أهمية القراءة في حياة الطفل
كفاح بوعلي في محاضرتها بحوار الحضارات:
الكتاب رافد يثري قارئه على مدى العمر وهو سيد أدوات المعرفة
في حروفها نغم، وبين سطورها ينام حلم، في حضنها يغيب العالم، لتبحر بنا في دلال من إبداع الحب وعناق الورق لبوح القلم،نعرف ضيفتنا ،كفاح بو علي،سيرتها غنية ونور حضورها يختصر الورق ..أسمها نقش... وعطاؤها علم بين رسوم شقية،وحروف ندية ،تخبئ عالم الصغار. معها أدعوكم لنبدأ رحلة إبحار،كبارنا اليوم كونوا لساعة ..صغارا ،بنهاية البداية سنبدأ الحكاية..
هكذا قدمت الأستاذة سلمى آل محسن الأستاذة كفاح بوعلي ماجستير في الإرشاد النفسي .
ومدير عام مؤسسة دار راوي للنشر والتوزيع" التي ألقت محاضرة بعنوان" كان ياما كان لتربية بأمان" بمنتدى حوار الحضارات بالقطيف برعاية فؤاد نصرالله.
بدأت بوعلي بالحديث عن أهمية القراءة في حياة الطفل
ليصبح الأطفال قراء محبين مغرمين عاشقين للكتاب، ولتصبح القراءة بالنسبة إليهم كالغذاء والماء والهواء؛ لابد أن نبدأ مبكرين معهم، على أن نكون قدوة لهم. الكتاب رافد يثري قارئه على مدى العمر، وهو سيد أدوات المعرفة، وهو يضاعف حياته ليجعلها أكثر من حياة، يعيشها مع السطور المطبوعة التي تنفذ إلى العقل والوجدان معاً..
إن القراءة لها تأثيرات واسعة وعميقة ومتنوعة على الأطفال، فهي توسع دائرة الخبرة لديهم وتنميهم، فمن خلالها يتم "التعرف على تجارب الآخرين وأسرارهم الشخصية، فيعرفون مغامراتهم، ويصححون تجاربهم، ويفهمون أسرار الحياة"
كما إنها تنشط قوى الأطفال الفكرية وتهذب أذواقهم وتشبع فيهم حب الاستطلاع النافع لمعرفة أنفسهم ومعرفة غيرهم، ومعرفة عالم الطبيعة وما يحدث به وما يوجد في أزمنة وأمكنة بعيدة، والطفل يعرف ما يتصل بالأشياء والحوادث المألوفة له، وكلما اتسعت رغبته في الإطلاع ازدادت خبرته، وصفا ذهنه ، واكتسب سعة المعرفة بالعالم الذي يعيش فيه ، وانبعثت في نفسه ميول جديدة موجبة.
حيث "يساعد الكتاب الطفل على التواصل مع العالم الخارجي والتعرف على مختلف المناطق في دول العالم. فالقراءة توسع إدراك الطفل وتساعده على فهم مختلف الحضارات واستيعاب الفروق بين الشعوب".
القراءة تسمو بخبرات الأطفال العادية وتجعل لها قيمة عالية، فالأطفال أينما كانوا يجربون ويختبرون كل ما يحيط بهم، وتملأهم الرغبة في أن يعرفوا الاستجابات المختلفة لتجاربهم، والقراءة تزيدهم فهماً وتقديراً لمثل هذه التجارب، كما أنها تمدهم بأفضل صور للتجارب الإنسانية، فتوسع دائرة خبرتهم وتعمق فهمهم للناس، ولضروب من الحياة تغاير حياتهم، ولإدراك تنوع الخبرات الإنسانية واحترام طرق معيشة الآخرين وطرائق تفكيرهم واحترامهم لطرائقهم الخاصة بهم ، كما أن القراءة تساعد على تحقيق التفاهم المتبادل بشكل ميسر.
