|| منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية || - عرض مشاركة واحدة - سلسلة محاضرات ( 🕋 أمير الحاج 🕋 ) لسماحة الشيخ/ عبدالمحسن النمر حفظه الله
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 08-09-2016, 05:19 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي تابع الحلقة الرابعة ..

🔹المرتبة الخامسة : حياة الشهداء:
قال الله عز وجل {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} الإنسان الذي يُقتل في سبيل الله عز وجل حي ، ولا شك في أن هذه الحياة هي درجة تختلف عن درجة الأموات المؤمنين ،وإلا كانوا سواء ولن يكون لكلمة (أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) فرق بين الشهيد وبين غيره، فلو كان كل إنسان يموت يصبح في حياة مثل حياة الشهداء لما كان هناك معنى في قوله تعالى : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء) .
هناك حياة أخرى فوق الحياة البرزخية التي ينالها الإنسان العادي وفوق الحياة التي ينالها المؤمن الصالح الذي ينال درجة من درجات الحياة بعد موته ، إن المؤمن الذي يقتل ويستشهد في سبيل الله يكون له المقام الذي يعتبر تلك الحياة - الرابعة -بالنسبة له أقل وأدون درجة ومرتبة من مرتبة الشهيد، بحيث يصدق أنه ميت بالنسبة له ، ولا يستطيع الإنسان المؤمن الصالح أن يدرك مرتبة الشهيد وحياته وأحاسيسه ومشاعره لأنها غير موجودة بالنسبة لديه، لأنه هو في الحقيقة فاقدًا لها ، فحياة الشهيد أرقى بمراحل كثيرة، وهذا مما خص الله عز وجل به الشهداء الذين يقتلون في سبيله.
قد يقول البعض بأننا قد لا نوفق للشهادة في سبيل الله، ولكن نقول لهم لا زال لدينا أمل ورجاء لا ينقطع من الله عز وجل بنيل نصيب من الشهادة.
الحديث المؤكد من رسول الله صلى الله عليه وآله : (ألا مَنْ مَاتَ عَلَى حُبّ آل مُحَمَّد مَاتَ شَهِيدًا ) المصدر: الأربعين في مناقب أمير المؤمنين. نحن على أمل أن ندرك هذه الحياة، وأيضاً على أمل أن نرقى إلى مستواها . فاذا تعلقت قلوبنا بالحسين وآله وأحببنا أن نقدم حياتنا في سبيل الله عز وجل فلن يحول شيء بيننا وبين الوصول لنصرة صاحب العصر والزمان !!
ورد في الروايات : (الْمُنْتَظِرُ لِأَمْرِنَا كَالْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) المصدر : بحار الأنوار/ ج 52 ص 123 .
هذه الأحاديث إذا تبصرنا فيها لوجدنا أنها تجعل الإنسان الذي تمام رغبته في نصرة دين الله والكون مع الحسين عليه السلام ، يكابد مشاعر الألم في حب محمد صلوات الله عليه وآله ، وهؤلاء المؤمنين المساكين الذين يقتلون لسبب واحد وهو ولائهم لمحمد صلوات الله عليه وآله وتضيق عليهم الحياة ومواردها ويضطهدون ويحبسون ، هؤلاء لديهم رغبة صادقة في أن يكونوا أنصارًا وأعوانًا لرسول الله صلى الله عليه وآله، و أنصارًا للزهراء عليها السلام فيما جرى عليها، وأنصارًا لأمير المؤمنين والحسن عليهم السلام، ورغبتهم أن تكون دماؤهم قد سُفكت في ساحة كربلاء مع الحسين صلوات الله وتعالى عليه، ومن أحب عمل قوم حشر معهم ؛ فلعله إذا صدق منا ذلك الحب وصدقت الرغبة وصدق القرار منا في أن نكون مع محمد وآله مدافعين عنهم ومحامين عن دينهم، لعلنا ننال درجة هذه الشهادة ( ألا مَنْ مَاتَ عَلَى حُبّ آل مُحَمَّد مَاتَ شَهِيدًا ) و نصبح في مرتبة هؤلاء، ولعلنا ننال هذه المرتبة التي تتحدث عنها هذه الآية : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} .
هذه المرتبة الخامسة من مراتب الحياة التي يأمل الإنسان إذا صدق أن يترقى في وجوده البهيمي إلى الموجود المؤمن ، ومن الموجود المؤمن إلى صاحب الحياة الطيبة ، ومن صاحب الحياة الطيبة إلى الموجود الذي يعيش في عالم البرزخ سعيدًا مسرورًا بلقاء محمد وآله (صلوات الله عليهم أجمعين) ، وأن يرتقي مع الشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون، ويالها من كرامة.!! ..فأحياء هذه الدرجة من الحياة عند ربهم يرزقون ؛ أي أن ما لديهم من الرزق لا تمسه وسائل العطاء عند ربهم . ألا ترى الإنسان إذا كان في دار الكريم لا يبالي، فاليوم توجد كرامة وقد لا توجد غدًا ، أما في حياة الشهداء فهناك كرامة مستديمة وحال من العطاء والرحمة ومن الفيض الرباني الذي لا ينقطع لأنه عند ربه يُرزق .

