أشار سماحة الشيخ إلى أنه سيتناول البحث العقائدي للسيد الشهيد الصدر بمفهومه الحديث مع التعرض للمنهج العقلي الذي تبناه وأشاد على أساسه بحثه العقائدي.
ذكر سماحة الشيخ إن وظيفة علم الكلام: الدفاع عن العقيدة وبيانها وطرحها بنحو مقنع لنا وللطرف الآخر. وإن ما يتم تداوله من وجود ثنائية لعلم الكلام تحت عنواني علم الكلام الجديد وعلم الكلام القديم انما ناشئ من ظروف خارجية ساعدت على تشكيل هذا الثنائي. بينما علم الكلام هو تجلية هذه العقيدة في الساحات الفكرية العالمية بنحو ملائم ومقنع.
البحث عن النظرة الكونية عند السيد الشهيد:
في عودة للوراء تناول سماحة الشيخ ما حققه الاستعمار من استخدم السبل العسكرية، والغزو الثقافي وهذا الذي حقق أهداف استعمارية أكثر، حيث وجد المسلمون أنهم مستلبون أمام القدرة التي اجتاحت بلادهم من قبل المستعمر. وتمكن قسم من مفكرين المسلمين من نزع قشرة الاستلاب من الغزو الثقافي وقام شريحة من هؤلاء بالقيام برد فعل متنوع حيث لم يخرج بعضهم من الصدمة، وبعض اللذين خرجوا فضلوا صيانة التراث بدون مواجهة فكرية. والبعض الآخر قابل هذا الاستعمار الوافد من موقع القوي والمقتدر والواثق بأنه إذا كنت تدعي إن لديك منظومة فكرية تغزو بها بلادي فأنا لدي أطروحة أصد فيها غزوك من ناحية واثبت من ناحية أخرة إن الأطروحة الإسلامية تحكم بلادك. والعنوان العريض لتلك الفئة (تيار الصحوة)، وبدأوا بخطواتهم العملية من أجل تحقيق هذا الهدف، والمطلع على الحركات الإسلامية في القرن الأخير ممكن أن يدرك ذلك على الصعيد السني حيث بدأت الحركة من أواخر القرن التاسع عشر أما على الصعيد الشيعي فبدأت في العشرينات وبعد ثورة العشرين ربما اشتدت ولكن بشكل خاص على صعيد الحوزات العلمية ممكن أن نلحظها في الخمسينات. التي شهدت في الفترة نفسها غزو للفكر الشيوعي حتى طال بيوتات العلماء أو أبنائهم بدرجة أو أخرى. حتى تبنت مرجعية السيد محسن الحكيم رحمة الله عليه مشروع ما يمكن أن يسمى بالتصدي للشيوعية. وبدأت الحوزتين في النجف وقم المشرفتين بالتصدي لهذا التيار من خلال معالجة هذه الأفكار التي طرحتها الشيوعية، والبحث في مكنونات تراثنا ومناهجنا عن البدائل المناسبة لمنافسة هذه الاطروحة الوافدة.
نشأة فكرة اسلمة العلوم واسلامية المعرفة. (ظن الكثيرون إنها فكرة واحدة ولكن هما فكرتين مخلفتين).
قاموا اللذين تبنوا اسلمة العلوم بمقابلة هذه العلوم القادمة من الغرب بمشروعات معاكسة تعبر عن موقف الإسلام مثل: ابراز علم الاجتماع الإسلامي مقابل علم الاجتماع المعاصر. وبلورة علم النفس الإسلامي مقابل علم النفس الذي ينتمي إلى المدارس النفسية المختلفة...الخ. هؤلاء اللذين قاموا بهذا المشروع سوف نجد إنهم انتقلوا إلى معالجة المفردات الجزئية فقط حتى إن بعض المحاولات ابتليت بتغيير المظهر الخارجي مع الاحتفاظ بالهيكلية والاسس لتلك العلوم الغربية. البعض تعمق أكثر ولكن الكثير من تلك المحاولات لم تراوح هذا الإطار الخارجي.
قسم آخر وهم اللذين تبنوا إسلامية المعرفة قالوا من الخطأ البحث عن أسلمة العلوم التي هي وليدة رحم معرفي وثقافي معين، وإنه علينا البحث في الأسس الإسلامية.
الشهيد الصدر ومحاولة التحدث عن منظومة في الاقتصاد الإسلامي:
تحدث الشهيد الصدر في اقتصادنا الذي لا يعد كتاب في الاقتصاد وإنما هو كتاب في الفقه المذهبي عن شيء يسمى البنى التحتية والبنى الفوقية، واعتقد بإن ما لدينا من تراث يحاكي ما يسمى بالبنى الفوقية وهي الأحكام والفتاوى وهي تمثل قوانين في مجال الاقتصاد على الفقيه الانطلاق منها للبحث عما يوجد تحت الأحكام اكتشاف الأسس ممكن يقدم قوانين جديدة لم ترد في الشريعة لكنها قائمة عليها. بحيث يستخدم المبادئ العامة المتجانسة والتي هي فعلاً موجودة في الفكر الإسلامي لتقديم قوانين جديدة لما يستخدم في العالم المعاصر. وهذه عملية معقدة ومحاولة الشهيد كانت محاولة يتيمة كان من المؤمل من بعدها تقديم اكتشاف للبني التحتية للعلوم الإسلامية الأخرى.
خلص الشيخ إلى إن محاولة أسلمة العلوم على أقل تقديد غير كافي، فلا يوجد معنى لاستبدال مثال بمثال. وفي المقابل ماذا فعل القسم الآخر؟
قال إننا سوف نبحث عن اسلامية المعرفة ولكن قبل ذلك علينا توضيح رؤية الإسلام لهذا الكون، نقدم رؤية كونية وعلى أساسها ننطلق حتى نحدد الكثير من العلاقات. كيف تكون علاقة الإنسان بالإنسان وعلاقة الإنسان بالطبيعة من خلال الرؤية الكونية.
إن أسلوب اسلامية المعرفة يتبنى مشروع جذري يذهب للرؤية الكونية ويبني عليها الكثير من الأمور والبحث فيه على مستويين وهما تقديم منهج إسلامي متكامل في العلوم. والثاني مستوى الملفات. بتسلسل معين وهو البحث عن النظرة الكونية ثم تحديد المنهج الإسلامي، ثم البحث في الملفات.
البعض لديه تحفظ على أسلمة المعرفة كمصطلح وليس كأطروحة. مصطلح إسلامية المعرفة أقل إثارة للإشكالات وممكن إيجاد مصطلح آخر لهذا المشروع. السيد الشهيد كان لديه تحفظ على الفاق كلمة الإسلامي على صعيد الفلسفة والمنطق، مثل تحفظه على مصطلح المنطق الإسلامي ويعتقد أنه ليس هناك شيء اسمه المنطق الإسلامي وإن هناك منطق للبشرية، وكذلك في اقتصادنا قال لسنا نتحدث عن علم اقتصاد إسلامي إن الاقتصاد وظيفته أن يطبق ميدانياً ما تحدده له الخطوط العامة. نعم الإسلام له خطوط عامة مثل العدالة في تقسيم الثروات علم الاقتصاد وظيفته البحث لإيجاد آليات فنية لتنفيذ القواعد الذي وضعها الإسلام، فالإسلام لا يتحرك في العناصر المتغيرة.
|