|| منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية ||

|| منتديات حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية || (http://bntalhuda.net/vb/index.php)
-   ومضات (http://bntalhuda.net/vb/forumdisplay.php?f=27)
-   -   ناقضة الغزل (http://bntalhuda.net/vb/showthread.php?t=34898)

ام يوسف 12-08-2024 08:22 AM

ناقضة الغزل
 
حوزة بنت الهدى للدراسات الإسلامية
السنة الدراسية / الخامسة _ الفصل الأول/١٤٤٦هـ
مقال تربوي /إعداد الطالبة :حورية آل شبيب

ناقضة الغزل

- هل الوفاء صفة فطرية ؟أم خلق مكتسب؟
- ماهو العهد الأول؟
- من هي رايطة؟
- مالعهد والميثاق مع إمام العصر عجل الله فرجه!؟

لا نبالغ حين نقول أن من أكثر التعاليم قيمة و أجل السمات التي اتصف بها الأنبياء والأولياء: سمة (الوفاء بالعهد)
فنظام المجتمعات متوقف على الوفاء بالالتزام، وبـعكسه تعم الفوضى ويضيع الإنسان. والإحترام التعاقدي يشمل كل الأبعاد الحياتية ، كالبعد الديني و الأخلاقي والبعد الحربي والمدني ..
ونستطيع أن نقول حسب التفاسير أن المراد بالعهد الأول هو " عهد الفطرة " والتكوين والخلق. فعند خروج أبناء آدم من أصلاب آبائهم إلى أرحام الأمهات، وهم نطف لا تعدو الذرات الصغار، وهبهم الله الإستعداد لتقبل الحقيقة التوحيدية، وأودع ذلك السر الإلهي في ذاتهم وفطرتهم بصورة إحساس داخلي... كما أودعه في عقولهم وأفكارهم بشكل حقيقة واعية بنفسها.
وبناء على هذا فإن جميع أبناء البشر يحملون روح التوحيد، وما أخذه الله من عهد منهم أو سؤاله إياهم: ألست بربكم؟ كان بلسان التكوين والخلق، وما أجابوه كان باللسان ذاته!
- الوفاء صفة فطرية ؟ أم خلق مكتسب؟
لذا لا شك أن الوفاء بالعهد بذرة غرسها الله تعالى في تربة قلب الطفل، والأساليب التربوية الصحيحة التي يستخدمها الوالدان والمجتمع بمنزلة سقي تلك البذرة لإنباتها. فتخرج من عالم القوة الى حيّز الفعل لتكون الأساس لسعادته . وعلى العكس لو أهمل المربي قيمتها ولم يعتن بها، أو قام بتربية الطفل طبقاً للأساليب الخاطئة فإن هذه البذرة الفطرية تضرب بجذورها في قلبه فيتطبّع على الإنحراف ويفقد ثرواته الفطرية بالتدريج، ويكون عضوًا فاسدًا.
ونظرًا للأهمية البالغة للعهود في بناء الحياة الإجتماعية الرصينة وثباتها على أسس إسلامية تكفل الحقوق الشخصية للفرد والمجتمع، نلاحظ تكرار الآيات للتذكير بوجوب الوفاء بالعهود في القرآن الكريم قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)، بل قد جعل الوفاء بالعهد من جملة الأخلاق الإلهية، فقال جل شأنه:
(قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهَّ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَه)، ولم يقتصر على كتاب الله الالتزام بالوفاء بالعهد، وإنما السنة النبوية والأئمة الاطهار ذكروا بأحاديثهم الشريفة على أهمية التمسك بالوفاء بالعهد والعمل بها مع البر والفاجر على حد سواء ..
عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله: " ثَلاثٌ لَم يَجعَلِ اللهُ عّزَّوَجَلَّ لأِحَد فِيهِنَّ رّخصَةً أَداءِ الأَمــانِةِ إِلَى البَرِّ وَالفــاجِرِ ، وَالوَفــاءِ بِالعَهدِ للِبَرِّ وَالفــاجِرِ، وَبِرَّ الوالِدينِ برِّينَ كــانا أَو فـاجِرين).