🔹المرتبة السادسة من مراتب الحياة :
الدرجة السادسة من الحياة نشير إليها الآن ونترك التفاصيل عنها - إن شاء الله - في الحلقة القادمة من هذه السلسلة. ولكن نستعرض هنا مقدمة توضيحية عن هذه المرتبة ، خاصة وأنه قد قربنا من الليلة الخامسة عشر وهي ليلة ولادة سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان (عج)، فمن المناسب أن نعرف هذه الحقيقة المرتبطة به عليه الصلاة والسلام - (حيث صادف إلقاء هذه المحاضرة قرب الليالي الخاصة بولادة صاحب العصر والزمان)- ونأمل من خلال الدرجة السادسة من درجات الحياة أن يتضح لنا معنى عين الحياة.

يمكن الاستفادة من الدرجة السادسة أنها هي المرتبة الأخيرة قبل الآخرة وقبل الحياة الأبدية، وهي حياة الآخرة ؛ وإن شاء الله سوف نتعرض إليها .
يمكننا أن نستظهر مسألة نشير إليها في هذا الدرس، وهي أن الحياة الآخرة متوقفة على دور مهم ، ولكن قبل ذلك يجب أن نأخذ مقدمة مختصرة .
الحياة السادسة وإن كانت لها خصوصية الارتباط بالإمام صاحب العصر والزمان (صلوات الله وسلامه عليه) إلا أن جميع مراتب الحياة السابقة هي من فيض فضله (صلوات الله وسلامه عليه) ، وذلك بدءًا من الحياة العامة المشتركة بين الموجودات إلى حياة الإيمان إلى الحياة الطيبة إلى حياة البرزخ للصالحين إلى حياة الشهداء، فكلها لها منبع واحد ومنطلق واحد، فهو صلوات الله وسلامه عليه عين كل حياة، ومصدر كل علم، و كل بركة وسرور وبهجة . وقد علمنا أن الحياة حقيقتها العلم والإحساس والفرح والسرور والسعادة والإدراك التام والبهجة الكاملة . هذا هو المنبع الحقيقي لكل درجات الحياة، حتى لمن لم ينضج عنده الإدراك لدور الإمام (صلوات الله وسلامه عليه).
لا نقول حتى من لا يدرك أصلًا وجود الإمام صلوات الله عليه ، لأن كل الموجودات في الأساس لها ارتباط بشكل أو بآخر به، ولكن بعض الموجودات يكون ارتباطها شكليًا وضعيفًا، وبعضها يتغافل عن هذا الارتباط وينساه، ولكن بشكل عام كل الموجودات تتنعم بفضل هذا السيل الطاهر للحياة الذي ينبثق من وجوده صلوات الله عليه.

