولكن لابد أولا من التسلسل التالي :
⁃ على المستوى الأول : نبحث في الأساس والرؤية الكونية .
⁃ على المستوى الثاني : أحدد المنهج الإسلامي الذي سنبحث فيه .
⁃ على المستوى الثالث : على أساس من الرؤية الكونية والمنهج نبدأ في المعالجة وفتح الملفات الفرعية والجزئية مثل ( الحجاب ..الاقتصاد .. العدالة ..الخ)
• وهذا الاتجاه أو القسم الثاني الذي تبنى مشروع ( أسلمة المعرفة ) والرؤية الكونية تبناه الشهيد الصدر لأنه يعتمد معالجة جذرية وعميقة تبدأ من الأساسيات العامة ، فكما يوضح الشهيد في أطروحة (اقتصادنا) يقول ان ما لدينا من تراث يحاكي ما لدينا من بنى فوقية وأحكام ، وعلى الفقيه الواعي ينظر إلى ما يوجد تحت هذه البنى والأحكام ( البنى التحتية) ليكتشف من خلالها الأسس والمبادىء العامة التي قامت عليها هذه الأحكام والبنى الفوقية،ومن هنا يستطيع أن ينطلق بقوانين جديدة تناسب تغيرات العصر والعالم الجديد من خلال تشكيل منظومات معرفية في كل العلوم من منظور إسلامي حديث ومعاصر.
• النقطة المؤثرة الاخيرة التي طرحها الشيخ في هذه المحاضرة أن منهج الشهيد الصدر العقائدي أعم وأشمل من أن ينظر الى الاسلام فقط ، وأنما هو منهج عالمي متكامل ، لذلك كان يرفض أن تطلق مصطلحات مثل (منطق إسلامي) وإنما يقول هناك منطق بشري .
وختاما هذا هو منهج الشهيد الصدر المتجدد والمعاصر نراه في كل أطروحاته وكأنه ما زال يعيش بيننا يرى ويتابع ما يمر على العصر من أحداث ومتغيرات متجددة ، قدس الله روحه الطاهرة في هذا اليوم 24/جمادى أولى ، وهو يوم ذكرى استشهاده المفجع حيث فقد العالم صرحا ومنارة من منارات العلم .. الفاتحة لروحه ولروح أخته الشهيدة الطاهرة .. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
|