عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-26-2016, 01:44 AM
الادارة الادارة غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 117
افتراضي 🕋 أمير الحاج 🕋 .. الحلقة الثانية

☄🌟☄🌟☄🌟☄🌟☄🌟

سلسلة ..

🕋 أمير الحاج 🕋


🔘الحلقة الثانية🔘


✤──◐( مداد الحياة )◐──✤


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم ..

( السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ في أرْضِه ِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ اللهِ في خَلْقِه ِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ الَّذي يَهْتَدي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَيُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنينَ ، .... اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا عَيْنَ الْحَياةِ... )


الحديث في هذه الحلقة سيكون عن الحياة ، حيث أنه ( عجل الله تعالى فرجه ) هو عين الحياة .
قد لا يبدو في ظاهر الأمر أن معنى الحياة شيء يحتاج إلى تعقب وبحث ، ولكن عند تدقيق النظر في معنى الحياة وآثارها ومراتبها ، تتخذ المسألة بحثا أوسع وأكبر من إمكانياتنا وطاقتنا ، ولكن ما نسعى إليه هو أن نفتح هذه الأبصار وهذه القلوب على هذا النبع الرباني الذي أمد الله عز وجل الوجود به .

معنى الحياة :
الحياة حقيقة هي سهلة وواضحة وبينة من جهة ، ولكن في غاية العمق والصعوبة والسرية من جهة أخرى .
الإنسان حينما يشاهد الموجودات ويتعامل معها يجد أنها نوعان :
نوع لا إحساس له ، و لا إدراك عنده ، و لا إرادة لديه .. حاله لا يتغير من حيث فقدانه لشيء ، خلاف واقعه الحسي الملموس .
وهناك موجودات أخرى خلف وجودها الملموس شيء آخر إذا فْقد فإنها تتغير ، الحيوان إذا فقد الحياة مع بقاء كامل وضعه الجسمي والمادي يتغير بأن يفقد شيئًا ويخسر جزءًا من وجوده ، هذه الموجودات التي لها هذه الرتبة تكون لها حياة .
أما الموجودات التي ليس لها رتبة فقد تتغير بعض أجزاء جسمها المادي ولكن لا شيء يحدث لها خلاف تغيراتها الفيزيائية الجسمية والمادية .

ما نسميه حياة ليس درجة واحدة ، ولا استقرارًا واحدًا ، ولا ذو آثار واحدة ، وإنما ما ندركه من معنى الحياة هو أن المبدأ يكون للإدراك والعلم والقدرة والمشاعر .. وهذا هو ما نسميه حياة حقا لأنه الأساس الذي يبتني عليه الإحساس والعلم والمعرفة والإرادة والحب والشعور والأنس ، وخلافاتها من الجهل والبغض وضعف الإرادة والشعور بالكراهية واستقباح الأشياء ، هذه الأمور تنشأ من منشأ واحد هو الحياة ، فإذا وجدت هذه الأمور وجدت الحياة وإذا فُقدت الحياة فُقدت هذه الآثار .. وبصورة مختصرة الحياة هي المنشأ لجميع هذه الحقائق والأمور .
ولو أردنا أن نركز على المنطلقات الأساسية للحياة فلها ركيزتان :

🔹 الركيزة الأولى :
العلم : فالركيزة الأولى لمعنى الحياة هو الإحساس والعلم ، فمعرفة وإدراك الموجود لما حوله ينعكس على وجوده . كأن يشعر بالحر والبرد والحاجة للغذاء ، فهذه كلها إدراكات وعلوم ومعارف تجتذبها الحياة .

🔹الركيزة الثانية :
الجذب في مقابل التلقي : وما يقابل التلقي هو التأثير ، فالحي هو الذي يتلقى ويدرك ويؤثر فيما حوله ، فهو لديه محبة وشوق وإرادة وقدرة على التأثير فيما حوله ، وهاتان الركيزتان ( التأثر والتأثير ) أي التأثر الصحيح والإدراك الصحيح لما حوله وبقية الأمور تنطلق وتنبعث من هذين الأمرين ، فمتى وجد في المخلوق هاذين الجانبين - التأثر والمعرفة الحقيقية - كلما كان إدراكه لما حوله أتم وأشمل وكان مستوى الحياة عنده أرقى ، وأيضا كلما كان تأثيره وفعله وإعانته ودفعه للخطر أعلى كلما ترقى مستوى الحياة عنده .

