عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 08-26-2016, 05:40 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي تابع الحلقة الخامسة ..

🔹العنصر الخامس:
من القرائن والعلامات الدالة على أن هناك حياة جديدة سوف يبثها الإمام عليه السلام هو أنه سيقضي على كل الأكاذيب والإدعاءات والمذاهب المزيفة. نحن نعلم أن الإنسان الفاسد الضال عبر مئات بل آلاف السنين استطاع أن يصنع جبالًا من الكذب وأن يزيف الحقائق والمبادئ، حتى أصبحنا نعيش اليوم تحت ظل أكاذيب تراكمت وتعددت وتطورت واتخذت أشكالًا وأنواعًا مختلفة.
نحن اليوم نواجه كذبًا بدأ منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وتراكم إلى يومنا هذا حتى صنع جبالًا من الكذب هيمنت على الكرة الأرضية.
ولعل جبال الكذب أثقل وزنًا وأشد أثرًا من جبال الصخور التي عرفها الإنسان، وكثيرا ما عملت هذه الأكاذيب والخدع التي اخترعها الإنسان وزيفها عبر مئات السنين على تضليل البشر حتى اتبعوها وصدقوها، ومنها التشويهات التي زيفت عن أهل البيت عليهم السلام والعلماء ، وإذا نظرنا إلى هذا الجانب سوف نجد أن المسالة واسعة جدًا ، فالكذب والتزوير لا يكاد يترك زاوية من زوايا حياة الناس إلا شغلها وملأها… نحن اليوم لدينا الكثير من الاشتباهات والتصورات الخاطئة عن الآخرين ، والسبب في ذلك هو تراكم هذه الصور المزيفة والمفاهيم والمعاني التي تم تشويهها في عقول الناس .. ولكن كل هذه الأكاذيب سوف تنهار على يديه (عج) وفي ظل دولته الكريمة ، وسَيكشف المنافقين أمام العالم ويحاكمهم ويعاقبهم، وما هذا إلا للإطاحة بالزيف والتحطيم للصور المزيفة.

🔹العنصر السادس:
ولعلها أشد العلامات وأقربها وضوحًا إلى أن الحياة في زمانه عليه السلام هي أعلى درجة يمكن أن تصل إليها البشرية قبل ظهور عالم الآخرة. وتؤكد روايات أهل البيت عليهم السلام على مسألة العودة والرجعة بعد زمانه لمن محض الإيمان محضًا، ولمن محض الباطل محضًا. الإنسان الذي تعلقت حياته ورغباته وأمانيه بمولانا صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه وتعلق قلبه بالحق، سوف يفتح له الإمام عليه السلام أبواب الإلتحاق به، وهؤلاء الذين محضوا الظلم والتجبر والعدوان سوف يعيدهم عليه السلام إلى الحياة ليؤدبهم ويعاقبهم.
هذا النحو من الحالة الوسطية بين عالم الموت والبرزخ وبين عالم الإنسان من قرب الحياة في زمانه إلى عالم الحقيقة الكاملة، إلى عالم الرجوع والذهاب والإياب ما بين الحياة و الموت .. هذه القدرة و الإمكانية للإنتقال من عالم الحياة إلى عالم الموت كما يظهر في الروايات أنه يعرض على المؤمنين الأموات نصرته في زمانه، فمنهم من يقبل ويريد العودة ومنهم من يفضل أن يبقى في عالم الموت والبرزخ. وهؤلاء الأموات الذين يعرض عليهم (عليه السلام) نصرته ليس فقط القريبين من زمن ظهوره، بل ستعرض نصرته على الأمة المحمدية وأيضًا على المؤمنين المخلصين من أتباع نوح و إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وكل من كان مخلصًا مطيعًا مطبقًا لإرادة السماء وإرادة الله سيفتح له في زمان الإمام عليه السلام فرصة العودة. وهذه الحالة من خصائص زمانه (عج) حيث تكون الحياة مطلة على عالم الحق وستفتح نوافذ المعرفة الكاملة بابًا واسعًا مشرعًا يرى الإنسان الحقيقة على أتم وأكمل وجه .
وبمجموع هذه الملاحظات يتبين لنا الدور الذي يقوم به الإمام عليه السلام هو مرحلة جديدة ومرتبة جديدة ودرجة جديدة من درجات الوجود الإنساني علمًا وإيمانًا وطاقة ومعرفة ورغبة وإمكانيات وحالات روحية ومعنوية يمكن أن يعد كل ما سبقها موتًا بالنسبة إليها.

