☄ثانيا : تسلسل أحداث الظهور :
🔹الحدث الأول :
والذي هو مدعاة بنفسه للتفكر والبحث عن أبعاده كما ذكرت الروايات الصيحة في شهر رمضان، عن أبي حمزه الثمالي انه سأل الإمام الصادق عليه السلام : (كيف يكون النداء ؟ قال عليه السلام : ينادي منادي من السماء أول النهار يسمعه كل قوم بألسنتهم، ألا إن الحق في علي وشيعته) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص435.
وقال الامام الباقر عليه السلام : ( ينادي منادي من السماء بإسم القائم فيُسمع من بالشرق ومن بالغرب، لا يبقى راقد إلا استيقظ، ولا قائم إلا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجليه فزعًا من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، ثم قال عليه السلام : يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة في ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك فاسمعوا وأطيعوا ). أخرجه الصدوق بسنده.
هذه الروايات وغيرها والتي تحدثت عن هذا النداء واعتبرته أحد الحتميات التي لابد من حدوثها وظهورها، أولا تكون في شهر رمضان ويسمعها جميع الناس، وثانيا أنها في الليلة الثالثة والعشرين من ليالي القدر، ووقوع النداء في شهر رمضان وخصوصًا في ليلة القدر يتيح لنا المجال للتفكر لماذا ليلة القدر؟؟ هل بسبب الإقبال والإستعداد الروحاني للمؤمنين في تلك الليلة على وجه الخصوص للتهجد والتوسل لنجاة البشرية بخروجه (عج)، وأيضًا لعرض حقائق نفوسهم لله عز وجل بين يدي مولانا صاحب الزمان عجل الله فرجه لغفران جميع أخطائهم في تلك الليلة؟؟ هذه الروحانية التي تعم الإنسان من المحتمل جدًا أن تكون هي الأرضية التي من خلالها تنطلق إشارة البدء بزمان ظهوره (عج)، هذه الروحية الإنسانية التي تبلغ هذا المستوى وهذه الدرجة من التلهف لرؤيته والوقوف معه هي الأرضية التي تنطلق منها علامات ظهوره عجل الله فرجه الشريف .
🔹الحدث الثاني :
الحدث أو الحركة الثانية المزامنة لهذا الأمر وتسبب ردة فعل مباشرة، أنه في أول النهار تظهر الصيحة المؤيدة لصاحب الزمان، وفي آخر النهار يبدأ الهياج العدائي الكامل من أعداء الدين وبالأخص من التيار الأموي ومن يعرفون بوجود إمام وأنه قد ظهر .. عندها تنطلق صفارات الإنذار من أعداء الدين في نفس يوم الصيحة لتُضيع الحق بقولها أنه مع فلان وفلان.
ثم تبدأ حركة واسعة من العداء العملي للتقصي عن وجوده (عج)، فتبدأ حركة السفياني التي تنطلق في الشام وفلسطين وسوريا و الأردن، ويحكم رجل يمثل بني أمية ويمثل العداء الراسخ لأهل البيت عليهم السلام، فيقتل ويسفك الدماء ويهتك الأعراض ويتجاوز كل المحرمات، ويبدأ بإرسال القوات للبحث عن الإمام وتطويق المناطق التي يحتمل ظهوره فيها، لأن الأمر أصبح عمليا. العالم يعادي أهل البيت ومواليهم ، فيتحول هذا التوجس والعداء إلى حالة هياج بسبب الصيحة، فيرسل السفياني جيش إلى الكوفة وجيش إلى مكة والمدينة لإحتمال ظهور الإمام عليه السلام هناك، فيدخل جيش المدينة المنورة ويعيث في الأرض فساداً، ثم ينطلق إلى مكة، وهناك تظهر العلامة الثانية وتحصل معجزة خسف ذلك الجيش بالبيداء بين مكة والمدينة، فيفنى بأكمله وتُبقي القدرة الإلهية منه رجلين فقط لإبلاغ الناس بما جرى. والعالم الذي كان يتوجس من ظهوره يبقى في حالة شك وريبة، ولكن بسبب هذه المعجزة يتضح أن الأمر أصبح عياناً وأن ظهور الإمام (عج) سوف يكون بين عشيةً وضحاها، إلى أن يأتي يوم العاشر من المحرم، ففي هذا اليوم تتحطم كل آمال الطغاة وتنهار قدرات الظلمة ويؤمنون أن نهاية وجودهم وعالمهم قد حتمت وقرُبت، فيخرج عجل الله فرجه الشريف في مكة ويخطب فيها .
لكن قبل خروجه في العاشر من محرم يرسل (عج) إلى أهل مكة داعياً من بني هاشم عبرت عنه بعض الروايات بالنفس الزكية وأشارت فيها لعدة أشخاص، منها أنه الشخص الذي يُقتل في ظهر الكوفة، ومنها أنه الشخص الذي يخرج إلى مكة مرسلا من الإمام ومن الله عز وجل لدعوة الناس في بيت الله الحرام، فيقتلونه. ثم يخرج الإمام (عج) في مكة المكرمة بعد أن يجتمع بأصحابه قبل ليالي معدودة، ويتواعدون على أن يكون الخروج بمكة في العاشر من محرم، فيخرج الإمام (عج) في مكة ويخطب، ثم تنطلق حركته العالمية التي يحكم من خلالها مكة، ثم يلتف حوله أصحابه وأنصاره وهم في حدود (313) .
ثم يلتحق به أصحابه الذين يقدرون بالآلاف ،فيخرج مع جيشه إلى المدينة المنورة ويحكمها، وتستتب الأمور فيها ثم يخرج إلى الشام ويواجه السفياني ويقتله ويمحوه من الوجود .