يقول المفسر الكبير العلامة الطبرسي في (مجمع البيان) في شأن نزول قوله تعالى (وأوفوا بعهد الله إذا عهدتم ولا تنقضوا الأيمن بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم: ما تفعلون* ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيمة ما كنتم فيه تختلفون) سورة النحل:91-92
أنها نزلت في الذين بايعوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على الإسلام (وكان من المحتمل أن ينقض بعضهم البيعة لقلة المسلمين وكثرة الأعداء)، فقال سبحانه مخاطبا لهم لا يحملنكم قلة المسلمين وكثرة المشركين على نقض البيعة.
الوفاء بالعهد دليل الإيمان
وإن ظاهر معنى " عهد الله " هو: العهود التي يبرمها الناس مع الله تعالى (وبديهي أن العهد مع النبي عهد مع الله أيضا)، وعليه فهو يشمل كل التكاليف الشرعية التي يعلنها النبي (صلى الله عليه وآله ) وحيث أن الوفاء بالعهد أهم الأسس في ثبات أي مجتمع واصلت الآية التاليه بأسلوب يتسم بنوع من اللوم والتوبيخ، فتقول: (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكثا).
والآية تشير إلى قصة (رايطة) تلك المرأة التي عاشت في قريش زمن الجاهلية، وكانت هي وعاملاتها يعملن من الصباح حتى منتصف النهار في غزل ما عندهن من الصوف والشعر، وبعد أن ينتهين من عملهن تأمرهن بنقض ما غزلن، ولهذا عرفت بين قومها ب‍ (الحمقاء).
فما كانت تقوم به (رايطة) لا يمثل عملا بلا ثمر - فحسب - بل هو الحماقة بعينها، وكذا الحال بالنسبة لمن يبرم عهدا مع الله وباسمه، ثم يعمل على نقضه، فهو ليس بعابث فقط، وإنما هو دليل على انحطاطه وسقوط شخصيته.
ومن نماذج الوفاء بالعهد : نذكر بيعة الأنصار لرسول الله (صلى الله عليه وآله): عندما عرض نفسه عليهم قالوا: (يا رسول الله ؛ دمنا بدمك ، وأنفسنا بنفسك، فاشترط لربك ولنفسك ما شئت) هكذا عبارات الأوفياء الخالدة.
أما النماذج السلبية (كبني قينقاع) كانوا أول اليهود الذين نقضوا عهدهم مع النبي(صلى الله عليه وآله)، في السنة الثانية للهجرة، وكانوا صاغة ولهم سوق الذهب قرب المدينة، فأجلاهم(صلى الله عليه وآله) عن المدينة وطُردوا إلى خارجها، فذهبوا إلى الشام ) ولا ريب أن ناقض العهد والميثاق هو إنسان منحط القيم والأخلاق، بهيمي الطبع، لا يوثق بقوله، ولا يؤمن جانبه، كما كان من غدر معاوية في صلح الإمام الحسن عليه السلام، وانتهى الصلح بكتابة عهد أو اتفاقية وختمها الطرفان مع من شهد على كتابتها ، فكانت النتيجة أن معاوية وقف في النخيلة وقال: (ألا وان كلّ شيء أعطيت الحسن بن علي تحت قدميّ هاتين لا أفي به ! )
وهذه ليست الخيانة الأولى فقد سبقتها خيانة الأمة الاسلامية لعلي بن أبي طالب سلام الله عليه عندما نكثوا بيعتهم له يوم الغدير الأغر .
هل هناك عهد بيننا وبين الحسين (عليه السّلام)؟ كان الإمام الحسين (عليه السّلام) في يوم عاشوراء كلّما استأذن صحابي من أصحابه أو فرد من أهل بيته للقتال، يستقبله بهذه الآية: ( مِنَ المؤمنينَ رجالٌ صَدَقوا ما عاهدُوا اللَّهَ عليهِ فمنهم مَنْ قَضى نَحبَهُ ومنهم مَنْ يَنتظرُ وما بَدَّلوا تَبدِيلاً ) الأحزاب: ٢٣
وكأنّه بذلك كان يريد أن يقارن بين هؤلاء الذين ثبتوا معه وبين أولئك الّذين حاربوه.