ومراتب الحياة تتكئ على مستوى إدراكه ومعرفته من جهة ، ومستوى إرادته من جهة أخرى ، وينطلق تحت هذه العناوين كل عناوين الحياة و الرغبة والحب والشوق ، فكلها آثار وامتداد وسقي من الحياة ، فكلما ازدادت الحياة قوة كلما زاد إدراك الإنسان للحقائق وزاد تأثيره في الأمور أكثر ، وكلما ضعفت الحياة عنده كلما كان إدراكه وتأثيره في الأشياء أضعف وأقل أثرًا .

مراتب الحياة :
الآن ننتقل إلى مسألة أخرى وهي هل نستطيع أن نرتقي بمداركنا لمعرفة درجات ومراتب الحياة ؟؟
هل هذه المدارك مفتوحة أمامنا ؟؟
وهل نستطيع أن نرتقي من مستوى إلى مستوى آخر من مستويات الحياة ؟؟
كيف نستطيع أن ندرج معنى الرقي في الحياة إلى ذواتنا ؟؟
فنحن أصبحنا نعلم أن الحياة هي مركز إدراك الجمال والمحبة ومركز الوصول إلى الكمالات ، فما هي المراتب التي تنقسم إليها الحياة ؟
لعل هذا البحث من البحوث التي لم نوفق فيه للحصول على دراسة قرآنية وروائية ، نقر من البداية أن مصادره فقيرة وليس مبنياً على تتبع دقيق وبحوث مطولة ، ولكن ما نستفيده من خلال ما جاء في القرآن والروايات حول الحياة يمكننا أن نستخلص جملة من المراتب :

🔹المرتبة الأولى :الحياة البهيمية :
وهي الحياة في درجتها الأولى التي يشترك فيها الكثير من الموجودات معنا ، قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين.. ) سورة المؤمنون : (12-14) ... هذه الآية تتحدث عن الأطوار التي يمر بها الإنسان ، نطفة في مقرها ثم علقة ثم هذه العلقة تتحول إلى مضغة ثم عظام ،ثم كسونا هذه العظام لحماً ، وهي درجة من درجات تطور هذا الموجود وترقيه .

ثم يحدث تغير هائل يختلف عن التغير الجسمي والمادي ( ثُم َّأَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين ) هذا الموجود الذي كان شكلًا من أشكال التغير المحصور الذي لا نشعر بوجود حياة فيه ولكن ( ثُم َّأَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين.. ) وهذه الدرجة هي منطلق الوجود الحي الذي يصل له الإنسان وبعدها يبدأ يسمع ويُبصر ويتأثر ويحزن ويفرح ، يصبح مخلوقا حياً منفعلا وفاعلا .
يولد الطفل ويبدأ في النمو الفكري والاجتماعي والبدني والإدراكي للأشياء ، وهذه المرتبة يتفق فيها الإنسان إلى حد كبير مع الحيوانات،
ولو بقى الإنسان في هذه المرتبة لبقي في المرتبة الحيوانية ، فكيف ينتقل الإنسان من هذه المرتبة إلى المرتبة الثانية ؟

🔹المرتبة الثانية :الحياة الإيمانية :
قال الله تعالى : ( وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاء وَلا الأمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ) سورة فاطر : (19-22) .. لعل هذه الآية تُقسم الناس أو المخلوقات إلى قسمين ، الأعمى لا يستوي مع البصير والظل لا يستوي مع الحرور والأحياء لا يستوون مع الأموات .. فمن هذه المخلوقات من يبقى في درجة الحياة الأولى وهي درجة البهيمية .. ولكن من هذا الذي يبقى في درجة البهيمية ؟!!
( إِنَّ اللَّه يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ) الذي لا يستجيب لرسول الله ( ص ) سوف يبقى بهيمة !! وهذا بحسب بيانات كتاب الله لا زال مثل الميت إذا قورن بالذي آمن برسول الله ( ص ) وآمن بما جاء به صلى الله عليه وآله والأنبياء من الحق . هذا الإنسان سوف يبقى في مستوى البهيمية ، قال تعالى : ( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَل ُّسَبِيلا ) سورة الفرقان : (44) ..
الإنسان الذي تبقى معرفته في حدود المادة وإن اتسعت ، وفي حدود الملموسات وإن توسعت .
فكثير من الناس يدرك الأفلاك والقوانين الفيزيائية ، ولكن كل هذا يبقى تحت إطار العناصر الملموسة المحسوسة ( إِنَّ اللَّهَ يُسْمِع ُمَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ) هؤلاء لايزالون في القبور إذا قورنوا بمن في الدرجة الثانية .
بعد اتخاذ الإنسان قراره بالإيمان أو الكفر فإنه يكون قد اتخذ قراره بالترقي إلى الدرجة الثانية من درجات الحياة أو الاندكاك والبقاء في الدرجة الأولى من درجات الحياة .