القراءة تفتح أمام الأطفال أبواب الثقافة العامة، كما تساعدهم على تهذيب مقاييس التذوق لديهم، فالقراءة تعطي الطفل فرصاً كثيرة للاختيار والمقارنة.
القراءة تمد الأطفال بالمعلومات الضرورية لحل كثير من المشكلات الشخصية وتحديد الميول وتزيدها اتساعاً وعمقاً، وهي تنمي الشعور بالذات وبالآخرين، وتعمل على تحرير الوجدانيات المكبوتة وإشباعها، وتدفع العقل إلى حب الاستطلاع والتأمل والتفكير، "فالقراءة تكسب الطفل الكثير من المهارات التحليلية والذهنية مثل القدرة على حل المشكلات والتحليل النقدي والتفكير المنطقي لتسلسل الأحداث، كما تغرس القيم المختلفة مثل تحمل المسئولية، التعاون، العطف على الآخرين والرفق بالحيوان، الاحترام وتقدير الذات..وغيرها من القيم الإنسانية التي تصقل شخصية الطفل منذ الصغر".
وترفع مستوى الفهم في المسائل الاجتماعية بالتأمل في وجهات النظر المختلفة اعتراضاً وتأييداً، وتتيح الفرصة لتقدير ما للفرد من مقاييس في الحياة، وتثير روح النقد للكتب والمجلات والصحف، وتكسب الطفل شعوره بالانتساب إلى عالم الثقافة، وتوفر أسباب الاستجمام عن طريق التمتع والتسلية.
" قراءة الطفل بشغف تعطيه قدرة على التخيل وبعد النظر والتفكير والتأمل، فيرى المسائل والمشكلات من عدة زوايا مختلفة".
القراءة تساعد الطفل على الإعداد العلمي، فعن طريقها يتمكن الطفل من التحصيل العلمي الذي يساعده على السير في حياته المدرسية، وعن طريقها يمكن أن يحل الكثير من المشكلات العلمية التي تواجهه، بل في حل المشكلات اليومية، وفي تحقيق عملية تعلم ناجحة لبقية المواد الدراسية،وفي التكوين العلمي الذي يؤهله للنجاح في الحياة أو مواجهتها، والقراءة أداة الطفل في الاستزادة من المعرفة، وفي أن يضيف إلى حصيلته الثقافية في كل يوم شيئا جديدا مما تخرجه المطابع ليدعم فكره بأفكار غيره حتى يتسنى له الإنتاج الخصب.
" القراءة مدخل للتعليم، وأوسع أبوابه، وسوف تثير لديهم كماً كبيراً من الفضول كلما أقبلوا عليها، وسوف تفتح شهيتهم إليها كما يحدث من رائحة الطعام، وكلما زاد حب الاستطلاع لديهم،زادت قراءاتهم، وتحسنت، وراحوا يتعرفون على عالمهم بصورة أفضلن وثريت حياتهم بشكل أكبر، واكتسبوا من المهارات ما يعينهم على صياغة مستقبلهم".
القراءة للأطفال تنمي التفكير السليم، فتأتي المعلومات على شكل نبرات صوتية، تعوّده على المناقشة والاستفسار والسؤال، مما يُنمي عقله وإدراكه.كما تزداد حصيلتهم المعرفية، مما يجعلهم يتعلمون بشكل سريع، وتزداد إدراكاتهم وثقافتهم، ويكملون دراساتهم في المستقبل إلى المستويات العليا.
القراءة تساعد الطفل على التوافق الشخصي والاجتماعي، فهي تساعد الطفل على اكتساب الفهم والاتجاهات السليمة وأنماط السلوك المرغوب فيهان والمشكلات التي يواجهها الأطفال تتمثل في الحاجة إلى الصحة الجسمية والعلاقة السليمة مع الزملاء، والاستقلال عن الوالدين، وكيفية الوصول إلى مستوى الكبار اقتصادياً واجتماعياً، والثقة بالنفس، وفي اكتساب فهم أساسي واتجاهات ضرورية لهذه المشكلات.