وكل من يفقد هذه الحالة التي في زمانه عليه السلام يعد فاقدًا لهذه الدرجة، ويعد في مرتبة أدون وأقل من هذه المرتبة، حيث أننا على ضفاف ليلة مولده (عج) ولا بأس أن نشير لبعض التمنيات الروحية التي يعيشها المؤمنين والمخلصين في شغفهم و ولائهم ومحبتهم له عليه السلام.
من الشعر الذي ينسب إلى الشيخ البهائي قدس الله روحه في تصوره لهذه العلاقة بالإمام عليه السلام وفي تصوره لهذه الرغبة القوية الكامنة في وجود الإنسان المؤمن، يقول ذلك العالم الجليل :

(لعله كان في نظره وتأمله أن وادي قباء من أماكن وجوده عليه السلام) .
يا رعاكَ اللهُ يـا ريحَ الصَّبـا
إن تَجُزْ يوماً على وادي قُبـا
سَلْ أُهَيلَ الحيِّ في تلك الرُّبا
هَجْرُهُم هذا: دَلالٌ أم مَلالْ ؟



الإنسان الذي يبتعد عنك ولا تراه قد يكون ابتعاده عنك نوع من التدلل أو نوع من الحالة المؤقتة، وهو يريد أن يعود إليك وأنت مؤهل للقياه.. ولكن هل هذه الحالة من تمني صعودك إليه(تمني أن تكون قابلًا للقياه) ممكنة أم هذه حالة نائية بالنسبة لنا ؟! ..
أم أنك يامولاي قليتنا ومللتنا ؟ هل نحن لسنا أهلًا لهذا اللقاء ؟
هذا الابتعاد الذي طال زمانه .. فإلى متى ؟؟ .. هل لنا سبيل وهل لنا وسيلة كي نصل إلى هذه الحالة؟؟ .. هل هناك أمل ورغبة بأن نبقى ننتظر*أم إننا يامولاي لا نمتلك هذا الاستعداد ولا نمتلك هذه القابلية ؟؟! ..
ويقول شاعر آخر _و لعل هذين البيتين ممن احتار الناس في نسبتهم فالبعض قال إنهما لأعرابي أنشدهم بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فظهر عليه صلوات الله عليه أثر ذلك الانفعال حتى سقط رداءه كما ينقلون في كتب الصوفية . ولكن الأقرب أن هذه الرواية غير تامة وغير صحيحة خصوصا وأن عباراتها لا نجدها في لسان العربي الذي عاش في زمن الرسول صلى الله عليه وآله ، ولكني وجدت هذين البيتين مع بيت ثالث في ديوان الإشراق للفيلسوف السهروردي يقول:

بِكُلِّ صُبحٍ وَكُلِّ إِشراق
تبكيك عيني بِدَمع مُشتاقِ
قَد لَسَعت حيّة الهَوى كَبدي
فَلا طَبيب لَها وَلا راقي
إِلّا الحَبيب الَّذي شغفت بِهِ
فعنده رقيَتي وَترياقي



نسأل الله أن نكون ممن ذاق هذه المحبة والهوى وهذه الرغبة ونرى دواءنا وترياقنا بيده عليه السلام، وتكون حياتنا إن شاءالله في خدمته وفي تهيئة نفوسنا وأرواحنا وإمكانياتنا وتعليم أبناءنا ومجتمعنا، وأن نكون جنود مجندين بين يديه(عج) .

💥 الخلاصة :

🔸الحياة في زمن الظهور تمثل أعلى مرتبة تصل إليها البشرية في الدنيا قبل الأخرة.

🔸العناصر والأسباب التي تميز الحياة في عصر ظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف عن غيرها .

🔸الفوز بنصرة الإمام، والتمتع بالحياة في زمن الظهور يشمل بعض الأفراد من الأزمنة السابقة لعصر لظهور .
.


وصلى الله على نبينا محمد وآله الميامين وسلم تسليما ..
🌟☄🌟☄🌟☄🌟☄

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 08-26-2016 الساعة 05:50 AM
رد مع اقتباس