المرحلة الثانية من المرتبة الثانية تظهر لنا في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ.. ) سورة فصلت : (30) .. هناك أشخاص آمنوا بالله وضموا إلى الدرجة الأولى من الحياة شيء آخر ، وهؤلاء أيضا قسمين : قسم بقي على مجرد الإيمان وإدراك الحقائق القرآنية ولكن لم يكن له قدم سبق أو قدم ثابتة ولم تنطبع حياته بانطباع الفطرة ، وربما إذا صح لنا أن نُقيم لقلنا أن هذا هو حال الأغلب والأعم من الناس ، ولكن هناك قسم آخر يعبر عنه القرآن ( قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ) هؤلاء تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي وعدتم بها !! هؤلاء لهم عناية من الله حيث تتولى الملائكة تبشيرهم والعناية بهم ودفع الخوف عنهم وشرح صدورهم والأخذ بأيديهم ، كما تنفتح أمامهم أشكال وتنوعات الإدراك والمعرفة ما تعجز عن تخيله وإدراكه العقول المحصورة .

قال الله تعالى : ( مَن ْعَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً.. ) سورة النحل : (97) تتحدث عن حياة أخرى كما يذكر ذلك السيد الطبطبائي أن الآية لم تقل ( فلنجعلنّ حياته طيبة ) ولكن الآية تقول ( فَلَنُحْيِيَنَّه )ُ أي كان فاقدا وجُعلت له حياة أخرى لم تكن له سابقا وهي الاستقامة على العمل الصالح ،
ومن استقام على العمل الصالح وهو مؤمن فإن الله يعده أنه سوف يرتقي للمرتبة الثالثة من مراتب الحياة . وهذه الحياة صفاتها أن الله يسمعهم ( إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ.. ) ومن هنا نعلم أن الإسماع من الله يكون عبر رسوله فمن يستجيب لرسول الله ( ص ) فهو يسمع كلام الله . نحن حينما نقرأ القرآن فنحن نسمع كلام الله ، وهذه الشريعة هي إسماع لنا .

🔹المرتبة الثالثة :الحياة الطيبة :
ما هي خصائص هذه المرتبة ؟
الآية وضحت هذه الحياة التي يبعثها الله في الإنسان ، إن من استقام على إيمانه حتى أصبح إيمانه مسلكاً وطريقاً ، فالله يمن عليه بعطاء آخر وهي المرتبة الثالثة من مراتب الحياة التي وصفتها الآية القرآنية أنها حياة طيبة .
الكثير من الأمور في حياتنا اليومية لا تجري كما نحب ، ولذلك حتما ستكون حياتنا غير طيبة !! أما الحياة التي يعطيها الله لهؤلاء فإنها حياة تسير طبق رغباتهم وأمانيهم وما يتمنونه ، فحياتهم طيبة ليس فيها منغصات ، هذه الحياة منبعها هو سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف .

💥 الخلاصة :

🔸 ركائز ومنطلقات الحياة (التأثر والتأثير) الحقيقيان .

🔸 للحياة علاقة طردية مع العلم والإدراك .

🔸مراتب الحياة وترقيها من المرتبة الحيوانية إلى الحياة الطيبة .


وصلى الله على نبينا محمد وآله الميامين وسلم تسليما ..
_____________________________

للإستماع الصوتي ⤵

https://soundcloud.com/alialnemer1212/3inalhiat2


☄ 🌟 ☄ 🌟 ☄ 🌟 ☄ 🌟 ☄

التعديل الأخير تم بواسطة الادارة ; 07-28-2016 الساعة 03:04 PM
رد مع اقتباس