" القراءة تزيد علاقات الطفل الاجتماعية متانة ، ويتواصل مع الآخرين بشكل فعال ومؤثر، ويتعود على المحبة والعطف وتفهم احتياجات الآخرين"
القراءة لها أثر في تكوين شخصية الطفل وتدعيمها، فبها يكتسب ثقته بنفسه، ويطمئن إليها، وتأتيه الراحة النفسية والطمأنينة، إذ أن هناك فرق بين طفل قارئ يجلس في جماعة وآخر غير قارئ ضحل المعلومات.
بعدما تبيّن ما للقراءة من دور في حياة الطفل ، لابد من توضيح أكثر مواد القراءة مكانةً في نفوس الأطفال، وبما أن القصة تحتل مكانة الصدارة لأنها الأكثر تشويقاً و إمتاعا للطفل؛ لذا سنتناول في المبحث التالي القصة ، وسنرى ما تأثير قراءتها على بنا شخصية الطفل.
وتحدثت عن أهمية قراءة القصة في حياة الأطفال فقالت"
هناك العديد من الأسباب التي تجعل قراءة القصص للأطفال غاية في الأهمية بالنسبة للأطفال، كونها تتعلق بجوانب عديدة في شخصياتهم، "حيث أنها تتمشى مع خصائصهم، ترضي دوافعهم، تشبع حاجاتهم، وتخفف من توتراتهم، كما تعود بهم إلى حالة التوازن النفسي، وتساعدهم على ولوج أبواب الحياة والتعرف عليها بطريقة ساحرة خلابة وأسلوب شائق فريد"
تكتسب القصة أهمية كبيرة في مجال الطفولة لما لها من دور واضح وفعال في بناء المفاهيم والمهارات عند الطفل، فمن خلال القصة يكتسب الكثير من المترادفات اللغوية سواء عند سماعه للقصة أو عندما يقوم هو بروايته للقصة؛ وهي تساعده على التعرف على الماضي والحاضر والمستقبل، وتؤدي إلى زيادة التفاعل والانسجام بينه وبين من يقرأ له، كما أنها تنمي الإبداع وحب الاستطلاع والخيال لدى الطفل.
القصة تساعد في معالجة الكثير من المشكلات التي يعاني منها الطفل، وتعمل على غرس السلوكيات الحميدة والمرغوبة، وتنمي حب القراءة وتجلب المتعة للطفل، والقدرة على الإصغاء الجيد والتمييز بين الأصوات، وتنمي مهارة التحدث والحوار والمناقشة والنطق السليم، وتساعد الطفل على القراءة عن طريق المتابعة.
تتخذ الكلمات في القصة مواقع فنية، كما تتشكل فيها عناصر تزيد من قوة التجسد من خلال خلق الشخصيات وتكوين الأجواء والمواقف والحوادث، وهي بهذا لا تعرض معاني وأفكار فحسب، بل تقود إلى إثارة عواطف وانفعالات لدى الطفل إضافة إلى إثارتها العمليات العقلية المعرفية كالإدراك والتخيل والتفكير.
القصة – إذا استخدمت بطريقة سليمة – يمكن أن تصبح جزءاً مهما في نظام العلاج النفسي والصحي للأطفال .
القصة تشكل وعاء لنشر الثقافة بين الأطفال لأن من القصص ما يحمل أفكار ومعلومات علمية وتاريخية وجغرافية وفنية وأدبية ونفسية واجتماعية فضلاً عما فيها من أخيلة وتصورات ونظرات ، ودعوة إلى قيم واتجاهات ومواقف وأنماط سلوك أخرى.
القصة - كخبرة غير مباشرة – يستطيع الطفل من خلالها تعلم ما في الحياة من خير وشر وتمييز بين الصواب والخطأ، والجميل والقبيح، والقدرة على التفكير في اتخاذ القرار بما يساعد على تكوين شخصيته، وتوجيه سلوكه ، وذلك عن طريق التحكم في نوع الخبرات المقدمة للطفل بطريقة القصة.