🔹الحدث الثالث : أحداث المدينة:
أما في المدينة المنورة فتجري أحداث كثيرة منها إنهيار الكذب الإسلامي الذي يتبنى أشخاص معينين اِدعوا أنهم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله، هؤلاء سوف يُبطل الإمام (عج) دعوتهم الباطلة عمليًا وحسياً وليس فقط بالدعوى والأدلة والخطب .
🔹الحدث الرابع : أحداث الشام :
يذهب الإمام عليه السلام إلى الشام ليواجه جيش السفياني ويقضي على قواته، ثم يتوجه إلى فلسطين مع عيسى بن مريم عليه السلام بعد أن ينزل من السماء، فيرسله الإمام(عج) لقتال الدجال فيقتله .. ثم تستتب له أمور الحكم في العالم، و يدخل أتباع الديانات المسيحية واليهودية تدريجيًا في حكم الإسلام و حكم مولانا صاحب العصر والزمان ليقوم بالحكم الإلهي من نشر العدل والمعارف الدينية.
🔹الحدث الخامس : خطبة الإمام (عج ) بين الركن والمقام :
الحدث المهم والأبرز في ظهوره (عج) هو خطبته التي يخطبها بين الركن والمقام في بيت الله الحرام، وقد ذكرت هذه الخطبة في روايات متعددة عن أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، ونحن نختار الرواية الواردة عن الإمام الباقر عليه السلام قال بما معنى الرواية :
(يجتمع عدد من أصحاب الإمام (عجل الله فرجه الشريف ) يبحثون عنه بعد الصيحة في رمضان وبعد الخسف بجيش السفياني في البيداء، يتجه أعداءه من جهة وأنصاره من جهة إلى مكة وبالأخص هؤلاء الأنصار المعدودين الذين ذكرت صفاتهم وصلابتهم في الروايات، فيجتمعون في مكة باحثين عن الإمام حيث يتوقعون ظهوره، فيأتيهم رجل من عند الإمام ويسألهم : كم أنتم؟ .. فيقولون: نحن ٤٠ رجل - أي أربعين رجلا عرفوا بعضهم البعض - فيقول الرجل المبعوث : كيف أنتم إن رأيتم صاحبكم -أي المهدي عجل الله فرجه- فيقولون: واللهِ لو ناوى بنا الجبال - أي لو واجه بنا الجبال- وقال قاتلوا هذه الجبال لناويناها معه - و هذا يكشف عن كامل استعدادهم للقيام بما يطلبه منهم- فيأمرهم ذلك الرجل بتبليغ أنصارهم وأقاربهم ليجتمعوا في بيت الله الحرام في صبيحة يوم العاشر من محرم ،- هذه الأحداث تجري في شهر ذو الحجة كما ورد في الروايات - وفي يوم العاشر يخرج الإمام عجل الله فرجه مسنداً ظهره إلى الكعبة ويدخل بيت الله الحرام ويصلي فيه ركعات، ثم يسند ظهره ويبدأ خطبته ويفتتحها بسم الله والثناء عليه والصلاة على محمد وآل محمد ..
ثم يقول( أرواحنا لتراب مقدمه الفداء )كما يصفه الامام الباقر عليه السلام : ( القائم بمكة قد أسند ظهره على البيت الحرام مستجيراً به فينادي : أيها الناس إننا نستنصر الله ومن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم محمد ونحن أولى الناس بالله وبمحمد صلى الله عليه وآله، فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجني بمحمد فأنا أولى الناس بمحمد، ومن حاجني بالنبيين فأنا أولى الناس بالنبيين، أليس الله يقول في محكم كتابه : {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗوَاللَّه ُسَمِيع ٌعَلِيم}ٌ آل عمران (33-34).. فأنا بقية آدم وذخيرة من نوح ومصطفى من إبراهيم وصفوة من محمد صلى الله عليه وآله ) رواه المفيد بمسنده .
من هذه الخطبة يتضح لنا جملة من الأمور المهمة، ولكن ما نريد أن نخرج منه ونحن مقبلون على شهر رمضان وعلى الحج ، أننا لنعيش مع أحداث خروج الإمام (عج) وحركته ننطلق من هذه المواطن والحقائق.
الآن عندما نقرأ القرآن الكريم نجد أنه يأتينا بالحقائق بما هي فوق مرحلة الزمان وفوق مرحلة الأحداث. فالمبادئ التي جاء بها آدم ونوح والتي تحدث بها القرآن وبسطها وحثنا على الإطلاع عليها ومعرفتها هي التي سوف ينطلق منها عجل الله فرجه الشريف .. إذن لنعش مع القرآن الكريم في ظل هذه الحقائق وفي ظل ترسيخه عجل الله فرجه لهذه المعاني، وفي ظل العودة إلى الله عز وجل و إلى حقائق الدين، واتباع مسيرة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
نسأل الله عز وجل بحقه (عجل الله فرجه الشريف) أن يصلي على محمد وآل محمد وأن يعجل فرجه ويجعلنا من أنصاره وأعوانه ....
والحمد لله رب العالمين..
💥الخلاصة :
🔸الصبغة التي يجب أن نصبغ بها أيام حياتنا هي الصبغة المهدوية.
🔸الحياة في زمن الظهور أعلى مراتب الحياة .
🔸شغف اللقاء ...أحداث و أبعاد .
وصلى الله على نبينا محمد وآله الميامين وسلم تسليما ..
تم بحمدالله ..
☄🍀☄🍀☄🍀☄🍀☄🍀☄🍀