بعد هذه الإشارة المختصرة ... فالمرتبة السادسة هي حياة خاصة بوظيفة الإمام (صلوات الله وسلامه عليه)، وهي شرط في تمام الوجود والتكامل الوجودي للإنسان . وكما يظهر ويمكن أن يستفاد أنها شرط في بلوغ مرتبة الحياة الأخروية، قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه: (لا تقوم الساعة حتى يخرج المهدي من ولدي) وقال صلى الله عليه وآله : (لا تقوم الساعة حتى يقوم القائم الحق منا) المصدر : ذخائر العقبي.
لماذا عبرنا عن هذه الحياة بأنها حياة فقط ؟؟.. قبل أن نتحدث عما أشرنا إليه سابقًا من أن هذا البحث لم نجد له مرجعًا ولا معينًا على التوجيه، وإن كانت مقاصده موجودة في سائر كتب العلماء وبالأخص في مدرسة أهل البيت السليمة المحققة، حيث يوجد إشارات إلى هذه المعاني وهذه المراتب من الحياة، ولكن في الحقيقة هذه التقسيمات وهذه المراتب لا نجد مرجعًا واضحًا لها، فإذا تلقيتم أو تقبلتم هذه الدروس فنرجو منكم أن تأخذوها بمأخذ التحقيق والحاجة مع المزيد من التعمق والإلتفات في معانيها.
لماذا المرتبة السادسة هي الحياة الجديدة وليست درجة مستمرة؟ وقد نقول أن فلان غني وفلان أغنى من فلان ، فلان لديه ألف وفلان لديه ألفين، ولكن هل نسمي من هو غني أعلى مرتبة أو أنه في مرحلة أخرى أكثر ارتقاءً ؟.. لابد أن يكون الفارق جوهريًا أصليًا ذاتيًا وليس فقط تغير في درجة من الدرجات.
خروج الإمام (صلوات الله عليه) والإلتزام به ليس تحسينًا شكلياً أو ظاهريًا، ولا تغييرًا في الناس من فئة حاكمة إلى محكومة ، وليس تغييرًا من حكم اليهودية والمسيحية إلى حكم تطبيق الشريعة الإسلامية، وكذلك ليس الفارق فقط تأثير في الوجود المادي في الناس، بل إن خروجه (صلوات الله عليه) وثورته هي حال جديدة أعلى درجه من كل ما عداها من مراتب الحياة السابقة، وأعلى درجة من الحياة البهيمية و الحياة الإيمانية والحياة الطيبة، بل أعلى درجة حتى من درجات البرزخ ودرجة حياة الشهداء .. لأن خروجه (عليه الصلاة والسلام) مرتبط بمصدر ومنطلق كل الحياة، جميع الأنبياء صلوات الله عليهم نوح، إبراهيم، موسى وعيسى... أرادوا أن يأخذوا بيد الناس إلى هذه الحياة، لكن حكمة الله عز وجل اقتضت أن يؤجل هذا المنقذ والمخرج إلى ابن المصطفى (سلام الله وصلواته عليه) لكي تتحقق على يديه رغبة الأنبياء ومشروعهم .
وقد قلنا أنه من المحتمل أن يكون مشروع شهر شعبان المعظم هو المشروع المهدوي، مشروع يمكن أن يتحقق فيه رغبة الرسول الله (صلى الله عليه وآله )-بخروج الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف)- هذه الرغبة التي انطلق منها الأنبياء وجاهدوا في سبيلها، و هي أن يبلغ الإنسان المرتبة الكاملة من الإحاطة والعلم والإدراك ومشاعر السعادة و السرور وبلوغ المرحلة الأسمى من رضوان الله عز وجل.

💥 الخلاصة:
🔸توضيح المسير نحو الكمالات في مراتب الحياة .

🔸وعي الانسان يتغير في مراتب الحياة .

وصلى الله على نبينا محمد وآله الميامين وسلم تسليما. .

☄🌟☄🌟☄🌟☄🌟☄

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 08-09-2016 الساعة 05:39 AM
رد مع اقتباس