القصة تساعد على تقريب المفاهيم المجردة التي تهتم بها التربية فتبرزها في صورة حسية مجسدة.
أن الأطفال شديدو التعلق بالقصص، وهم يستمعون إليها أو يقرئونها بشغف ويحلقون في أجوائها، ويتجاوبون مع أبطالها ويتشبعون بما فيها من أخيلة ويتخطون من خلالها أجوائهم الاعتيادية ويندمجون بأحداثها ويتعايشون مع أفكارها، خصوصاً وأنها تقودهم بلطف ورقة وسحر إلى الاتجاه الذي تحمله، إضافة إلى أنها توفر لهم فرصاً للترفيه في نشاط ترويحي، وتشبع ميولهم إلى اللعب؛ لذا فهي ترضي مختلف المشاعر والأمزجة والمدارك والأخيلة، باعتبارها عملية مسرحة للحياة والأفكار والقيم.
كما يعتقد أيضاً أن القصص بتخطيها أبعاد الزمان، تنقل الأطفال عبر الدهور المختلفة كما تتجاوز بهم الحاضر إلى المستقبل، وبتخطيها أبعاد المكان تنقلهم إلى مختلف المكنة، وبتجاوزها الواقع تجعل الأطفال أمام حوادث ووقائع وشخصيات وأجواء خارج نطاق الخبرة الشخصية للأطفال، وتهيئ لهم الطوفان على أجنحة الخيال في عوالم مختلفة.
أن القصص بفضل مسرحتها للحياة وما فيها من معان أصبحت وعاء تجسيد للثقافة مادامت الثقافة أسلوب للحياة ، فتبدو معقدة أو مشوقة أو غريبة أو قريبة إلى حياة الطفل أو بيئة أو ذات مساس بقيمه يمكن أن تركز اهتمام الطفل حولها، أو يجد نفسه وكأنه إزاء عقدة لا بد له من أن ينتهي بها إلى حل و فكرة القصة ليس مجرد لمحة عابرة لأنها تظل تتطور باستمرار مع المضي في القصة دون أن تتضاءل أو تطغى عليها تفصيلات فرعية أو استطرادات أو أفكار جانبية .
كما تطرقت لدور القصة الثقافي في الطفل:
بوجه عام لا يمكن إغفال الدور الثقافي للقصة في الطفل، فالقصة تحظى من بين فنون الدب بمكانة متميزة في حياة الأطفال، فهي من أكثر الفنون الأدبية ملائمة لميولهم ومن أشدها تأثيراً في سلوكهم، وأقواها إثارة لتفكيرهم واستثارة لعواطفهم، وهي بما تحمله من أفكار متعددة، وخبرات متنوعة، وما تدعو إليه من قيم و تقاليد أصيلة، بأسلوب غير مباشر إنما تدفع بالطفل إلى طريق التنشئة الصحيحة، وتضع اللبنات الأولى في بناء شخصيته، وبتحديد هويته؛ لذا تعد القصة إحدى الوسائل المهمة في تكوين ثقافته، وأحد الروافد الأساسية التي تسهم في تنمية وعيه.
أخيرا نستطيع القول أن للقصة أهمية كبيرة في بناء الشخصية، وتنشئة الصغار وتربيتهم، وذلك لأن الصغار بحاجة إلى ما يساعدهم على تحقيق النمو السليم المتكامل في مختلف النواحي، كما أنهم بحاجة إلى بيئة تهيئ لهم جواً اجتماعياً وثقافياً، ومواقف مناسبة للخبرة، والقصة تستطيع أن تهيئ البيئة المطلوبة، والمواقف المناسبة للخبرة بعيداً عن الوعظ المباشر.
بعد المحاضرة قدمت عدد من المداخلات والتساؤلات التي تولت الإجابة عليها المحاضرة بوعلي ومديرة اللقاء السيدة سلمى آل محسن.وفي الختام قدم راعي المنتدى فؤاد نصرالله شهادات الشكر والتقدير للضيفتين الكريمتين.
|