🔅🔆العقيدة بين السائد والمأمول🔆🔅
الشيخ عبدالله الطاهر النمر
🔹🔸الدرس الرابع 🔸🔹
بسم الله الرحمن الرحيم
اشرنا فيما مضى من الحديث لموقعية المنهجية المعرفية السليمة،وقلنا ان للمعرفة أربعة منافذ ،وهي الوجدان السليم والفطرة ومايدركه الانسان في أعماقه من معطيات يحسها ويجدها في نفسه؛مثل احساسه بوجوده وادراكه لما يجول في اعماقه من أحاسيس *ومشاعر، ثم يعقب ذلك القواعد العقلية للعقل المجرد الذي يبني له منظومة مترامية الأطراف في فهم الوجود مستندا بذلك لمايمده الوجدان، ثم ينطلق الإنسان لتوسعة دائرته المعرفية من خلال الحس والتجربة التي تمده بكثير من المقدمات ينظمها العقل ويمضي عليها الوجدان، ثم تتفتح للنفس الانسانية أفق من المعارف والادراكات من خلال المعطى الغيبي والنقلي عن المعصوم الواردة من أهل بيت العصمة والطهارة ، هذه المنظومة المعرفية أساس لتشكيل منظومة خلقية يرجع لها الإنسان في تشكيل معارفه وقيمه الأخلاقية، التي على ضوئها يسير في حياته ويتعاطى مع الآخرين سواء إخوته في الإنسانية أو بقية الموجودات ، فلتكن هذه مقدمة نضعها بين يدي الحديث.
❇ ان واقع الإنسانية اليوم أصيب بالإرباك في البعد المعرفي لأنه حصر المعرفة في الجهة الحسية و الدائرة التجريبية هذا اولا.
❇ ثم ان كثير من المناهج المعرفية التي تميل للحس قصرت المعرفة بالحس وجعلت الضابط المعرفي يدور مدار المصلحة والنتيجة وما هو غير ذلك ليس معرفة؛ فنتاج ومعطيات الوجدان لايقرون بها معرفة، ولايعتبرونها علما، ويعتقدون ان نتاج معطيات العقل النظري المجرد ايضا لاقيمة لها معرفيا، فيفترضون إن معيار المعرفة هو الآثار الفعلية والعملية والسلوكية وهذا مايعبر عنه عندهم بالبراغماتية.فتكون النتائج والآثار العملية هي أساس المعرفة، فيحصرون المعرفة بالجهة الحسية، ويجعلون ضابط المعرفة النتاجات العملية والمادية.
⚡وهذا ينعكس على بناء المنظومة الأخلاقية لتتحول الأخلاق في المنظومة الإجتماعية لحالة من السلوكيات التي تضبطها حقوق الآخرين والتي تقيدها فنية السلوك وآداب التعاطي معهم. وتتجرد الاخلاق من منطلقاتها الأساسية وآفاقها الإنسانية و الروحية لتكون الأخلاق مجموعة من الفنون و السلوكيات، و الانضباطات.
ونقر أن هذه المجموعة من السلوكيات والآداب تعطي الأمة مجموعة غير قليلة من المصالح ،وتعطيها جهات من القوة و المنعة.
⚡وهو الواقع الذي تعيشه الإنسانية اليوم حيث أن الأمم التي تتحلى بهذه المنظومات السلوكية و الفنون التعاملية تستمد قوة، وتأخذ موقعا في مغالبة الأمم، ولعله تبلغ بها حالة من الهيمنة. ولكن هذه المنظومة السلوكية تفرغ الأخلاق من حقيقتها وروحها ولاتبني حضارة إنسانية، وتكون هذه الغلبة جوفاء فارغة في أعماقها، وهذا بالضبط ماندركه من واقع حال الأمم المتغلبة اليوم، حيث أصبحت لها زوايا قدرة وغلبة، ولكن في أعماقها الإنسانية منهارة ،وهي تدرك ذلك وتحسه، وتتألم منه، وتعيش آثار هذا الإنهيار والفراغ، و تتطلع لشيء يملأ وجدانها فنجد ظواهر غريبة لايفسرها إلا هذا الواقع فنجد الميل للأنس بالحيوان، والأستئناس بأي معطى إنساني فطري . وهذا يحكي عن خلل في أعماق هذه الأمم. *فعلى مالها من قوة وغلبة وسطوة إلا أنها في الحقيقة تفتقر للمتانة والقوة.
❇ نستطيع أن نلخص هذا الحديث بان نقول *عندها مدنية،و مباني جميلة، ولطيفة، لكن لاتنطوي *على حضارة. لاتنطوي على إنسانية، لاتنطوي على ملء شعور الإنسان بمايحتاجه .
وندعي أن الحركة الدينية يفترض أن تكون مشبعة للإنسان في هذه الآفاق، ولايجب أن يربكنا الخبلل الذي يعيشه المسلمون في بعض آفاقهم العملية.
🔅 ولكننا نفترض إن الإسلام يغطي هذه الآفاق المدنية كما انه يروي هذه الحضارة،ويشبع الحاجة الإنسانية بماتحتاجه من بناءات إنسانية وعاطفية وروحية.
🔴وهذا ما سنتحدث عنه لاحقاً
وصلى الله على محمد وآله الأطهار.
💠 العقيدة بين السائد والمأمول 4 💠
:
http://youtu.be/_NcwfHQbscA
🔸اللجنة الإعلامية لحوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية🔸