فالذين حاربوه كانوا قد عاهدوه على أن ينصروه ويواجهوا الحكم الظالم معه، وأن يكونوا الجنود المجنّدة في موقفه من ذلك الحكم الظالم . ولكن خوّفهم الطغاة ، واستيقظت نقاط ضعفهم في داخلهم، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه؛ وأخذوا يقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ومشوا في خطّ الفساد في الأرض، فانطبقت عليهم الآية الكريمة: (الذينَ يَنْقُضونَ عَهدَ اللهِ مِنْ بعدِ ميثاقهِ ويقطعونَ ما أمَر اللَّه)البقرة: ٢٧
بينما النخبة التي نصرت الإمام الحسين سلام الله عليه قد عاهدت أبا عبد الله سلام الله عليه، والوفاء بالعهد كلفهم أن بذلوا مهجهم لنصرته عليه السلام.
لذا جاء كلام الإمام (عليه السلام) ترجمة حقيقية لتلك المعاني الإلهية، والسير وفق المبدأ الذي رسمه الأنبياء من قبل، وكل الديانات السماوية واضح أنها تطرقت لهذه القيمة الفضلى، إلا إن الوفاء بالعهد كان على مختلف المواثيق منها حتى ما كان متصلا بين الأموات والأحياء، فقد نقل عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله: (إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم ) وهذا العهد الذي تحدث عنه الإمام الرضا ( عليه السلام ) هو الذي اختص به الإمام المعصوم، وليس عهدًا على جميع الناس، فالمعصوم هو الكفيل بالوفاء وما ذلك الوفاء إلا في الوقوف على قبور من أوثق العهد معهم والدعاء بالمغفرة والرحمة لهم، فالوفاء ليس مع الأحياء وحسب، بل هو ممتدٌ الى حياة الأموات.
بالإضافة إلى الزيارة تهيئة النفس هذا الزمان في صدق الترقب والتردد والانتظار، فإن من يترقب أمرًا عظيما يتهيأ له، يستمتع من أجله بقدر شوقه إليه، ويشتاق إليه، جاء في رسالة الامام المهدي عجل الله فرجه للشيخ المفيد قدس سره قال الامام المهدي (عجّل الله فرجه): (لو أنّ أشياعَنا، وفَّقهم الله لطاعته، على اجتماعٍ من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخّر عنهم اليُمنُ بلقائِنا ) (بحار الانوار: 177/53)
هناك عهد بيننا وبين الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف علينا الالتزام له، نلتزم له بأن نظل متمسكين بإمامته والسير على رضاه صلوات الله عليه وعلى أبائه الطيبين الطاهرين.
كما نمارس صبيحة كل يوم ثلاث المعاملات: العهد والعقد والبيعة؛ لنؤكد أننا تحت أمره أرواحنا فداه؛ فبعضنا علاقته مع الإمام علاقة طقوسية صورية، وهناك من علاقته بالإمام علاقة القرب، وآخر وصل مرتبة التسليم، وهناك من يعيش مع الإمام علاقة الفناء، نحن ماهي علاقتنا بالإمام؟ هل علاقة رايطة ناكثة الغزل ؟
نسأل الله أن يثبت لنا قدم صدق معه فلا نحول عنه وَ لا نزول أَبدا
ياصاحب الزمان هل ترانا في شدة بما جنت يدانا

المصادر:
محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص، 220
حكم الامام علي (ع) عبد الواحد الآمدي التميمي، مؤسسة الاعلمي
الكامل في التاريخ، ابن الأثير: ج2، ص137 - 173
كتاب صلح الحسن عليه السلام ، سماحة الشيخ المجاهد راضي آل ياسين ،
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٥- ج ٨


الساعة الآن 03:59 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.